الوحى يوقف القافلة النبوية عند الغدير
عيد الغدير
تحرَّكت القافلة العظيمة يوم الخميس الخامس عشر من ذي الحجة، فبعد الخروج من مكة وصلوا إلى "سَيْرَف" ومن هناك إلى "مرّ الظهران" ثم إلى "عسفان" ومنها إلى "قُدَيْد" حيث وصلوا "كراع الغميم" على مقربة من الجحفة الذي يقع "غدير خم" في أحد جوانبها.
عدد الزوار: 80
تحرَّكت القافلة العظيمة يوم الخميس الخامس عشر من ذي الحجة، فبعد الخروج من مكة وصلوا إلى "سَيْرَف" ومن هناك إلى "مرّ الظهران" ثم إلى "عسفان" ومنها إلى "قُدَيْد" حيث وصلوا "كراع الغميم" على مقربة من الجحفة الذي يقع "غدير خم" في أحد جوانبها.
رحل النبي صلى الله عليه وآله من مكة وهو ناو أن يكون أول عمل يقوم به إعلان ولاية عترته، كما أمره ربه تعالى في وقت يأمن فيه الخلاف منهم عليه، وعلم الله عز وجل أنه إن تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس إلى بلدانهم وأماكنهم وبواديهم.
وقبيل الظهر من يوم الإثنين في الثامن عشر من ذي الحجة ولدى وصولهم إلى منطقة "غدير خم" جاءه جبرئيل لخمس ساعات مضت من النهار وقال له: يا محمد، إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾1.
فتسمَّر النبي صلى الله عليه وآله في مكانه وأصدر أمره إلى المسلمين بالتوقف وغيَّر مسيره إلى جهة اليمين وتوجَّه نحو الغدير وقال: "أيها الناس، أجيبوا داعى الله، أنا رسول الله".
ثم قال: "أنيخوا ناقتى، فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربى"; وأمرهم أن يردُّوا من تقدَّم من المسلمين ويوقفوا من تأخَّر منهم حين يصلون إليه.
وبعد أن صدر الأمر النبوي المذكور توقَّفت القافلة كلها، ورجع منهم من تقدم ونزل الناس في منطقة الغدير، وأخذ كل فرد يتدبَّر أمر إقامته هناك حيث نصبوا خيامهم وسكن الضجيج تدريجياً.
وشهدت الصحراء لأول مرة ذلك الاجتماع العظيم من الناس، وقد زاد من عظمته حضور الأنوار الخمسة المقدسة: النبى الأكرم وأميرالمؤمنين وفاطمة الزهراء والحسن والحسين عليهم السلام; وقد اشترك في ذلك التجمع الجماهيري الرجال والنساء من مختلف الأقوام والقبائل والمناطق، وبدرجات متفاوتة من الإيمان، انتظاراً لخطبة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
ونزل الرسول صلى الله عليه وآله عن ناقته وحطَّ رحال النبوة عند غدير خُمٍّ، وكان جبرئيل إلى جانبه ينظر إليه نظرة الرضا، وهو يراه يرتجف من خشية ربه وعيناه تدمعان خشوعاً وهو يقول: "تهديدٌ ووعدٌ ووعيدٌ... لأمضين فى أمر الله. فان يتَّهمونى ويكذِّبونى فهو أهون علىَّ من أن يعاقبنى العقوبة الموجعة فى الدنيا والآخرة"!
وكانت حرارة الصحراء ووهج الشمس من القوة والشدة بحيث أن الناس ـ ومنهم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ـ وضعوا قسماً من ردائهم على رؤوسهم والقسم الآخر تحت أقدامهم، وقد بلغ الأمر لدى البعض أن لفُّوا عباءتهم حول أقدامهم من شدة حرارة أرض الصحراء!
1- بحار الأنوار: ج 21 ص 387، ج 37 ص 173، 203، 204، ج 98 ص 298. عوالم العلوم: ج 15/3 ص 50، 60، 79، 80، 301. الغدير: ج 1 ص 10، 22. مدينة المعاجز: ص 128. الفصول المهمة: ص 24، 125.
2- المائدة: 67.