يتم التحميل...

غزوة حنين

غزوة حنين

ولَّد فتح مكة والانتصار العظيم الذي حققه المسلمون على قريش وقاعدتهم الوثنية ردَّ فعل عنيف لدى القبائل العربية المشركة في الشمال وعلى رأسها هوازن وثقيف، ورأت أن تتحرك لتوجيه ضربة للمسلمين قبل أن يستفحل الخطر وتجد هذه القبائل نفسها محاطة بالمسلمين من كل مكان.

عدد الزوار: 375

﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ(التوبة:25) .

ولَّد فتح مكة والانتصار العظيم الذي حققه المسلمون على قريش وقاعدتهم الوثنية ردَّ فعل عنيف لدى القبائل العربية المشركة في الشمال وعلى رأسها هوازن وثقيف، ورأت أن تتحرك لتوجيه ضربة للمسلمين قبل أن يستفحل الخطر وتجد هذه القبائل نفسها محاطة بالمسلمين من كل مكان.

وكانت هذه القبائل ولدى سماعها بمغادرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدنية - قبل فتح مكة على رأس عشرة الاف مقاتل - قد تجمعت خوفاً من ان يغزوها المسلمون، وقال زعماؤها بعد فتح مكة: "قد فرغ لنا محمد، فلا ناهية له دوننا، والرأي أن نغزوه".

فنظموا جيشاً كبيراً من هوازن وثقيف ولحق بهما فيما بعد قبائل نصر وجشم وسعد بن بكر بقيادة مالك بن عوف زعيم هوازن. فرأى هذا ان يسير مع المقاتلين نساؤهم وأطفالهم وأموالهم كي يستميتوا في القتال.

عندما سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم نبأ هذا التحرك الوثني بعث أحد أصحابه عبد الله بن أبي حدرد الاسلمي مستخبراً، وأمره أن يدخل في الناس فيقم فيهم حتى يعلم علمهم ثم يأتيه بخبرهم، فتسلل الرجل إلى مواقع العدو وجمع المعلومات اللازمة وعاد ليخبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بما أجمع عليه هؤلاء من قتال المسلمين.

فانطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة في مطلع شوال على رأس اثني عشر ألف مقاتل كان من ضمنهم ألفان من المكيين الذين أسلموا بعد الفتح ( فتح مكة) وسرعان ما وجد المسلمون أنفسهم مضطرين إلى اجتياز وادٍ من أودية تهامة، شديد الإنحدار يُدعى حنيناً، في طريقهم لمواجهة التجمع الوثني، وكان المشركون قد سبقوهم إلى الوادي واتخذوا مواقع لهم في شعابه وعند مضيقه، وتهيئوا للانقضاض على المسلمين في جو يسوده المطر والضباب، وما أن دخل المسلمون الوادي حتى فاجأهم أعداؤهم بهجوم مباغت، فأصابهم الفزع والاضطراب وفروا راجعين لا يلوون على شي‏ء، ولم يثبت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير علي بن أبي طالب عليه السلام وجماعة من بني هاشم، فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينادي: "أيها الناس هلموا إليّ‏َ، أنا رسول الله. أنا محمد بن عبد الله".

ثم أمر عمه العباس وكان جهوري الصوت أن يلحق بالفارين ويناديهم. ويذكرهم بالعهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذ العباس يناديهم: "يا معشر المهاجرين والأنصار، يا أصحاب سورة البقرة، يا أهل بيعة الشجرة، إلى أين تفرون؟! هذا رسول الله ".

فسمع المسلمون صوت العباس، وأنزل الله السكينة على قلوب المؤمنين منهم، فبادروا للعودة إلى ساحة المعركة واستقبلوا العدو بصدورهم، وقاتلوا ببسالة على قلتهم بعدما رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يباشر القتال بنفسه بشجاعة ومن حوله علي عليه السلام ومن معه من بني هاشم يقاتلون إلى جانبه.

وعندما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه يجابهون المشركين وقد أحتدم القتال بينهم قال صلى الله عليه وآله وسلم: "الان حمي الوطيس".

وتمكن علي عليه السلام من قتل حامل راية هوازن وبدأت الكفة تميل لصالح المسلمين، وما لبث المشركون أن أخذوا بالتراجع، وانقض عليهم المؤمنون يعملون فيهم قتلاً وأسراً، فأصيبوا بهزيمة نكراء وفروا لا يلوون على شي‏ء، تاركين وراءهم النساء والأولاد والأموال وما أن عاد إلى الميدان أولئك الذين تراجعوا إلى الخلف من المسلمين، حتى وجدوا أسارى المشركين مكتفين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .1


1- سيرة الرسول الأكرم إصدار جمعية المعارف الإسلامية

2011-09-05