ماذا حصل بعد الغدير؟
عيد الغدير
يبدأ هذا العهد من وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في الثامن والعشرين من صفر السنة العاشرة للهجرة وينتهي بمقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان سنة خمس وثلاثين للهجرة.
عدد الزوار: 974يبدأ هذا العهد من وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في الثامن والعشرين من صفر السنة العاشرة للهجرة وينتهي بمقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان سنة خمس وثلاثين للهجرة.
وينبغي أن لا تغيب عنا حقيقة مهمة في هذا العهد وغيره وهي المهمة والهدف الملقى على عاتق الإمام المعصوم عليه السلام.
ولكي نفهم موقف الإمام من هذا العهد علينا أن نفهم موقفه من السقيفة وقد وردت نصوص كثيرة في نهج البلاغة وغيره تحدد هذا الموقف نأخذ منها النص التالي:
"وحين سأله بعض أصحابه كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟! قال عليه السلام: ... أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسباً والأشدّون برسول اللَّه صلى الله عليه وآله نوطاً، فإنها كانت أثرةً شحّت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين والحكم للَّه والموعد القيامة"([1]).
ونستطيع أن نستنتج من هذا النص وغيره الأمور التالية:
1- أنَّ الخلافة هي حق للإمام عليه السلام دون غيره.
2 - إنه قد تم الاستيلاء على منصب الخلافة بالاستبداد والتقمّص أي مع عدم الأهلية لذلك.
3 - إن أصحاب السقيفة يعلمون بأحقية الإمام عليه السلام ونص الغدير ليس بعيداً عن مسامعهم.
4 - رغم علمهم بأحقية الإمام عليه السلام فقد استبدوا بالخلافة وصدفوها عنه عليه السلام .
ومن هنا يتضح وجود خطين
أ – خط (الغاية تبرر الوسيلة) أي السلطة هدف بأي وسيلة ممكنة.
ب - خط نبوي (الغاية والوسيلة طاعة للَّه) أي أن السلطة وسيلة لتحقيق القيم العليا. وإن الحق هو الأحق بالاتباع.
هذا بالنسبة لموقفه عليه السلام من السقيفة أما الانجازات التي قام بها الإمام في عهد الخلفاء كثيرة أهمها:
1- صيانة الرسالة الإسلامية
وذلك باعتبار أن الإمام عليه السلام هو الخليفة والامتداد الرسالي الطبيعي للنبي صلى الله عليه وآله ولذلك كان أول عمل قام به هو جمع المصحف الشريف مع شرحه وتفسيره وذكر أسباب النزول وغيرها من الأمور الهامة... الذي قال عنه عليه السلام:
"آليت ألا ارتدي عليّ ردائي إلا لصلاة جمعة حتى أجمع القرآن"([2]).
وكان عليه السلام قبل ذلك قام بعمل مهم أيضاً وهو تدوين (الجامعة الكبرى).
وهذه الجامعة هي صحيفة بإملاء من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وخط الإمام علي عليه السلام وقد احتوت هذه الجامعة على جميع الأحكام حتى أرش الخدش، والأئمة عليهم السلام إلى الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف كانوا يتوارثون هذا الكتاب ويعتمدونه كمصدر أساس في الأحكام([3]).
2- صيانة الأمة والكيان الإسلامي
بعد غياب النبي صلى الله عليه وآله أحدقت بالأمة الإسلامية أخطار كثيرة دفعت بالإمام عليه السلام إلى العمل باتجاه صيانة الأمة، كيف لا وهو باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله كما جاء في الرواية عنه صلى الله عليه وآله وكما أثبتته الأيام بعد رحيل الرسول الكريم صلى الله عليه وآله بشكل واضح، وهذا الخليفة الثاني يقول مصرحاً رغم إشكالية الخلافة:
"لولا علي لهلك عمر"([4]).
"لا أبقاني اللَّه بأرض لست فيها يا أبا الحسن"([5]).
فلولا علي عليه السلام لوقعت الأمة في حرج وضعف في مواجهة التحديات الدينية والثقافية التي فرضتها مرحلة ما بعد الرسول صلى الله عليه وآله.
3- صيانة وحدة الصف الإسلامي
وهذا الأمر يمكن أن نلحظه من بعض الأحداث التي ضبطها التاريخ للإمام عليه السلام منها:
أ - عدم رفعه السيف للمطالبة بحقه في الخلافة مع وضوح هذا الحق لدى كل المسلمين.
ب- عدم رفعه السيف للمطالبة بحق زوجته السيدة فاطمة عليها السلام في فدك([6]).
ج - رفضه عرض أبو سفيان عندما جاءه قائلاً: يا أبا الحسن أبسط يدك حتى أبايعك فقال له: إنك واللَّه ما أردت بهذا إلا الفتنة([7]).
4 - تأثيره عليه السلام غير المباشر في الأمور المفصلية
لم يكن المجتمع الإسلامي ليستغني عن أمير المؤمنين عليه السلام في ما يواجهه من تحديات مفصلية، رغم تولي غيره للخلافة، وهذا ما يظهر جلياً على شكل نصائح واستشارات في موارد كثيرة جداً، منها:
أ - غزوة الروم في عهد أبي بكر([8]).
ب - غزوة الفرس في عهد عمر([9]).
ج - التقويم الهجري جاء بمشورة الإمام عليه السلام([10]).
د - مشاورته في تقسيم سواد الكوفة([11]).
* محطات من سيرة أهل البيت عليهم السلام، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) الصالح، د. صبحي، نهج البلاغة، خطبة 162، ص231.
([2]) السيوطي، جلال الدين، الإتقان في علوم القران، ج1، ص205.
([3]) الأمين، محسن، أعيان الشيعة، ج1، ص93.
([4]) أخرجه أحمد والعقيلي وابن السمان، وفي الاستيعاب ج3، ص39، الرياج ج2، ص194... نقلاً عن الغدير، ج3، ص97.
([5]) ارشاد الساري، ج3، ص195، نقلاً: عن الأميني، الغدير، ج3، ص97.
([6]) روى، الحنفي، القندوزي، في ينابيع المودة، ج1، ص138: في قوله تعالى: «ات ذا القربى حقه» خصوصية لهم خصهم اللَّه العزيز الجبار بها واصطفاهم على الأمة، فلما نزلت هذه الاية على رسول اللَّه قال صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام هذه فدك وهي مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين، وقد جعلتها لك لِما أوتي اللَّه به فخذيها لك ولولدك.
([7]) ابن جرير، الطبري، ج2، ص449.
([8]) اليعقوبي، تأريخ اليعقوبي، ج2، ص133.
([9]) ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج3، ص8.
([10]) م.ن، ج2، ص526.
([11]) أشار بعض الصحابة على عمر أن يقسم بينهم سواد الكوفة وعندما شاور الإمام عليه السلام قال: «إن قسمتها اليوم لم يكن لمن يجيء بعدنا شيء ولكن نقرها في أيديهم يعملونها فتكون لنا ولمن بعدنا». فقال عمر: وفقك اللَّه هذا الرأي، نقلاً: عن تأريخ اليعقوبي، ج2، ص152.