يتم التحميل...

السفير الرابع علي بن محمد السمري‏ ونبأ الوفاة

من عظماء الإسلام

الشيخ الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري. ذُكر أولاً كواحد من أصحاب الإمام الحسن العسكري عليه السلام ثم ذكر قائماً بمهام السفارة لقائم ال محمد صلى الله عليه وآله ببغداد بعد الشيخ ابن روح بإيعاز منه عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. تولى السفارة من حين وفاة الحسن بن روح عام 326 إلى أن لحق بالرفيق الأعلى عام 329 في النصف من شعبان فتكون مدة سفارته عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ثلاثة أعوام كاملة.

عدد الزوار: 43

أ- من عظماء الإسلام:

الشيخ الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري. ذُكر أولاً كواحد من أصحاب الإمام الحسن العسكري عليه السلام ثم ذكر قائماً بمهام السفارة لقائم ال محمد صلى الله عليه وآله ببغداد بعد الشيخ ابن روح بإيعاز منه عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

تولى السفارة من حين وفاة الحسن بن روح عام 326 إلى أن لحق بالرفيق الأعلى عام 329 في النصف من شعبان فتكون مدة سفارته عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ثلاثة أعوام كاملة.

ولم ينفتح للسمري خلال هذا الزمان القصير بالنسبة إلى أسلافه القيام بفعاليات موسعة كالتي قاموا بها ولم يستطع أن يكتسب ذلك العمق والرسوخ في القواعد الشعبية كالذي اكتسبوه وإن كان الاعتقاد بجلالته ووثاقته كالاعتقاد بهم.

ولعل لتلك السنوات المليئة بالظلم والجور وسفك الدماء دخلاً كبيراً في كفكفة نشاط هذا السفير وقلة فعالياته فإن النشاط الاجتماعي يقترن وجوده دائماً بالجو المناسب والفرصة المؤاتية فمع صعوبة الزمان وكثرة الحوادث لا يبقى هناك مجال مهم لمثل عمله المبني على الحذور والكتمان.

ب- الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ينعي السمري ويختم السفارة:

وكان السمري رضوان الله تعالى عليه قد أخرج إلى الناس قبل وفاته بأيام توقيعاً من الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف يعلن فيه انتهاء الغيبة الصغرى وعهد السفارة بموت السمري ويمنعه من أن يوصي بعد موته إلى أحد ليكون سفيراً بعده.

ويقول عجل الله تعالى فرجه الشريف فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم: يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك. فقد وقعت الغيبة التامة. فلا ظهور إلا بإذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً..."1.

فكان هذا آخر خطاب خرج من الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف عن طريق السفارة الخاصة وآخر ارتباط مباشر بينه وبين الناس في الغيبة الصغرى قضى بعده علي بن محمد السمري بستة أيام فدفن في بغداد حيث يوجد له مزار معروف.

وكان لما أدركه مرض الموت في نهاية الأمر موجوداً في مدينة السلام سئل أن يوصي لغيره فقال: "لله أمر هو بالغه"2.

وبموت السمري ابتدأت الغيبة الكبرى لمولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وكانت سفارته قدس سره في وقت ملي‏ء بالظلم والاضطهاد والعداء لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم في زمن خلافة الراضي وخمسة أشهر وأيام من خلافة المتقي من العباسيين، الذين كانوا يتفنّنون في أنواع التعذيب والتضييق والتنكيل بأهل البيت عليهم السلام والموالين لهم.

ج- صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف يأمرنا بالتسليم:

من جملة الكتب التي خرجت بتوقيع مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في زمن الغيبة الصغرى، كتاب يخاطب به الموالين ويأمرهم بالتسليم لأمره ونهيه والثبات على ولايته وعدم الانحراف أو إثارة الشكوك التي يسعى إلى تنميتها أعداء أهل البيت عليهم السلام.

ومما جاء في كتابه الشريف: "... عافانا الله وإياكم من الفتن ووهب لنا روح اليقين وأجارنا وإياكم من سوء المنقلب... أو ما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها، وأعلاماً تهتدون بها من لدن ادم إلى أن ظهر الماضي كلما غاب علم بدا علم وإذا أفل نجم بدا نجم... وإن الماضي مضى سعيداً فقيداً على منهاج آبائه عليه السلام حذو النعل بالنعل، وفينا وصيته وعلمه، ومنه خلقه ومن يسد مسده ولا ينازعنا موضعه إلا ظالم آثم ولا يدعيه دوننا إلا كافر جاحد، ولولا أن أمر الله لا يغلب وسرّه لا يظهر ولا يعلن، أظهر لكم من حقنا ما تبرأ منه عقولكم ويزيل شكوككم.. لكنه ما شاء الله كان، ولكل أَجَلٍ كتاب..

فاتَّقوا الله، وسلِّموا لنا، وردّوا الأمر إلينا، فعلينا الإِصدار كما كان منَّا الإِيراد، ولا تحاولوا كشف ما غُطّيَ عنكم، ولا تميلوا عن اليمين، ولا تعدلوا إلى اليسار، واجعلوا قصدَكم إلينا بالمودّة على السنَّة الواضحة. فقد نصحتُ إليكم، والله شاهدٌ عليّ‏َ وعليكم.. ولولا ما عندنا من محبة صلاحكم ورحمتكم والإشفاق عليكم لَكُنَّا في شُغلٍ ممّا قد امْتُحِنَّا به من منازعة الظالم الْعُتُلّ الضالّ‏ِ المتابع في غيّه المضادّ لربه، المدَّعي ما ليس له، الجاحدِ حقّ‏َ من افترضَ الله طاعته، الظالمِ الغاصبِ لي، وبي شَبَهُ رسول الله، ولي أُسوةٌ حسنةٌ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيَرْدَى الجاهل وراء علْمه، وسيعلم الكافر لمن عُقبى الدار.. عصمنا الله وإيَّاكم من المهالك والأسواء والآفات والعاهات كلها برحمته، فإنه وليّ ذلك والقادر على ما يشاء، وكان لنا ولكم وليّاً وحافظاً، والسلام على جميع الأوصياء والمؤمنين، ورحمة الله وبركاته.."3.

وليس في هذه الرسالة ما يحتاج إلى توضيح وتعليق..

د- اجتماع القلوب واليمن بلقائه عجل الله تعالى فرجه الشريف:

جاء في كتابه عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى شيخنا المفيد قدس سره: "لو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته، على اجتماع القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل"4.

والذي هو واضح في هذه الفقرة أن الفوز بلقائه عليه السلام وحلول وقت ظهوره يتعجل من خلال أمرين:

أحدهما: اجتماع القلوب على الوفاء له والتسليم لأمره.

والثاني: عدم القيام بما يكرهه عجل الله تعالى فرجه الشريف ولا يفضله من سائر شؤوننا الدينية والحياتية.

وبكلمة أوضح هجران ما يغضب الله ورسوله أهل بيته عليهم السلام فإنه طالما لم نترك ما يؤذيه عجل الله تعالى فرجه الشريف لن نوفّق للتشرّف بخدمته لذلك إن سيادة الأخلاق تعجّل فرجه الشريف وكثرة الانحراف وعدم الوفاء يعوقان ذلك.

جعلنا الله تعالى من أنصاره وخدّامه والمستشهدين بين يديه ووفّقنا اللَّه للتمهيد له بترك الذنوب والآثام والالتزام بالتكليف الشرعي إنه سميع مجيب.

*من عظماء الاسلام، سلسلة الدروس الثقافية، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، أيار 2003م، ص75-82.


1- إلزام الناصب، ج‏1، ص‏427.
2- البحار، ج‏51، ص‏361.
3- النساء:58، والتوبة:48، والكتاب في البحار، ج‏53، ص‏179 178 وص‏158، ومنتخب الأثر، ص‏386، والغيبة للطوسي، ص‏173 172، والكنى والألقاب، ج‏2، ص‏101، وإلزام الناصب، ص‏129، والإمام المهدي، ص‏252 251، وذكر أنّ‏َ الكتاب كان موجَّهاً لمحمد بن إبراهيم بن مهزيار، وورد بكامله في ص‏256 255، وفي ينابيع المودة ج‏3، ص‏193 شي‏ء من اخره.
4- البحار، ج‏53، ص‏177، إلزام الناصب، ص‏136، الاحتجاج للطبرسي، ج‏2، ص‏325.
5- محاسبة النفس للكفعمي، ص‏66.

2010-05-12