كلمة الإمام الخامنئي في مسؤولي مؤتمر تكريم العلامة قطب الدين الشيرازي
خطاب القائد
كلمة الإمام الخامنئي في مسؤولي مؤتمر تكريم العلامة قطب الدين الشيرازي-03-12-2012 م
عدد الزوار: 51كلمة الإمام الخامنئي في مسؤولي مؤتمر تكريم العلامة قطب الدين الشيرازي-03-12-2012 م
إنّ تكريم أشخاصٍ مثل قطب الدين الشيرازي1، عملٌ مفيدٌ جدّاً. في ذهني
أنّ الأطبّاء قد تذاكوا وأخذوا قطب الشيرازي إلى عالم الطبّ. هو في الدرجة الأولى
فيلسوف وتلميذ الخواجه نصير الدين وشارح شرح حكمة الأشراق، طبعاً، هو طبيبٌ أيضاً،
وطبيبٌ بارز، وبالإضافة إلى ذلك هو فلكيُّ، وكان له نصيبٌ في بناء مرصد مراغة2
المشهور؛ أي إنّه إنسانٌ كبير. أمّا كلام السيد الدكتور لنكراني فهو كلامٌ جيّد، أي
أن نلتفت إلى علمائنا الكبار في مختلف القرون الإسلاميّة، وإلى أنّهم كانوا
متبحّرين في مختلف الفروع، وليس صحيحاً أنّهم كانوا يجمعون لقمةً من هنا ولقمةً من
هناك، لا، فهو كان إنساناً بارزاً في عالم الطب، وهو من أهمّ شارحي قانون ابن سينا
كما أُشير إلى ذلك؛ وفي الفلسفة، فهو فيلسوف بالمعنى الحقيقيّ للكلمة؛ وفي النجوم
والهيئة، هو إنسانُ متخصّص وعالم؛ وهو أديبٌ وشاعر، في اللغتين العربيّة
والفارسيّة. ولعلّه كان عارفاً بعلوم أخرى.
هذا يعني أن نلتفت إلى مسألة وهي أنّ التخصّص ليس اختصاراً لذهن الإنسان وفكره
بمسألةٍ خاصة، فالتخصّصات تفتح آفاق بعضها بعضاً. والتخصّص الصغير تكون دائرته أكثر
محدوديّة، وهذا أمرٌ جيّد في مجال تتبّع وضع الإنسان الحياتيّ، إلا أنّه بمعنىً آخر
عبارةٌ عن إيجاد نوعٍ من الحدود للإنسان؛ لأن ظرفيّة ذهن الإنسان واسعةٌ جداً،
ويمكن أن يكون له رأيٌ في كافّة هذه الأمور. ليس صحيحاً أنّ الطبيب مثلاً يكون
عاميّاً في مجال العلوم الدينّية أو الفلسفّية. كم هو جميلٌ أن يكون الطبيب صاحب
معرفةٍ في العلوم الأخرى، العلوم العقلّية والعلوم الدقيقة ذات العلاقة بمسائل
الطبيعة المتنوّعة. وهذا ما يمكننا أن نتقدّم به نحن في بلدنا. طبعاً هذا لا يعني
إيقاف التخصّصات، بل يعني استعانة أذهان المتخصصين بالبيئة الأخرى التي هي وراء
حدود تخصّصهم.
طبعاً شيراز، مركزٌ هامٌّ نشأ فيه عظماء. وهذا بحدّ ذاته مسألةٌ في مختلف مناطقنا
الإسلاميّة؛ وهذا ما أشرت إليه خلال سفري إلى شيراز قبل عدة سنوات، فشيراز هي
واحدةٌ من أرض بلادنا التي تمتلك إمكاناتٍ غير محدودة؛ وإن نظر الإنسان إلى أيّ
جزءٍ منها سيرى أنّ منطقة فارس وشيراز ـ طبعاً عندما نقول شيراز فمقصودنا فارس
كلّها، كما إنّ قطب الشيرازي هو الكازروني ـ منطقةٌ خصبة على مستوى تربية
الاستعدادات الإنسانيّة البارزة؛ فقد نهض من هذه المنطقة عظماءٌ في مختلف الفروع،
فكان هناك الشاعر والأديب والفيلسوف والعالم بالمعنى المصطلح عليه اليوم، وهذا في
الحقيقة هوية هذه المنطقة، وعلى الأشخاص الذين يعملون في هذه المنطقة في مجال
التعليم والتربية وتنمية الأفكار والاستعداد أن يلتفتوا إلى هذه المسألة، وهي أن
الإسلام يعتقد بوجود استعدادٍ غير متناهٍ، فالقطب الشيرازي هو العلامة الشيرازي؛ أي
أن يُعْرَف بعنوان العلّامة؛ لأنه كان متخصصاً في مختلف الفنون. على كلّ الأحوال،
عليهم العمل على تقديم هذه الشخصيّات البارزة على أنّها نماذج لأجيالنا الشابّة؛
ليعلم الشاب اليوم أنّ ذاك الشخص يمكن أن يكون قدوته. ليس من الضروري أن نأتي
بشخصيّة من أعماق ظلمات القرون الوسطى الأوروبيّة لنقدمّه على أنّه شخصيّة قدوة.
ثانياً، عليهم الالتفات إلى أنّ الحركة العلميّة في بلدنا كانت مزدهرة عندما لم يكن
في أوروبا وفي الغرب أيّ أثر للعلم، ماذا كان في أوروبا في القرن السابع الهجري؟
إنّه من علماء القرن السابع، والظاهر أنّه توفي أوائل القرن الثامن، فهو من جملة
علماء القرن السابع، أي القرن الثالث عشر والرابع عشر الميلادي. من هم الأشخاص
الموجودون آنذاك؟ في الوقت الذي لم يكن نور العلم قد وصل إلى أوروبا، كان عندنا
شخصّيات بارزة من أمثال الخواجة نصير، والكاتبي وهو من أساتذته، والكاتبي القزويني
أحد الفلاسفة الكبار، وكان أيضاً القطب الشيرازي.
أسأل الله لكم العون؛ لتؤدّوا هذا العمل بشكلٍ جّيد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1-قطب الدين
الشيرازي، عالم دين، طبيب وقاض، ولد في كازرون في إيران، إلى جانب نشاطه العلمي عمل
في القضاء والسياسة، سافر إلى بلدان عدة (مصر، خراسان، العراق) توفي عام 1311م.
2-مرصد فلكي أسسه الخواجة نصير الدين الطوسي (1259م)، وهو من أكبر المراصد في ذلك
الوقت، يقع غرب مدينة مراغة الواقعة ضمن محافظة أذربيجان الغربية شمال إيران.