يتم التحميل...

الموضوع: العداء والتآمر الأميركي ضد الشعب الإيراني‏

خطاب

الحاضرون: طلاب كلية الاقتصاد في جامعة اصفهان، الفريق الفني المتوجه إلى كردستان‏

عدد الزوار: 60

التاريخ 16 آبان 1358 هـ. ش/ 16 ذي الحجة 1399 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: طلاب كلية الاقتصاد في جامعة اصفهان، الفريق الفني المتوجه إلى كردستان‏

‏‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

استغلال المتآمرين لمشاعر الشباب‏
مما يواجهنا من مشكلات، مسألة استغلال المتآمرين لمشاعر الشباب، عندما رأى هؤلاء بأنهم قد هزموا وأنهم غير قادرين على مواجهة شعبنا، الذي استطاع بوحدته وتلاحمه من الصمود والوقوف في وجه القوى الكبرى، عمدوا إلى أسلوب جديد يتمثل في استغلال مشاعر شبابنا البريئة لتحقيق مآربهم، وشبابنا غافلون عن ذلك.

و من جملة هذه الاساليب ترويجهم لشائعات من قبيل ان الثورة لم تحقق شيئاً يذكر. ان هذه الدعايات وامثالها التي راحوا يروجون لها في كافة انحاء البلاد، يهدفون من ورائها بث روح اليأس في نفوس شبابنا. ومما يؤسف له ان شبابنا ورغم مشاعرهم الطاهرة والبريئة- وهم املنا- لا يردون عليهم بأسلوب مدروس فهؤلاء يقولون (الثورة انتصرت ولم يتغير شي‏ء) أليس كذلك؟ حسناً فليكن ردكم أيها الشباب: (تعالوا لنحدد المطالب التي كان ينادي بها شعبنا ولنرى هل تحققت أم لا؟) لنعد قليلًا إلى الوراء، لنرى.

أمريكا لا تستطيع ارتكاب أية حماقة

في ذلك الوقت الذي نزل شعبنا إلى الشوارع، رجالنا، نساؤنا شبابنا، ماذا كانت مطالبهم؟ وهل تحقق لهم ما أرادوا؟ ما كانوا يطالبون به والذي تصدر هتافاتهم في تظاهراتهم على امتداد البلاد كان بيناً وواضحاً (الاستقلال، الحرية، الجمهورية الإسلامية) هذه الكلمات الثلاث كانت على لسان الجميع. في ذلك الوقت كان همهم الوحيد اسقاط ذلك النظام واستبداله بنظام جديد، والحصول على الحرية التي حرموا منها طوال خمسين سنة- ان لم نقل 2500 سنة- وإقامة دولة مستقلة غير خاضعة أو أسيرة لأحد، هذه كانت المطالب الأولية والأساسية لشعبنا. فهؤلاء القائلون بأن الثورة انتصرت ولم تحقق شيئاً، انما يريدون القول أن المطالب الأساسية لشعبنا لم تتحقق، يعنى أن النظام‏ الشاهنشاهي لا يزال قائماً، ولا تزال سياسة الكبت قائمة، وأن من يملون علينا قراراتهم من سفارات الدول الكبرى لا زالوا موجودين وأن حكومتنا وشعبنا تحت سلطتهم.

حسناً، إذا قالوا لكم ذلك، ردوا عليهم بالقول: لقد تحققت للشعب مطالبه، فالحرية هي التي جمعتنا وإياكم هنا، هل كان باستطاعتكم قبل خمس سنوات أن تعبروا عن آرائكم بحرية كتعبيركم اليوم؟ انها الحرية التي جعلتكم تعبرون عن آرائكم أمام الجميع، وفي كل مكان وهي التي جعلتكم قادرين على انتقاد النظام. إن هذا كله يعتبر مصداقاً للحرية، ولا يوجد هناك من يمنعكم من ممارسة حقكم بالانتقاد، اذاً فالحرية محققة الآن، يعني الحرية هي أحد الأشياء التي ناضل من أجلها شعبنا وقد حصل عليها.

كذلك الأمر بالنسبة للاستقلال، فإذا ما قالوا: (أن الأمور لا تزال في يد أمريكا) فإنكم رأيتم كيف قام شبابنا باقتحام السفارة الامريكية، مركز الفساد والتجسس والتآمر، واعتقلوا من فيها من الأمريكيين، فأمريكا لا يمكنها ارتكاب أي حماقة، وليكن شبابنا على ثقة بأنها لن ترتكب حماقة ويخطي‏ء من يظن أن أمريكا ستتدخل عسكرياً، أو يمكنها ذلك؟ انها لا تستطيع ذلك، فأنظار العالم كلها متوجهة إلينا. فهل يمكنها الوقوف أمام العالم بأسره والتدخل عسكرياً؟ تخطي‏ء كثيراً ان فعلت ذلك. أصلًا حتى لفظ (إذا) الذي يتصدر تعابير شبابنا الانفعالية. (إذا قام الامريكان بأي عمل عسكري فماذا علينا أن نفعل) يجب ان لا يرددوها.

إن ما يعانيه الامريكان من مشاكل وما ينتظرهم منها، يجعلهم عاجزين عن التدخل عسكرياً. ولو كانوا يستطيعون ذلك، لقاموا بتأمين الحماية العسكرية للشاه ونظامه، لكنهم اقتصروا على الحماية الاعلامية والدعائية وشعبنا لم يكترث بكل ذلك. ولم تكن أمريكا وحدها التي حاولت حماية الشاه بل جميع القوى الكبرى اتحدت في سبيل ذلك ولكنهم فشلوا، لأن ارادة الشعوب لا يمكن أن تهزمها قوة وان عظمت. إن تدخلاتهم كانت ولا تزال تعتمد على التآمر والشيطنة، وإذا ما أرادوا القيام بعمل ما، أجبروا شبابنا على التظاهر والمشاركة في المظاهرات، ثم بثوا عملاءهم بين المتظاهرين، لخلق شجارات مصطنعة لا تلبث أن تمتد لتعم جميع المتظاهرين وتتحول إلى فوضى، ليحرمونا بذلك من الهدوء والاستقرار الضروريين لمعالجة قضايا البلاد ومشاكلها والتقدم في مسيرة الاصلاح. انهم يعمدون في تحقيق أهدافهم إلى هذه الطرق الشيطانية. ويبثون شياطينهم بين هؤلاء الشباب الطيبين، فيثيروهم ويشجعونهم على التظاهر، بأساليب مختلفة، بالكتابة على الجدران، وترويج الشائعات ... فيخرج الشبان إلى الشوارع للتظاهر. تظاهرات محقة، إلا أن أولئك يستغلونها لصالح باطلهم.

من مخططات الشياطين المشؤومة

إن هذه القضية تعد اليوم حديث الساعة، قضية احتلال السفارة الامريكية، بل وكر التجسس والتآمر الامريكي، الذي كشف شبابنا الكثير عنه، وفي هذا الصدد أعلمونا بأن ثمة تحركات لاقامة تظاهرات دفاعا عن بازركان في كل من تبريز وطهران واماكن أخرى من البلاد، حسناً، هذا ما يريده هؤلاء ولكن لا أعلم هل سيوفقون لذلك أم لا. فهم يريدون استغلال هذه التظاهرات والاجواء الملتهبة اثر احتلال السفارة الامريكية، والتلاعب بأحاسيس الشباب وتحريضهم على احتلال سفارات أخرى مثل سفارة العراق او أفغانستان أو غيرها، ليضعوا الجمهورية الإسلامية في مواجهة مع كل العالم، انهم يخططون بهذه الطريقة، على شبابنا التحلي بالحيطة والحذر وعدم الانخداع بذلك.

فهؤلاء الذين يدعون إلى التظاهر دفاعاً عن بازركان، أكان السيد بازركان مخالفاً لمجلس الثورة ليفعلوا ذلك؟ كلا. إذاً ما هذا إلّا أسلوب من أساليبهم الشيطانية. والواقع أن السيد بازركان قد تعب قليلًا، ولديه بعض الاعذار قرر على ضوءها الاستقالة، ولكن هذا لا يعني ذلك أن يكون بعيداً عن الأمور السياسية، انه واحد من الاشخاص الذين كانوا موضع احترام الجميع، فلا تظنوا أن اية اساءة وجهت اليه. كلا أبداً، ان له احترامه، وهؤلاء الشياطين الذين يدعون الناس للتظاهر، لا يفعلون ذلك لوجه الله، وانما لديهم لعبة يريدون أن يلعبوها من خلال استغلالهم لمشاعر الجماهير وحشدهم للتظاهر، فربما يعمدون إلى قتل شخصٍ أو تحطيم واجهات المحلات أو البنوك أو اختلاق نزاعات وشجارات، فينقضون على بعضهم البعض وتتحول المظاهرات إلى مذابح وفوضى كبيرة، تعيق الجمهورية الإسلامية عن القيام بأعمالها الأساسية، ويظهروها على أنها عاجزة عن تحقيق ما تعد به. فهؤلاء يخططون ويعملون على هذا النحو، ومسألة التدخل العسكري ليست مطروحة عندهم أبداً، انهم يستفيدون من قوتنا لتمرير مخططاتهم وتحقيق اهدافهم. لا حظوا مثلًا ما حصل في كردستان، والمستفيدين منه؟ لم يأت حتى جندي أمريكي واحد للتدخل هناك، لكنهم استعملوا أساليبهم الشيطانية، وسخروا لتنفيذ هذه المهمة جماعة من المنحرفين واللصوص والعملاء وهؤلاء بدورهم استغلوا بساطة بعض الأكراد وراحوا يبثون بينهم الشائعات، بأن الهدف الأصلي من قدوم الجيش الايراني إلى كردستان، هو سحق الأكراد، في حين ان جيشنا ذهب إلى هناك ليمنع هؤلاء المجرمين من تنفيذ مخططاتهم ومؤامراتهم ومن قتل الأبرياء وقطع الرؤوس وايذاء الناس، بيد ان هؤلاء يكتبون فوراً باننا نهدف إلى احتلال كردستان وسحق الأكراد.

أمريكا العدو رقم واحد للشعب الايراني‏

هؤلاء الاشخاص الذين يطلقون على انفسهم اسم (فدائيو الشعب) 1 لم أسمع أنهم أيدوا احتلال شبابنا للسفارة الامريكية، إذا لم يكن هؤلاء موالين لأمريكا، فلماذا لم يؤيدوا احتلال السفارة؟ اذا كانوا موالين للسوفييت أو من الوطنيين حقاً فيجب أن يكونوا أعداء لأمريكا، مثلما أن شعبنا بأسره عدو لها ويعتبرها عدوه الأوّل، لأنها أمّنت لعدوه الأوّل- الشاه- الحماية واستقبلته في أمريكا ومنحته اللجوء، فعندما كان يحكم هذا الخائن أو ازلامه، كانوا اذناباً لأميركا. كانوا مكلفين بمهمة من أجل وطنهم وهي أن لا يدعوا هذا البلد يتقدم خطوة إلى الأمام. فنحن وأنتم والشعب جميعاً نعلم أن عدونا الأول هو أمريكا، والآن عندما احتل شبابنا السفارة الامريكية اكتشفوا أنها مركز للتآمر والتجسس وما هي بسفارة أصلًا، ومع هذا لم أسمع أن (فدائيي خلق) أيدوا هؤلاء الشبان مع أن كل الفصائل والتنظيمات أيدت ذلك، بالنسبة لي لم أسمع تأييدهم لعلكم سمعتم أنتم بذلك، ولو أن القضية كانت ضد الحكومة أو الإسلام لرأيتم كيف كانوا سيخوضون فيها، فمن أساليبهم، اصدار منشورات موقعة باسم (ميليشيات فدائيي خلق)- لدي بعضاً منها في المنزل- مليئة بالأكاذيب لإعاقة الثورة من تحقيق أهدافها منها ادعاءهم أن شيئاً لم ينجز في كردستان، مع أنكم قرأتم حجم المشاريع التي تم انجازها في كردستان، رغم كل العقبات الموجودة فالقيام بمشاريع وأعمال أساسية يحتاج إلى جو هادي‏ء وأوضاع مستقرة، فهل من الممكن تعبيد الطرقات في مدينة تستعير فيها نار الحرب؟ كلا بالتأكيد، إلّا إنكم رأيتم كم من الأعمال تم انجازها في كردستان، وشاركتم أنفسكم في انجازها. ثم يأتي هؤلاء وبدون ذرة من الحياء، ليقولوا بأن شيئاً ما لم ينجز وكردستان لا تزال على حالها.

الفرق بين السجناء السياسيين في عهد الشاه وعهد الجمهورية الإسلامية

في إحدى كتاباتهم قالوا أن السجون السياسية كانت موجودة في عهد محمد رضا وهي موجودة الآن وربما أكثر من السابق، السجون السياسية؟!! انهم لا يدركون أن ما يطلقون عليه السجون السياسية كانت في عهد محمد رضا خان، فهو من كان يفعل ذلك، ولكن هل تعدون اللصوص سجناء سياسيين؟! أولئك الذين تصدوا للحكومة والشعب وأولئك الخونة تعدونهم رجال سياسة؟ هل نصيري يعد من رجال السياسة؟ هل هويدا يعد من رجال السياسة ... أم من اللصوص؟ أنتم تشوهون صورة رجال السياسة عندما تطلقون على‏ هؤلاء العملاء واللصوص رجال سياسة! هل تعد عناصر السافاك 2 رجال سياسة؟ فالذين في محاكمنا وسجوننا الآن هم من عناصر السافاك ومن الخونة ومن الذين قتلوا الابرياء أو أمروا بقتلهم، ومن الذين عذبوا شبابنا. لقد مارسوا الإجرام مع جميع طبقات الشعب. في عهد محمد رضا. أية طبقة من الناس كانت في السجون؟ العلماء، الجامعيون، الوطنيون هؤلاء كانوا في السجون. أمّا الآن فمن هم نزلاء السجون؟ عناصر السافاك. فكيف تسمون هؤلاء السافاكيين رجال سياسة ان لم تكونوا أنفسكم سافاكيين؟ لو لم تكونوا من عناصر السافاك، أو تخدمون السافاك، ما كنتم تسمون هؤلاء المسجونين الآن برجال سياسة .. تقولون أن السجون السياسية أصبحت الآن أكثر من العهد السابق! أتعتبرون اللصوص من رجال السياسة؟ قد بات من المعلوم أن مفهومكم للسياسة هو غير مفهوم شعبنا الأصيل، وإلا لاستطعتم التمييز والتفريق بين سجناء العهد البائد وسجناء اليوم، ولما قلتم أن السجناء في العهد البائد وفي هذا العهد كلهم رجال سياسة؟ سجناء العهد السابق كانوا أناساً شرفاء امثال المرحوم الطالقاني والمنتظري ولاهوتي والكثير من العلماء والشرفاء الذين عانوا من أقسى أنواع التعذيب، حتى أنه نقل لنا، أنهم قاموا بنشر رجل أحد العلماء بالمنشار. ومن غير علماء الدين كان هناك رجال سياسة محترمون قضوا سنوات عديدة في السجون، سنوات تعرضوا فيها لأنواع القهر والتعذيب فقط لأنهم كانوا معارضين للنظام. في ذلك الوقت كان أمثال هؤلاء الشرفاء في السجون، أمّا الآن فرجال السافاك في السجون، ثم يأتي من يطلقون على أنفسهم (فدائيي خلق) ليخدعوا الناس البسطاء بأن الجميع رجال سياسة ولا يوجد ثمة فرق بينهم، ينزلون اللصوص والقتلة والمجرمين بمنزلة الذين ناضلوا ضد الظلم والاجرام والنهب، وشتان ما بين هؤلاء وأولئك.

على شبابنا أن يتوخوا الحذر ولا ينخدعوا بأمثال هكذا دعايات مغرضة، فإن اسلوب أمريكا هو هذا، فهي لن تحضر عسكرياً واحداً إلى هنا، ولكنها تصنع كتاباً، وخطباء وأناساً متسترين بزي الفكر والثقافة، يربونهم لسنوات عديدة ثم يرسلونهم إلى هنا، ليبعدوا الناس عن دينهم ويدمروا البلد وينشروا الفوضى، لإضعاف جمهورية الإسلام والثورة. هكذا فعلوا في كردستان، وهكذا اججوا الاوضاع في طهران، وهكذا يخلقون الاضطرابات في الجامعات وفي كل مكان. هذه هي طريقتهم فلنحذرها.

فاليوم احتل شبابنا وكر التآمر والتجسس الامريكي، وفي المقابل قامت أمريكا بتأمين الحماية لأسوأ خلق الله واعتى الجناة 3 وأخذوه عندهم وأستضافوه في بلادهم بحجة أنه‏ مريض وبحاجة إلى العلاج. انظروا إلى هذه الحجة الواهية التي تمُجها الفطرة الإنسانية.

واليوم أيضاً يتآمرون علينا وذلك باستغلال صفاء السريرة عند شبابنا، بأن يشيعوا بين الشباب أن الانكليز كالامريكان لا فرق بينهم، فيقومون بالهجوم على السفارة الانجليزية فيخربونها، العراق أيضاً مثل أمريكا ولا فرق بينهما، فيهجمون على السفارة العراقية ويخربونها وهكذا فرنسا... وبهذه الطريقة ينشرون الفوضى في البلاد، ليعطوا فكرة للعالم عنا بأننا شعب همجي لا توجد لدينا أنظمة ولا قوانين وكلٌّ يفعل الذي يحلو له، ليظهروا للعالم بأن بلادنا تحتاج إلى قيّم، ومن هو هذا القيم؟ انه السيد كارتر، السيد كارتر نفسه يحتاج إلى قيّم يمنعه من قتل كل هذه الأعداد الكبيرة من الناس. إن ذلك يعتبر جنوناً سياسياً، إنه وأترابه مجانين، لشدة ما يعرضون الناس للقتل وينشرون الفساد في الارض. انهم مجانين يجب معالجتهم في مشافي الامراض العقلية، يجب أن تعالج عقولهم، انهم يريدون إن يعطوا فكرة للعالم عنا بأننا شعب فوضوي متوحش. نقلوا عن شخص- لا أذكر أسمه- أنه قال: في إحدى التظاهرات في عهد محمد رضا، وقف بجانبي أحد الامريكان وقال: انظر كم هؤلاء متوحشون! فقلت له: هل هم متوحشون لأنهم يريدون الحصول على حقوقهم؟ أنهم يريدون أن يصوروننا بهذه الطريقة، حتى عندما نطالب بحقوقنا ونقول الحق، ينسبوننا إلى المتوحشين.

مؤامرات العدو الكبرى، بث اليأس من الثورة

شبابنا الأعزاء كونوا على حذر، لا تصدقوا كل ما يقال، لأن من اساليب الاعداء نشر كل ما من شأنه ان يبعث اليأس على نفوس الناس من الثورة، فيروجون لدعايات من قبيل أن الثورة انتصرت وقام النظام الإسلامي، إلا أنه لم يتحقق شي‏ء لحد الآن. فإن كان القصد مشاريع المرحلة الأولى، فقد بينت سابقاً بأنها انجزت جميعاً، وأما المشاريع الأخرى فهي طور التنفيذ، فكم من المشاريع التي تم انجازها في حكومة بازركان، وكم من الشقق السكنية تم احداثها، ثم يأتي هؤلاء الغير منصفين ليقولوا انه لم يتم انجاز شي‏ء، كم قدمت مؤسسة جهاد البناء والمتشكلة من أفراد الشعب، من خدمات للفلاحين والمزارعين؟ رغم كل هذه الخدمات والمكاسب، يأتي هؤلاء ليقولوا انه لم ينجز شي‏ء. ان هؤلاء الذين يقدمون أنفسهم على أنهم (فدائيو الشعب) يحرقون بعود ثقابٍ واحد محصول عامٍ من جهود الفلاحين. و يطلقون رصاصة على انبوب النفط فيقضون على أتعاب وجهود هذا الشعب. هذا هو كل ما يقدرون عليه، تساندهم فيه أمريكا. فأمريكا لا تُرسل عسكرياً واحداً إلى هنا وإنما ترسل ما هو أسوأ من ذلك. فالمتآمرون أسوأ من العسكريين، الإنسان‏ يعرف كيف يتصرف مع العسكري، عندما يتقدم العسكري خطوة نحن أيضاً نتقدم خطوة. إذا جاء العسكري الأمريكي فسوف يتقدم جميع أبناء الشعب لمواجهته. لا تخافوها من هذه الناحية، ولكن احذروا من مؤامراتها واسعوا لإحباطها. وأنتم أيها الشباب قاوموهم إذا دخلوا جامعاتكم لإثارة الفوضى، أو إذا كنتم في المعامل فلا تتوانوا في طردهم إذا أرادوها بشر. وكذلك إذا كنتم في مؤسسة جهاد البناء ورأيتموهم هناك فاعملوا على احباط مؤامراتهم. اينما كنتم حاولوا أن تجهضوا تحركاتهم ولا تمهلوهم ليستجمعوا قواهم ويتمكنوا منكم، انهم الخادم الأول لمن نعتبره عدونا الأول.

ان الموضوعات التي تفضلتم بها كانت محور حديثي معكم. لا تتوقعوا أن ترجع كل الأمور إلى نصابها بعد قيام الثورة مباشرة، هذه المسألة تحتاج إلى وقت، فبلدٍ كهذا خربوا كل شي‏ء فيه ولاذوا بالفرار. قضوا على اقتصاده واثقلوه بالديون ثم ولّوا هاربين، يحتاج إلى بعض الوقت لإعادة الأمور إلى نصابها.

الوعي السياسي والفكري للشعب‏

بهمتكم وعزيمة الشعب نقيم حكومتنا المستقرة ونجري انتخابات نزيهة، فالشعب يعرف رموزه الصالحين. وليس بحاجة إلى أن نفهمه ذلك، يعرف بنفسه من هو الرجل الصالح، ومن هو الطالح، هناك بعض الأشخاص يفرضون أنفسهم على الشعب فرضاً وهذا يحدث أحياناً وليس دائماً، ولكن كل واحد وفي أي مدينةٍ كان، سوف يعرف حقيقة هؤلاء الأشخاص بحكم تواجده في المجتمع، ويعرف أيضاً من كان من الخيرين ومن كان الفاسدين رغم انه لم يكن يستطيع الكلام.

على الشعب أن ينتخب الذين عرفهم من قبل بأنهم خدام له والذين تتحرق قلوبهم أسى على المستضعفين في هذا البلد. نحن لا نريد تشكيل مجلس للأعيان، يجب أن نبدّل هؤلاء الأعيان وأن نجعلهم آدميين، لقد ارتكبوا خيانات كثيرة بحق بلدنا.

إن مجلس الشيوخ ومجلس الأعيان و... ما هو إلا مجموعة من الطفيليين كبار السن ممن هم في اواخر عمرهم، وبعد كل الخيانات التي يرتكبونها يذهبون ليلتقوا مع بعضهم وربّما يتحدث أحدهم إلى رفيقه عن دوائه أو غذائه ويأكلون مال الشعب، مثل هذا المجلس قد أغلقنا ابوابه وانتهى أمره، ليس لدينا مجلس أعيان، وإنما مجلس شورى، وهذا بدوره لا نريد أن يكون مؤلفاً من تلك الطبقة المرفهة، ولكن من الناس الذين يعرفون ماضي هذا البلد وما عانى خلال خمسين عاماً من حكم النظام الشاهنشاهي أو على الأقل في هذه الفترة التي عاصرتموها. فأمثال هؤلاء يعرفون الأشخاص السابقين ممن كانوا في‏ مدنهم وقراهم، ورأوهم ماذا فعلوا سابقاً وكيف كانوا يؤذون الناس بشكلٍ علني. لذا ينبغي عدم السماح لهم بدخول مجلس الشورى، وفسح المجال امام الاشخاص المعروفين بأمانتهم وتدينهم وخدمتهم للناس.

النتائج المترتبة على ولاية الفقيه‏

إحدى المؤامرات التي يلجأون إليها لزرع اليأس في نفوس شبابنا هي اضعاف ثقتهم بدستور البلاد. اسألوهم: هذا الدستور الذي تقولون أنه رجعي، أي مادة من مواده تتسم بالرجعية؟ فأول ما سيشيرون إليه هو ولاية الفقيه، لأنها مبدأ اسلامي، وهم يخافون من الإسلام، لأنه بنظرهم رجعي، ولكنهم لا يجرأون على القول أن الإسلام رجعي وإنما يقولون؛ إن هؤلاء يريدون أن يرجعوننا ألف وأربعمئة سنة الى الوراء، و كلامهم هذا لا يختلف في مفهومه عما ذكرناها، سوى أنهم حذفوا كلمة الإسلام ولم يذكروها. كل هذا الرفض لولاية الفقيه، هذا المبدأ الإسلامي الراقي الذي لا نظير له في كل دساتير العالم، وهو ان شخصاً عرف من قبل الشعب بأخلاقه العالية وتديّنه ووطنيته وعلمه، ويتولى مهمة الاشراف على سير عمل جميع السلطات والمؤسسات، كي لا تحيد عن خط الإسلام ومصلحة الشعب، أو أن ترتكب خيانات فيها. فالهدف من وجود هكذا فقيه قضى عمره في خدمة الإسلام ولأجل الإسلام، على رأس السلطة، هو لضبط الأمور لئلا ترتكب مخالفات أو خيانات من قبل كبار المسؤولين، كرئيس الجمهورية أو قادة الجيش والشرطة وغيرها من السلطات والمؤسسات. طبعاً ان شاء الله من الآن فصاعداً لن يكون عندنا رؤساء جمهورية أو قادة جيش أو قادة عسكريين منحرفين وخونة، ولكن لمزيد من الاطمئنان وضبط الأمور تم وضع هذا الفقيه كناظر عليهم، ليشرف على الأمور الحساسة ويتعاطى معها كما يملي عليه الإسلام، وهذه المادة تعد أرقى مواد الدستور التي تمت المصادقة عليها، وأخطر مادة على أعداء الإسلام.

خشية الأعداء من اسلامية النظام‏

أولئك الذين يرفعون عقيرتهم ويتساءلون: ما الذي يمكن أن يقدمه الإسلام؟ ويريدون لنظام الحكم أن يكون جمهورياً ديمقراطياً ولا يريدون أن يكون اسلامياً، انما يفعلون ذلك خشية من الإسلام .. عن أي ديمقراطية يتحدثون؟ وهل هناك معنى واحد محدد للديمقراطية تتفق عليه الدول؟ وهل هناك دولة في العالم ملتزمة بأسس الديمقراطية؟ وأي من هذه الدول العظمى تعمل وفق موازين الديمقراطية؟ ففي كل مكانٍ تُفهم‏ الديمقراطية بشكل مغاير: في الاتحاد السوفيتي لها معنى، وفي أمريكا لها معنى آخر، وعند أرسطو لها معنى ثالث مختلف. ونحن نقول أن شيئاً غامضاً كهذا ليس لديه معنى محدد، لا يمكن أن نضعه في دستورنا بحيث يفسره كل شخص على هواه، نحن نؤمن بالإسلام والإسلام له معنى واحد وواضح في كل مكان ويعرفه المسلمون كافة. نحن ندعو لجمهورية اسلامية وشعبنا هو الذي اختارها ما عدا واحد أو اثنين بالمئة عارضوا ذلك، وهذا لا يعني أنَّ شعبنا لا يريد نظاماً اسلامياً. فهم يرفضون الجمهورية الإسلامية لأنهم يخشون من اسلاميتها وليس من الجمهورية، وها هم الآن يرفضون مجلس الخبراء، وسيأتي اليوم الذي يرفضون فيه مجلس الشورى أيضاً، وبعد ذلك ربما يرفضون الاستفتاء العام على الدستور. إنَّ الذي يؤرقهم جميعاً هو لماذا الإسلام؟ هذه هي عقدتهم. أما شعبنا فهدفه الأساسي هو الإسلام، لأنه يرى فيه تحقيق ما يصبو إليه من خير الدنيا والآخرة.

شعبنا يريد الإسلام ولذلك وقفوا ضده! أما لو قال أنه يريد جمهورية فقط لصفقوا له جميعاً وقدموا له التهاني والتبريك، ولكنهم احجموا عن ذلك عند سماعهم كلمة (الإسلام) لأنه رجعي! هكذا ينعتونه، إنهم يعتقدون أن الله رجعي. إنهم أناس على هذه الشاكلة، لو كانوا يعتقدون بوجود الله- ولا يعتقدون بذلك- فهم يسيئون للرسول أكثر من إساءتهم لكم، لأنه هو الذي وضع اسس الإسلام، إنه نبي رجعي لأنه هداكم إلى الإسلام، إنه رجعي لأنه قطع أيدي الخونة عن هذه البلاد، وهذا في نظرهم رجعية، فهو رجعي لأنه جعلكم تقررون مصيركم بأنفسكم. لا أدري متى سيصحى هؤلاء ومتى سيكفّون عن مخالفتهم للإسلام وعن مغالطاتهم هذه؟ للأسف فبدلًا من أن يخدموا الشعب ويقدروا تضحياته للتخلص من اللصوص وقطع أيدي المتطفلين والانتهازيين ومعاقبة شلة من المجرمين، يجلسون في بيوتهم ويخططون للتآمر ما استطاعوا ضد هذا الشعب. ان الإنسان يأسى على هذه الأفكار التي يحملونها، يكررون على الدوام: رجعية .. رجعية! ويقصدون بها رجعية الإسلام، ولكنهم لا يجرأون على قول ذلك حتى أن بعضهم قالها بصراحة لكنه تاب بعد ذلك، ولا نعلم إن كانت توبته حقيقية أم لا.

الأقلام المجندة لخدمة أمريكا

تحلى باليقظة أيها الشعب! اصحوا أيها الشباب، أمريكا لن تحاربكم بالسيف ولكنها ستحاربكم بالقلم، أمريكا لن تهجم علينا بالقوة العسكرية ولكنها ستأتي بمساعدة أولئك الذين جندتهم لصالحها، كونوا على حذر من ألاعيبهم، ولا تدعوا كلامهم يؤثر فيكم. لقد تحقق الكثير بعد الثورة. لا تظنوا أن انتصاركم على هذه القدرة الشيطانية والتي‏ كانت مدعومة من قبل كل قوى الاستكبار العالمي، أمر بسيط. انكم بعملكم هذا أوجدتم لأنفسكم مكانة عالمية، وأصبحتم رمزاً وقدوة لشعوب العالم لا سيما الشعوب المستضعفة. فلا تشوّهوا هذا الانتصار بتمسككم بأمور تافهة، كأن تقولوا: أن الطريق معبد امام دار فلان على نحو أحسن من دار فلان وهكذا أمور. فهل ضحيتم بدماء أبنائكم لتحصلوا على طرق معبدة؟! انكم ثرتم وضحيتم بهذه الدماء لأجل الله، والذي يعمل ويضحي لأجل الله، يترفع عن طلب هكذا أمور. ان التضحية في سبيل الله تسمو على كل شي‏ء، لا تمضوا أوقاتكم بالشكوى وكل يوم تأتوا إلى هنا شاكين، دعوا هذه الشكاوى إلى وقت آخر فإننا الآن لا نزال وسط الطريق، وأمامنا الكثير مما يجب فعله، يجب أن نقضي على هذه القوة الشيطانية بشكل كامل، يجب أن نقضي على هؤلاء المتآمرين. لا تدعوهم يؤثرون فيكم باشاعة أن شيئاً ما لم يتحقق بعد الثورة.

قارنوا بين ما يقولون وما تحقق. اسأل الله أن يحفظكم جميعاً وأن يحفظ لنا شبابنا الذين جاهدوا وضحوا من أجلنا ومن أجل الإسلام. اني أدعو لهم بشكل دائم وإني خادمٌ لهم دوماً، ولو كنت مستطيعاً لالتحقت بهم في خدمة الناس، لم تعد السن تسمح بذلك، ولا أملك إلا هذا اللسان الضعيف. أسأل الله أن يحفظكم جميعاً ويوفقكم لما فيه خير الدنيا والآخرة.

* صحيفة الإمام، ج‏10، ص:389,380


1- ( فدائيو خلق).
2- السافاك: جهاز المخابرات الايراني في عهد الشاه.
3- محمد رضا بهلوي.

2011-05-14