الموضوع: معارضة الإسلام أساس معارضة الفئات والأفراد ذوي التوجهات الغربية
خطاب
الحاضرون: أسر شهداء الخامس عشر من خرداد عام 1342، وشهداء حوادث ميناء انزلي
عدد الزوار: 72
التاريخ: 9 آبان 1358 هـ. ش/ 9 ذي الحجة 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: أسر شهداء الخامس عشر من خرداد عام 1342، وشهداء حوادث ميناء انزلي
بسم الله الرحمن الرحيم
قيام الخامس عشر من خرداد؛ انطلاقة النهضة الإسلامية
إن قيام الخامس عشر من خرداد، الذي فقدنا فيه الكثير من رجالنا وشبابنا المخلصين، شكل نقطة عطف في تاريخ شعبنا، وانطلاقة هذه النهضة. لقد ثار اولئك الأبطال مسلحين بروح جهادية، وأعلنوا معارضتهم العلنية للطواغيت ونالوا شرف الشهادة، وبذلك وضعوا اللبنة الأولى لهذه الثورة العظيمة. أسأل الله تعالى أن يحيطهم برحمته الواسعة ويمنّ على ذويهم بالصبر والسلوان.
إن هذه الانتفاضة وأمثالها هي التي وحّدت فئات الشعب في خندق واحد للوصول إلى الهدف المشترك المنشود، كما انها وحدت بين الجامعة والحوزة، وجعلت الجميع يسيرون بإرادة صلبة مسلحين بوحدة الكلمة ومتطلعين إلى هدف واحد وبذلك نثرت بذور الصحوة الكبرى وأنارت للشعب طريق الحق. وها هو الشعب يمضي قدماً نحو تحقيق أهداف الثورة وقطف ثمارها الإنسانية والإسلامية.
أن وجود بعض الأخوات المحرومات من نعمة السمع والنطق بيننا هنا له دلالة واضحة على اتحاد جميع فئات الشعب وطبقاته لبلوغ هذا الهدف الإلهي. أسأل الله أن يحفظهن وينعم عليهن بالسعادة والهناء.
سعي الجميع لنزع فتيل الفتنة واحباط المؤامرات
آمل أن تتمكن جميع فئات الشعب، بدرايتها وإلتفاتها إلى حقائق الأمور، من احباط المؤامرات التي تحاك ضد في بلادنا. لقد رأى الجميع، ورأت النسوة اللواتي يتبجحن بالانفتاح الفكري، كيف قام بعض المفسدين بنشر وإشاعة الأكاذيب في طهران مما دفع بهن إلى التظاهر والإحتجاج دون أن يتبينّ حقيقة الأمر. علماً أنه لم يصدر أي قانون بهذا الشأن كما كنّ يتصورن. وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على عدم إلتفاتهن إلى قضايا الساعة والأمور المرتبطة بمستقبلهن وعدم اعتنائهن بما عرضه التلفاز ونشرته بعض الصحف، واعتمادهن في اتخاذ هذا الموقف على اكاذيب بعض المفسدين والمغرضين. أليست هذه فتنة ومؤامرة كبيرة؟ أليس ما جرى كشفه لدسيسة تزعم أن الدستور لا يمنح المرأة اي حق يذكر؟ إنه لكذب محض ولا علاقة للدستور في هذه الأمور مطلقاً.
ألم يخرج شبابنا من غفلتهم؟ أما حان الوقت ليدركوا أبعاد هذه الفتن؟ لقد تم كشف هذا الإفتراء وفضحه في اليوم التالي مباشرة، ومع ذلك اساء هؤلاء استغلال جهل بعض الأفراد! ماذا بوسعنا أن نقول وانتن اللواتي تدعين الانفتاح الفكري والرقي الثقافي، ولم تقرأن الدستور، ولا تطالعن الصحف ولا تستمعن إلى الإذاعة ولا تشاهدن التلفاز! كيف سنواجه الآخرين والفئة المثقفة قد انخدعت بهذا الشكل بأكاذيب تم دحضها عبر وسائل الإعلام مباشرة؟ ألا يدل هذا على جهل هذه الطبقة المثقفة- كما تزعم- بما يجري في البلاد.
الحرية أم الضياع؟
اصلحوا أنفسكم والتفتوا إلى قضايكم المصيرية. إن من ينشر هذه الأكاذيب إنما يهدف إلى سلب أمنكم وسعادتكم. إنهم كأولئك الذين جروا شبابنا نحو الفساد، والإنحطاط تحت واجهة تحرير المرأة والرجل، حيث يرون الحرية في الأمور التي تدعو إلى الفساد والانحطاط الخلقي، أما ما يتعلق بمصير الشعب فهو يناهض الحرية بنظرهم.
إن من نشر هذه الأكاذيب كان يهدف إلى ضياع شبابنا وإفساد مجتمعنا، ولا بد لنا من الالتفات إلى ذلك. فالإسلام للجميع ولا يختص بفئة دون أخرى. وقد سبق أن سُئلت عن حق المرأة في الطلاق فأجبت بأنه يمكن للمرأة أن تشترط في عقد النكاح أن تكون وكيلة نفسها في أمر الطلاق. ويسأل البعض عن النساء المتزوجات ماذا يجب أن يفعلن؟ إن هذه النسوة يعارضن مبدأ ولاية الفقيه مع أنهن لا يدرين أن من مهام الفقيه إذا ما عامل الزوج زوجته بأسلوب فظ وغير مناسب، أن ينصحه أولًا، ومن ثم تأديبه، وإن لم ينفع ذلك معه فعليه أن يجري أمر الطلاق بنفسه.
ولاية الفقيه هدية إلهية
إعرفوا قدر ولاية الفقيه، انها هدية الله سبحانه للمسلمين. إن القضية التي طرحتموها حول النساء المتزوجات اللواتي إذا ما تعرضن لمضايقة أزواجهن فماذا بوسعهن أن يفعلن، ودور ولاية الفقيه في حل ذلك، لدليل بارز على قيمة هذه الهدية الإلهية وأهميتها. فلتتجه تلك النسوة إلى الفقيه في أي مكان كان وعلى الفقيه أن يتحقق أولًا من صحة أقوالهن ومن ثم يقوم بتأديب الرجل وإجباره على التعامل مع زوجته بالأسلوب اللائق وحسن المعاشرة. وإن لم يلتزم بذلك فإن للفقيه ولاية كاملة في تطليق الزوجة إذا ما رأى استمرار الحياة الزوجية أصبح مستحيلًا ومدعاة للفساد. إذن حتى ولو كان الطلاق بيد الرجل، فإن للفقيه الحق في إجراء الطلاق إذا ما رأى مصلحة الإسلام في ذلك وقد استنفدت الحلول الأخرى. هذه هي ولاية الفقيه، الهدية التي منّ الله بها على عباده.
معارضة الإسلام هو ما تهدف إليه الفئات المتغربة
على كل حال نحن اليوم أمام جماعة متباينة التوجهات والأفكار والمعتقدات، غير أنها متفقة على هدف مشترك وهو عرقلة مسيرة الإصلاح في البلاد. أجل إن هؤلاء على اختلاف عقائدهم وتوجهاتهم متفقون على معارضة الإسلام ومناهضته! الإسلام الذي إختاره الشعب منهجاً في الحياة.
إنهم متحدون على الباطل، فاتحدوا أنتم على الحق، وتأكدوا أن أصحاب الباطل هؤلاء لا يمكنهم فعل شيء. إن في الإسلام سعادة لكم ولنا ولجميع البشر ولا سيما المستضعفين. إذاً فلا تخشوا الإسلام ولا ترهبوا الناس به.
أما بالنسبة للذين يستلون أقلامهم ويكتبون على أهوائهم ويتحدثون كما يحلو لهم، فهم في الحقيقة لا يعرفون عن الإسلام شيئاً. بل يؤلفون ويصرحون دون أي إطلاع عن الإسلام وفلسفة الأحكام الإسلامية مؤججين بذلك نار الفتنة في المجتمع. طبعاً من الممكن أن تكون نواياهم سليمة ولكني أستبعد ذلك، وأتصور أن الكثير منهم تضررت مصالحهم وفقدوا ما كانوا يتمتعون بها في عهد الشاه ولذلك عقدوا العزم على عرقلة مسيرة الثورة وتقدمها. وقد رأيتم كيف انبروا لذلك منذ انطلاقة الثورة، ووضعوا الكثير من الموانع والعراقيل أمامها. ففي إبان الثورة كان البعض يدعو للإبقاء على الشاه، وعندما فرّ من إيران راحوا يدعون إلى دعم بختيار. كما انطلقوا إلى الشوارع واخذوا ينادون بصيانة الدستور وحفظه، وفي الحقيقة كان هدفهم الإبقاء على الشاهنشاهية والملكية التي نصّ عليها الدستور السابق، ولم تكن بنوده الأخرى ذات أهمية بالنسبة إليهم. وعندما فرّ بختيار أيضاً استمروا بالدعوة للحفاظ على الدستور. وعندما كنت في باريس كانوا يدعونني للإبقاء على الشورى الملكية. ولكن كنت ادرك جيداً بأنهم إما جاهلون أو يسعون إلى تحيق أهدافهم المغرضة. ولو فرضنا جدلًا أننا قبلنا بهذه الشورى، ألا يعني ذلك قبولنا بالملكية ذاتها؟ فالشورى الملكية كانت بيد الشاه وبوسعه تجاهلها أو حلّها متى ما شاء، وبذلك نكون قد قبلنا بوجود الشاه. نعم كان هؤلاء يأتون إلينا لإغفالنا وخداعنا- وربما بسبب جهلهم- ويدعوننا لحفظ الشورى الملكية. مع أن رئيس تلك الشورى 1 قد حضر شخصياً إلى باريس لمقابلتي ولكني رفضت ذلك ما لم يستقيل من منصبه وقد فعل ذلك.
ومع كل هذا استمروا بدعوتهم تلك إلى أن إنتصرت ثورتنا والحمد لله، ولكنهم بعد ذلك اخذوا يعارضون كل خطوة تخطوها الثورة ويحتجون عليها. فلقد عارضوا الإستفتاء العام وعارضوا الإنتخابات، وهم اليوم يعارضون مجلس الخبراء وسيعارضون مجلس الشورى في المستقبل أيضاً، وربما سيعارضون رئيس الجمهورية أيضاً. إن سلسلة الإعتراضات هذه إنما تدل على معارضتهم للأساس والمبدأ الا وهو الإسلام، فمعارضة الأساس تؤدي إلى معارضة الفروع بشكل ذاتي.
و لكن ليعلم هؤلاء أن محاولاتهم التخريبية هذه لن تؤدي إلى نتيجة. فنحن لا نخشى هذه المحاولات أبداً. ونعلم جيداً أنهم غير قادرين على القيام بأي شيء سوى الكتابة والكلام، فاكتبوا كما تشاؤون وصرحوا بما تريدون! وإني أدعوكم لأن تصحوا من غفلتكم هذه وتلتحقوا بمسيرة الشعب.
على خطى الشعب
إن مستقبلكم ودنياكم مرتبطان بهذا النهج الذي يسير عليه الشعب. وان السير عكس هذا السيل الجارف لن يجلب لكم إلا الهلاك والموت. ولا جدوى من مقاومة هذا السيل الذي سحق السلالة الخبيثة واطاح النظام الفاسد وانه سيجرفكم معه. ففكروا بدنياكم إن كنتم من أهل الدنيا. ولا تعارضوا الشعب الذي قدم شبابه وكل ما يملكه في سبيل هذه الثورة وفي سبيل الإسلام بينما لم تقدموا أنتم أي شيء. ولو لم تنضموا الى صفوف المعارضة لكنتم اليوم في بيوتكم وقصوركم تعيشون كما يحلو لكم، ولكنكم لم تمتنعوا فحسب عن معارضة الثورة، بل وتعارضون تطلعات الشعب أيضاً. ليس في هذه صلاحكم ولا صلاح دنياكم وآخرتكم. انضموا إلى هذه المسيرة لنتمكن من المضي بها قدماً نحو تحقيق أهدافها بشكل كامل وعاجل إن شاء الله.
طبعاً إن معارضتكم لن تؤثر شيئاً على هذه المسيرة الظافرة، ولكن من العار أن يعارض بعض المثقفين والمتعلمين مسيرة أبناء شعبهم ويعيقوا تقدمها.
معارضة أدعياء الديمقراطية لحكومة الشعب
إن هؤلاء الذين ينادون بالديمقراطية من جهة ويعارضون حكومة الشعب من جهة أخرى، إنما يعارضون الشعب الذي صوّت بأغلبية ساحقة تصل إلى 98% ويعارضون مجلس الخبراء الذي اختاره الشعب وصوت له.
ولاية الفقيه ليست دكتاتورية
إن هؤلاء يجهلون حقيقة ولاية الفقيه ولا يدركون معناها. وبالرغم من جهلهم بها وعدم إحاطتهم بأبعادها فإنهم يعتبرون حاكمية ولاية الفقيه مسوغ للدكتاتورية! هل كان أمير المؤمنين، وهو ولي أمر الناس، دكتاتوراً؟ هل كان النبي دكتاتوراً؟ إلا أن ينفوا الولاية عن النبي ويروا في رسول الله كغيره من الناس! ولا يستبعد من هؤلاء قول ذلك ولكنهم لا يجرأون عليه.
عن أي دكتاتورية تتحدثون؟ إن الإسلام منزه من كل هذا. الإسلام يعارض الدكتاتورية ويستنكرها. الإسلام يسقط الولاية عن كل فقيه يعتبر نفسه دكتاتوراً. ما هذا الكلام الذي تتحدثون به؟ إن كنتم تتحدثون عن علم ودراية فلماذا تعارضون مسيرة الشعب وتطرحون أموراً كهذه؟ وإن كنتم تتحدثون عن جهل فلماذا تقيّمون ذلك وأنتم تجهلون حقيقته؟ إنكم تعارضون ولاية الفقيه دون أدنى اطلاع ودراية.
آمل- إن شاء الله- أن نتابع المسيرة جنباً إلى جنب مع اولئك الذين قدموا الشهداء في 15 خرداد وفقدوا معيل أسرهم وهؤلاء المناضلين المثابرين، حتى تحقيق أهدافها المنشودة. حفظكم الله جميعاً وسدد خطاكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج10، ص:301,297
1- السيد جلال الدين طهراني.
2011-05-14