الموضوع: العوامل المؤثرة في انتصار الشعب، سيادة الإسلام في ايران
خطاب
الحاضرون: جمع من عشائر محافظة اذربيجان الشرقية، ومنتسبو الدائرة المالية في محافظة كرمان
عدد الزوار: 127
التاريخ: 28 شهريور 1358 هـ. ش/ 27 شوال 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: جمع من عشائر محافظة اذربيجان الشرقية، ومنتسبو الدائرة المالية في محافظة كرمان
بسم الله الرحمن الرحيم
هدفا الثورة
أتقدم بالشكر للسادة والاخوات الذين قدموا من أماكن بعيدة وتحملوا مشاق السفر للقائي في هذه الغرفة المتواضعة، كي يتسنى إثارة بعض الموضوعات التي سبق لي أن أشرت اليها في مناسبات عديدة وأعيد طرحها الآن.
كان هدفنا من هذه الثورة أمرين، احدهما أصلي والثاني فرعي، أحدهما مقدمة والآخر هدف! كانت المقدمة هي ازاحة الجماعات والاشخاص التابعين وعلى رأسهم في الداخل محمد رضا، وفي الخارج أميركا، وكان هناك آخرون غير أن هذين الاثنين اكثر تأثيراً من الآخرين، حيث كانوا لا يسمحون لطاقاتنا البشرية بالنمو، ولثقافتنا كي تكون ثقافة صحيحة. فكان الأميركان يخططون، ويعمل الشاه على تنفيذ مخططاتهم دون أدنى اعتراض. وقد تكرست جهودهم للحؤول دون تطور هذا البلد واصلاح اوضاعه. إذ كان هدفهم جعل ايران سوقاً لاميركا. وكان الشاه يرى بقاءه مرهوناً بالانصياع لأميركا، ولذلك كان ينفذ كل ما يطلب منه ويطيعهم طاعة عمياء. وقد تمت هذه المقدمة والحمد لله بجهود الشعب وجميع الفئات.
الدافع الإسلامي والوحدة سرّ انتصار الثورة
وكان هناك عنصران مؤثران في هذا الانتصار الذي تحقق لشعبنا: أحدهما- والذي هو أسمى من كل شيء- هو أن الحافز للجميع كان الإسلام وهدف الجميع كان إلهياً والشعارات والهتافات كانت اسلامية. والغاية إزاحة اولئك المعارضين للاسلام لكي يتحقق الهدف الحقيقي. وبناء على هذا كان هتاف الجميع هو أننا نريد الإسلام ونرفض الشاهنشاهية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد استتبع ذلك وحدة جميع الفئات، بمعنى أن الشعب نهض من أقصى البلاد الى اقصاها، ولم يعبأ الأفراد بمصالحهم الشخصية وانصبّ اهتمامهم على هدف واحد. إذن فإن سرّ انتصارنا هو الإيمان ووحدة الكلمة لدى مختلف الفئات. لقد كان الانتصار معجزة وما كان ليتحقق لولا إرادة الله تبارك وتعالى!
فكل الوسائل الحربية كانت بيد معارضينا ومعارضيكم وأعداء الشعب، ومن جهة أخرى كانت تدعمهم كل الدول، أميركا والاتحاد السوفييتي وبريطانيا، حتى الحكومات الإسلامية كانت تساندهم، ولكن الله تبارك وتعالى كلّ كل الحراب، لقد تسرب الخوف الى قلوب زعمائهم بإرادة الله تعالى، وجماعة منهم كانت مؤمنة التحقت بالشعب! والله ينصر الإسلام أحياناً بهذا الرعب. وهذا نصر وهبنا الله إياه ولم نكن نملك شيئاً.
لم يكن شعبنا عسكرياً ولم يكن لدينا أي شيء من وسائل الحرب. وكل ما كان فهو بأيدي الأعداء. فالقوة والدراسات العسكرية وكذلك كل الامكانيات كانت لديهم! كان بإمكانهم أن يدعوكم عطاشى بمجرد قطع الماء والكهرباء عن طهران او المحافظات، ولكن الله ثناهم عن ذلك وقام بعمل بحيث لم يتمكنوا من الاستفادة من الحراب التي كانت بأيديهم. وكيفما كان هذا الانتصار، فإن الشيء المهم فيه هو عجز العدو عن العمل نتيجة الخوف او الانصراف! لذلك فقد أحبط الله كيدهم في تلك الليلة التي أرادوا فيها أن يقوموا بانقلاب عسكري، وفي نهار ذلك اليوم الذي أعلنوا فيه الأحكام العرفية، حيث إنه لم يستجب الشعب لأوامرهم وهرع الى الشوارع، فهذا ما تحقق بيد غيبية ونصركم الله تعالى!
تطهير دوائر الدولة من المنحرفين
ونحن الآن في منتصف الطريق، أي إننا أزلنا الموانع ولن تستطيع هذه الجذور العفنة أن تكون مانعة من بعد! ولكن المطلوب حالياً هو البناء والتطهير، فبلادنا الآن خليط من الأشخاص الجيدين وغير الجيدين ممن يتظاهرون بالصلاح. ولما كان الوضع سابقاً لصالح الشاه فقد كانوا اتباعاً له، والآن وقد مالت القوة الى الجانب الآخر فإن هؤلاء غيّروا مواقفهم، وستصلح هذه الأمور إن شاء الله، لكن لابد من التحلي بقدر من الصبر! إننا الآن لا نملك قانوناً رسمياً على أساس الإسلام وليس لدينا رئيس للجمهورية ورئيس لمجلس الشورى الوطني، ولابد أن نوجد ذلك إن شاء الله. يجب على الأشخاص الجيدين من جميع الفئات ان يساهموا في العمل، وليساهم ايضاً أولئك الذين صلحوا او ربما تابوا، ولكن أينما وجد أشخاص يعرقلون الأعمال وغير صالحين ولا يتوبون فليعتزلوا! ويجب أن تنجز هذه الاعمال بالتدريج.
والمهم هو أن تحافظوا على هاتين الصفتين اللتين اوصلتكم الى هنا! أعني حينما كنتم تنزلون الى الشوارع إبان الثورة وتصعدون الى سطوح المنازل، وتتصدون للدبابات والمدافع، ولم تفكروا آنذاك بأنكم موظفون في الحكومة وإن رواتبكم قليلة، أي أن الهموم الشخصية وتولي زمام الأمور من يعيد لهذه البلاد هويتها الإسلامية والانسانية. وعلى الرغم من كل ما تحقق، فإننا لازلنا بحاجة للمسيرات والتظاهرات عند الضرورة لمواصلة مسيرة الثورة.
الهدف سيادة الإسلام
لا تدعوا هذه الثورة وتلك العوامل التي حققت انتصارنا، تضعف! وينبغي أن يكون ماثلًا في أذهاننا حتى النهاية هذا الاهتمام بالهدف وهو أن يسود الإسلام في البلاد، وإذا ما كان النظام اسلامياً فلا ينبغي الخوف من أي شيء! ذلك لأن الإسلام رؤوف بالجميع، لقد جاء الإسلام لانقاذ الانسانية من الاعوجاجات والانحرافات. لقد كان نبي الإسلام (ص) يتألم لأجل الناس ولأجل الكفار الذين لم يسلموا! وإذا ما طبق الإسلام تحققت كل آمالكم وأمانيكم. إن الإسلام يصر على كل رقي وتطور صناعي، ولكنه يرفض الفساد! إن الإسلام يرفض تبعيتكم للآخرين، ويدعو كي لا تكون صناعتنا وزراعتنا وثقافتنا تابعة.
هدف المستشارين الاجانب
وينبغي أن لا يتولى المستشارون الاميركيون اصلاح نظامنا. إنهم لا يريدون ذلك وإنما يبغون في الواقع تدميره! فجامعاتنا تعج بالتبعية، فلنحرر انفسنا من التبعية الفكرية! لقد أوحى لنا الإعلام بأننا نحن لا شيء وتافهون وأن الشرق والغرب هما كل شيء.
لقد حاولوا عبر دعاياتهم التي استمرت على مدى قرون عديدة واشتدت حدّتها في الفترة الأخيرة، اقناعنا بأننا لا شيء حقاً وكل ما لدينا إما من الغرب او الشرق. وفرضوا على شبابنا هذه الافكار المهزومة.
ثقافتنا ثقافة غنية
لقد ضيع شبابنا المخدوعون أنفسهم. إنهم لا يستطيعون ان يدركوا بأننا بلاد يجب أن يكون لنا استقلال وثقافة وأن ثقافتنا غنية. إنهم يقولون بأننا لابد أن نكون تابعين لهذه البلاد مثلًا او تلك، لأنهم ربوا عقول أبنائنا منذ الصغر خلال فترة الخمسين سنة الأخيرة (من حكم الأسرة البهلوية) تربية تبعية! لقد ربّوا اطفالنا وعلموهم بنحو جعلهم تابعين للغرب وثقافته، ومثل هؤلاء الشباب لا يستطيع أن يدرك بأننا بشر أيضاً كغيرنا من شعوب العالم. ولهذا يصرون على تبعيتهم وانصياعهم للغرب.
الفكر الايراني الإسلامي بدلًا من الفكر المتغرب
إن ما هو ضروري للشعب قبل كل شيء أن نغسل هذا الدماغ الاوروبي او الشرقي ونستبدله بعقل ذاتي وإسلامي إنساني لكي نخرج من اطار هذه التبعية الثقافية والفكرية! وإذا ما خرجنا من إطار التبعية الفكرية، فسوف تنتهي كل التبعيات. إن أساس التبعيات هو وقوعنا في دائرة الفكر التبعي، وإن تفكيرنا لا يمكن أن يستوعب أننا أصحاب ثقافة وبلاد غنية! إننا نمتلك كل شيء، وبلادنا مؤهلة لاستيعاب مائة وخمسين مليون نسمة، وها نحن الآن بضعة وثلاثون مليون نسمة (في ايران) ونعيش حياة الضياع مع الأسف. كانوا لا يريدون لكم الاستفادة من ثقافتكم واقتصادكم. لقد دمروا كل ما لدينا لكي نمد دائماً يداً الى أميركا ويداً الى الاتحاد السوفيتي ويسلبوا كل ما لدينا ونحن لا نعي! بل ولكي ينزعج العديد منا- وحتى أولئك الذين يدّعون الثقافة- من كفّ أيدي الأميركيين عنا، لأن فكر هؤلاء المثقفين- لا أقول جميعهم وإنما الكثيرون منهم- ليس فكر إنسان شرقي وإنما فكر انسان اوروبي وعقلهم وقلمهم اوروبيان ايضاً. كما أنهم لا يستطيعون التفكير بأننا بشر، وإنما يقولون بأننا مازلنا لا شيء! (إننا لسنا أهلًا لأن نتمتع بالحرية)!
منطق كارتر
وكان هذا هو منطق الشاه، وأخيراً كان كارتر يقول: (لقد كان مبكراً منح الحرية لهؤلاء!) لقد كانوا يقولون: إن الإيرانيين لا يتمتعون بالنضج الكافي لكي يتمكنوا من انتخاب النواب!. كيف لا يتمتع الإيرانيون بالنضج؟! بينما هؤلاء النساء والرجال هم الذين ألقوا بأعدائهم والقوى العظمى خارجاً كما ترمى النفايات! أنتم الذين لا تمتلكون النضج لتدركوا نضج الايرانيين! أنتم لا تمتلكون النضج ولا تستطيعون الإدراك بأن الإسلام هو الذي قد دفع المرأة والرجل الى الشوارع ليواجهوا الدبابات والمدافع وكل تلك القوة، وبعث بها الى جهنم! فلو لم يكن شعبنا يمتلك النضج هل كان يقيم هذه التظاهرات من اجل شيخ كبير له من العمر نيف وسبعون عاماً «1» تكريما لخدماته؟! هذا هو النضج والادراك بحيث يحترم الشعب ويقدر كل من يقدم له خدمة.
تكريم السيد الطالقاني
لقد كرمتم السيد الطالقاني لأنه كان عالماً يعمل بعلمه ويحمل همّ الجماهير، وليس لأنه كان مثقفاً غربياً أو ديمقراطياً! إن الجماهير لا تعرف ما هي الديمقراطية، وإن أولئك الذين يعرفونها إنما يدركون أنها فكرة خاطئة! لقد اقتضى النضج الجماهيري احترام السيد الطالقاني باعتباره كان يعاني من اجل الجماهير وقد أودع السجون لأنه كان عالماً يحمل همّ الجماهير، والآن فليقل الكتّاب ما يشاؤون! لقد هرعت الجماهير الرشيدة الى الشوارع تلطم رؤوسها والصدور هاتفة بأن العالم ونائب النبي قد ارتحل من الدنيا! فليقل المثقفون ما يحلو لهم بأنه كان من (الجبهة الفلانية) «1» ولذلك كرموه! بينما لم تكن الجماهير تعرف هذه الجبهة من الاساس! حسناً، فإذا مات رئيس تلك الجبهة فهل يقرأ أحد الفاتحة عليه؟! كان هذا (التكريم للطالقاني) من أجل الإسلام، وضجيج الشعب لله! وكل هذه التضحيات من أجل الله.
فهل الجماهير قدمت كل هذه الدماء لكي تنخفض اسعار بعض السلع في ايران مثلا؟! فهل الشيطان سلب عقولهم كي يضحوا بأنفسهم بلا معنى؟! إن أبناء شعبنا يأتون ليقولوا ادع لنا كي نستشهد! لأنهم يدركون بأن الشهادة فوز، إنهم يمتلكون النضج.
تحذير للمثقفين المتغربين
ينبغي لهؤلاء السادة الذين ذهبوا الى الخارج بضعة ايام- ولا يعلم إن كانوا قد درسوا شيئاً- ألّا يتصوروا ان النضج ملك لهم! إن أبناء شعبنا يتقدمون بصراحتهم الذاتية هذه وبوضوح افكارهم التي لم ترتبط بالغير او الغرب، وبهذا الوضع سينتخبون نوابهم ورئيس الجمهورية، فليقل هؤلاء الكتّاب ما يشاؤون! فلم يعد لهم مكان في هذه البلاد مالم يصلحوا أنفسهم! إنهم لو رجعوا والتحقوا بالجماهير فمن الممكن ان يستفيدوا كسائر الأخوة من هذه الثقافة والبلاد بما يملكون من مؤهلات ويكونوا إخوة للجميع. أما إذا قالوا بأن شعبنا لم ينضج بعد لكي يكون حراً، أو ان ينتخب النواب، وإنه بحاجة الى قيّم، فهذا هو الكلام الذي تريده اميركا! حسناً، فمن يجب أن يكون ذلك القيّم؟ فهل هم المستشارون الاميركيون؟! إنهم لا يدركون ما يفعلون؟! إنهم يُهينون هذا الشعب الرشيد الذي وصل بالأمور الى هذا الحد وسيصل الى نهاية الشوط في النهاية. إن هؤلاء لا يدركون الى الآن ما هو هذا الشعب وما هي مؤهلاته؟!
مشاركة العشائر في حماية الحدود
أسأل الله تبارك وتعالى كما منّ عليكم بالتوفيق للوصول الى هنا وزالت العقبات- بحيث لم يعد هناك احتمال لعودة (صاحب الجلالة آريا مهر) ولا لأميركا كي تحكمنا ثانية- أن يوفقكم لعمليات التطهير ولتصفية الأمور وإعادة البناء بأنفسكم وبقوة! وأن يقوم السادة من أبناء العشائر الحدودية بحراسة حدودهم بأنفسهم! إننا نطيعكم جميعاً وأنا أيضاً مطيع لكم، ولكننا جميعاً مطيعون لله! وان الله تعالى يدعوكم للذود عن الحدود وصونها. فحافظوا على هذه الحدود ولا تسمحوا بنفوذ المسلحين الأشرار. قدّموا يد العون للحكومة في المناطق التي تتواجدون فيها، وليقم شبابكم بمساعدة الحكومة في فرض سيطرتها على الحدود والحؤول دون تهريب الاسلحة والمخدرات.
أيها السادة أينما كنتم ساعدوا هذه النهضة وحافظوا عليها لكي تبلغ أهدافها إن شاء الله، ولتكن بلادنا بلاداً اسلامياً، طاهرة سليمة، هادئة ومرضية ترفل بالرفاه والأمل! وأنا أدعو لكم وبخدمتكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج10، ص:44,39
1- اشارة الى آية الله الطالقاني.
2- اشارة الى الجبهة الوطنية.