رسالة الإمام الخامنئي التي وجهها إلى الملتقى الوطني لتكريم الميرزا كوجك خان جنكلي
خطاب القائد
رسالة الإمام الخامنئي التي وجهها إلى الملتقى الوطني لتكريم الميرزا كوجك خان جنكلي-19-11-2012م
عدد الزوار: 51
إن قضيّة المرحوم الميرزا كوجك خان جنكلي قضيةٌ خاصّة؛ فقد حصلت أحداثٌ متعّددةٌ في
الفترة الفاصلة بين الحركة الدستوريّة ومجيء رضا خان. وبالتزامن مع ثورة الغابة1
حصلت أعمال كبيرة عديدة في أطراف البلد، حيث قام أمثال المرحوم الشيخ محمد
الخياباني في تبريز أو الكولونيل محمد تقي خان بيسان في مشهد بأعمال كبيرة وعديدة
في أطراف البلاد. ومع ذلك فقضية الغابة قضيّةٌ خاصّة. نحن نعرف الكثير حول قضايا
تبريز وحضور المرحوم الشيخ محمد الخياباني، والتاريخ قد كتب ذلك، ونمتلك معلوماتٍ
كثيرةً حول القضايا الخاصة؛ إلا أنّ تلك الصبغة الشعبيّة والنجابة الموجودة في عمل
المرحوم الميرزا كوجك خان جنكلي قد لا نجدها في أيّ من هذين العملين أو الثلاثة
أعمال الأخرى التي تزامنت مع تلك المسألة. وكما أشرنا، فالميرزا كوجك خان هو عالم
دينٍ وطالب علم، وقد سمعت ما نُقل لنا قبل سنوات من أنّه أدرك المرحوم الميرزا
الشيرازي، إلا أنّ ذلك لا يمكن التصديق به، وقد نقل ذلك المرحوم والدي عن المرحوم
الآغا السيد علي أكبر المرعشي- وهو زوج عمتي، أي عديل المرحوم الشيخ محمد
الخياباني، وهو من كبار العلماء الذين اختاروا العزلة في طهران- يقول إنّ الميرزا
كوجك أدرك درس الميرزا.
أعتقد أنّه لا يمكن التصديق بذلك؛ لأنّ عمر الميرزا كوجك لم يتجاوز الرابعة عشرة أو
الخامسة عشرة عندما ارتحل الميرزا الشيرازي عن الدنيا، فمن البعيد أن يكون قد تمكّن
من أدراك المرحوم الميرزا الشيرازي؛ طبعاً لا يوجد شكّ وترديد في كونه طالب علمٍ
وفي كونه عالم دين، ولا شكّ أنّه كان في حوزة مدينة رشت نفسها عظماء وكان بإمكانه
الاستفادة منهم، ومن هنا فإنّ منشأ حركة الميرزا كوجك خان هو منشأٌ دينيٌّ
اعتقاديٌّ مئة بالمئة.
إنّ سلوكه هو سلوك دينّي واعتقاديُّ أيضاً، فالإنسان يشاهد وجود مخالفين له داخل
تنظيمه وقد خالفته بعض الطبقات الخاصّة أيضاً؛ إلا أنّ المرحوم الميرزا كوجك كان
يراعي الحدود الشرعيّة في التعامل معهم، فلم يكن من أصحاب الخلافات الداخليّة، كان
بعض الأشخاص - على سبيل المثال - يخالفه اعتقاديّاً، وكان بعض المفرطين المؤيّدين
له يرغبون بالتعرّض لأولئك بالضرب والقمع، إلا أنّ الميرزا كان يمنعهم ويحول دون
حصول ذلك فكان سلوكه دينيّاً.
إنّ حركته هي حركة إسلاميّة وإيرانيّة مئة بالمئة. وأنتم تعلمون أوضاع ذاك الزمان،
حيث كان صخب الحركة الماركسّية وتأسيس الاتحّاد السوفياتيّ وما أدّى إليه من ضجيج
في الدنيا ويبن الأمم، فانجذبت إليه بعض الشعوب، وجمع إليه بعض الأشخاص ومن جملتهم
بعض المحيطين بالميرزا. إلا أنّ هذا الرجل لم ينجذب للفكر الماركسيّ ورفض تلك
النظرية بشكل صريح وقاطع، مع العلم أنّ بعض المقرّبين الأوائل إليه قد اتّجهوا
إليها - طبعاً، هؤلاء ارتحلوا عن الدنيا خاسرين ولم ينالوا من هذه الدنيا أيّ خير،
ولم يشاهدوا من تلك الحركة البلشفية أي مروءة؛ فعارضهم وعارض الأجنبي؛ لأنّ السياسة
كان يضعها الأجنبيّ، مع أنّها كانت هذه السياسات مقابل الأجهزة الحاكمة أمثال
البريطانيين والروس القزاق وأمثالهم - ومع ذلك لم ينجذب إليهم، فحافظ على
الاستقلال، وكان الميرزا كوجك خان نموذجاً بارزاً جداً؛ رفع الله درجاته.
إنّ عملكم - هو عملٌ ممتاز - مع هذه الأهداف التي ذكرتموها، ومع هذا الترتيب الذي
أوضحتموه، طبعاً.
طُبع الكثير من الكتب حول الميرزا كوجك، ولحسن الحظّ، فإنّ إخلاص هذا الرجل أدىّ
إلى تداول اسمه، وذلك خلافاً للأشخاص الآخرين الذين دخلوا طريق النضال فأصبح الجميع
يعرفه، مع العلم أن الناس لا يعرفون الكثير عن الأشخاص الذين أشرت إليهم، ولم يسمع
بعض الناس بأسمائهم، أما هو فمعروفٌ بين الناس، وقد كُتب عنه. حاولوا تقديم كتاب
جامعٍ يتضمن النقاط الأساسيّة حول حياته؛ لتُعرف شخصيّته - إن شاء الله - أكثر ممّا
مضى بين أفراد شعبنا وبين شبابنا.
لقد قُدِّمت صورةٌ عن النظام الإسلاميّ والجمهوريّة الإسلاميّة في رشت وفي منطقته
كيلان. أشكر الأصدقاء الذين يعملون في هذا المجال، وأطلب من موظفي الدولة ومسؤولي
الإعلام وأمثالهم التعاون معكم. ساعدوا ليخرج هذا العمل - إن شاء الله – على أفضل
صورة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1-ثورة الغابة, مصطلح أطلق على نهضة الميرزا كوجك خان؛ حيث انتفض بوجه الاحتلال البريطاني والروسي لإيران, واستطاع أن يسيطر على منطقة واسعة في الشمال، وبعد فترة من النضال طاردته القوات الحكومية فلجأ إلى الغابة وبقي محاصراً إلى أن استشهد فيها. ولد عام 1877م. في مدينة رشت، تخرج من الحوزة وناضل في الثورة الدستورية, كان إمام مسجد , وشاءت الأقدار أن يقضي عمره في النضال، أسس هيئة اتحاد الإسلام, وكان معروفاً باسم "الميرزا الشيخ يونس".
2013-04-01