الموضوع: مشاكل الثورة والتوقعات غير المنطقية
خطاب
الحاضرون: جمع من طلاب المدارس في طهران
عدد الزوار: 72
التاريخ: 11 آبان 1358 هـ. ش/ 11 ذي الحجة 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: جمع من طلاب المدارس في طهران
بسم الله الرحمن الرحيم
رد على الاتهامات الباطلة
ليس صحيحاً أني غير مطلع على ما يجري في البلاد، فأنا أستقبل يومياً الكثير من الأفراد والجماعات المختلفة التي تتحدث جميعها عن الأوضاع الراهنة في مدنها ومناطقها. كما أني مطلع على التجمعات الداخلية والخارجية التي تقام هنا وهناك. وبالنسبة للصحف فهي تصلني يومياً ومن خلالها يمكنني الإطلاع على ما يجري داخل الجيش والشرطة ووزارة الإرشاد مثلًا. فليس غائباً عني ما يجري في البلاد كما يدعي البعض. وأما قولكم بأن البعض يحاول منع وصول الصحف إليّ فهذا نفس الكلام الذي يردده المغرضون، ولكن للأسف الشديد قد صدقتم ذلك بحسن نية طبعاً. وكما ترون فقد حضر إلى هنا منذ الصباح وحتى الآن الكثير من الأفراد، منهم من طرح قضاياه بشكل مباشر ومنهم من سلمها بشكل مكتوب، رغم أن الكثير من هذه الكتابات لا ترتبط بي.
أفضلية الثورة الايرانية على بقية الثورات
يبدو وكأنكم لم تطلعوا بشكل جيد على الثورات التي قامت في هذا العالم. ولعل الثورة في تصوركم مجرد تغيير رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية. فكما تعلمون أن الثورة الايرانية ثورة نموذجية بالمقارنة مع الثورات التي شهدها العالم خاصة في المئة سنة الأخيرة وما أكثرها. إن أغلب هذه الثورات كانت عبارة عن انقلاب عسكري يزيح سلطة شيطانية ويأتي بسلطة شيطانية أخرى تقتل الأفراد وتكسر الأقلام. فمثلًا قبل أيام معدودة قام انقلاب عسكري في إحدى الدول كما أفادت وكالات الأنباء وبمجرد السيطرة على السلطة حتى تم إغلاق الصحف وتجميد كافة النشاطات والفعاليات السياسية والحزبية وإشاعة حالة من الذعر والإرهاب في كل مكان!
وأما الثورات الأخرى التي شهدها العالم كالثورة الفرنسية مثلًا فقد حصدت أرواح ملايين الأفراد وخلقت الكثير من المتاعب والويلات.
و بالنسبة للإتحاد السوفيتي التي تثير اليوم ضجة وتتفاخر بعمر ثورتها التي تجاوزت الستين عاماً، فنجد أن الثورة، رغم الشبه الكبير بينها وبين الانقلابات العسكرية، ما زالت تترنح، هذا بغض النظر عن القتل والإبادة الجماعية التي لا يمكن إحصاء عدد ضحاياها.
خصائص الثورة الإيرانية
للأسف أن معظم الناس يجهلون طبيعة المواجهة التي انتصرت فيها الثورة. انهم غير مدركين لحجم وقوة طرفي الصراع. غير مدركين لطبيعة هذه الثورة الفريدة.. خمسة وثلاثون مليون أعزل يفتقدون لأبسط المعدات العسكرية والخبرات الميدانية يواجهون قوة هائلة مدججة بالسلاح. ونتيجة لإيمانهم استطاعوا تسطير أروع ملاحم البطولة والإيثار في وقت وقف العالم كله يعارض هذه الثورة. الاتحاد السوفياتي، بريطانيا، امريكا، حتى الدول العربية عارضت هذه الثورة. طبعاً ايدها البعض بعد ما أدركوا أنها ماضية في طريقها قدماً.
واليوم فإن ثورتنا تواجه كماً هائلًا من المؤامرات والفتن التي تدبرها تلك القوى الشيطانية الطامعة في ثروات البلاد بعد أن تعرضت مصالحها لضربة قاصمة افقدتها سوق تجارية كبيرة، وحرمتها من السيطرة على مصادر النفط والغاز والثروات الطبيعية الأخرى.
التوقعات غير المنطقية
إنكم اليوم تنتظرون أن تصلح الثورة كل الأمور بسرعة وكأنها عملية تغيير لرئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية. هل هو مجرد تغيير رئيس الوزراء؟ لماذا لا تلتفتون إلى حقيقة ما حدث؟ إنها قضية شعب أعزل واجه دول العالم الطامعة في ثرواته: امريكا وبريطانيا وفرنسا، وحتى الدول العربية كالعراق والكويت واليمن ومصر، عارضت ثورتنا بشدة. والآن وبعد أن أطاحت هذه الثورة بأطماعهم وانتزعت مخالبهم وقضت على مصالحهم التي لا يمكنهم تجاهلها، فأمريكا وبريطانيا لا يمكنهما التخلي عن مطامعهما ومصالحهما في بلدنا. رغم كل هذا تتهمون الثورة بأنها لم تحقق شيئاً حتى الآن! هل حقاً لم تحقق شيئاً؟ إن الكثير من هذه المطالب التي ذكرتموها قد تحققت ولكن لم يعلن عنها حتى الآن للشعب.
ربما سألت نفسي أنا أيضاً عما فعلته الحكومة ولكن سيتضح كل ذلك عندما تقدم الحكومة تقريراً عما انجزته خلال الأشهر الثمانية من عمرها والتي مارست أعمالها في جو مضطرب غير مستقر على مختلف الاصعدة، وهو امر طبيعي، فالنصر الذي حققه شعبنا وتمكن من هدم هذا الجدار جاء في وقت كان عدد كبير من ابناء الشعب خلف القضبان، ولم يكن بوسعهم ان يلتقوا ويتحدثوا عن السياسة والمجتمع والحكومة وشؤون البلاد، لم يكن بمقدوركم أن تجتمعوا وتصرحوا بمطالبكم وتطلعاتكم. هل مثل هذا الإنجاز قليل الأهمية برأيكم؟ ألا يمكنكم التمييز بين الواقع الذي تعيشون فيه اليوم وبين الحالة التي كنتم عليها قبل خمسة أعوام؟ ألا تعلمون أنه قد تم تحرير خمسة وثلاثين مليون معتقل من سجون النظام البائد، فلو سمح لمئة سجين بالفرار ألا يحدث ذلك بعض القلاقل والفوضى والفراغ الأمني.
لقد كانت الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية تتلاعب بأرواح الناس بين حبس وتعذيب ومضايقة، ولم تكن هناك صحيفة واحدة تعبرون من خلالها عن مطالبكم. وأما التلفاز والأذاعة فقد كانت برامجهما تقتصر على مضمون واحد وهو كيل المديح لصاحب الجلالة. بل كل وسائل الإعلام كانت مكرسة لخدمة الشاه وأعوانه. لم يكن بالإمكان عقد إجتماع أو تنظيم مظاهرة حتى وإن لم تكن معادية للحكومة.
أبعد كل هذا ترون أن الثورة لم تحقق شيئاً؟ ففي السابق لم يجرؤ أحد على التفوه بكلمة. الصحف مقيدة والأفراد معتقلون والساسة ورجال الدين غير قادرين على التعبير عن أفكارهم والتحدث عن مجتمعهم.
اما اليوم فقد تم حل جميع هذه القضايا وتنفس الجميع الصعداء، الجميع يطالب ويعترض على أن الحكومة لم تفعل شيئاً. ماذا يمكنني أن أفعل؟ إني مجرد رجل دين ووظيفتي هي تقديم النصح للآخرين. ولكن الحكومة والفعاليات الشعبية قد حققت الكثير حتى الآن، فقد شيدت مجموعة كبيرة من المساكن وعبدت الطرق في قرى كثيرة، وتم بناء الكثير من المدارس الحكومية والشعبية.
ولكن كل شيء في هذا البلد يحتاج إلى الإصلاح وإعادة البناء، فقد دمر طوال خمسين عاماً، بل طوال 2500 عام، ولا يمكن إصلاح كل هذا الدمار في غضون ثمانية أشهر، فمن غير المنطقي أن نفكر بهذه الطريقة ونطالب الحكومة بكل شيء، بل عليكم أنتم أن تبنوا الوطن بسواعدكم وأن لا تكتفوا بالجلوس والمطالبة بهذا وذاك، فهل هذه البلاد ملك لوزير أو أمير أو رجل دين؟ كلا إنها ملك لجميع أفراد الشعب وبدلًا من سؤال الآخرين عما فعلوا وأنجزوا. علينا أولًا أن نوجه هذا السؤال لأنفسنا والوضع قد تغير ولم تعد هناك طبقة محرومة لا تتجرأ التكلم، وأخرى تدير كل شيء بما يخدم مصالحها كما كان في السابق، حيث كان بيت المال ينهب من قبل الحكومة والمرتبطين بها، ولم يكن أحد من أفراد الشعب قادراً على الاحتجاج والمطالبة بحقه.
النظام البهلوي وراء الحرمان والمعاناة
اليوم وببركة الثورة أصبحت البلاد للجميع وليست لطبقة حاكمة متسلطة تتحكم بمقدرات الشعب وتنهب أمواله. كما في السابق.. ان المسؤولين اليوم هم من الأفراد الصالحين، كما أن ثمة رقابة على أعمالهم وتصرفاتهم، ومع كل هذا لا ينبغي عدم الاكتفاء بالتساؤل عما فعلوا ويفعلون، بل علينا أن ندخل ميدان العمل ونبني الوطن إذ لا يوجد فرق بيننا وبينهم.
على الجميع أن يساندوا بعضهم البعض وكما أنهم مكلفون بالعمل وخدمة الوطن، فأنتم أيضاً مطالبون بالعمل لخدمة الشعب. الجميع مطالب بالعمل لخدمة الوطن. إن خيرات البلد وثرواته ملك للجميع وليس لطبقة معينة، ولذلك ينبغي علينا جميعاً أن نعمل ونبني، وأن لا نتوقع من طفل في شهره الثامن أن يقوم بأفعال الفلاسفة. فبلادنا اليوم كطفل رضيع يعاني من أمراض مختلفة لاسيما تلك التي أصابتنا بعد الثورة.
حبذا لو جلستم هنا وسمعتم بأنفسكم وسمعتم ما يردده الذين يأتون إلينا. رجل يطالب بزوجة! وفتاة تبحث عن زوج! نعم إن الكثير من الأوراق التي تصلنا تحتوي على مطالب كهذه، وليس هذا فقط بل إن الكثير من الأفراد يحضرون ومعهم قائمة طويلة بمطالب كهذه، وربما تتصورون أن مضمون هذه المطالب سياسي وأننا لا نعتني بها ولسنا على إطلاع بمحتواها!
حبذا لو تلقون نظرة إلى غرفتي لتروا حجم الأوراق التي تصلني يومياً والتي أطالعها وأطلع على مضمونها. يظن البعض أنه ينبغي لنا حل كافة أنواع المشاكل بعد الثورة إلى درجة أن البعض يطالب بزوجة! نعم لقد قمتم بالثورة ولكن يجب أن تتابعوا المسيرة من خلال العمل والجهد والسعي والبناء، فأنتم الذين حملتم هذه الثورة على أكتافكم واستئصلتم الغدة السرطانية الخبيثة، وعليكم اليوم بالعمل وإصلاح الأمور. إذ لا يمكن إصلاح أي شيء بدون مساندة الشعب.
ومن جهة أخرى فإني أعجب من حجم المراجعات والمطالب الكثيرة. ما الذي يمكنني فعله لكم؟ إني فرد كأي فرد آخر في هذا البلد، انتم بحمد الله مازلتم في ريعان الشباب ولكني أصبحت كهلًا لا أقوى على شيء، وأعضاء الحكومة أيضاً كبقية أبناء الشعب، وإياكم أن تفكروا بطريقة مغايرة فإمكانات الحكومة محدودة وغير قادرة على اصلاح كل الأمور بمفردها.
فعلى سبيل المثال لو أرادوا عزل أحد المسؤولين وتعيين آخر عليهم أن يبحثوا طويلًا في ماضي هذا الفرد وحاضره ليكون لائقاً للخدمة وتسلم المسؤولية، بينما لم يكن هذا الأمر متداولًا في السابق، بل على العكس كانوا يسلمون المناصب لأسوأ الأفراد وأكثرهم انحرافاً. إنهم اليوم يفتشون عن الشخص المؤمن الأمين والبعيد عن الاتجاهات اليمينية واليسارية وهو أمر صعب ويحتاج إلى دقة كبيرة.
إن دوائرنا اليوم مليئة بأفراد فاسدين وغير لائقين وأنا أعلم ذلك، والمهم هو البحث عن الفرد اللائق لتسلم المسؤولية بدلًا من ذلك الفاسد وهو أمر ليس سهلًا أبداً، ومع كل هذا فإن الحكومة تعمل على تصفية أولئك الفاسدين وإخراجهم من الدوائر وقد قطعت في هذا المجال شوطاً طويلًا، ولكن عليكم بالصبر وعدم استعجال الأمور والتفكير بطريقة منطقية.
المنتقدون طلاب الدعة
نحن أيضاً يحق لنا أن نسألكم ما الذي فعلتموه لنا؟ لقد تحملنا الكثير من المتاعب ودخلنا السجون مثلكم، فماذا فعلتم لنا؟ إذن لا فرق في ذلك.. ينبغي لنا أن نتساءل ما الذي علينا فعله؟ وأما عبارة ماذا فعلتم؟ فيجب أن نحذفها كلياً.
لا يمكن إصلاح البلاد وإعمارها دون استقرار الأوضاع وسيادة الهدوء. فهل من الممكن أن نعبد طريقاً والناس يتظاهرون ويتشاجرون فيه. وهل يمكن مواصلة الدراسة في مدرسة يُسودها الشغب والشجار. طبعاً لا، ولا يمكن حتى إصلاحها.
لا يحق لأحد أن يحتج بأن وزارة التربية والتعليم لا تقوم بمهامها لأنهم لا يُسمحون لها بالقيام بواجباتها. والشيء نفسه ينطبق على محافظة كردستان التي ينتشر فيها الدمار في كل مكان، إذ أن بعض المفسدين والمرتبطين بالنظام البائد من ذوي التوجهات اليسارية واليمينية، أو لعلهم يمينيون في غالبيتهم لأن اليساريين لا يمكن أن يكون لهم دور في هذا الأمر ويبدو أن جميعهم أمريكيون بأقنعة يسارية ويمينية، على أية حال أن هؤلاء لا يفسحون المجال أمام الحكومة لإعمار هذه المحافظة، مع إن الحكومة خصصت ميزانية لذلك، ولكن كيف يمكن أن تعبد الطرق وتنفذ المشاريع الإنمائية في أجواء كهذه؟ كيف يمكن بناء المدارس وأجواء المحافظة متشنجة إلى هذه الدرجة؟
خدمات ملحوظة في مدة قصيرة
لا تعبأوا إلى المزاعم والأقاويل المغرضة التي تحاول تلقين الناس أن الحكومة لم تفعل شيئاً لحد الآن، لأن الواقع غير ذلك، فهناك الكثير من المشاريع التي تم انجازها حتى الآن ولكن لم يتم الحديث عنها، واتصور أن حجم هذه الإنجازات خلال هذه الفترة الوجيزة وفي أجواء غير مستقرة إنما يدل على العمل الدؤوب والجهد المتواصل الذي بذلته الحكومة.
في الأمس التقيت جماعة من قم وقدّموا لي قائمة طويلة بالمشاريع العمرانية والإنشائية التي نفذت خلال الفترة الماضية. والأمر ينطبق كذلك على مؤسسة المستضعفين وأنا انتهز هذه الفرصة لأدعوهم إلى المزيد من الجهد والبناء نظراً لوجود الملايين من المستضعفين والفقراء الذين عانوا في العهد البائد، فعدم توافر الماء والكهرباء والطرق المعبدة جاء نتيجة عدم اهتمام النظام البائد بإعمار البلاد، ولكن لا أحد منهم كان يجرؤ على المطالبة بذلك لأنه كان يعلم تماماً بأن مصيره السجن لا محالة. واليوم وبعد أن ولّى عهد السجن والتعذيب، راح كل منهم ينادي ويطالب بالماء والكهرباء والإحتياجات الأخرى، وهنا أود أن أوجه أليكم هذا السؤال؛ منذ متى وأنتم على هذه الحال؟ ستقولون أنه منذ مدة طويلة تصل إلى اكثر من 40 عاماً. إذن لا تقصير للحكومة الحالية في ذلك، وهي تعمل اليوم بجد ونشاط ولكن حجم العمل كبير جداً والأجواء العامة غير مساعدة إطلاقاً ومع ذلك فقد تم توفير الماء للكثير من المناطق وعبدت الطرق وشيد عدد كبير من المساكن، ولكن لا يمكن توفير كل هذه الخدمات للملايين من الناس في يوم وليلة. لقد أنجزت الحكومة الكثير ولكن ما زال الكثير أيضاً عالقاً ويحتاج إلى جهود مضاعفة وعمل متواصل.
لا تخدعنكم مزاعم البعض المغرضة بأن لا فرق بين عهد الثورة والعهد السابق! إن كان لا فرق بينهما فكيف بكم تجلسون هنا! ما هذا الكلام! إنهم يهدفون لإضعاف إرادتكم، لا تعبأوا بكلامهم بل حافظوا على قوتكم وإرادتكم التي كسرت السد المنيع، والتي ستبنون بها بلدكم إن شاء الله.
مازالت هناك فئة هي أشبه ما تكون باللصوص! وأذكر جيداً كيف كنا نعاني من السرقة في عهد أحمد شاه وكيف كان البعض أمثال رجب علي ونايب حسين كاشاني والميرزا 1 ينهبون أموال الناس ولم تكن الحكومة المركزية في كاشان قادرة على فعل شيء. وأما في عهد رضاشاه فقد تم اختزال كل هؤلاء اللصوص وسحقهم وانفرد شخص واحد بهذه المهنة بعد أن كان عددهم كبيراً، ألا وهو رأس السلطة.
الحرية ابرز مكاسب الثورة
لا تظنوا أنه لم ينجز شيء حتى الآن، بل ثمة أعمال كثيرة قد تحققت وهي أقرب للمعجزة في ظروف كهذه. وأما بالنسبة لمطالبة الأفراد بحقوقهم فهو أمر لا سابقة له في البلاد. هذه هي نعمة الحرية وهي أغلى ما في الدنيا من نعم. تذهبون اليوم إلى بيوتكم مطمئنين لا تخشون من مداهمة العناصر الأمنية واعتقال إخوانكم وأزواجكم، لأنه قد ولى زمن الخوف والإضطهاد. ولم تعد الأجهزة الأمنية تداهم البيوت وتعتقل الأفراد بل أصبح واجبها إلقاء القبض على اللصوص والمحتالين والخارجين عن القانون ومحاسبتهم على ما اقترفته أياديهم من مخالفات. لا تصدقوا عندما يقول البعض ما الذي تغيّر؟ فهذا كلام أنصار النظام البائد لتشويه صورة الإسلام. لقد تم ببركة الإسلام طرد اللصوص من البلاد وإحلال الحرية وتحرير الجميع من قيود الطغاة وظلمهم وإفساح المجال للصحف للتعبير عن آلام الشعب وآماله. طبعاً قد اتضح بعد ذلك ارتباط بعض الصحف باسرائيل وحياكتها للكثير من المؤامرات والفتن، مما اضطر الحكومة للقيام بالواجب وإغلاقها. لن تجدوا ثورة في هذا العالم كالثورة الايرانية عملت على فك القيود وإشاعة الحرية في كافة المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية. فشعبنا اليوم يعبر عن قضاياه بحرية وينتقد بحرية.
وأما بالنسبة لما طرحتموه بأنني غير مطلع على الأوضاع الراهنة في البلاد وعلى مطالب الشعب واحتياجاته، فهو زعم لا يختلف عن المزاعم الأخرى التي يطلقها البعض والتي يسعون من ورائها إلى لفت انظار الناس بأني فرد غير ملم بما يجري من حولي، وحينها لن يكون ما أقوله صحيحاً. غير أن الواقع عكس ذلك تماماً وقد حضرتم إلى هنا وبينتم مطالبكم وتحدثتم بما تشاؤون، وغيركم أيضاً يحضر إلى هنا صباحاً ومساءً. طبعاً تقرر أن تخصص الفترة الصباحية للإجتماعات فقط، ولقائي هذا كان على حساب وقت استراحتي.
وفقكم الله جميعاً وأدعوه أن يسدد خطاكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج10، ص:315,308
1- هؤلاء الأفراد من قطاع الطرق واللصوص المحترفين في أواخر عهد السلطة القاجارية. وأشهرهم حسين كاشاني والذي شكل لنفسه منطقة حكم ذاتي في غرب ايران وكون جيشاً له. وفي عهد وثوق الدولة رئيس الوزراء دعي حسين إلى طهران وقام رجال وثوق الدولة بإعدامه هو وابنه ما شاء الله خان وبذلك انتهى دوره.