لماذا نقيم مراسم إحياء عاشوراء كل عام؟
محطات من محرم الحرام
من أبرز الشبهات التي يطرحها أعداء مذهب أهل البيت عليهم السلام هو إحياء أتباعه لذكرى إمامهم الذي مضى على استشهاده مئات السنين..
عدد الزوار: 115
من أبرز الشبهات التي يطرحها أعداء مذهب أهل البيت عليهم السلام هو إحياء أتباعه
لذكرى إمامهم الذي مضى على استشهاده مئات السنين..
فلماذا لابدّ من احياء حادثة قد مر عليها ما يناهز 1360 عاما؟ ولماذا لابدّ من
إقامة مراسم الاحياء لهذه الذكرى؟ إنها حادثة تاريخية قد تقادم عليها الزمن, وسواء
أكانت مرة أم حلوة فإنها قد انتهت؛ فلماذا بعد مرور ما يقرب من أربعة عشر قرناً
نلجأ إلى احياء ذكرى هذه الحادثة ونقيم مراسم لذلك؟
إنّ الجواب على هذا السؤال ليس عسيراً جداً؛ لأنه من الممكن أن نبيّن لأيّ شاب أن
الحوادث الماضية في كل مجتمع يمكن أن تكون لها آثار ضخمة في مصير ذلك المجتمع
ومستقبله, وإحياء تلك الحوادث هو في الواقع لون من اعادة النظر والصياغة الجديدة
لتلك الحادثة حتى يتيسر للناس أن ينتفعوا منها, فإذا كانت الحادثة نافعة عند
حدوثها، وكانت منشأ لآثار طيبة وبركات كثيرة فإنّ إعادة النظر إليها واعادة صياغتها
يمكن أن تكون منشأ لكثير من المنافع.
وعلاوة على ذلك فقد اعتادت المجتمعات البشرية على أن تقوم باحياء حوادث الماضي بشكل
من الأشكال، وأن تجلّيها وتضفي عليها ألواناً من الاحترام والتقدير, سواء أكانت تلك
الحوادث متعلقة بأشخاص كان لهم دور مؤثر في رقي مجتمعاتهم كالعلماء والمكتشفين، أم
كانت متعلقة باشخاص تميّزوا بدور حساس في تحرير أممهم من الناحية السياسية
والاجتماعية وأصبحوا أبطالا وطنيين.
إنّ جميع العقلاء في العالم يحيون ذكريات مثل هذه الشخصيات البارزة، ويتم هذا الأمر
حسب واحدة من أقدس الرغبات الفطرية التي اودعها الله سبحانه في أعماق جميع الناس,
ويعبر عنها بـ "حس الاعتراف بحق الآخر أو الاعتراف بالجميل للآخر"، فهناك رغبة
فطرية موجوده في أعماق جميع الناس وهي تدفعهم للاعتراف بحق من أسدى اليهم خدمة،
وعليهم أن يتذكروها ويحترموا ذكراها، وبذلك ستكون الأفعال العظيمة لتلك الشخصيات قد
تجددت.
ولما كنّا نعتقد أن وقعة عاشوراء كانت حادثة عظيمة في تاريخ الإسلام، وكان لها دور
مصيري في سعادة المسلمين وتبيين سبيل الهداية للناس، لهذا أصبحت تلك الواقعة ذات
قيمة عظيمة عندنا, ويغدوا احياؤها وتذكّرها وإعادة صياغتها أمراً لا يمكن التفريط
به؛ لأن بركات ذلك سوف تشمل مجتمعنا المعاصر.
* آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي – بتصرف يسير
2017-09-22