خصائصُ الأربعينيّة
صفر
ومنْ تجليّاتِ هذهِ الخصائصِ الزيارةُ الأربعينيّةُ، والّتي يمكنُ أنْ نُشيرَ فيها -استناداً إلى كلماتِ وليِّ أمرِ المسلمينَ الإمامِ الخامنئيِّ (دام ظلّه)- إلى الآتي:
عدد الزوار: 166منَ الخصائصِ الّتي جعلَها اللهُ عزَّ وجلَّ للإمامِ الحسينِ (عليه السلام) تأكيدُ زيارتِهِ، والثوابُ الجزيلُ الّذي جعلَهُ اللهُ لذلك. جاءَ في الحديثِ عنْ حَنانِ بنِ سَدير، عنْ أبيهِ، قالَ: قالَ أبو عبدِ اللهِ [الإمامُ الصادقُ (عليه السلام)]: «يا سَدِيرُ، وما عليكَ أنْ تزورَ قبرَ الحسينِ (عليه السلام) في كلِّ جُمُعةٍ خمسَ مرَّات، وفي كلِّ يومٍ مَرَّةً؟» قلتُ: جُعِلتُ فِداك، إنَّ بيننا وبينَهُ فراسخَ كثيرةً! فقالَ: «تصعدُ فوقَ سطحِكَ، ثمَّ تلتفتُ يُمنةً ويُسرةً، ثمَّ ترفعُ رأسَكَ إلى السماءِ، ثمَّ تتحوَّلُ نحوَ قبرِ الحسينِ، ثمَّ تقولُ: السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِ الله، السَّلامُ عَلَيكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ»، يُكتَبُ لكَ زَورةٌ، والزَّورةُ حَجّةٌ وعُمرةٌ»[1].
ومنْ تجليّاتِ هذهِ الخصائصِ الزيارةُ الأربعينيّةُ، والّتي يمكنُ أنْ نُشيرَ فيها -استناداً إلى كلماتِ وليِّ أمرِ المسلمينَ الإمامِ الخامنئيِّ (دام ظلّه)- إلى الآتي:
1. منطلقُ الأربعينَ حبٌّ وإيمان: يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه)، متحدِّثاً عنْ ميزةِ الفكرِ الشيعيِّ: «إنَّ تركيبةَ الحبِّ والإيمانِ، والعقلِ والعاطفةِ، هيَ منَ المزايا الّتي تنفردُ بها مدرسةُ أهلِ البيتِ (عليهم السلام). ومنْ هنا، فإنَّ الرابطةَ الروحيّةَ المشفوعةَ بالحبِّ لآلِ النبيِّ الأكرمِ (صلّى الله عليه وآله)، والتوجّهَ لزيارتِهِم، هيَ منْ مميّزاتِ الفكرِ الشيعيِّ».
ويصفُ طريقَ المشيِ في زيارةِ الأربعين: «هذا الطريقُ هوَ طريقُ عشقٍ؛ غايةُ الأمرِ أنَّهُ ليسَ عشقاً طائشاً، بلْ عشقاً ممتزجاً بالبصيرةِ، تماماً كعشقِ الأولياءِ للهِ: «اللهمَّ، ارزقني حبَّكَ، وحبَّ مَنْ يُحبُّكَ، وحبَّ كلِّ عملٍ يوصلُني إلى قربِكَ»[2]؛ هذا الحبُّ، وهذا العشقُ، هوَ عشقٌ متلازمٌ معَ البصيرةِ».
2. الأربعينَ إحياءٌ يحفظُ ثمرةَ الشهادة: يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه): «إنَّ خصوصيّةَ الأربعين، أنَّهُ إحياءُ ذكرى شهادةِ الحسينِ (عليه السلام)، وهذا الأمرُ بالغُ الأهمّيّةِ. اِفرِضوا أنَّهُ حصلَت هذهِ الشهادةُ العظيمةُ في التاريخِ؛ شهادةُ الحسينِ بنِ عليٍّ وبقيّةِ شهداءِ كربلاء، لكنَّ بني أميّةَ -مثلما أنَّهُم في ذلكَ اليومِ قتلوا الحسينَ بنَ عليٍّ وأصحابَهُ، وأزالوهُم، واخفَوا أجسادَهُم المطهَّرةَ تحتَ الترابِ- استطاعوا أيضاً محوَ ذكراهُم منْ أذهانِ الناسِ في ذلكَ اليومِ، وفي الأيّامِ اللاحقةِ، فما فائدةُ هذهِ الشهادةِ للعالمِ الإسلاميِّ؟! أوْ إذا ما تركَت أثراً في ذلكَ اليومِ، فهلْ سيكونُ لهذهِ الذكرى في الأجيالِ الآتيةِ، أثرٌ مبيِّنٌ وفاضحٌ للظلماتِ والظلمِ والآلامِ والمرارات، وفاضحٌ لليزيديِّينَ في حُقبِ التاريخِ الّتي ستلي؟».
3. الأربعينَ... عالميَّةُ الرسالة: «والأربعينَ، هوَ ذلكَ اليومُ الّذي بدأَ فيهِ رفعُ علمِ رسالةِ شهادةِ كربلاءَ عالياً... هوَ اليومُ الّذي جاءَ فيهِ الزوّارُ العارفونَ بالإمامِ الحسينِ (عليه السلام) إلى كربلاءَ للمرَّةِ الأولى؛ فقدْ جاءَ إلى هناكَ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصاريّ... جاءَ في الأخبارِ والرواياتِ أنَّ جابراً كانَ كفيفاً، وأخذَ عطيَّةُ بيدِهِ، ووضعَها على قبرِ الحسينِ! لمسَ القبرَ، وبكى، وتكلّمَ معَ الحسينِ (عليه السلام)! فبمجيئِهِ وكلامِهِ، قدْ أحيا ذكرى الحسينِ بنِ عليٍّ (عليهما السلام)، وثبَّتَ سنّةَ زيارةِ قبورِ الشهداء. إنَّ يومَ الأربعينَ على هذا القدرِ منَ الأهمّيّةِ».
4. رمزُ الاستعدادِ للظهور: «زيارةُ الأربعينَ الّتي تحوَّلَتِ اليومَ إلى رمزٍ لتقاربِ المؤمنينَ، واجتماعٍ عظيمٍ لطلّابِ الحقِّ، هيَ أرضيّةٌ فريدةٌ للتربيةِ الجماعيّةِ للمجتمعِ الإسلاميِّ، وتقويةِ أواصرِ المؤمنينَ، وتكوينِ الاستعدادِ للظهورِ».
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] ابن قولويه القمّيّ، كامل الزيارات، ص287.
[2] السيّد ابن طاووس، الإقبال بالأعمال الحسنة، ج3، ص138، وفيه: «وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ».