ولاية الفقيه وحركة التمهيد
أبحاث في الولاية
إن أهل البيت عليهم السلام أرجعونا إلى العلماء الفقهاء حتى لا تخلو الأرض ظاهراً من علماء يدافعون عن الدين ويحيون علوم أهل البيت عليهم السلام وينشرون ماثرهم ويعملون على إبطال تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين وأضاليل الضالين في زمان غيبة الولي...
عدد الزوار: 98
لماذا أرجعنا أهل البيت عليهم السلام إلى الفقهاء؟
إن أهل البيت عليهم السلام أرجعونا إلى العلماء الفقهاء حتى لا تخلو الأرض ظاهراً من علماء يدافعون عن الدين ويحيون علوم أهل البيت عليهم السلام وينشرون مآثرهم ويعملون على إبطال تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين وأضاليل الضالين في زمان غيبة الولي الأعظم عجل الله تعالى فرجه،حتى يأتي زمن تحقيق حكومة العدل على الأرض كلها على يدي صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه، كما وعد اللَّه سبحانه وتعالى واللَّه لا يخلف وعده، كما جاء في الاية الكريمة ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾(القصص:5) وكما جاء في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون﴾(الأنبياء:105). فإن الآية الأولى لا تتحدث عن فترة زمنية خاصة أو معينة، وليست مرتبطة ببني إسرائيل وفرعون فقط بل هي توضح قانوناً عاماً لجميع العصور والأمم، فهي بشارة بإنتصار الحق على الباطل والإيمان على الكفر بل هي بشارة لجميع الأحرار وطلاب العدالة بانتصار الخير على الشر وبسط الحكومة الإلهية على أرجاء الكون، والانتصار على كل الأكاسرة والقياصرة على يدي الإمام المهدي عليه السلام، لذلك كان أهل البيت عليهم السلام يبشرون بالظهور المبارك عندما يتلون هذه الآية المباركة كما ورد في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام: "لتعطفنّ علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها"وتلا عقيب ذلك هذه الآية المباركة ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين﴾(القصص:5)1 وفي حديث آاخر يقرأ تفسير هذه الآية المباركة ويقول: "هم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم يبعث اللَّه مهديهم بعد جهدهم فيعزهم ويذل عدوهم"2.
والآية الثانية فسّرت في بعض الروايات بأصحاب الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، كما ورد في تفسير مجمع البيان عن الإمام الباقر عليه السلام "هم أصحاب المهدي في آخر الزمان"وقد تواترت الروايات عند عامة المسلمين أن رجلاً من أهل البيت عليهم السلام يقوم فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، كما ورد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتي يبعث اللَّه رجلاً من أهل بيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً"3.
وهذه الآية المباركة ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون﴾(الأنبياء:105) جاء نفس التعبير عنها في مزامير داود عليه السلام كما جاء في العهد القديم في مزمور 37 جملة 11(أما الودعاء فيرثون الأرض ويتلذذون في كثرة السلامة)، وكذلك في جملة 29 (إن الصالحين سيرثون الأرض وسيكونون فيها إلى الأبد) وهذا إن دل على شيء إنما يدل الوعد الإلهي المبرم عند كل الأديان السماوية والذي بقي رغم التحريف الذي طال تلك الكتب، وأن المستضعفين عند كل الأمم ينتظرون هذا الوعد.
تعجيل الفرج
إن لمسألة ولاية الفقيه أثراً كبيراً في تعجيل ظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه لإرتباطها إرتباطاً وثيقاً بحركة التمهيد لظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه، فإن الروايات التي تتكلم عن الرايات السود التي تأتي من خراسان وانها رايات هدى لا بد وأن تكون تحت ولاية الفقهاء حتى أصبحت شرعية وهادية وساعية إلى إقامة حكم اللَّه تعالى على الأرض؛ لأن الفقهاء هم الذين ينوبون عن الإمام في غيبته في هذه الشؤون، ولنلقِ الضوء على بعض تلك الروايات:
رجل من أهل قم
ورد عن الإمام الكاظم عليه السلام: "رجل من أهل قم يدعو الناس إلى الحق يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد، لا تزلهم الرياح والعواصف، لا يملّون من الحرب ولا يجبنون وعلى اللَّه يتوكلون والعاقبة للمتقين"4.
الممهدون من المشرق
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يطلبونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما شاؤوا فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم (أي الإمام المهدي عجل الله فرجه)قتلاهم شهداء"5.
ورد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي سلطانه"6.
الممهدون من خراسان
عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "تنزل الرايات السود من خراسان إلى الكوفة فإذا ظهر المهدي بعثت إليه بالبيعة".
الممهدون من اليمن
عن الإمام الباقر عليه السلام: "وليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هدى إنه يدعو إلى صاحبكم"7.
الولي الفقيه
تأسيساً على ما مرّ فإن الولي الفقيه هو من أبرز مصاديق الذين يمهدون للظهور المبارك؛ لأن الظهور يحتاج إلى قاعدة متينة يعتمد عليها في الانطلاق بالثورة الكبرى، والولي الفقيه الباسط سلطته هو القادر على لعب هذا الدور الكبير انطلاقاً من المسؤولية الكبرى التي تصدى لها والتي ألقيت على عاتقه والمتمثلة في عصرنا الحاضر بشخص الإمام السيد الخامنئي حفظه اللَّه تعالى الذي يقود حركة التمهيد حتى يأذن اللَّه تعالى لصاحب الأمر بالفرج ويُظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون.
* دروس في ولاية الفقيه, إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية, ط1, تشرين الأول 2005م, ص 85-90.
1- نهج البلاغة، ج4، ص47.
2- بحار الأنوار، ج51، ص54.
3- نفس المصدر، ج28، ص46.
4- بحار الأنوار، ج109، ص168.
5- نفس المصدر، ج52، ص243.
6- ميزان الحكمة، ج1، ص354.
7- بحار الأنوار، ج52، ص232.