الموضوع: سعي الاعداء الى بث روح اليأس من الثورة-مكتسبات الثورة
خطاب
الحاضرون: جمع من الرياضيين وأبناء مدينة قزوين
عدد الزوار: 61
التاريخ: 11 آبان 1358 هـ. ش/ 11 ذي الحجة 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: جمع من الرياضيين وأبناء مدينة قزوين
بسم الله الرحمن الرحيم
لا مفر من المشكلات التي تعقب الثورات
أشعر بالسعادة وأنا التقيكم أيها الرياضيون الأعزاء، فأنتم ذخر هذا الشعب والسند الداعم له. انني ادعو لكم ولجميع أبناء الشعب. إنكم أيها الرياضيون تتمتعون بقوة جسدية وأتمنى أن تكونوا من أصحاب القوة المعنوية والروحية إن شاء الله.
إننا نعاني اليوم من مشاكل عديدة وهي مشاكل لا يمكن الحؤول دون وقوعها بعد قيام كل ثورة ولكنها ليست من النوع الذي لا يمكن حله وتجاوزه، وانما تحتاج إلى وقت كافٍ. ولكن على الشعب أن يدرك بأن البلد بات ملكاً له وتحت تصرفه، بعد اندحار الطاغوت المتغطرس الذي كان جبروته يزداد يوماً بعد يوم ويستولي على ثرواتنا وممتلكاتنا مع جوقة اللصوص التي كانت تحيط به. كل منطقة وناحية هي ملك لسكانها والقاطنين فيها وعلى كل فرد أن يسعى لإعمار المنطقة التي يعيش فيها. إن لم تتعاونوا وتتعاضدوا، وتتحد جميع فئات المجتمع لبلوغ هذا الهدف، فلن تتمكنوا من إعمار هذا البلد الذي سعى الطاغوت إلى تدميره وترسيخ تخلفه وتأخره.
دعاية الاعداء لتثبيط عزيمة الشعب
هنالك العديد من الأيادي والأقلام والألسن تعمل اليوم على تثبيط عزيمة أبناء الشعب من خلال توجيه الإتهامات الواهية ونشر الاكاذيب الباطلة وإصدار البيانات والتصريح بمزاعم لا اساس لها من الصحة، كل ذلك بهدف بث روح اليأس في نفوس الشعب والشباب وجميع فئات المجتمع. فإذا شاع اليأس في مجتمع ما، ضعف ذلك المجتمع ووهن وأصبح عاجزاً عن تحقيق أهدافه. وقد توصل هؤلاء إلى قناعة بضرورة بث روح اليأس وتثبيط عزيمة هذا الشعب، ولذلك نجدهم يزعمون أن هذه الثورة لم تحقق شيئاً حتى الآن، رغم كل ما نشهده من انجازات ومكتسبات عظيمة. إن أبواقهم الإعلامية تزعم اليوم بأنه صحيح أن الثورة قد تحققت ولكنها لم تنجز أي شيء لحد الآن، وهم يهدفون بذلك إلى بث روح اليأس في نفوسكم. إذ ألهمت الشياطين هؤلاء بضرورة اشاعة الاحباط واليأس في اوساط هذا الشعب، لأنه استطاع القضاء على الطاغوت وتحطيم هذا السد المنيع بعزمه الراسخ وايمانه القوي ووحدة كلمته.
لقد لاحظ الأعداء قدرة شعبنا وبسالة شبابنا فتزلزلت أركانهم ودخل الخوف قلوبهم وشعروا باستحالة فرض همينتهم مجدداً مما دفعهم للتفكير بمخرج من هذه الورطة؟ وهكذا بدأوا حملتهم الاعلامية والميدانية الشرسة، فأثاروا الفوضى والاضطرابات في كردستان وخوزستان وكما تعلمون ارتكبوا مؤخراً جريمة بشعة أدت إلى استشهاد العديد من حرس الثورة، بالإضافة إلى جريمتهم القذرة المتمثلة باغتيال المرحوم السيد قاضي طباطبائى- رحمة الله عليه- الصديق العزيز الذي ذاق مرارة السجن وجاهد ونفي جزاء نضاله ضد الطواغيت.
إنهم يحاولون بث اليأس في نفوس افراد الشعب من خلال اغتيال شخصيات كهذه. اما بالنسبة للمناطق التي لم يتمكنوا من التدخل فيها بشكل مباشر فقد وجّهوا إليها حملة إعلامية لتشويه الحقائق وتثبيط العزائم.
المكتسبات العظيمة التي حققتها الثورة
يأتي إلينا كل يوم العديد من الأفراد والجماعات، والجميع يشتكي من أن مناطقهم لم تشهد أية محاولة لتوفير الخدمات وإعادة الإعمار. وفي بعض الأحيان يذكرون تلويحاً بأن الثورة لم تحقق شيئاً لحد الآن. وهنا ينبغي لي أن ألفت انظاركم إلى أن ثورتنا ما زالت طفلًا صغيراً في شهره الثامن. فلابد لكم أن تدركوا هذا الأمر أولًا وتعوا ذلك. فما الذي يمكن أن نتوقعه من طفل صغير كهذا؟.
إنهم لا يتطرقون إلى المكتسبات والإنجازات التي تحققت رغم اطلاعهم عليها، وذلك بهدف بث روح اليأس في نفوس أفراد الشعب. ومن جهة أخرى يصّرون على ذكر كل ما يجب تحقيقه مستقبلًا والذي لم يتحقق لحد الآن، ولا يذكرون ما تحقق أبداً.
وهنا أود أن أجيب بنفسي عن هذا السؤال. لقد أبعدت الثورة اللصوص وطردتهم من البلاد، وهي حقيقة يجمع عليها جميع أفراد الشعب ولا يمكن لأحد أن ينكرها.
لقد تمكنت الثورة من تخليص البلاد من تلك العصابة التي نهبت ثرواتنا وخيراتنا من نفط وغاز ومعادن، وقدّمتها للغرب مقابل أجر زهيد اقتسمه اللصوص فيما بينهم أمام مرأى الشعب.
أجل، لقد قامت الثورة بذلك. هل يمكن لأحد أن ينكر ذلك؟ هل يسيطر محمد رضا على البلاد اليوم ويتابع سياسته التخريبية؟ هل لأمريكا مستشار بيننا ينهب ويسرق كما يشاء؟
لا أحد من هؤلاء يذكر هذا الإنجاز العظيم والفريد والمتمثل بقيام شعب أعزل بمواجهة أمريكا والتغلب عليها.
هل يمكن لهم أن يدّعوا أن الثورة لم تحقق شيئاً؟ كلّا لا يمكنهم ذلك. إنهم لا يشيرون إلى هذا الإنجار العظيم ولا يشيرون إلى الواقع الجديد الذي حققته الثورة والمتمثل بإدارة أنفسنا بأنفسنا.
ألا تشعرون بنعمة الحرية التي أوجدتها الثورة؟ هل كان بإمكانكم قبل خمس سنوات أن تحضروا لمقابلتي؟ هل كان جزاء المشاركين في الاجتماعات غير الحبس والسجن والإعتقال؟ أليست هذه نعمة كبيرة أن نجتمع في مجلس واحد للحوار وتبادل الآراء، بعد كل تلك السنوات المديدة؟ نعم لقد تحقق ذلك ولكنهم لا يذكرونه ولا يتطرقون إليه، بل يكتفون بالتساؤل عما حققته الثورة وماذا أنجزت لحد الآن؟ ان الفرق بين هذه الثورة وبقية الثورات يكمن في مضمونها الإسلامي. فلو أمعنا النظر في بقية الثورات والانقلابات العسكرية التي تحدث هنا وهناك، كالانقلاب الذي حدث مؤخراً في أحد البلدان لوجدنا أن الخطوة الأولى التي تقوم بها تتمثل في إغلاق الصحف وحظر كافة النشاطات الحزبية ومنع التجول والإجتماعات، والبعض الآخر من هذه الثورات قد حصد الملايين من الأرواح من خلال الإبادات الجماعية.
بينما لا نجد في ثورتنا الإسلامية أياً من تلك الممارسات. فلم ترتكب المجازر مثلًا لأن الشعب المسلم هو الذي قاد الثورة في سبيل الله وحقق لها النصر. ولم تعطل الصحف ولم تحظر الإجتماعات ولا الفعاليات الحزبية. طبعا تبين فيما بعد أن البعض يخطط لتنفيذ مؤامرة شنيعة، والبعض الآخر يحاول زرع الفتن واشاعة الفوضى بدعم من الغرب، واتضح أن بعض الصحف مرتبطة بمراكز غربية. ولذلك كان من الواجب التدخل لمحاسبة هؤلاء، فالأوضاع كانت تسير نحو الفساد. ورغم كل هذا فإن الصحف ووسائل الإعلام ما زالت تمارس نشاطاتها بحرية، والأحزاب تعقد اجتماعاتها بحرية أيضاً، وما زالت حدود البلاد مفتوحة بوجه الجميع.
نعمة الحرية
لقد حقق لنا الإسلام والثورة الإسلامية نعمة الحرية هذه. فأنتم اليوم لا تخشون مثلًا من أن تقوم الأجهزة الأمنية بمداهمة بيوتكم واعتقالكم دون أن يدري بذلك أحد. لقد تعرض شبابنا في السابق إلى الكثير من عمليات الإعتقال والزج في السجون دون أن يطلع أحد على مصيرهم. فما أكثر تلك العمليات وما اكثر الشباب الذين قتلوا وتعرضوا لكافة أنواع التعذيب والتمثيل بإجسادهم، وهنالك الكثير من الحالات التي نجهلها ولا نعرف عنها شيئاً.
كانوا يهاجمون الأفراد ويعتقلونهم وينقلونهم بعوامة ويرمون بهم في أعماق البحر. ألا يعد التخلص من كل ذلك من انجازات الثورة؟ ألا يرى ذلك هؤلاء الذين يدعون بأن الثورة لم تحقق شيئاً؟ ألا يرون ذلك؟ أم يرون ويخدعون أنفسهم ويخونون ضمائرهم؟
أما بالنسبة للإتهامات والحجج من قبيل انعدام الكهرباء والماء وغيرها، فإني أتوجه لأصحابها بالقول: هل وجدت هذه المسائل بعد الثورة أم قبلها؟ هل الثورة هي المسؤولة عن عدم تعبيد الطرقات وتوفير المياه الصالحة للشرب والمستشفيات والمرافق الخدمية الأخرى، أم انكم ورثتموها من العهد السابق؟ طبعاً ورثتموها من العهد السابق. ولو سألنا الأفراد الذين يطالبون بذلك عن تاريخ هذه المشكلة؟ لقالوا بأننا نعاني من هذه المشكلة من زمن طويل. وما يقولونه صحيح إذ لم ينفذ النظام السابق إي مشاريع خدمية بل دمر كل شيء ورحل، ولا علاقة للثورة بكل هذه المشاكل. إن الثورة ثورتكم شارك فيها جميع أفراد الشعب، والبلد بلدكم، فعليكم أن تتضامنوا وتتكاتفوا لتحقيق ذلك وليس أن تنتظروا الحكومة تفعل ذلك، إذ لا فرق بين الحكومة والشعب في عهدنا هذا. لقد أنجزت الكثير من المشاريع وفي مجالات مختلفة كتشييد المساكن للمستضعفين والمحرومين وشق الطرق وتعبيدها والقيام بالمشاريع الزراعية ومساعدة الفلاحين، هذا بالإضافة إلى الكثير من المشاريع التي نفذتها مؤسسة جهاد البناء.
ففي الأمس قدم إلى هنا بعض الأخوة من مؤسسة جهاد البناء في قم وأخبروني بأنهم قد امّنوا الكثير من احتياجات ابناء مدينة قم وضواحيها، ولكن لا يذكر أحد هذا الأمر بل لا يذكرون شيئاً أبداً. لا يتطرقون إلى كل هذه المنجزات الضخمة.
حسن تعاون الشعب من بركات الثورة
إنها من بركات الثورة الإسلامية أن يسارع الشعب إلى البناء والعمل ويشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، ولكن للأسف لم يتحدث أحد عن ذلك، بل يكتفون بالتساؤل: (ماذا أنجز حتى الآن)؟ حتى أصحاب القروض يقولون بأن قروضهم لم تسدد بعد الثورة، هل تسديد
الديون أمر متعلق بالثورة وعليها فعل ذلك؟ إن شاء الله ستقوم الثورة بهذا الأمر أيضاً إن أمكن لها ذلك.
إن كل هذه الاتهامات والمزاعم الواهية تهدف إلى بث روح اليأس لدى شعبنا وشبابنا وبالتالي إعاقة تقدم هذه الثورة ومواصلة مسيرتها. هناك الكثير مما يجب عمله وتنفيذه في بلادنا اليوم، لا سيما الأمور التي تمت الإشارة إليها وهي من أكثر الخدمات أهمية.
إن أعظم خدمة قدمتها الثورة تمثلت في طرد اللصوص من البلاد وقد نجحت في ذلك تماماً. إذن فماذا تعنون بعبارة لم يتحقق شيء؟ ما هي الأمور التي لم تتحقق؟ أتحتجون بأنه مازالت هناك أجهزة استخباراتية؟ هل اويسي 1 وغيره ما زالوا في مناصبهم؟ هل نصيري 2 موجود الآن؟ كلّا، لقد ذهبوا جميعهم إلى الجحيم. مَنْ فعل ذلك؟ الشعب هو الذي فعل ذلك في سبيل ثورته الإسلامية. الثورة هي التي حققت ذلك. عندما يعرض التلفاز مشاهد للأخوة في مؤسسة جهاد البناء وهم منخرطون بالعمل لخدمة هذا الشعب، تغمرني سعادة عارمة لتلك الروح والمعنويات التي يتمتع بها الأخوة.
طبعاً أن النساء الضعيفات غير قادرات على مزاولة الأعمال التي تحتاج إلى القوة كحصاد أرض زراعية كبيرة، ولكن يمكن لهن من خلال التواجد في تلك المزارع أن يعملن على رفع معنويات الرجال المنهمكين بذلك. وكذلك فإن دخول المهندسين والأطباء والمثقفين إلى ميادين العمل سيدفع بالأهالي إلى المزيد من العمل والمشاركة في البناء. إن كل ما ذكرته قد تحقق في ميادين العمل، ولكن هؤلاء المغرضون يسعون إلى بث روح اليأس في نفوسكم، لتتوقف عجلة البناء عن الدوران، وليتمكنوا من الإدعاء بأن شيئاً ما لم يتحقق في البلاد. فهذا الأسلوب من الدعاية والإعلام الموجّه يؤثر في نفوس الناس كثيراً ويجعلهم ينسون ويغفلون عما تحقق.
حافظوا على قوتكم وتماسككم فالرياضي يجب أن يكون قوياً ومؤمناً. احرصوا على ايمانكم ولا تخشوا من هذه الأقاويل والأكاذيب التي يروج لها البعض. إن البلاد اليوم ملككم وعليكم أن تحفظوها وتصونوها جيداً. وهذه مسؤولية تقع على عاتق كل فرد من أفراد الشعب في مختلف انحاء البلاد.
التنمية والإعمار في اجواء هادئة ومستقرة
وبالنسبة لمن يثيرون الشغب والفوضى ويمارسون الأعمال التخريبية، فإن أمامنا أحد أمرين، أما ان نغض الطرف عنهم ونتجاهلهم، وإما ان نواجههم بحزم ونسحقهم ليسترد البلد استقراره وأمنه ويتمكن من النهوض بأفضل شكل ممكن.
إن الشرط الأساسي للتنمية والإعمار هو الإستقرار، ولذلك فما دامت البلاد تعاني من الاضطرابات والفوضى والفتن التي يقف وراءها أعوان النظام السابق، فلن نتمكن من إعمار البلاد وتنميتها. فلا يمكن مثلًا تشييد المساكن والمرافق الخدمية وتعبيد الطرق في مدينة تعج بالفوضى والشغب إذ لا يمكن ذلك إلا في مناخ مستقر وهاديء.
آمل أن تمضوا قدماً بهذه الثورة مسلحين بالقوة الجسدية والروحية، غير مبالين بالمزاعم والأقاويل الهادفة إلى بث اليأس في نفوسكم، فاليأس من جنود الشيطان، ومن يهدف إلى ذلك فهو من جنود الشيطان أيضاً.
لا تيأسوا، بل تسلحوا بالأمل والصبر، فالله معكم وبلدنا هو بلد امام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، فأنتم منتصرون لا محالة إن شاء الله. حفظكم الله أيها الرياضيون وحفظ جميع أبناء قزوين المعروفين بالايمان ونصرة الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج10، ص:334,329
1- غلام علي أويسي القائد العسكري لمنطقة طهران في عهد حكومة جعفر امامي.
2- نعمة الله نصيري رئيس السافاك.