يتم التحميل...

الموضوع: الهزيمة النكراء لأمريكا في صحراء طبس-مقارنة الثورة الإيرانية بسائر الثورات‏

خطاب

الحاضرون: قادة حرس الثورة الإسلامية

عدد الزوار: 29

التاريخ: 12 ارديبهشت 1359 هـ. ش/ 16 جمادى الثانية 1400 هـ. ق‏
المكان: طهران، شميران، دربند
الحاضرون: قادة حرس الثورة الإسلامية

‏‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

روح الاستشهاد لدى شبابنا

إن البهجة لتغمرني حينما أراكم أيها الشباب، وأنتم تعملون بصدق واخلاص للإسلام وتعرضون أنفسكم لخطر الموت. أشعر بالفخر لوجود مثل هؤلاء الشباب الراشدين الملتزمين بين المسلمين. ولهذا يجب أن لا نخشى الأقوياء الذين لا يتوكلون على الله بل على الرشاشات. الخوف لمن لا يكون مستعداً للشهادة.

روي أن سيدنا علي بن الحسين قال لأبيه في كربلاء - ما يقارب هذا المعنى - حينما قال لهم أنكم سوف تقتلون، قال لسيد الشهداء: أولسنا على الحق؟ قال: بلى، قال: إذن لا نبالي بالموت 1.

الذي يكون على الحق والذي يعتقد أن لهذا العالم كله مدبر هو الله، وأن عالم الطبيعة أدنى العوالم - ذكر في القرآن الكريم بأنه عالم الدنيا، الدنيا أي المنخفضة - إذا كان المقرر أن يكون منزل الشهيد في الملأ الأعلى، فممّ يخاف؟ أمثال كارتر يجب أن يخافوا لأنهم لا يعتقدون بهذه الأمور.

الذين يجب أن يخافوا هم من لا غاية لهم سوى الاستيلاء على السلطة بضعة أيام وليمارسوا جرائمهم، أما شبابنا المؤمنون بما وراء الطبيعة، والذين يعتبرون الشهادة فوزاً لهم فلا يخافون شيئاً. لنفترض أن أولئك الأقوياء لديهم من القوة ما يتيح لهم أن يهجموا ويقتلوا وينسفوا كل شي‏ء، مع ذلك ينبغي أن لا نخاف لأننا على الحق.

انتهاك القوانين الدولية من قبل أمريكا في طبس‏

والحال أن القضية ليست بهذا الشكل. أراد السيد كارتر منذ اليوم الأول أن يفرض علينا إرادته بصراخه وضجيجه، إذا كنتم تتذكرون، في بداية ذهاب شبابنا واستيلائهم على‏ وكر التجسس، راحوا يشيعون بعض الأمور. كانوا يُملُون أموراً وينشرها عملاؤهم في إيران فكانوا يقولون مثلًا (من المقرر أن يأتوا إلى وكر التجسس وينزلوا مظليين ويخدروا هؤلاء ويدخلوا ويفعلوا كذا وكذا، أو يخدروا كل طهران). وحينما لاحظوا أن أحداً لا يهتم لهذا الكلام تبين أن القضية ليست كذلك. والآن وقد اختبروا ما شاء لهم الاختبار وجاءوا بتجهيزاتهم التي يقال أنها كانت كثيرة وهبطوا في إيران، تلقوا ضربة سياسية عنيفة وضربة معنوية. جاؤوا بشبابهم إلى هنا لكي يقتلوا. ويبدو لي أن عدد القتلى أكثر مما يقولون. بعض الذين ذهبوا إلى هناك وشاهدوا المكان، قالوا: إن الأمر ليس كما زعموا، بعضهم احترقوا إلى درجة أنه لم يبق منهم من الأثر إلا قليلًا.

مثل هذا المجرم يبعث شباب بلاده إلى هنا للإجرام. هذا الرجل الذي يصرخ دائماً أنكم انتهكتم المعاهدات الدولية، هو نفسه انتهك معاهدة دولية إذ أدخل عسكريين الى بلد مستقل. هذا أحد انتهاكاته للحقوق الدولية. انتهك المعاهدات الدولية. والهيئات الموجودة في العالم على كثرتها لا تنتقده. وطبعاً كثرت الانتقادات الآن بسبب هذه القضية التي خسر فيها، ولكن اعلموا أنه لو كان قد نجح لانقلبت كل هذه الانتقادات ثناءً ومديحاً.

استعداد الشعب الإيراني لمواجهة المعتدين‏

على كل حال نحن لا نخاف من هذه الأعمال الإرهابية. أنا لا أقول أن لدينا قوة تسليحية كبرى نستطيع أن نواجه بها كل القوى. نحن لا نقول هذا الشي‏ء. ربما كان لهم من القوات المسلحة ما يساوي نفوس إيران. افترضوا أننا نقول نحن نتوكل على مبدأ معين. وبالاتكال على ذلك المبدأ لا نخاف الموت. وغاية ما تقومون به هو أن تأتوا وتقتلونا جميعاً. وهو الشي‏ء الذي طالما طلبه مني شبابنا أن أدعو لهم بالاستشهاد. الذي يقول ادعُ لي كي استشهد، لن يخاف من أن يبعث السيد كارتر من يستشهد على يديهم. إذن، لا خوف من هذه الأمور إطلاقاً. كونوا أقوياء. كونوا مقتدرين. توكلوا على الله.

حينما يتوكل أحدكم على الله تبارك وتعالى يستطيع أن يجابه جماعة منهم. وهم إذا ارتكبوا يوماً ما حماقة، وهجموا على إيران، سوف يفتك بهم شبابنا هؤلاء بأظافرهم وأسنانهم. ولن يتركوا حتى واحداً منهم ينجو بنفسه. ولو أن ما فعله كان قد وصل إلى حيث يدخلون إلى طهران والى وكر التجسس، عندئذ كانوا سيفهمون مع من يتواجهون. على كل حال، أنا أشكركم أنكم بادرتم من أنفسكم من دون أن يدفعكم أحد سوى الله، وهذا هو ما ينبثق من المبدأ الإلهي، أنتم نزلتم الى الساحة بأنفسكم. لم يفرض ذلك عليكم أحد. ظهر حرس الثورة دفعة واحدة في كل إيران. لم تكن هناك جمعية تذهب وتسجل أسماء هؤلاء واحداً واحداً وما شاكل، لا، كانت القضية قضية إلهية. حينما شاهدوا أن القضية تتعلق بالحفاظ على البلد الإسلامي وفيها طاعة الله، لاحظنا التدفق والغليان فجأة من أقصى البلاد إلى أقصاها. تدفقوا من صميم الشعب المسلم ونظموا الأمور بأنفسهم.

نعم الشي‏ء الذي يجب أن أقوله لكم أيها السادة قادة هذه التجمعات هو أن تعملوا لتحولوا دون ما يدنّس هذه النهضة. أنكم الآن فصيل من الجنود الإلهيين. أنكم جند الله. أنتم جيش الله. من يكون في جيش الله، إذا عمل ما لا يرضي الله لا سمح الله، سيقال عندها أن هؤلاء مثل من سبقهم وما أن استولوا على السلطة حتى راحوا يضطهدون الناس ويؤذونهم، وأن هؤلاء أيضاً يسرقون أموال الناس لا سمح الله. يجب أن لا يكون الأمر كذلك. أوصوا شبابكم. ابلغوا سلامي للجميع وأوصوهم بأنكم أيها الشباب جنود الله. أنكم يد الله. اعملوا ما يعزز من شموخ إيران في العالم، ويرفع رأسنا أمام الله، وتكونوا أنفسكم مرفوعي الرأس عند الله.

لا تكن الأمور بحيث تعيبنا الشعوب والآخرون بأن أيديكم كانت مغلولة، وحينما أطلقت أيديكم أصبحتم كمن سبقكم. بيّنوا لهم أننا لم ننهض ولم نتحرك في سبيل الدنيا، وإلا ليس من المعقول أن يضحي الإنسان بنفسه من أجل الدنيا. يحرص على حياته كي يبتلع الدنيا. أنتم الذين تعرضون أنفسكم للخطر، إذا أراد شاب منكم، أو إذا وجدتم جاهلًا بينكم قام بما يخالف القيم، اردعوه وصدوه بأنفسكم وانصحوه. لا تسمحوا أن يقال في العالم أنهم حينما تولوا الأمور فعلوا كذا وكذا. أتمنى أن يؤيدكم الله وأن يكون في عونكم، وأن تتقدموا إلى الأمام باقتدار. إنكم تتكلون على مصدر قوة تفوق القوى الأخرى. تقدموا بهذه القوة إلى الأمام وأنتم منتصرون والحمد لله.

مقارنة الثورة الإسلامية بسائر الثورات‏

أتمنى أن يكون النصر حليفكم حتى النهاية. واعلموا أن ما حدث في إيران، لم يحدث على مر التاريخ. في كل هذه الثورات التي حدثت في العالم كثورة أكتوبر، والثورة الفرنسية، وسائر الثورات التي وقعت في بلدان اصغر، لم تكن بهذه السهولة واليسر. فقد أخبرني المرحوم (قرني) 2 رحمه الله، بعد انتصار الثورة ان المواجهة ما بين الشعب والحكومة استغرقت ثلاث ساعات ونصف. انتصروا خلال ثلاث ساعات ونصف. هذه حالة نادرة جداً في العالم أو أنها فريدة هذا أولًا. والأهم من ذلك أنكم بعد أن انتصرتم لم تحدث تلك الأمور التي تحدث بعد الثورات الأخرى. حينما تقع ثورة، ينزلون أولًا ويقتلون عدداً كبيراً من الأشخاص قد يصل أحياناً إلى مليون شخص. في القائمة التي قدموها لي ولا أتذكر الآن، ولكن جاء فيها أنه قُتل في الثورة الفلانية مليون شخص وسجن مليون ونصف، وتمت السيطرة على كل الصحف وكل‏ الإذاعات وكل الأشياء، واغلقت ابواب كل الاحزاب. وأول ما يفعلونه هو خنق كل من يحتملون أن صوته سيرتفع.

أما حينما وقعت الثورة في إيران، فقد سمحت لكل الأحزاب وكل الصحف وللجميع أن يقولوا كل ما شاؤوا على مدى خمسة أشهر. وكانت كل الطرق مفتوحة أمام الجميع للتنقل بحرية. وهذا ما لا سابق له في العالم. و كان ذلك لأن هذه الثورة ثورة إسلامية. الشعب نفسه هو الذي ثار. الشعب المسلم نفسه هو الذي ثار. لم يكن انقلاباً ولا شخصاً قوياً ينحّي شخصاً قوياً آخر، أو قائد جيش يقضي على رئيس جمهورية مثلًا. لم يكن الأمر هكذا. الشعب هو الذي ثار وكانت جميع الأمور في يده. وشعبنا كان مسلماً متأدباً بالآداب الإسلامية. وحكومتنا كانت لها آدابها الإسلامية فلم تقع مثل تلك الأمور والمجازر. عدد محدود يعرفهم الجميع ويعرف اعمالهم؛ هرب بعضهم وبقي الآخر، فقبض عليهم وحاكموهم. وفي السجن حينما سألت قالوا لي أن وضعهم جيد في السجن، ومكانهم جيد. حاكموهم؛ فمن كان منهم قد قتل الناس أو له قضاياه وأموره الخاصة، فقد نال جزاءه. هذا شي‏ء لا سابق له في العالم. من ناحية أخرى مضت على الانتصار سنة وشهران أو ثلاثة. خلال هذه الفترة تم اصلاح كل الأمور. وطبعاً ثمة بيننا عدد من الشياطين وعدد من الفضوليين في إيران هم بقايا أولئك، بقايا أولئك الذين قتلوا أو هروبوا. من انصار الشاه مثلًا. هؤلاء مجموعة، ولكنها مجموعة لأنها انتزعت منها السلطة، وسلبت مصالحها، فهي تمارس أعمالها العدائية بنشاط.

يجب على الجميع، أن يشخّصهم ويردعهم لكي تنتهي المشكلة. في البلدان الأخرى لم يستطيعوا ترتيب كل الأمور، حتى بعد ثلاثين أو أربعين أو خمسين سنة من الثورة. لم يستطيعوا سن دستور للبلاد. أما إيران فعينت رئيساً للجمهورية وعينت دستوراً، وصوت الشعب لصالح الجمهورية الإسلامية، وأسست مجلس خبراء، ودونت القوانين، وأنجزت كل المهمات. و ترون أنها أجرت انتخابات، وهناك انتخابات أخرى ستجري بعد عدة أيام. إن بعض الدول تفتقد إلى القانون رغم مضي عشرين عاماً أو عشرة أعوام على الانتصار. يجلسون سوية ويتخذون القرارات. علينا أن لا نخاف هذه الأشياء. وهؤلاء الذين يتدخلون في كردستان مثلًا، أو الحكومة العراقية التي تواصل هجماتها، هذه الأمور ليست ذات أهمية. هذه ليست أموراً تستحق الذكر تقريباً ففي الوقت الذي طردتم مثل تلك القوة من إيران وكانت كل قوى العالم سنداً لها، لن يخيفكم حفنة أشخاص فضوليين يرتكبون المخالفات، أو يذهبون إلى الجامعة ليقوموا ببعض الأعمال الصبيانية الشريرة. وطبعاً يجب أن تكون آدابنا آداباً إسلامية. وأن نراعي جميع الاعتبارات الإسلامية. كلكم راعوا هذه الاعتبارات، وسيمن الله عليكم إن شاء الله بالسعادة والنصر وتصلح جميع الأمور، وتكون بلادنا بلاداً إسلامية تسعد فيها كافة الشرائح. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

روح الله الموسوي‏

* صحيفة الإمام، ج12، ص:227,224


1- بحار الانوار، ج 44، ص 367.
2- الشهيد ولي الله قرني، أول رئيس لأركان الجيش بعد انتصار الثورة الاسلامية.

2011-05-23