الموضوع: تحذير من قيام محمد رضا بهلوي بتهريب المجوهرات الملكية
نداء
المخاطب: الشعب الإيراني
عدد الزوار: 144
التاريخ: 4 آبان 1357 هـ. ش/ 23 ذي القعدة 1398 هـ. ق
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
المناسبة: الرابع من شهر آبان ذكرى ميلاد الشاه
المخاطب: الشعب الإيراني
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الاوضاع الراهنة في إيران تقلقني للغاية. إني أخشى ان يؤدي الضغط العصبي الشديد الذي يتعرض له الشاه واقربائه، إلى تصعيد الهجمات الجنونية الجماعية وارتكاب المزيد من المجازر بحق الشعب الإيراني .. فالمذابح الجماعية في مدينة كرمان واحراق المسجد ومقدسات المسلمين وضرب الرجال والنساء العزل في تلك المدينة، والمجزرة الوحشية في مدينة همدان وبعض المدن الاخرى شرق إيران وغربها وشمالها وجنوبها حيث لا يمكن عد المدن الاخرى، لهي نموذج لهذا الجنون. إن ارتكاب هذا النوع من الجرائم من قبل اناس يئسوا من مواصلة حكمهم الجائر وباتوا يلفظون أنفاسهم الاخيرة، هو أمر متوقع وقد تكهنت به من قبل.
ان على الشعب النبيل المظلوم والاجنحة المناصرة للإسلام والبلد، تجريد العدو من قدرته على التفكير وانهاء الحكومة الغاصبة بأسرع وقت، ذلك ان هذه الخطة الشيطانية هي من السياسات الاجنبية التي تستهدف ارهاق الشعب الإيراني الغيور ليتوقف عن الانتفاضة ويدع المجال للنهب والخيانات، وذلك بواسطة المجازر المتتالية واضرام النار في محال المؤمنين المناضلين. يبدو ان العدو يجهل ان الشعب الواعي والباسل والثائر، لن يهدأ حتى اسقاط هذا الكيان الفاسد وقطع دابر الأجانب المغيرين على ثروات الشعب.
وكما علمت، فان الشاه أقدم مؤخراً على جريمة اخرى تمثلت في تهريب المجوهرات الملكية التي هي من أموال هذا الشعب البائس، وكذلك بيع العقارات والمؤسسات العائدة لهذا الشعب عن طريق اقاربه.
لابد من مواصلة النضال الايجابي والسلبي، وطرد هذا الشقي باسرع وقت من البلاد. إن طرح شعار تنفيذ الدستور من قبل أذناب الشاه في المجلسين مؤخراً، ليس اكثر من خيانة للإسلام والبلاد. إن نغمة الابقاء على النظام ورحيل الشاه يعني قتل الافعى وتربية ابنها.
لقد سجل شعبنا اسمه في التاريخ وفي الصف الاول لمجاهدي الإسلام بانتفاضته البطولية والتضحية بدماء ابنائه الاعزاء. ان التراجع اليوم عار وشنار وانتحار. وليعلم معارضو الشاه من أية فئة أو جماعة كانوا، بأنهم لو منحوا الفرصة إلى هذه الافعى الجريحة، سوف يتلقون ضربات تؤدي إلى ان يرزحوا إلى الابد تحت هيمنة الاجانب وعملائهم. اننا مسؤولون امام الله تعالى والاجيال القادمة.
أعزائي! لا تهابوا الفداء والتضحية بالروح والمال في سبيل الله والإسلام والشعب المسلم، فهو اسلوب النبي الاكرم وأوصيائه واوليائه، وان دماءنا ليست اعز من دماء شهداء كربلاء التي اريقت احتجاجاً على السلطان الجائر الذي كان يدعي تمسكه بالإسلام وبأنه خليفة المسلمين. انتم الذين نهضتم من اجل الإسلام وضحيتهم بالروح والمال، تقفون في صفوف شهداء كربلاء، لانكم تسيرون على نهج مدرستهم. ولابد لي هنا من التذكير ببعض القضايا:
أولًا: يجب على شعبنا، سواء العلماء والسياسيين والجامعيين والكسبة والفلاحين والعمال والموظفين، عدم التراجع خطوة واحدة عن الموقف الحازم الذي اتخذوه لحد الآن وهو إزالة النظام البهلوي المنحط ونيل الاستقلال والحرية في ظل حكومة العدل الإسلامية، إذ ان التراجع يصعّد مذابح الشاه الوحشية، والوهن في هذا الطريق يذهب بدماء شبابنا الاعزاء هدراً، وان مسؤولية ذلك تقع على عاتقنا جميعاً.
ثانياً: لا تهابوا التصريحات الفارغة لأميركا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي الداعية إلى دعم الشاه للحفاظ على مصالحهم، ولاشك انكم لن تهابوها. فالتاريخ يشهد بأن أية قوة لا تستطيع ان تطفئ لهيب قلب شعب مظلوم ثار لبلوغ الحرية والاستقلال. إن شعبنا لا يطيق الشاه وجرائمه وحاشيته، وان حماة الشاه سوف يخسرون خسراناً كبيراً. نحن نطالب بحقوقنا والحق معنا ويد الله معنا وهي فوق ايدي قوى الشرق والغرب الكبرى، ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾1.
ثالثاً: بلغوا سلامي إلى قادة الجيش الموقرين والى القوات البرية والبحرية والجوية. وبعد التحية والسلام قولوا لهم: ان إيران بلدكم وان الشعب الإيراني شعبكم، فالتحقوا بهذا الشعب. انني اعلم ان كثيراً منكم وفياً للشعب وللبلد الإسلامي، وانكم مستاؤون من مجازر ونهب الشاه الخائن وأقربائه والمجرمين الدوليين. تصلني احياناً معاناتكم. ان شعبكم يمر بلحظات حساسة، وانكم مسؤولون اكثر من الآخرين امام الله المتعال والشعب الشجاع والاجيال القادمة.
لتكن همتكم بطولية، وحطموا اغلال الاسر، ولا تمنحوا الفرصة لخائن الإسلام هذا، وحققوا العزة لكم ولشعبكم. فالله سبحانه يعين من يخدم الإسلام والبلد.
رابعاً: ان كتّابنا الامناء، الذين عاشوا سنين طوال في عزلة حيث سلبتهم حكومة الاضطهاد والرعب، حرية التعبير، قد نالوا اليوم شيئاً من حريتهم نتيجة للدماء الزكية التي قدمها أبناء الإسلام البواسل، وينبغي لهم ان لا ينسوا اهدافهم الالهية، وعليهم المبادرة إلى عمل هام واساسي ألا وهو فضح الجرائم الاخيرة للشاه وازاحة الستار عن الجرائم الخفية واطلاع ابناء الشعب على ما يجهله. وبهذا العمل القيم يكونوا قد أدوا دينهم تجاه الإسلام والشعب.
اليوم حيث نهضت كافة الفئات لنيل الاستقلال والحرية، فان مسؤولية الكتّاب الموقّرين باتت حساسة للغاية. ان الشعب يقف امام مفترق طرق، الحياة أو الموت، الاستقلال أو العبودية الدائمة. إن الانحراف عن طريق الشعب ولو كانت خطوة واحدة، سيساعد في اضعاف معنويات الشعب الشجاع والقضاء عليه وخيانة الاسلام والمسلمين. ان على الكتّاب الافاضل عرض قضايا الشعب بجدارة ودعم هذه النهضة الإسلامية الكبرى.
خامساً: تسمع احياناً شعارات في الجامعات لصالح النظام. يجب ان يعلم الشباب بأن الصين والاتحاد السوفيتي شأنهم شأن امريكا وبريطانيا يقتاتون على دماء شعبنا. إني اطلب منكم تجنب الشعارات التي يستفيد منها الشاه، وعليكم الاعتماد على انفسكم وان لا تميلوا إلى الشرق والغرب. لا يخدعنكم اللصوص الدوليون. ان هؤلاء الذين يطرحون عليكم هذه الشعارات هم من عملاء النظام، فتجنبوهم، والتحقوا بالأصدقاء الآخرين .. عودوا إلى احضان الإسلام واقطعوا أيدي الاسرة البهلوية وسارقي النفط من بلادكم برفعكم شعارات التوحيد والإسلام، لان الإسلام يستجيب عملياً لمطالب ابناء الشعب المحروم كافة على العكس من ادعاءات التيارات الاخرى المخادعة، حيث ان قادتها تقول ولا تعمل دوماً وقد نهبت ثروات إيران وجعلتنا نغرق في الفقر والتبعية. اننا نرحب بكم ونفتح لكم قلوبنا ونقدم كل الخدمات. إن الإسلام جاء لانقاذ المستضعفين.
سادساً: إن اطلاق سراح بعض السجناء السياسيين بعد سنوات من المعاناة والتعذيب والحرمان من الحقوق المبدئية، هو الخروج من سجن إلى سجن اكبر. هل سيغفر الشعب الإيراني تلك الجرائم واساليب تعذيب القرون الوسطى التي ارتكبها الشاه في غياهب السجون ضد ابناء الشعب؟ هل ان اغتصاب حقوق شعب طوال سنوات متمادية، ضحى ابناؤه بكل انواع التضحيات لانقاذ وطنهم من شرّ الشاه والاجانب، جريمة لا تستحق العقاب؟ أليس الشاه المجرم الرئيس في كل الجرائم التي حلت بالشعب سيما السجناء السياسيين؟ ألا تجب محاكمة هذا المجرم الكبير بسبب الاغلال التي قيد بها كثيراً من المظلومين، وانزال العقوبة به؟ رغم ان جزاء جرائمه لا يكون إلّا يوم الجزاء. ان السجناء السياسيين يعلمون ان الحريات التي حصلوا عليها، جاءت إثر التضحيات البطولية للشعب الإيراني المسلم، وان شكرهم وتقديرهم تجاه هذه التضحيات يتجليان في مواصلة النضال حتى اسقاط النظام ونيل إخوانهم وأخواتهم الآخرين حريتهم.
وأنا منهمك في كتابة هذه الملاحظات، لا أدري ما يجري للأخوة والأخوات والامهات الإيرانيين. إن الرابع من شهر آبان هو يوم الحداد الوطني وبداية المصائب التي حلت بإيران المظلومة.ايها الاعزاء! تحلوا بالصبر لان الله مع الصابرين. لا تجعلوا وسوسة الشيطان تؤثر فيكم، وقد برهنت انتفاضاتكم المتكررة على انكم لا تتأثرون بذلك. ان الذين يقرأون عليكم آية اليأس، هم عملاء الاجانب والشاه الذين يريدون أن يوسوسوا لكم ليحافظوا على الشاه ومصالح الناهبين ..
حاولوا دعوة هؤلاء إلى الصراط المستقيم، فان أبوا، اتركوهم وازرعوا اليأس في نفوسهم. إن انتفاضتكم هي لله، ومن اجل انقاذ الامة الإسلامية، وان تحملكم ومعاناتكم في هذا الطريق لهي عبادة كبيرة، وبالفضل الالهي سيكون لكم ثواب مجاهدي صدر الإسلام. ان الله يسدد خطاكم في طريقه الطويل، مثلما سدد خطى الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) خلال معاناة اكثر من عشرين سنة. أسأل الله المتعال النصر للإسلام وانقاذ المسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج4، ص: 104-107
1- سورة الفتح، الآية 10:( إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله، يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجراً عظيماً).