الموضوع: السعي للتحرر من التبعية التآمر الأميركي ضد الشعب
خطاب
الحاضرون: المشرفون على مؤسسة جهاد البناء بمدينة قم
عدد الزوار: 53
التاريخ: 6 آبان 1358 هـ. ش/ 6 ذي الحجة 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: المشرفون على مؤسسة جهاد البناء بمدينة قم
بسم الله الرحمن الرحيم
إبعاد البلد عن عار التبعية
إنكم وكما ترون في حالة لم تسمح لي برؤية اخوتي القميين عن كثب كثيراً.. إني أكن لكم أيها الشباب محبة كبيرة وكذالك جميع شباب الوطن، ولكن وبما أن قم هي مدينتي ولدي فيها ذكريات عديدة، فإني اعرب لهؤلاء الأخوة عن محبتي الخالصة هذه.
على جميع أبناء الشعب أن يلتفتوا إلى هذه النقطة جيداً وهي أن البلاد باتت في أيديكم وأصبحتم أنتم أصحابها، لذا عليكم حفظها وصونها كما تحفظون وتصونون بيوتكم وممتلكاتكم. فالبلاد اليوم هي بمثابة بيت لكل واحد منكم، بيت لجميع أبناء الشعب خاصة الطبقة الكادحة التي تخدم الوطن بإخلاص.. علينا اليوم أيها الأحبة أن نعيد بناء هذا البيت المترهل، والاعتناء به.
إن مدينة قم الأبية كانت ومازالت السباقة في جميع الميادين، وهنا أجد من الواجب عليّ أن أوجه جزيل الشكر والامتنان للسيد آقازاده ولجميع الأخوة الذين ساهموا في النشاطات والفعاليات التي تفضل السيد آقازاده بشرحها والتي تصب جميعها في خدمة واعمار هذه المدينة.
علينا جميعاً، واينما كما، أن نعمل جاهدين لإعادة اعمار البلاد. لقد ذكرت سابقاً وأعود وأكرر بأنه لعار كبير على بلد يمتلك كافة مقومات الدولة القوية اقتصادياً، والمصدرة لأنواع المحاصيل، أن يمد يده لأمريكا عدوة الشعوب والإنسانية ويطلب منها العون والمساعدة، طبعا ان امريكا لا تقدم مساعدة إلا في مقابل أهداف مغرضة تصب في مصالحها، وبذلك تكون قد قدمت المساعدة لنفسها وليس لنا. لذا علينا أن نغسل هذا العار من جبين الوطن ونتخلص من هذه التبعية إلى الأبد.
التبعية الاقتصادية منشأ كل أنواع التبعيات
علينا أن ننهض بإمكانياتنا الزراعية ونطور زراعتنا ونعمل على تكاملها، وأن تتحول بلادنا في غضون بضع سنين، بهمة الشباب وإرادة وعزم الجميع، إلى بلد مصدر يحتاجه الآخرون دون أن يكون بحاجة لأحد.
كما تعلمون فإن التبعية الاقتصادية مقدمة للتبعية السياسية، لذا علينا تجنب كافة أشكال التبعية للغرب والشرق، وأن نسعى للعيش في ظل دولة مستقلة نتحكم بمقدراتها. علينا النهوض بالاقتصاد والثقافة والأمور الأخرى وأن لا ننتظر من الآخرين أن يفعلوا ذلك لنا.
و من جهة أخرى ينبغي على الحكومة، كجزء من هذا الشعب، أن تشرف على عملية النهوض هذه وتقدم الدعم والإمكانات اللازمة. وعلى أفراد الشعب أن يقودوا هذه الثورة بأنفسهم، كما فعلتم أنتم أيها الأخوة وحققتم كل هذه الإنجازات دون مساعدة أحد. على الجميع من الآن فصاعدا أن يضعوا هؤلاء الشباب قدوة لهم، وأن يتعاضدوا ويتكاتفوا للسير في هذا الطريق الصعب والنهوض بالبلاد.
التآمر الأميركي ضد إيران
كما ترون مازالت المؤامرات تحاك ضدنا من كل حدب وصوب. فهذه أمريكا عدوتنا وعدوة البشرية جمعاء، قد آوت الخائن 1 بحجة أنه مريض ويحتاج للعلاج. طبعا نحن نشكك بصحة هذا الادعاء ولكن بعض الأطباء الذين كانوا هناك ومن خلال مطالعة بعض الوثائق الطبية يؤكدون أن المرض المزعوم لا يستلزم السفر إلى أمريكا لتلقي العلاج.
إذن فهنالك مؤامرة تحاك ضد بلادنا لا محالة. ولكن بحمد الله أن هذا الرجل غير قادر على فعل أي شيء، وهو اليوم مجرد وسيلة في أيادي المستكبرين والشياطين لتنفيذ بعض الأنشطة المعادية وتسخير بعض الفئات والجماعات لخدمة مصالحهم. فليعلم هؤلاء الأوغاد أنه قد تم استئصال شرهم والقضاء على نفوذهم ولا يمكنهم تكرار ممارساتهم الشنيعة تلك، إذ إن شعبنا قد استفاق وأدرك واجباته جيداً. إنه لتحوّل وتغيير عظيم صنعتموه في هذا البلد، وما هذه الفعاليات التي قمتم بها أيها الأخوة إلا مثال جلي ومعبّر عن هذا التغيير الداعم للشعب والمساند له. ولو سألنا كل فرد من أفراد الشعب عن عدوه، لأجاب بلا تردد الغرب والشرق، لا سيما أمريكا والصهيونية.
أظن أن هذه النقطة بالذات ليس بوسعكم انكارها ولا يمكن لكم أيضاً أن تنكروا تيار التغيير الحاصل في البلاد. إن استضافة هذا الشخص والإصرار على الإستفادة منه كوسيلة لخدمة أغراضكم وأهدافكم الخبيثة لن يجديكم نفعاً أبدا، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإننا نعلن احتجاجنا الصريح على قيامكم بإستضافة هذا المجرم والخائن، ونطالبكم بإعادته إلينا، إذ ثمة حساب بيننا وبينه ومازال يستحوذ على الكثير من أموالنا التي يحتاجها شعبنا اليوم أشد الحاجة.
تدعي أمريكا أنها رحبت بهذه الثورة، بينما حاولت مراراً وأرسلت إليّ عندما كنت في باريس تدعوني لترك الشاه وشأنه. وهل يعقل أن تكون أمريكا قد تحولت إلى مناصر للثورة بالرغم من ماضيها الأسود!
والأمر هذا ينطبق على بعض الأفراد ممن أعرف حقيقة أمرهم جيداً والذين يزعمون اليوم أنه قد تعرضوا للتعذيب والملاحقة في عهد النظام البائد بسبب نضالهم ضده. ولكني أعرف جيدا أن هؤلاء كانوا يعيشون في رفاهية ورغد مطلق ولم يمارسوا في حياتهم أي نشاط نضالي، ولو فرضنا جدلًا أنهم مارسوا بعض الأنشطة النضالية لوجدنا أن معظمها لم يواكب مسيرة الشعب بل كان يعارضها تماماً.
في الحقيقة لقد شهد هؤلاء مدى عظمة هذا السيل الجارف، فرأوا أن لا سبيل لديهم إلا مواكبته كي لا يسحقهم ويجرفهم كما جرف غيرهم، ولذلك فهم يطلقون هذه المزاعم هلعاً وفزعاً.
الوعي السياسي لابناء الشعب
على الطبقة المثقفة من مفكرين وجامعيين ومعلمين أن تركز اهتمامها وجهودها لخدمة البلاد وتكف عن الإنتقاد والإحتجاج وإضعاف المحاكم وأجهزة الشرطة والجيش. وطبعا لن يتحقق هذا إلا من خلال تنمية سياسية شاملة والتي للأسف الشديد نفتقدها في يومنا هذا.
على الشعب الذي يتمتع بوعي سياسي أن يتكاتف ويتحد، خاصة بعد أن تخلصنا من مخالب الذئاب الضارية، خشية أن يستجمع العدو قواه ثانية ويوجه إلينا ضربة موجعة. وبطبيعة الحال يقتضي هذا الأمر أن يمتنع هؤلاء عن الكتابة والتصريح بما هو مضر لمسيرة الشعب ونهجه.
إن التنمية السياسية تختلف تماماً عن الوعي الفكري والعلمي، ونحن في الحقيقة في أمس الحاجة لتنمية سياسية شاملة. فمن خلال الوعي السياسي يمكننا أن نعيش أحراراً ومستقلين متحدين، كي لا يعيد التاريخ نفسه حينما تحولت البلاد بعد الحركة الدستورية إلى جماعات وفرق متناحرة وممزقة يفوق عددها المئتين وذلك في غضون أشهر معدودة.
ومما يؤسف له أيضاً هو أن الأحزاب التي تنشأ في بلادنا سرعان ما تنخرط بالنزاعات والصراعات الشرسة! فلا بد من التخلص من هذه الحالة في أسرع وقت ممكن.
الخيانة من خلال إضعاف القوى المخلصة والفاعلة
على أفراد الشعب وشرائح المجتمع كافة، توحيد صفوفهم وقيادة هذا البلد إلى بر الأمان، وإزالة كل المعوقات التي تعترض طريقه، والإمتناع عن التهجم على الآخرين بما في ذلك الحكومة ومجلس الخبراء واللجان الثورية والحرس الثوري. إن إضعاف هذه المراكز التي نذرت نفسها لخدمة الشعب يُعد خيانة كبرى. يجب أن نتخلص من طريقة التفكير هذه والتي لازمتنا منذ أمد طويل ومازالت تتحكم بنا حتى يومنا هذا.
نحن نكتب بشكل جيد ولكننا لا نكتب ما هو جيد من حيث المضمون، فالبعض مثلًا يستلون أقلامهم ويكتبون ما هو مضر لمصالح البلاد بأسلوب جميل ومهيج ينال إعجاب الآخرين. أيها السادة أنتم أصحاب هذه البلاد.. أنتم أيها الكتاب والخطباء والمفكرين دعوا هذه الأمور جانباً وانطلقوا إلى ميادين العمل والخدمة مسلحين بوحدة الفكر والكلمة واعملوا على خدمة البلاد كغيركم من شرائح المجتمع التي قدمت الكثير وما زالت.
انظروا إلى أولئك الكادحين الذين أشار إليهم السيد آقازاده وما حققوه من إنجازات رائعة كتشييد المساكن والمساجد وتعبيد الطرقات. وإن لم يكن بإستطاعتكم المساعدة في مثل هذا النوع من الأعمال، فعلى الأقل لا تخربوا وتهدموا ما يبنيه الآخرون وإن كان ليس بإمكانكم مساعدة المزارعين في الحصاد فلا تستلوا أقلامكم المؤذية ضدهم.
الاعراب عن التأسف لبعض التصرفات غير المدروسة
أشعر بأسف شديد من تصرفات البعض المعادية للثورة، مع أن هؤلاء كان من الممكن ان يكونوا أنصاراً حقيقيين لثورتنا هذه. إن هؤلاء يرددون ما يقوله الصهاينة وأمريكا. طبعاً أنا لا أتهمهم بالخيانة والارتباط بالاجنبي، لأن ما يقومون به هو نتيجة الجهل الشديد الذي يعيشون فيه. إننا نود أن نراكم بين العناصر الفاعلة في البلاد فلماذا تريقون ماء وجهكم بهذه التصرفات؟ ولماذا تبتعدون عن الشعب وتفصلون كيانكم عنه؟ لماذا تحاولون عرقلة مسيرة الثورة ومحاولة التأخير في بلوغها أهدافها؟ إنها ثورة مظفرة وستبلغ أهدافها لا محالة، ولكنكم بتصرفاتكم هذه ربما سببتم بعض التأخير في بلوغها أهدافها. لماذا تحاولون التأثير على الشباب الغافل، بأقوالكم وأفعالكم؟ لماذا تحرضونهم على معارضة مسيرة الشعب الظافرة؟
في صباح اليوم تصفحت إحدى الجرائد المنحرفة والتي تزعم أنها منبر للجماهير والأحرار، ولكني لم أجد فيها إلا ما هو معارض للثورة وتطلعات الشعب. لماذا تفعلون ذلك؟ لماذا تزرعون الفتن من جهة، وتزعمون مساندتكم وخدمتكم لأبناء الشعب من جهة أخرى؟ لماذا تستخدمون الصحف كوسيلة لخداع الشعب وتضليله؟ لماذا لا تصحون من غفلتكم وتعودوا إلى صوابكم؟
أشكركم وأشكر جميع أهالي قم الأعزاء وأسأل الله التوفيق لجميع أبناء الشعب. حفظكم الله ورعاكم وجعلنا جنوداً لإمام الزمان- سلام الله عليه- وفي خدمة هذا البلد. أيدكم الله جميعاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج10، ص:275,271
1- محمد رضا بهلوي