كلمته في الذكرى السنوية لانتفاضة أهالي قم
خطاب القائد
كلمته في الذكرى السنوية لانتفاضة أهالي قم- 19 دي 1356-09-01-2013 م
عدد الزوار: 60
أرحّب بجميع الإخوة والأخوات وشباب قم الأعزّاء، وعلمائها وطلّابها المحترمين،
والعلماء الكبار الذين أفاضوا بحماسهم وعواطفهم ومشاعرهم وعقلانيتهم مرّة أخرى على
أجواء حسينيّتنا ، في هذه المناسبة المهمّة جدّاً،. لقد أحييتم مرّةً أخرى تلك
الذكرى التي لا تُنسى للتاسع عشر من شهر دي 1، الخالد عبر التّاريخ.
والشكر على البرنامج الذي قُدّم والأنشودة ذات المحتوى الجيّد التي قام الأخوة
والأخوات بتكرارها وإنشادها.
19 دي، تضحيات عظيمة
إنّ قضيّة التاسع عشر من دي وإبقاءها حيّة في الذاكرة ليست مجرّد قضية روتينيّة أو
عادة، بل هي قضيّة أساسيّة وأصوليّة. إنّ جميع المناسبات الكبرى في تاريخنا هي من
هذا القبيل. في البداية، فليتعرّف الجيل الشاب والجديد، الذي يحمل على عاتقه اليوم
المسؤولية التي كانت على عاتق شباب ذلك اليوم، إلى جذوره التاريخية والسوابق
التاريخيّة لحركته من خلال هذه الذكريات وليستشعرها. ثانياً، فليعلم قدر كل ذلك
الجهاد الذي تحمّله ذاك الجيل من أجل الوصول بشعب إيران إلى ما هو عليه اليوم، وكل
تلك الصعاب التي مرّ بها، والمخاطر التي واجهها الناس بصدورهم؛ فلتُبيّن هذه الأمور
وليتّضح أنّ ما حقّقه شعب إيران اليوم لم يكن نعمة سهلة المنال أو حادثة وقعت بمحض
الصّدفة.
"من كان عنده هدف يستخرجه من فم الأسد ـ وهنا ينبغي أن
أقول من فم الذئب" 2. لقد واجه شعب إيران المخاطر والمتاعب
وبذل التضحيّات مقابل البوليس الشقيّ والجبّار لنظام الطاغوت وثَبُتَ مقابله؛ فقدّم
القتلى والشهداء والجرحى حتّى تمكّن في النّهاية من تسيير هذه القافلة العظيمة
العازمة وإيصالها إلى هنا. هذه هي النقطة الثانية.
النقطة الثالثة، هي درسٌ نستلهمه ليومنا هذا. إنّ شبابنا الأعزّاء لم يشهدوا ذاك
اليوم ولم يعلموا ما جرى فيه. لكن أولئك الذين أدركوا تلك الأيّام يعلمون. ففي ذاك
اليوم لم يكن الوقوف مقابل القدرة الظاهريّة المدجّجة لنظام الطاغوت عملاً سهلاً
بالنسبة لأيّ أحد. فلو قيل للكثير من هؤلاء الّذين يفكّرون بالمصالح وهم أسرى
الظواهر، إنّ شعب إيران ـ وأهل قم نموذجٌ عنه ـ يريد أن يواجه نظام الطاغوت
البهلوي، ويريد أن يقضي عليه لسخروا منه، ولقالوا هل يمكن ذلك؟! ولكنّه حصل. فما
كان يبدو مستحيلاً صار ممكناً وتحقّق وبقي خالداً. هذا هو الدّرس.
أعداء مسلحون بالمال والقوة والإعلام والسياسة
وفي يومنا هذا يحمل شعب إيران مبادئ، ولديه شعارات ورسائل كبرى، سواءٌ فيما يتعلّق
ببلده أم بالعالم الإسلامي أم بعالم البشرية. ويوجد في مقابل شعب إيران ذئابٌ
جائعة، وسباعٌ مطلقة العنان، وهذه الشركات المهيمنة والمتسلّطة، وتلك الجماعات
المنهومة بالدنيا وعبادتها، كلّها اصطفّت صفّاً واحداً، يصنعون الأسلحة ويصدِّرونها
ويشعلون الحروب ويديرون منظّمة الأمم المتّحدة بحسب ميولهم ورغباتهم؛ وأينما أرادوا
يرسلون العسكر، ويرتكبون الجرائم، ويدعمون الظلم، ويدعمون الصهاينة الغاصبين،
ويرتكبون الظلم في المجتمع البشري، بهذه القدرة الظاهريّة، وهذه القرقعة والجعجعة
الاستعراضية. وعهد الطاغوت في إيران كان أنموذجاً من هذا القبيل.
واليوم هناك من
يقول: هل يمكنك أيّها السيّد أن تقف مقابل هذا الاصطفاف والاتّحاد الذي يظهر بين
الأعداء المسلّحين بالمال والقوّة والإعلام والاقتصاد والسياسة وكل شيء؟ فهل يمكن
تحقيق أي تقدّم؟ فاليوم نسمع تلك الكلمات نفسها. هذه تجربة.
لو قاتلتم لنصركم الله
أجل، إنّ هذا ليس كلامنا، هذا هو كلام القرآن: إذا نزلتم إلى الميدان في سبيل الله
وصمدتم فإنّ النصر أمرٌ قطعيّ:
﴿وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا
الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصيراً* سُنَّةَ اللَّهِ الَّتي
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْديلاً﴾
[الفتح، 22-23]. هذا الأمر لا يتعلّق بما جرى في معارك صدر الإسلام فقط
﴿وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا
الْأَدْبارَ﴾
هي سنّة الله.
أجل، عندما لا نعرف ما هي قضيتنا والأفكار الأساسية لدينا، أو عندما لا نعرف كيف
نعرضها أو عندما لا نتمسّك بها أو نضعف وسط الطريق بسبب الوساوس الشيطانية أو وساوس
النفس أو كل أنواع الكسل، فإنّ الجهاد لن يؤتِ ثماره، فهذا معلومٌ. فالبحث كلّه هو
حول هذه النقطة
﴿ولَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾
[الحج/ 40]؛ فلا يوجد أعلى وأشدّ من هذا التأكيد. لو نصرنا الله ـ وهذه النصرة تكون
بالتفكير، واختزان وتحصيل الأفكار الأصيلة، وعرضها بشكل صحيح في العالم والتمسّك
بها وإعمال التدبير من أجل التقدّم بها ومواجهة كل المخاطر لأجلها، “لينصرنّ الله”
فإنّ الله تعالى سينصر حتماً وقطعاً. ومعنى “لينصرنّ” هو هذه القطعيّة والحتميّة،
﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قيلاً﴾
[النساء/ 122].
لقد جرّب شعب إيران هذه الأمور عمليّاً. فلو أنّكم يا شعبنا العزيز وشبابنا
المفعمين بالروحيّة الحسنة، والاقتدار، والعزم، سلكتم هذا الطريق وثبتم عليه، فلا
تشكّوا في أنّ جميع آمالكم وأمانيكم ورسائلكم وشعارات شعب إيران، سوف تتحقّق في
زمانكم وفي الوقت المناسب، ليس على مستوى هذا البلد فحسب، بل على مستوى كلّ العالم
الإسلامي والأمّة الإسلامية والمجتمع البشريّ. لكلّ عملٍ زمانه ومرحلته، وسوف
تتحقّق هذه الأماني والآمال في وقتها المناسب. إنّ شعب إيران سيصل إلى تلك النقطة
التي يتطلّع إليها، ويتحرّك نحوها، ويهتم بها، وسبيله إلى ذلك هو: المقاومة.
تاريخ العالم إلى مرحلة جديدة
فماذا سيحدث عندها؟ سيتغير مسار تاريخ العالم. إنّ مسيرة التاريخ اليوم هي مسيرة
الظلم، والتسلّط والإذعان للهيمنة. هناك جماعة تتسلّط على العالم، وأخرى تقبل
بتسلّطها. فلو أنّ كلمتكم 3 يا شعب إيران سارت قدماً، ولو أنّكم استطعتم
أن تنتصروا، ووصلتم إلى تلك النقطة الموعودة، فإنّ مسار التاريخ عندها سيتبدّل،
وسوف تتهيّأ الأرضية لظهور وليّ الأمر وولي العصر أرواحنا له الفداء، وسوف يدخل
العالم في مرحلة جديدة. إنّ ذلك اليوم مرتبطٌ بعزمنا أنا وأنتم، وبمعرفتنا في هذا
الزمن أنا وأنتم.
ولأجل أن يربط الله تعالى على هذه القلوب بتحقّق الوعود المستقبلية، فإنّه يحقّق
بعضها في المدى القريب. فالله تعالى أوحى إلى أمّ موسى
﴿فَأَلْقِيهِ فِي الْيَم﴾،
ثمّ قال
﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْك وَجاعِلُوهُ مِنَ
الْمُرْسَلين﴾
[القصص/ 7]. قدّم الله تعالى لها وعدين: ألقيه في اليم ـ ولا تخافي ـ فإنّنا سنرجعه
إليك وسوف نوصله إلى مقام النبوّة والرسالة. إنّ تلك النبوّة هي التي كان بنو
إسرائيل ينتظرونها لسنين طويلة، ولعلّه لعدّة قرون. وبعد أن رجع موسى إلى حضن أمّه
في قصر فرعون، يقول الله تعالى:
﴿فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ
عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُون﴾
[القصص/ 13]. لقد حقّقنا الوعد الأوّل لها، وأرجعناه لتعلم أنّ وعد الله حقّ، وأنّ
الوعد الثاني سيتحقّق.
تحقيق الوعود الإلهية
وهكذا فعل الله تعالى مع شعب إيران، لقد حقّق له الكثير من الوعود، وأنجز له الكثير
من الأعمال الكبرى. يا شبابنا الأعزّاء! اعلموا أنّه في ذاك الوقت ما كان أحدٌ
ليصدِّق أنّه يمكن هزّ النظام الملكيّ الطاغوتيّ، ناهيك عن أن يريد أحدٌ القضاء
عليه. وأنتم اليوم ترون أنّ النّظام الطاغوتيّ هو أكثر نظام ممقوت في عالم الإسلام،
ولقد تمّ القضاء عليه في إيران بالكامل ـ وبحسب القول المعروف: رُمي في زبالة
التاريخ. لو قيل في ذاك اليوم أنّه يمكن لإيران أن تتحرّر من أغلال السلطة
الأمريكية، لقال أولئك الذين كانوا مطّلعين على قضايا البلد جيّداً: إنّ هذا الأمر
غير ممكن قطعاً ويقيناً. فجميع أمور البلد وكلّ سياساتها الكبرى كانت بيد
الأمريكيين، كانوا يتدخّلون أحياناً حتّى في الجزئيّات: من الذي يكون وزير الحقيبة
الفلانيّة ومن لا يكون؛ وإلى أي مدى ترتفع أسعار النفط ولا ترتفع. من كان ليتصوّر
زوال ذلك النظام مع كل هذه الهيمنة التي مارسها الأمريكيون على بلدنا، وشعبنا،
ومصادرنا، وثرواتنا، وسمعتنا، ومعهم أتباعهم وحواشيهم وباقي الأراذل والأوباش
العالميين؟ أنتم اليوم ترون أنّه إذا أراد شعبٌ ما في العالم أن يأتي على اسم دولةٍ
مستقلّة عن السياسات الاستكبارية الأمريكية وأمثالها، لأتى على ذكر اسم إيران. إنّ
الشعوب الأخرى تنظر إلى إيران وتنفعل وتتحمّس جرّاء هذا الصمود، وهذه القاطعية
والشجاعة والاستقامة التي أظهرها شعب إيران.
شعب إيران ومباني الثورة
لقد تعاضد كلّ العالم الاستكباري والدول المستكبرة علّهم يحاصرون إيران بالحظر،
وينهكون شعب إيران ويركعونه. هم أنفسهم يقولون إنّنا نريد أن نجبر الشعب على الوقوف
بوجه نظام الجمهورية الإسلاميّة لكي يبدّل مسؤولو النظام حساباتهم! إنّهم يعلنون
ذلك بصراحة. في البدايات عندما كنّا نحلّل الأمور لم يكونوا ليصرّحوا بذلك، ولكنّهم
يفعلونه الآن. والنتيجة هي ما حصل حيث تلاحظون أنّ شعب إيران يزداد يوماً بعد يوم
توجّهاً إلى مباني الإسلام والثورة والصّمود وهذه العزّة التي منحها الله تعالى
لهذا البلد، وقد تحقّقت النقطة المقابلة تماماً لما أرادوه.
مفاخر قم: الحوزة, انتفاضة 19 دي, نهضة الإمام
هذه دورسٌ كبرى علّمنا إيّاها الله تعالى، وأحدها هو يوم التاسع عشر من شهر دي الذي
تفخرون به أيّها القمّيّون. بالطبع، لا تنحصر مفاخر قم بهذه النقطة، فلديها الكثير
في تاريخها. ففي السنوات التسعين أو المئة الأخيرة، تفجّرت عيونٌ فوّارة عذبة كثيرة
من قم. القمّيّون هم الذين استضافوا بالأحضان المرحوم الحاج الشيخ 4
رضوان الله عليه، فهم الذين أحضروه لتتشكّل هذه الحوزة العظيمة. إنّ هذه التربية
الإلهية وغير المتوقّعة والتي حصلت في هذه الحوزة هي من بركات همّة أهالي قم؛ حوزةٌ
تخرّج منها شخصٌ مثل إمامنا الجليل وأوجد هذه الحادثة العظيمة في العالم؛ لا ينبغي
القول إنّها حادثة عظيمة في هذا البلد. كان لقم وجهٌ مشرق وعظيم - في قضايا العام
1342 هـ. ش 5. وفي قضايا الثورة 6 وفي قضايا الحرب المفروضة
7- نأمل أن يبقى هكذا دوماً.
التقوى الجمعية
نقطةٌ مهمّة ـ أذكرها لكم يا شباب قم الأعزّاء ـ وهي أنّه في هذه الحركة يجب على
المرء أن يراقب بذكاء وحنكة تحرّكات العدوّ ويضعها تحت المجهر ويكشف أهدافه. وهذا
أمرٌ مهمٌّ جدّاً. إذا وقفتم في منازلة شخصيّة أو دفاع عن النّفس مقابل خصم ما
وتمكّنتم من توقّع حركاته فإنّكم لن تتعرّضوا لأيّة ضربة. وإذا ما تشتّتت حواسكم
وغفلتم وفقدتم التركيز وانشغلتم بأمور أخرى فلن تتمكّنوا من توقّع ما سيفعله وسوف
تتعرّضون للضرب. العدوّ لا ينام، وهو مستيقظ، "وإنّ أخ
الحرب الأرق ومن نام لم يُنم عنه"8 فلو غفلتم عن موقعيّتكم
فهذا لا يعني أنّ عدوّكم الذي يقف في المواجهة قد غفل وتشتتت حواسه، فمن الممكن أن
يكون متيقّظاً فيضرب.
فيجب أن تركّزوا انتباهكم. ولهذا السبب نطلق كلّ هذا الكلام
وهذه التوصيات المؤكّدة والمتكررة، سواء للمسؤولين أم للشعب، بأن لا ينشغلوا
بالقضايا الفرعيّة. وهذه التوصية المستمرّة للصحافة ووسائل الإعلام والجرائد ومواقع
الانترنت، التي انتشرت كثيراً في أيّامنا هذه، هي أن يجتنبوا الدخول في التصريحات
والقضايا غير الصحيحة التي تشغل أذهان الناس. يجب على أي شعب أن يكون متنبّهاً بشكل
جيّد ليعلم أين يضع قدميه ـ وهذه هي التقوى الجمعيّة ـ وليعلم ما ينبغي أن يقوم به،
وليلتفت من أين يمكن أن تأتيه الضربة. فإذا كنّا أتقياء في العمل الفرديّ فسنراقب
أعمالنا وسنراقب أنفسنا، فلا نضع أقدامنا في المنزلقات والمواضع التي يخشى السقوط
فيها. هذا هو الأمر المطلوب.
عين العدو على الانتخابات
ما شخّصته، أنا العبد، في هذه الأيام ـ وهو ما تدل عليه حركات العدوّ ـ هو: مع أنه
ما زالت تفصلنا خمسة أشهر عن الانتخابات، فإنّ ذهن عدوّنا متوجّهٌ إلى انتخاباتنا.
الانتخابات الآتية في شهر خرداد 9 هي برأينا مهمّة، وهي كذلك بنظر
العدوّ ولهذا يركّز عليها. فلو استطاع العدوّ القيام بعملٍ ما لكي لا تتحقّق هذه
الانتخابات فإنّه سيفعل. ولأنّ هذا الأمر غير ميسور ولا مقدور بالنسبة لهم فإنّهم
آيسون من أن يتمكّنوا من القيام بهذا الأمر. ذات يوم كان البعض يسعون لتؤجّل
انتخابات المجلس أو تؤخّر، حتى قالوا لنا إذا أمكن تأخير الانتخابات أسبوعين. قلنا
لا يصح، فالانتخابات يجب أن تُجرى في موعدها، ولا ينبغي أن تؤخّر يوماً واحداً. لم
يتمكّنوا من ذلك، ولم تصل أيديهم إلى شيء. لقد جرّبوا هذا ويعلمون أنّ الانتخابات
لا يمكن تأجيلها، لذلك فهم يسلكون طرقاً أخرى.
الانتخابات, نزاهة لا نظير لها
وإنّ من أهدافهم هو أن تجري الانتخابات دون مشاركة شعبية واسعة وحماسية. وليعلم
الجميع هذا الآن: أولئك الذين يمكن أن يوجّهوا التوصيات العامّة انطلاقاً من الحرص
فيما يتعلّق بالانتخابات، ويقولون فلتكن الانتخابات هكذا ولا تكن هكذا، فليلتفتوا
جيداً حتى لا يعينوا العدوّ على ما يريد. فلا يؤيّسوا الناس من الانتخابات ولا
يقولوا إنّ الانتخابات ينبغي أن تكون حرّة. حسنٌ، من الواضح أنّ الانتخابات ينبغي
أن تكون حرّةً. لقد كان لنا منذ بداية الثورة وحتى الآن، ثلاثون عملية انتخاب
ونيّف، فأيّ منها لم يكن حرّاً؟ في أي بلد تقام فيه الانتخابات بحريّة أكثر مما هي
عليه في إيران؟ وفي أي بلد لا ينظر في كفاءات (المرشّحين) ليبدأ التركيز على هذه
المسألة والحديث عنها وإكثار الكلام بشأنها؟ كل ذلك من أجل أن يزرعوا في أذهان
الناس مثل هذه التصوّرات شيئاً فشيئاً، حتى يُقال إنّ هذه الانتخابات لا جدوى
منها.. إنّ هذا ما يطمح إليه العدوّ. من الممكن أن يكون أولئك الذين تصدر عنهم مثل
هذه الكلمات في الداخل، غافلين. أنا أقول لا تغفلوا وانتبهوا ولا يكوننّ عملكم وفق
الأجندة التي حدَّدها العدوّ، ولا تكملوا أهدافه. وهذا أحد أساليب إخماد الحماس
والحيوية في الانتخابات.
القانون هو الفيصل
قضيّةٌ أخرى، هي أنّه يُقال للنّاس ويُعمل على تلقينهم أنّ الانتخابات فاقدة
للنزاهة المطلوبة. وبالطبع أنا العبد أؤكّد على أن تجري الانتخابات بنزاهة؛ غاية
الأمر أنّ لهذا طريقه. ففي الجمهورية الإسلامية وفي قوانيننا تمّ النظر بدقّة إلى
الطرق القانونية الممتازة لحفظ نزاهة الانتخابات. وبالطبع هناك من يريد أن يعمل
بالطرق غير القانونيّة، وهم يريدون الإضرار بالبلد، مثلما أنّهم في العام88 10
دخلوا من طرق غير قانونيّة. وقد حمّلوا هذا البلد أعباء وأوجدوا للناس أسباباً
للتّعب، وصاروا سبباً لتعاسة أنفسهم وافتضاحهم في الأرض وفي الملأ الأعلى. يوجد طرق
قانونية جيّدة. أجل، أنا العبد أصرّ على أن تجري الانتخابات بنزاهة تامّة ورعاية
كاملة للأمانة. وعلى مسؤولي الحكومة وغيرها، الذين يعملون في الانتخابات، وهم
مسؤولون أن يعملوا طبق القانون وبدقة تامّة وبرعاية كاملة للتقوى والنّزاهة لكي
تتحقّق الانتخابات النزيهة؛ وبالتأكيد سوف يكون الأمر كذلك.
الانتخابات حق وواجب
ومن الطرق، سعيهم في وقت الانتخابات لأن يشغلوا أذهان الناس بأمور أخرى، وأن
يصطنعوا حادثةً أو قضيّة سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم أمنية. وبالطبع، إنّ هذا
من خطط العدوّ؛ لكنّني أنا العبد واثقٌ أنّ
شعب إيران أكثر بصيرة ووعياً من أن
ينخدع بمثل هذه الحيل العدائيّة للأعداء أو عملائهم. كلا، فإن شاء الله ستكون
الانتخابات بإذن الله وبحوله وقوّته وفضله انتخابات جيّدة وحماسيّة.
بالطبع، لدي الكثير من الكلام فيما يتعلّق بالانتخابات. ولو كُتب لنا أن نعيش فسوف
نتحدّث في المستقبل أيضاً. لديَّ وصايا وكلام ونقاط لكنّنا نكتفي الآن بهذا
المقدار. فالتفتوا إلى أنّ الانتخابات هي حقّ وواجب. إنّ كلّ واحدٍ منّا، كأحد
أبناء هذا الشعب، لديه الحق في أن يشارك في الانتخابات ويتحمّل أيضاً مسؤولية. إنّ
أولئك المؤمنين بنظام الجمهورية الإسلامية والذين يقبلون بالدستور، يريدون أن
يستفيدوا من هذا ا
لحقّ ويريدون أن يؤدّوا هذا التكليف. يجب على الجميع أن يؤدّي هذا
التكليف. قد يكون تكليف أحدهم هو أن يعرض على الناس كفاءاته لينتخبوه. فكلّ من يشعر
بوجود هذه الكفاءة لديه ويتقن العمل التنفيذيّ فليأتِ ويرشّح نفسه للانتخاب. إنّ
إدارة البلاد والعمل التنفيذيّ ليسا أمراً بسيطاً. فالأعمال الكبرى والأعباء
الثقيلة ملقاة على عاتق التنفيذيين في المستويات العليا. من الممكن للبعض أن يكونوا
عاملين في المستويات الأخرى وبعضهم لا يعرف بالدقّة أبعاد هذا العبء وإلى أي درجة
الحمل ثقيل. فالذين ينزلون إلى هذا الميدان يجب أن يكونوا ممّن يقدر على حمل هذا
العبء ويجدوا في أنفسهم الكفاءة التي يؤكّد عليها الدستور والمجلس المحترم لصيانة
الدستور؛ وليكونوا في الواقع مرتبطين وتابعين للنظام والدستور، ومستعدّين لتطبيق
الدستور؛ لأنّ رئيس الجمهورية يقسم على تطبيق الدستور ولا يصح أن يقسم كذباً.
فالذين يشعرون بمثل هذا (الاستعداد) فليأتوا إلى الميدان، ومن لا يجد ذلك في نفسه
ولا يعتزم المشاركة (أي الترشح) في هذه الساحة فليشارك في ساحة الانتخاب ويساعد في
جعل الانتخابات حماسيّة.
إنّني أقول لكم وبالثقة التي نشعر بها بوعد الله ـ ووعد الله حقٌّ وصدقٌ ـ أنّه لا
شكّ بأنّ الله تعالى سوف ينصر هذا الشعب على أعدائه في هذه المرحلة أيضاً وفي جميع
المراحل المقبلة. نشكر الله أنّه لم يبتلنا بسوء الظن به
﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْء﴾
[الفتح/ 6] ولم يجعلنا منهم. لدينا ظنٌّ حسنٌ بوعد الله ونثق به. فمن جانبٍ نرى أن
الله تعالى قد وعد بالنصر، ومن جانب آخر، يشاهد المرء حضور هذا الشعب وحرصه وهمّته،
وإخلاص هؤلاء الشباب وطهارتهم، والآباء والأمّهات المؤمنين والمحبّين، على مستوى
البلد ومن مختلف الشرائح وبكل الأشكال والظواهر. يشاهد المرء كيف أنّ هذا الشعب هو
شعبٌ حاضرٌ في الساحات بحمد الله.
نسأل الله تعالى أن يمنحكم يا أهالي قم الأعزّاء رحمته ولطفه وتوفيقه وعافيته ويشمل
بذلك الحوزة العلميّة المعظّمة في قم.
اللهمّ! احشر روح إمامنا الجليل المطهرّة الذي فتح علينا هذا الطريق مع أوليائه.
اللهمّ! اشمل برحمتك وبركاتك وفيضك الأرواح الطيّبة لشهدائنا الأعزّاء الذين ضحّوا
في هذا الطريق وكذلك كلّ المجاهدين في طريق الحقّ، واجعلنا من ثابتي القدم عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1 -19 دي [9ك2/
1978]، تاريخ مفصلي في مسار الثورة, يوم انتفاضة أهالي قم في وجه النظام وجلاوزته
حيث قُمعت التظاهرات التي خرجت استنكاراً لمحاولة الشاه توهين حركة الإمام وصورة
الحجاب في إيران, وكان ذلك في مقال طلب وزير مخابرات الشاه نشره في جريدة اطلاعات
بعد فترة وجيزة من شهادة السيّد مصطفى ابن الإمام في ت2/ 1977وقيام مجالس العزاء في
مختلف المناطق, حيث صمم الشاه حينها على إلحاق الأذى والإهانة بالإمام. فكان المقال
وكانت ردة فعل الناس وطلاب الحوزة في قم قوية وعامة حيث أعلنوا الإضراب والتعطيل في
18 دي, وكانت الحركة الواسعة في 19 دي, التي واجهها النظام بعنف شديد, وسقط على
أثرها عدد كبير من الشهداء والجرحى واعتقل المئات.... وأقيمت ذكرى أربعين شهداء
انتفاضة 19 دي في مختلف المدن وحصلت مواجهات في كل مدينة, وهكذا توالت سلسلة
الأربعينيات. وكان لهذه الحركة نتائجها في دعم حركة الامام وانزواء تيار فصل الدين
عن السياسة, وتسريع عجلة الثورة التي أطاحت بالنظام بعد سنة تقريبا أي في
11/شباط/1979... .
2-ترجمة بيت للشاعرة الأفغانية حنظلة بادغيسي, من شعراء القرن الثالث الهجري. وقد
استبدل سماحته كلمة الأسد بكلمة الذئب لأنّه يشير إلى البوليس الشقيّ الجبّار
للنّظام الطاغوتي. والبيت هو: "مهترى گر بكام شير در است رو خطر كن ز كام شيره
بجوى"
3-أي نداؤكم ورسالتكم (حسب سياق الكلام).
4-المقصود هنا: الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي، مؤسس الحوزة العلمية في مدينة قم.
ولد في يزد عام 1276هـ ، هاجر إلى سامراء وتتلمذ على كبار علمائها، كما سافر إلى
النجف ودرس فيها, ثمّ إلى كربلاء وأقام فيها حلقات دراسية عديدة. رجع إلى قم عام
1340هـ ووضع الهيكل الأساس للدراسة الحوزوية, من تلامذته: الإمام الخميني، آيات
الله: صدر الدين الصدر، محمد تقي الخونساري , محمد الداماد, القزويني وغيرهم.. .
كان مراجعاً في التقليد وتقدم على غيره من المراجع, وكانت له مواقف صارمة من بعض
أعمال الشاه الأب(رضا خان) خاصة قضية الحجاب, عندما حاول الشاه تطبيق قانون منع
الحجاب, فقال: سأقف ضد هذا القرار إلى آخر حياتي. وقام بمشاريع مهمة في قم , فقد
أسس دارا لإطعام الفقراء, ومستشفىً, وسدا, وقلعة لإسكان متضرري السيول...
5-15 خرداد 1342هـ ش[5/6/1963م]: حدث مفصلي في تاريخ إيران الحديث، يوم انطلاق
الثورة والخطاب المدوي للإمام الخميني, الذي هاجم فيه الشاه و فضح أعماله وكشف
مخططات الغرب وعمالته لهم, ودعا العلماء واصحاب الكلمة إلى النهوض والثورة ضد الظلم
والتعسف الذي يقوم به الشاه.
6-قضايا الثورة: سلسلة الأحداث التي تلت خطاب الإمام(ما بعد1963), وحوادث اعتقال
الإمام وإبعاده, وردة فعل الناس والتظاهرات والاعتصامات وقمع الشاه لها...
7-الحرب المفروضة على الجمهورية الاسلامية التي قادها النظام البعثي البائد بدعم
ومؤازرة علنية من قطبي العالم آنذاك وأكثر الأنظمة العربية بدفع من المخابرات
الغربية والامريكية خصوصا.
8-نهج البلاغة، كتاب 62.
9-في حزيران 2013.
10-فتنة عام1388ش( 2009م) , محاولة الإطاحة الفاشلة بالنظام التي قادها موسوي
وكروبي (في العلن) بحجة عدم نزاهة الانتخابات, وكانت الأيادي الخبيثة للعملاء ورؤوس
الأجهزة الغربية تدعم وتؤازر في الخفاء, وقد انتهت هذه الجولة من المواجهة بفشل
ذريع نتيجة الصفعة القوية التي وجهها الشعب وسماحة الامام القائد إلى رؤوس الفتنة
وأسيادهم الغربيين, حيث كان للقائد حفظه الله الدور الأبرز, سواء على مستوى مخاطبة
الجماهير وفضح خطة الغرب التي ألبست ثوب الحرية وبعض شعارات الثورة والجمهورية
نفسها, أم على مستوى بث الوعي والبصيرة في مسؤولي النظام والدولة ومختلف مستويات
النخب.. فكانت التظاهرات المليونية للشعب التي أعقبت سلسلة اعتصامات وتظاهرات
غوغائية لأنصار تيار مدعي التزوير مخربة لممتلكات الناس والأملاك العامة ومهينة
للشعائر الحسينية في العاشر من محرم الحرام ... .