يتم التحميل...

المناسبة: وصول حكومة عسكرية إلى السلطة

نداء

المخاطب: الشعب الإيراني‏

عدد الزوار: 131

التاريخ: 16 آبان 1357 هـ. ش/ 6 ذي الحجة 1398 هـ ق‏
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
المخاطب: الشعب الإيراني‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

6 ذي الحجة 98

السلام والتحيات الوافرة إلى الشعب الإيراني الشجاع! الشعب الوفي الذي زلزل قصور الناهبين بتضحياته من أجل احياء الإسلام واستقلال البلاد .. الشعب الذي لم يعبأ باقتراح سياسة المصالحة الوطنية واعتبرها خدعة .. الشعب الذي يضحي بنفسه وبشبابه للتخلص من نير الجائرين الناهبين ويحطم النظام الملكي ويقيم حكومة الجمهورية الإسلامية بالاعتماد على آراء الشعب.

رغم علمي بأن خداع الشاه وليونته اللفظية وارهابه العملي، لا يؤثر في الصفوف المتراصة لشعبنا العظيم، إلا إنني أجد لزاماً عليّ تذكيركم، أيها الأعزاء، ببعض الأمور كلما اقتضت الضرورة ذلك:

أولًا: إن الهدف هو ما ذكرته في خطاباتي ونداءاتي:
أ- إسقاط الحكم البهلوي والنظام الشاهنشاهي المنحوس.
ب- إقامة نظام الجمهورية الإسلامية المرتكز إلى تعاليم الإسلام، والمعتمد على آراء الشعب.

ثانياً: يجب مواصلة الثورة بشتى الأساليب سيما الاضرابات في جميع الدوائر والأجهزة الحكومية .. إن الحكومة العسكرية (1) في إيران غاصبة ومخالفة للقانون، وعلى الشعب عدم الانصياع لها ومواصلة العصيان والتمرد إلى حد شل الاجهزة الحكومية .. إنني أشكر جميع موظفي الحكومة المحترمين والمؤسسات، الذين وقفوا إلى جانب إخوتهم وأخواتهم من خلال مشاركتهم في الاضرابات. إنه واجب إسلامي وينبغي الالتزام به.

ثالثاً: إن الشاه بتشكيله حكومة عسكرية أقدم على مؤامرة أخرى. فهو من جهة يعتذر ويطلب الصفح من الله والشعب لتقصيره، ويعترف بأخطائه وجرائمه طيلة حكمه المخزي، ويستمد العون من الآيات العظام والعلماء الأعلام وكافة فئات الشعب. ومن جهة اخرى تقوم‏ حكومته العسكرية بالقمع والقتل وتحريض حملة الهراوات والحراب واستخدام المدافع والدبابات ضد الشعب المظلوم، وتضريج اعزتنا بدمائهم أكثر مما مضى، متوهماً بأن بوسعه من خلال اعتقال رجال أمنه الفاسدين الذين كانوا أداة لجرائمه طوال فترة حكمه، تبرئة نفسه من جرائم القتل والنهب التي شهدها حكمه. إن الشاه يحمل بيد الهراوة والحراب والرشاش لقمع الشعب، وبيده الأخرى منشور التوبة والاعتذار والاعتراف بالخيانات والجرائم.

إن الشعب الإيراني اليقظ الواعي لا ترهبه تلك الهراوات والحراب، ولا ينطلي عليه هذا الخداع والتحايل. إن هذا الشخص الذي يستنجد المراجع العظام والعلماء الأعلام لإخماد الثورة الإسلامية، وفتح الطريق للنهب وتدمير الإسلام والقرآن الكريم، هو نفس القزم الذي كان ينعت علماء الإسلام ورجال الدين المبجلين بالرجعيين ويطلق على نهجهم الذي هو نهج الإسلام والقرآن الكريم، الرجعية السوداء، حيث قال بوقاحة تامة في احدى خطبه (تجنبوا هؤلاء كتجنبكم الحيوان النجس). وفي خطبة أخرى قال: (هؤلاء يتحركون كالديدان في النجاسة) ماذا حصل اليوم ليتصالح هكذا مع رجال الدين؟! أليست هذه خدعة أخرى؟! أليست هذه كحكومة (المصالحة) ( 2)؟! إنه اليوم يستنجد السياسيين والشباب من أجل الوطن، وهو الذي قام بإعدام وتعذيب واعتقال مجموعات منهم، وضرج شبابنا بدمائهم، وحول جامعاتنا إلى مذابح للشباب.

إنني في عزاء وحداد بسبب الجرائم الأخيرة التي ارتكبت ضد أبناء الإسلام في الجامعات. إنني أشكر الطلبة الأعزاء الذين ضحوا في سبيل الإسلام والبلد، وتصدوا للشاه بقبضات مشدودة واستنكروا أفعاله وشجبوها.

إنني أشعر بالفخر تجاه الشباب الإيراني الغيارى الذين منحوا العزة لأبناء شعبنا. ليعلم الشعب الإيراني بأن هذه الخطب المضللة هي لخداع الناس وإخماد شعلة غضب الشعب وذلك لتقوية السلطة واستعادة الحكم. والله أعلم ماذا سيواجه الإسلام ورجال الدين وعامة الشعب بعد ذلك من مصائب مؤلمة.

أعزائي! لا تخشوا هذه الضجة العسكرية وأنتم لن تخشوها. لقد برهنت أيها الشعب الشجاع بأن هذه الدبابات والرشاشات والحراب قد أصابها الصدأ ولا تقدر على مواجهة إرادة الشعب الفولاذية، ولن تخدع بهذه الليونة الشيطانية والتوبة الإبليسية. لقد أقسم الشاه في بداية حكومته الغاصبة بأنه سيكون وفياً للإسلام وأن لا يخون الشعب، واليوم يعترف بأنه خائن وأنه‏ حطم الإسلام وإيران، وأن كلّ الخيانات كانت متعمدة حيث يصفها اليوم (بالأخطاء) .. لا تنخدعوا فإن هذه الأخطاء المتعمدة سوف تتكرر وسيسوق البلد نحو الفناء وسيدمر الشعب.

فاليوم يقع على عاتق كافة فئات الشعب، من المراجع العظام والعلماء الأعلام والمدرسين والفضلاء الكرام وأساتذة الجامعات والمعاهد المحترمين والجامعيين الأبطال وطلبة العلوم الدينية الشجعان إلى الأجنحة السياسية والمتنورة، ومن العمال والفلاحين إلى الكسبة واصحاب المهن، ومن موظفي الحكومة إلى ضباط القوات الثلاث، ومن الجنود إلى أصحاب الرتب العالية، وكافة فئات الشعب، يقع على عاتقهم واجب إلهي وإنساني لمتابعة الهدف الإسلامي بوحدة الكلمة، دون خوف من القوى الكبرى والعظمى، وتضيق الخناق على ظالم التاريخ هذا، والسير قدماً بحزم وحسم نحو تحقيق الأهداف، إذ إن وعد الله للمستضعفين قريب، وإن نُقتل أو نَتقل في سبيل الله عزة لنا.

وفي الختام أرجو من الشعب الإيراني النبيل، الذي اجتاز الامتحان في هذه المواقف بنجاح كراراً، أن يعين أخواته وإخوانه الذين أصيبوا بمالهم وحياتهم إثر الإضرابات والمظاهرات، وأن يؤدي هذا الواجب الإلهي بأفضل وجه، حيث أن (الخميني) يذكرهم دوماً ويشد على أيديهم.

أسأل الله تعالى التوفيق والسداد للجميع، والخذلان والهزيمة لأعداء الشعب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

روح الله الموسوي الخميني‏

* صحيفة الإمام، ج‏4، ص: 242-244


1- حكومة غلام رضا أزهاري العسكرية.
2- حكومة جعفر شريف إمامي حيث سماها( حكومة المصالحة الوطنية).


 

2011-03-22