واقعة الإسراء والمعراج معجزة لا نظير لها
البعثة النبوية
الآية الأولى في سورة الإسراء تتحدث عن إسراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أي سفره ليلا من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى (في القدس الشريف).
عدد الزوار: 248
﴿سبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ 1.
الآية الأولى في سورة الإسراء تتحدث عن إسراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أي سفره ليلا من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى (في القدس الشريف). وقد كان هذا السفر (الإسراء) مقدمة لمعراجه صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء. وقد لوحظ في هذا السفر أنه تم في زمن قياسي حيث أنه لم يستغرق سوى ليلة واحدة بالنسبة الى وسائل نقل ذلك الزمن ولهذا كان أمرا اعجازيا وخارقا للعادة.السورة المباركة تبدأ بالقول: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.وقد كان القصد من هذا السفر الليلي الإعجازي هو (لنريه من آياتنا).
ثم ختمت الآية بالقول: (إنه هو السميع البصير). وهذه إشارة إلى أن الله تبارك وتعالى لم يختر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يصطفه لشرف الإسراء والمعراج إلا بعد أن اختبر استعداده صلى الله عليه وآله وسلم لهذا الشرف ولياقته لهذا المقام، فالله تبارك وتعالى سمع قول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ورأى عمله وسلوكه فاصطفاه للمقام السامي الذي اختاره له في الإسراء والمعراج.
وبالرغم من أن هذه الآية تنطوي على اختصار شديد، إلا أنها تكشف عن مواصفات هذا السفر الليلي "الإسراء" الإعجازي من خلال ما ترسمه له من أفق عام يمكن تفصيله بالشكل الآتي
أولا: إن تعبير "أسرى" في الآية يشير إلى وقوع السفر ليلا، لأن "الإسراء" في لغة العرب يستخدم للدلالة على السفر الليلي، فيما يطلق على السفر النهاري كلمة "سير".
ثانيا: بالرغم من أن كلمة "ليلا" جاءت في الآية تأكيدا لكلمة "أسرى" إلا أنها تريد أن تبين أن سفر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد تم في ليلة واحدة فقط على الرغم من أن المسافة بين المسجد الحرام وبيت المقدس تقدر بأكثر من مائة فرسخ، وبشروط مواصلات ذلك الزمان، كان إنجاز هذا السفر يتطلب أياما بل وأسابيع، لا أن يقع في ليلة واحدة فقط!.
ثالثا: إذا كان مقام العبودية هو أسمى مقام يبلغه الإنسان في حياته، فإن الآية قد كرمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإطلاق وصف العبودية عليه، فقالت "عبده" للدلالة على مراقي الطاعة والعبودية التي قطعها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لله تبارك وتعالى حتى استحق شرف "الإسراء" حيث لم يسجد جبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لشيء سوى الله، ولم يطع صلى الله عليه وآله وسلم ما عداه، وقد بذل كل وسعه، وخطا كل خطوة في سبيل مرضاته عالى.
رابعا: تفيد كلمة "عبد" في الآية، أن سفر الإسراء قد وقع في اليقظة، وأن رسول الله سافر بجسمه وروحه معا، وأن الإسراء لم يكن سفرا روحانيا معنويا وحسب، لأن الإسراء إذا كان بالروح ـ وحسب فهو لا يعدو أن يكون رؤيا في المنام، أو أي وضع شبيه بهذه الحالة، ولكن كلمة "عبد" في الآية تدلل على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد سافر بجسمه وروحه، لأن لفظ "عبد" في الآية لفظ يطلق على الروح والجسد معا.
خامسا: لقد كان مبتدأ هذا السفر الذي كان مقدمة للمعراج هو المسجد الحرام في مكة المكرمة، ومنتهاه المسجد الأقصى في القدس الشريف.
وظاهر الآية بلا شك يفيد أن المنطلق في سفر الإسراء كان من المسجد الحرام.
سادسا: لقد كان الهدف من هذا السفر الإعجازي أن يشاهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آيات العظمة الإلهية، وقد استمر سفر الإسراء إلى المعراج صعودا في السماوات لتحقيق هذا الغرض، وهو أن تمتلىء روح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر بدلائل العظمة اللإلاهية 2.
1-الإسراء : 1
2-الأمثل في تفسير الكتاب المنزل الشيخ مكارم الشيرازي ج8ص283-285.