الموضوع: أهمية دور الاذاعة والتلفزيون
خطاب
الحاضرون: السادة: صادق قطب زادة (رئيس مؤسسة الاذاعة والتلفزيون)، موسويِ (ممثل سماحة الإمامفي الاذاعة والتلفزيون) وجمعٌ من المسؤولين والعاملين في تلفزيون الجمهورية الإسلامية
عدد الزوار: 84
التاريخ 12 مهر 1358 هـ. ش/ 12 ذي القعدة 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: السادة: صادق قطب زادة (رئيس مؤسسة الاذاعة والتلفزيون)، موسويِ (ممثل سماحة الإمام في الاذاعة والتلفزيون) وجمعٌ من المسؤولين والعاملين في تلفزيون الجمهورية الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
ضرورة حاكمية الإسلام في كل الامور
أمر حسن أن الجميع موجودون هنا الآن، والسيد قطب زادة حاضرٌ ايضاً. كنت قد نبهت مراراً إلى أن (الجمهورية الإسلامية) ليست مجرد لفظة خالية من المحتوى، بل يجب أن يكون لها محتواها مترجم على أرض الواقع وذلك بأن تصبح جميع أجهزة الدولة ودوائرها ومختلف قطاعاتها إسلامية، فإذا ما كانت محاكمنا ومؤسساتنا غير إسلامية، وحيثما نظرت لا وجود للإسلام، فمعنى هذا فشل هذه الثورة واخفاقها، وأن حالنا أسوأ من ذي قبل، لأن النظام السابق كان نظاماً طاغوتياً ومخالفاً للاسلام ولا ينتظر من مؤسساته أن تكون سوية وتراعي الشؤون الإسلامية. أمّا نظامنا الآن فهو نظام اسلامي وينتظر منه الشيء الكثير وأن أي انحراف في مؤسساته سيعطي صورة سيئة عن الإسلام بأسره.
الدور الحساس للاذاعة والتلفزيون
لاسيما الاذاعة والتلفزيون، فإن وضعها يختلف عن المؤسسات الأخرى، فمن الممكن أن تصدر بعض الانحرافات عن وزارة ما ويبقى الناس غافلين عنها سنوات عديدة، أما الاذاعة والتلفزيون فإنهما بمجرد بثهما لشيء مخالف الشرع أو يتعارض مع توجهات الشعب، فإن كل البلاد ستعلم به في وقته- لا سيما وأن أجهزة الراديو والتلفزيون باتت موجودة في كل مكان تقريباً- وهذا ما يجعل هذه الاجهزة خطيرة للغاية خصوصاً وأن عيون وآذان الملايين ترقبها، هذا بالاضافة إلى الكثير من المحطات الخارجية التي يمكن للراديو ان يبثها على مختلف الموجات، فإذا ما بثت أموراً مخالفة للشرع وتتعارض مع توجهات الإسلام والشعب، فإن خطرها سيكون أعظم بكثير من خطر انحراف هذه الوزارة أو تلك. لأنه عندها ستعلم كل إيران وحتى الدول الأخرى بهذه الانحرافات، سيسعى المغرضون لانتهاز الفرصة والترويج إلى أن النظام الشاهنشاهي لم يسقط منه إلا الاسم وأن محتواه لا يزال باقياً، وأمثال هذه الدعايات المغرضة لتوتير الاجواء واضعاف الثورة من خلال زعزعة ثقة الناس بالحكومة، وتضخيم الأمور وتلبيسها على الناس. وهم بذلك لا يستهدفون الاذاعة والتلفزيون وانما أصل الإسلام وهنا تكمن الفاجعة. ففي عهد النظام الطاغوتي البائد كان كل ما يرتكب من مفاسد وانحرافات ينسب إلى النظام على اعتبار أنه نظام فاسد ومخالف للاسلام، وبذلك كان الإسلام في مأمن. من خطر الاتهام.
أما اليوم فإن أى انحراف يرتكب سيجعل نظام الجمهورية الإسلامية وحتى الإسلام عرضة لخطر الاتهام. لذا علينا أن ندرك مدى جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقنا. وأن تبعات الانحرافات والمفاسد التي ترتكب في نظام الجمهورية الإسلامية أخطر بكثير من مثيلاتها في الأنظمة الأخرى.
إن هكذا مؤسسة حساسة وخطيرة وواسعة التأثير اذا ما قامت ببث وعرض برامج منحرفة أو مخالفة للتوجه الإسلامي أو تتعارض مع تطلعات الشعب، فإن الأعداء لا يقولوا أن التلفزيون أو الاذاعة منحرفان، وإنما سيوجهون أصابع الاتهام إلى النظام الإسلامي. لذا فإن سمعة الإسلام ومصداقية الجمهورية الإسلامية مرتبطة بعمل هذه الاجهزة والمؤسسات لا سيما مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الأخطر من بقية المؤسسات. لذا علينا أن نسعى لصون الإسلام وسمعته، من خلال العمل الدؤوب والاستقامة والتفاهم فيما بيننا.
أهمية التفاهم والأخوة بين المسؤولين
ان أي اختلاف على صعيد الاذاعة والتلفزيون، سيكون له أثاره السلبية والخطيرة وسيصب غالباً قي مصلحة أعداء الإسلام، لذا عليكم اجتناب الاختلاف، فجميعكم مسلمون، وتريدون خدمة الإسلام والشعب، فلا تخلقوا المشاكل فيما بينكم مما ينعكس سلباً على اداء هذه المؤسسة ويجرها نحو الانحراف. بل اسعوا جاهدين لترسيخ أواصر الأخوة والمحبة والتفاهم فيما بينكم، واعملوا بروح أخوية في انجاز مهامكم، فإنكم جميعاً أتباع دين واحد، ونهجكم واحد. فعندما تجتمعون معاً وتتعاونون على انجاز ما تودون عمله، فإن الأعمال ستنجز بشكل أسرع، وعلى نحوٍ أفضل. اما اذا دبّ الخلاف وراحت كل فئة تعمل على هواها دون أي تنسيق، فلن يكون هناك أي انجاز يذكر، وحتى ان وجد فسيكون رديئاً. لذا فمن الأعمال المهمة جعلكم هذه المؤسسة مؤسسة توحيدية، وان تجتمعوا على العمل معاً لأجل الله.
الاذاعة والتلفزيون مؤسسة إسلامية تثقيفية
وإذا ما وجدت عناصر تريد الاخلال والعمل على خلاف التوجه الإسلامي فإن عليكم اقصائهم جانباً ولكن بالتدريج دون اللجوء إلى أساليب المواجهة العنيفة، حتى تصبح هذه المؤسسة مؤسسة إسلامية يبلّغ فيها للإسلام، مؤسسة تعمل على نشر التربية والوعي والثقافة في أوساط الشعب.
إن هذه الاجهزة التي ترونها، ويجلس لمشاهدة برامجها ملايين الناس من الأطفال والشباب والكبار وحتى الشيوخ والمسنين، اذا ما عملت على تقديم برامج تربوية وتثقيفية جيدة كعرض الأفلام والندوات والخطب المفيدة فإن أطفالنا الصغار. سيتلقون تربية سليمة منذ البداية. ولكن إذا كانت هذه البرامج فاسدة ومنحرفة- لا سمح الله- فإنهم سيتلقون ومنذ البداية، تربية فاسدة، ان هذه الاجهزة سلاح ذو حدين، ونفعها وضررها متوقف عليكم، فإن شئتم جعلتم منها وسيلة للوعي والتربية والثقافة. وان شئتم جعلتم منها أداة للفساد والانحراف والرذيلة. فهي أجهزة جذابة كثيراً تشدُّ الأطفال لرؤية ما تعرضه من أفلام ورسوم متحركة، وصور...، فإن كانت هذه الأفلام والبرامج مفيدة وتثقيفية ساهمت في تربية هؤلاء الأطفال تربية سليمة. وأن كانت فاسدة! ساهمت في حرفهم وافسادهم. وكذلك الأمر بالنسبة للكبار. لذا تقع على عاتق هذه المؤسسات والعاملين فيها، مسؤوليات جسيمة، الهية وأخلاقية ووطنية. واني أمل أن تتفاهموا، وتتحابوا وتتآخوا، وأن تزيلوا الأحقاد فيما بينكم. وأن توفقوا لإرشاد المنحرفين وهدايتهم عسى أن يعودوا إلى رشدهم، فإن لمستم عدم الجدوى من نصحهم، ويئستم من هدايتهم، فاعملوا على تنحيتهم جانباً ولكن بشكل تدريجي حتى تغدو هذه المؤسسة مؤسسة تربوية تثقيفية سالمة ونزيهة، تحرص على مصداقية هذه الثورة بفضل أعمالكم وجهودكم. وفقكم الله جميعاً، واني ادعو لكم وفي خدمتكم جميعاً، إن شاء الله.
* صحيفة الإمام، ج10، ص:155,153