الموضوع: التصدي لمخططات العدو الخبيثة- مراعاة الموازين الشرعية
خطاب
الحاضرون: علماء الدين في منطقة تجريش
عدد الزوار: 71
التاريخ: 19 مهر 1358 هـ. ش/ 19 ذي القعدة 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: علماء الدين في منطقة تجريش
بسم الله الرحمن الرحيم
ضعف العدو يتجلى في ممارساته الخبيثة
قضية شهداء الحرس الثوري قضية مؤلمة للغاية، والمؤلم أكثر هو هذه الدرجة من الانحطاط والتخلف الذي يخيم على المجتمع، وهذه الدرجة من الوحشية التي يتسم بها هؤلاء الأفراد الذين يرتكبون جرائم كهذه دون أدنى خوف من الله عز وجل.
لقد نزل الإسلام للجميع وخاصة الطبقات المحرومة والمستضعفة، ولكن هؤلاء المجرمين لا يعيرون ذلك اهتماماً أو لعلهم لم يفهموا الإسلام بعد، وليست لهذه الطبقة المحرومة أية أهمية في نظرهم. وفي الوقت الذي نشعر بأسى بالغ جراء هذه المأساة الدامية للقلوب، فإننا ندرك مدى حالة الضعف والتخبط التي يعيشها هؤلاء. لا تظنوا أنهم قادرون على تحقيق أهدافهم الخبيثة من خلال ارتكاب هذه الجرائم المروعة. إنهم مجرد لصوص يتوارون عن الأنظار وينتهزون الفرصة المناسبة لإرتكاب جرائم عدوانية كهذه، وكونوا على ثقة من أنهم لن يتمكنوا من بلوغ أهدافهم بل سيتكبدون هزيمة نكراء. لقد فر قادتهم وما تبقى منهم قد توارى في أوكار مظلمة يتحين الفرصة للانقضاض وارتكاب جريمة جديدة. ولكن سيتم القضاء على من تبقى منهم بإذن الله تعالى. وعلى شعبنا أن يتابع مسيرته بإرادة صلبة وهمة عالية كما في السابق.
إن الشعب الذي هز أركان الطواغيت ودك قلاع المستكبرين، لا يمكن أن يركع أمام بعض اللصوص وقطاع الطرق. إذاً فلا تقلقوا ولا تسمحوا للخوف بالاستيلاء على قلوبكم.
مواجهة الأعداء والحرص على حياة الناس الأبرياء
إننا قادرون على سحق هؤلاء المجرمين في بضعة أيام، ولكن الخوف من وقوع ضحايا في صفوف الناس الأبرياء يمنعنا من التدخل في كردستان بقوة. أذ أن هؤلاء الأوغاد يتوارون بين الناس ليصعب تمييزهم وملاحقتهم، ولو خرجوا إلى الجبال أو الغابات لتمكنا من القضاء عليهم.
ينبغي على إخواننا في كردستان أن يدركوا أن هؤلاء خونة يهدفون إلى إعادة البلاد الى عهدها السابق، لذا يجب تضييق الخناق عليهم ومنعهم من ارتكاب جرائم جديدة وابلاغ السلطات المسؤولة عن أماكن تواجدهم ليتم القبض عليهم ومحاكمتهم. أسأل الله العلي القدير أن يحفظ المسلمين من شر هؤلاء المفسدين والمجرمين.
تفويت الفرصة على الأعداء
على الجميع أن يقوم بواجبه على أكمل وجه للوصول إلى بر الأمان، وان العبء الأكبر يقع على عاتق المراكز التي تتحدث باسم الإسلام وبإسم الجمهورية الإسلامية كاللجان الثورية والحرس الثوري والمحاكم الثورية والسادة علماء الدين، لأنهم المسؤولون في الدرجة الأولى عن تحكيم الاسس الإسلامية وترجمة تعاليم الإسلام. ولو صدر عن أحد هذه المراكز، أو أحد العلماء الأفاضل، ما هو مخالف للاسلام، أو ما يوحي بذلك، لاغتنم الأعداء هذه الفرصة وعملوا على تشويه صورة الإسلام ومكانته في أذهان الناس.
ضرورة العمل بالموازين الإلهية والشرعية
تشن الصحافة الأجنبية هذه الأيام حملة إعلامية شرسة يقودها الذين تعرضت مصالحهم للخطر، من خلال توجيه سيل من الاتهامات الباطلة والحجج الواهية كقضية الاعدامات الأخيرة مثلًا أو غيرها من القضايا. طبعاً الضجيج الذي يفتعله الغرب أمر طبيعي بحد ذاته، ولكن ينبغي علينا الإلتزام بالموازين الإلهية والضوابط الشرعية كي لا يجد الأعداء أي حجة ومسوغ لتشديد حملته الشرسة تلك. لقد قرأت للتوِ رسالة وصلتني من أحد العلماء الأفاضل في شيراز يشير فيها إلى أن الكثير من الحدود التي تقام في مختلف أنحاء إيران لا تراعى فيها الموازين الشرعية. لذا فمن الأفضل تجنّب اقامة هذه الحدود إلى أن تتحقق الموازين الشرعية خوفاً من إرتكاب ما هو مخالف لما جاء به الشرع المقدس- لا سمح الله-. طبعاً من المفترض أن تقام الحدود تحت إشراف العالم المجتهد العادل طبقاً للموازين الشرعية التي لو أمعنا النظر فيها لوجدنا أنها قلما تتحقق. فعلى سبيل المثال ينبغي أن يشهد أربعة عدول بحالة الميل في المكحلة حتى يقام حد الزنا. فهل من الممكن تحقق ذلك؟ هذا فضلًا عن أنه يجب أن يقر بذلك أربع مرات وعلى القاضي أيضاً أن يعظه وينصحه ويبين له أن إقراره بذلك سيؤدي إلى إقامة الحد، ومن الممكن أن يكون قد اخطأ في ذلك، وهكذا نرى أن الشارع المقدس قد وضع شروطاً صعبة لتحقق ذلك.
مراعاة الدقة في إقامة الحدود الشرعية
إن إقامة الحد استناداً إلى بعض التكهنات والإتهامات والمزاعم، أمر مخالف للقيم والأهداف التي تنادي بها ثورتنا وسينزل علينا غضب الله وسخطه وسيسلب من الثورة قداستها ومكانتها وسيشوه صورة الإسلام.
لقد وضع الإسلام أسساً وموازين دقيقة لإقامة الحد ويجب أن يتم بإشراف عالم مجتهد وعادل.
ولا يحق لأي كان أن يقيم الحدود فيما يراه مناسباً بل يجب مراعاة الأسس والموازين الشرعية حتى لا تشوه صورة الإسلام وينتهز الأعداء ذلك للتشهير به. علينا جميعاً أن نراعي ذلك بدقة لأهمية الأمر وخطورته.
إننا اليوم أمام مسؤولية خطيرة جداً تتمثل في نشر الإسلام وإظهاره بصورته الصحيحة والجميلة لكي يجذب القلوب والأبصار، ولو فشلنا في ذلك لكان الفشل الأكبر والهزيمة الأبدية، لأننا ان لم نتمكن اليوم من التصرف بالطريقة المثلى فإننا لن نقوى على فعل ذلك بعد اليوم أبداً وفقكم الله جميعاً، كما أشكركم وادعوا الله لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج10، ص:195,193