يتم التحميل...

الموضوع: استعادة مجد وعظمة المسلمين لا تكون إلا بالتمسك بالإسلام‏

خطاب

الحاضرون: مجموعة من الطلبة السعوديين المقيمين في ايران‏

عدد الزوار: 47

التاريخ: 11 آبان 1358 هـ. ش/ 11 ذي الحجة 1399 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: مجموعة من الطلبة السعوديين المقيمين في ايران‏

‏‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

خصوصية الثورة الايرانية

مع الأسف أن السادة جاؤوا في وقت الظهيرة حيث لا وقت عندي، لكني سأتحدث بعض الشي‏ء.

ان الثورة الايرانية لا تختص بإيران وحدها، فالإسلام ليس حكراً على طائفة دون أخرى. بل هو للبشر كافة وليس للمسلمين ولايران فقط. فالأنبياء بعثوا للناس جميعاً، وكذلك نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم كان خطابه موجهاً للناس جميعاً (يا أيها الناس). وثورتنا كانت لأجل الإسلام، وجمهوريتنا جمهورية اسلامية، والثورة التي تقوم لأجل الإسلام لا يمكن أن تكون محصورة في بلدٍ من البلدان أو حتى في البلدان الإسلامية، لأنها امتداد لخط الأنبياء وثورتهم. وثورة الأنبياء لم تكن خاصة بمكان معين، فالنبي الأكرم كان من جزيرة العرب. ولكن دعوته ورسالته لم تكن محصورة بالجزيرة العربية وانما كانت للعالم أجمع.

هدف الأنبياء تربية الإنسان‏

جاء الأنبياء لبناء الإنسان، فالإنسان موجودٌ كسائر الموجودات، ولكن اذا ما تلقى التربية السليمة يصبح موجوداً روحانياً اسمى من ملائكة الله. واذا ما سار في درب الفساد يصبح موجوداً أضل وأدني من الحيوانات. لاحظوا هذا النموذج من الناس، الذين يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان، وحماية الحيوان، لا أظن هناك من بين جميع الحيوانات حيوان واحد يضاهيهم بالافتراس والوحشية! حيوان يريد أن يسخر البشر والبشرية لمصالحه، ويقتل الملايين ليحقق منافعه ومطامعه، فالحيوان المفترس يكف عن افتراس الحيوانات بمجرد امتلاء بطنه إلى أن يجوع. أمّا هذا الإنسان- الأسوأ من الحيوان- فإنه مستعد، ومن أجل بعض المنافع الجزئية، أن يقتل أبناء جلدته أفواجاً أفواجاً، وأن ينكل بكل من يعترض‏ طريقه. أو على الأقل، لا يعمل لصالحه. انهم مستعدون لإبادة مئات الألوف بل ملايين الناس ليستولوا أو يسيطروا على مكانٍ ما.

أدعياء حقوق الإنسان المزيفون‏

لاحظوا الحروب التي تنشب وما وقع منها في الماضي، وانظروا ماذا يفعل هؤلاء بالإنسان الذي يزعمون الدفاع عن حقوقه. إن هؤلاء أنفسهم يقيمون المآتم وينتقدون محاكم ايران في صحفهم ومجلاتهم. لماذا؟ لأنها حكمت بالاعدام على أربعة أشخاص اقترفوا على مدى خمسين عاماً من الجرائم بحق الابرياء ما يندى لها جبين الإنسانية. يقتلون آلاف الناس في حروب يثيرونها، ويرسلون الناس إلى الموت أفواجاً أفواجاً، دون أن يرف لهم جفن، ولكن إذا ما أعدم عدد من المجرمين الذين قتلوا أو أمروا بقتل مئات الناس من الأبرياء، تعلو أصواتهم بالانتقاد ويعلنون العزاء.

ومما يؤسف له أن بين البلدان الإسلامية والشرقية، وفي بلدنا وبلدكم أيضاً، أفراداً اما أنهم صدّقوا كلام هؤلاء، وفي هذه الحالة علينا أن نصفهم بالتخلف، أو أنهم لم يصدقوا، ولكنهم يعملون لهم، فعلينا القول بأنهم خونة. هناك أفراد يطرحون في مجتمعاتهم ما يريده هؤلاء ويتداوله الغرب. فمن الكتّاب والمتغربين سواء عندنا أو عندكم، من يكتب ويطرح ما تنشره الصحف والمجلات الامريكية التي تديرها أيادٍ صهيونية.

الحياة الكريمة للمسلمين‏

ان الحياة الكريمة للبلدان الإسلامية والشرقية، رهن عودة اسلامهم الضائع. اننا لم نعد نعرف الإسلام، ولكثرة ما روّج له الغربيون وهؤلاء الجناة، وأدخلوه في أذهاننا من أفكار، ضيّعنا الإسلام. فما لم تجدوا الإسلام لن تصلح أموركم، فالإسلام ضائع عند جميع المسلمين ولم يعد أحد يعرف حقيقته. ابتداءً من مركز اجتماع المسلمين كل عام- الكعبة المعظمة- إلى آخر بقعة من البلاد الإسلامية، ولهذا تجد المسلمين يجتمعون كل عام في مكة المكرمة، التي جعلها الله مركزاً لاجتماعهم، دون أن يدركوا أبعاد ما يفعلوه، أو أن يستفيدوا منه اسلامياً. إن مثل هذا التجمع السياسي العظيم تحول إلى أمور لا تمت بصلة بقضايا الأمة الإسلامية والمسلمين، ولو أن المسلمين أدّوا الحج بأبعاده الحقيقية المنطوية فيه، لكان كافياً في تحقيق استقلالهم. ولكن مع الأسف ضيّعنا الإسلام، وهذا الإسلام الذي بين أيدينا، جسدٌ بلا روح، بلا رأس إذ فصلوه عن السياسة بشكل كامل، وجردوه من مضامينه الأساسية مما جعلنا نصل إلى ما نحن عليه الآن من الضعف والهوان، لأننا فقدنا رأس الإسلام، لأننا نجهل رأس الإسلام. فما لم نجد الإسلام، وما لم يجد جميع المسلمين الإسلام، لن يستطيعوا استعادة مجدهم، مجد صدر الإسلام العظيم، الذي استطاع المسلمون على قلتهم أن يقضوا على أعظم امبراطوريتين في ذلك الزمان. ليس بهدف فتح البلدان وانما لبناء الإنسان. انه من الوهم أن يتصور البعض بأن هدف الإسلام فتح البلدان والتوسع، لا أبداً، انما هدفه تحرير هذه البلدان من وثنيتها ومن حيوانيتها، والسمو بها إلى مستوى الإنسانية. يذكر التاريخ أنه في احدى الحروب التي أسر فيها المسلمون عدداً من الأفراد، ووضعوا القيود في أيديهم، نظر الرسول اليهم وقال «1»: انظروا! عليّ أن أوصل هؤلاء إلى الجنة ولو كانوا مكبلين. فالإسلام هدفه اصلاح المجتمع، واذا ما سلّ السيف، فإنما للقضاء على المفسدين الذين يمانعون من ذلك، ويعترضون طريقه.

أمّا فيما يتعلق بالأمور التي ذكرها السيد- وهي كثيرة- فنأمل من الله أن يوفقنا وجميع المسلمين، لحلها بالتدريج، فهناك الكثير من المشاكل والصعوبات التي تعترض طريقنا الآن ونحن بأمس الحاجة لدعائكم ودعاء جميع المسلمين. أيدكم الله جميعاً.

* صحيفة الإمام، ج‏10، ص:324,321


1- الشهيد السيد محمد علي قاضي طباطبائي، كان وكيلًا للإمام في آذربيجان الشرقية وإماماً لجمعة تبريز وقد استشهد على يد جماعة تطلق على نفسها( الفرقان).

2011-05-14