المقاومة الرائعة في غزوة حنين
غزوة حنين
ألقى فتح مكّة الرعب في قلوب المشركين، والذعر والفزع في نفوسهم؛ فتشاورت قبيلتا الطائف المهمّتان هوازن وثقيف مع بعض القبائل الاُخرى، فعزمتا على المسارعة إلى مواجهة جيش الإسلام قبل أن يقبل عليهم، وجمعتا جيشاً ضخماً بقيادة شابّ باسل شجاع يدعى: مالك بن عوف النصري، وسار الجيش نحو المسلمين.
عدد الزوار: 198
ألقى فتح مكّة الرعب في قلوب المشركين، والذعر والفزع في نفوسهم؛ فتشاورت قبيلتا الطائف المهمّتان هوازن وثقيف مع بعض القبائل الاُخرى، فعزمتا على المسارعة إلى مواجهة جيش الإسلام قبل أن يقبل عليهم، وجمعتا جيشاً ضخماً بقيادة شابّ باسل شجاع يدعى: مالك بن عوف النصري، وسار الجيش نحو المسلمين.
وبادر النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى مواجهتهم على رأس جيش عظيم يتألّف من اثني عشر ألفاً؛ عشرة آلاف من يثرب، وألفين من المسلمين الجدد، وبلغت عظمة الجيش درجةً جعلت البعض يصاب بغرور زائف حتى قال: لا نُغلب اليوم من قلّة.
وأمر مالك جيشه بالاختباء خلف الأحجار والصخور وشعاب الجبال والنقاط المرتفعة في آخر الوادي الذي كان ممرّاً إلى منطقة حنين. ولمّا وصل الجيش الإسلامي هناك رُشق بالسهام والحجارة، فمُني بالهزيمة والانكسار، وحدث ما حدث، وفرّ كثير من جيش رسول اللَّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، حتى قال أبوسفيان مستهزئاً: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر.
وفي ساعة العسرة هذه لم يبقَ مع رسول اللَّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إلّا قليل؛ قرابة عشرة، فاستماتوا في الدفاع عنه، وفيهم أميرالمؤمنين عليه السلام فكان لا يفتأ يحوم حوله مدافعاً، وهزم من كان يريد قتل النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم، وأجبرهم على الفرار.
وصاح النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم بصوتٍ عالٍ في خضمّ تلك الشدائد والنوازل قائلاً: يا أنصار اللَّه وأنصار رسوله، أنا عبداللَّه ورسوله! ثمّ ساق بغلته نحو العدوّ ومعه عدد من الصحابة، وأمر عمّه العبّاس أن ينادي المسلمين بصوته الجهوريّ ويدعوهم إلى نصرته. وهكذا انتظم أمر الجيش مرّة اُخرى.
إنّ ثبات عليّ عليه السلام وقتاله بلا هوادة في هذه المعركة لافتان للنظر أيضاً، فقد قتل أربعين من هوازن، وفيهم أبو جرول؛ وهو أحد شجعانهم، وكان هلاكه بداية لانهيار جيشهم.
ولاحق النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم الفارّين، وحاصر قلعتهم بالطائف. وفي هذا الحصار اشتبك الإمام عليه السلام مع نافع بن غيلان فقتله، فولّى جمع من المشركين مدبرين، وأسلم آخرون.
يضاف إلى هذا أنّ الإمام عليه السلام كلّف عند الحصار بكسر الأصنام التي كانت حول الطائف، وقد أنجز هذه المهمّة بأحسن ما يكون.
ويتسنّى لنا بناءً على ما ذكرنا وما جاء في الوقائع التاريخيّة- أن نسجّل دور الإمام عليه السلام في النقاط الآتية:
1- حمله راية المهاجرين.
2- حضوره المهيب في احتدام القتال وهجوم العدوّ بلا هوادة، ودفعه الخطر عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم في أحرج اللحظات التي فرّ فيها الكثيرون.
3- قتلُه أباجرول والذي استتبع انهيار جيش هوازن.
4- قتله أربعين من مقاتلي هوازن.
5- قيادته لكتيبة كانت قد تعبّأت من أجل إزالة الأصنام.
6- مبارزة شهاب- من قبيلة خثعم- الذي لم يجرأ أحد من المسلمين على مبارزته، فهبّ الإمام عليه السلام إليه وقضى عليه.
7- قتله نافعاً، الذي أدّى إلى إسلام الكثيرين.1
وعن تاريخ اليعقوبي: بلغ رسول اللَّه وهو بمكّة أنّ هوازن قد جمعت بحنين جمعاً كثيراً، ورئيسهم مالك بن عوف النصري، ومعهم دريد بن الصمّة من بني جشم؛ شيخ كبير يتبرّكون برأيه، وساق مالك مع هوازن أموالهم وحرمهم. فخرج إليهم رسول اللَّه في جيش عظيم عدّتهم اثنا عشر ألفاً؛ عشرة آلاف أصحابه الذين فتح بهم مكّة، وألفان من أهل مكّة ممّن أسلم طوعاً وكرهاً، وأخذ من صفوان بن اُميّة مائة درع وقال: "عارية مضمونة". فأعجبت المسلمين كثرتُهم، وقال بعضهم: ما نؤتى من قلّة. فكره رسول اللَّه ذلك من قولهم.
وكانت هوازن قد كمنت في الوادي، فخرجوا على المسلمين؛ وكان يوماً عظيم الخطب، وانهزم المسلمون عن رسول اللَّه، حتى بقي في عشرة من بني هاشم، وقيل تسعة، وهم: عليّ بن أبي طالب، والعبّاس بن عبدالمطّلب، وأبوسفيان بن الحارث، ونوفل بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وعتبة ومعتّب ابنا أبي لهب، والفضل بن العبّاس، وعبداللَّه بن الزبير بن عبدالمطّلب، وقيل: أيمن بن اُمّ أيمن.2
قال اللَّه عزّوجلّ موضّحا حال المسلمين:﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ﴾(التوبة:25).
﴿ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ﴾(التوبة:26).
1- موسوعة الإمام علي ج 4ص170_172.
2- تاريخ اليعقوبي ج 3ص174