الموضوع: المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الشعب، واقامة الاحتفالات من قبل النظام
خطاب
الحاضرون: العلماء وطلبة العلوم الدينية
عدد الزوار: 142
التاريخ: 1 تير 1350 هـ. ش/ 28 ربيع الثاني 1391 هـ. ق
المكان: النجف الأشرف، مسجد الشيخ الانصاري
المناسبة: الاحتفالات بمناسبة مرور 2500 عام على الحكم الشاهنشاهي
الحاضرون: العلماء وطلبة العلوم الدينية
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الإحساس بالمسؤولية هو الذي يدفعني الى إثارة بعض الامور المتعلقة بمشاكل المسلمين في بعض المناسبات. ولعل بعض الاخوة المحترمين يشاركونني الاحساس بالمسؤولية، وهم بصدد تقديم ما بوسعهم من عون لاخوانهم المسلمين، ولو على نحو التبليغ أو إرسال البرقيات والرسائل.
لقد ابتلي الإسلام والمسلمون منذ البداية بالأهواء النفسية، وان ما نعانيه اليوم يستمد وجوده من نفس تلك الأهواء النفسية التي حالت دون تشكيل حكومة الحق بعد الرسول الأكرم- صلى الله عليه وآله وسلم- ولو أنها سمحت باقامة الحكومة التي أرادها الاسلام، وتنصيب الحاكم الذي أمر الله تبارك وتعالى بتعيينه، وعينه الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله)، ولو كانت الفرصة أتيحت لقيام تلك التشكيلة التي تكون الحكومة فيها إسلامية، والحاكم منتخب ومنصوب من قبل الله تعالى، لكان أدرك الناس ماهية الاسلام ومعنى الحكومة الاسلامية، إلا أن مَنْ تحركهم الأهواء مالوا بالناس- للأسف- بعد وفاة الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) عما أمر به (صلى الله عليه وآله) ولم يكتفوا بذلك في زمانهم، بل إنهم مهدوا للحيلولة دون إقامة الحكومة الاسلامية إلى ما شاء الله.
إن ما أحدثه معاوية هو من الأمور التي مهد لها السابقون، فأولئك المشايخ هم السبب في حصول كل تلك المآسي التي حلت بالاسلام والمسلمين، وهم السبب في كل الاختلافات الداخلية التي تعتبر أسوأ أنواع الاختلافات، وقد ابتلي أمير المؤمنين (عليه السلام) بنتيجة ذلك.
وبعده (عليه السلام) خرجت الحكومة عن شكلها الاسلامي تماماً، وصارت ملكية أو امبراطورية، واستمرت على ذلك حتى عصرنا الحاضر، ولم تسنح للاسلام فرصة إقامة حكومة إسلامية، عدا تلك الفترة القصيرة من تصدي أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد فترة طويلة من وفاة الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) وبعد كل ما حصل من أمور خلال تلك المدة، ناهيك عما واجهه من مشاكل خلال خلافته، وحرب الجمل وصفين وحرب الخوارج ... ومع كل ذلك فإن تلك الفترة القصيرة من حكم أمير المؤمنين بقيت تمثل درساً من الاسلام وعبرة للمسلمين، فقد حدثت في تلك الفترة القصيرة من الامور التي جعلت الجميع يفهم حقيقة الاسلام. فلو كان أولئك سمحوا بتشكيل الحكومة الاسلامية، وبتشكيل حكومة في ظل الاسلام، وسمحوا للناس بالعيش في ظل حكومة إسلامية، لكان من الممكن عدم ظهور كل هذه المصائب التي نواجهها الآن. فالحاكم الذي عينه الباري تبارك وتعالى للامة ... كان حتى وقت وصوله الى منصة الحكم، واجتماع الناس اليه ومبايعته، كان رغم كل ما حصل من تخريبات ومصائب للاسلام- والتي لا زالت آثارها باقية حتى عصرنا الحاضر- كان يعيش حياة بسيطة، بل إنه حتى عند اعتلائه سدة الحكم كان يعيش حياة بسيطة، تقل في مستواها عن حياة أمثالنا، وأمثالكم أنتم يا طلاب العلوم الدينية، لا بل أقل حتى من مستوى حياة هؤلاء الكسبة والباعة. فخبز الشعير الذي كان يأكله حتى في أواخر عمره كان يابساً الى درجة أنه كان لا يتمكن من كسره بيده، فيلجأ الى تكسيره بمفصل ساعده ويأكله مع الماء- كما يروى- وكان (عليه السلام) يقول" ... ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي الى تخيّر الاطعمة- لعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع- أوَ أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى ...".
إن أعظم نازلة حلت بالاسلام هي سلب أمير المؤمنين (عليه السلام) حكومته، وعلينا أن نتجلبب بالحزن على تلك النازلة أكثر من الحزن على واقعة كربلاء، فالمصيبة التي حلت بأمير المؤمنين (عليه السلام) وبالاسلام، أجل وأشد من تلك المصيبة التي حلت بسيد الشهداء (عليه السلام)، فهي" أعظم المصائب" التي حرم الناس بسببها من إدراك المعنى الحقيقي للاسلام، الذي يعيش اليوم حالة من الغموض والابهام. فالناس يجهلون اليوم معنى الاسلام، ومعنى الحكومة الاسلامية، وحقيقة الاهداف التي يسعى إليها الاسلام، وماهية برامجه في الحكم.
إن سقوط حكومة أمير المؤمنين (عليه السلام)- والتي ناهز عمرها الخمسة أعوام، ومع كل ما رافقها من مشاكل ومتاعب، ومع كل ما تحمّله أمير المؤمنين (عليه السلام) من معانات- يعتبر مصاباً عظيماً إذا نظرنا اليه من جانب. كما أن تلك الاعوام الخمسة تحتم على المسلمين الاحتفاء بها مدى الدهر، الاحتفاء بحكومة يتمنى رئيسها والحاكم فيها- أمير المؤمنين (عليه السلام)- الموت لاحتمال تعرض ذمي أو ذمية لسرقة خلخالها في أحد أطراف بلاده. فمن أجل هذه الحكومة ينبغي للناس اقامة مراسم العزاء على رحيلها، والاحتفاء بالسنوات الخمس من حكومته لأنها كانت حكومة من أجل العدل، ومن أجل الله. لابد من الاحتفاء بمثل هذا الحاكم الذي يتساوى مع رعيته، بل يتدنى مستوى معيشته عن الجميع. يتحلى بمعنويات تفوق الآفاق جميعاً، في حين يتدنى مستوى معيشته عن جميع أفراد أمته!.
(والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم). هذا هو الميزان. فمن يكون قريباً من المستوى الحيواني في ممارسة اشباع غرائزه وفي مأكله وفي تحقيق منافعه في الدنيا، وجاءت منه هذه اللذائذ، هو كالحيوان. فالحيوان لا يأبه طبعاً أحلال ما يأكل أم حرام، ولا يهمه ما تعانيه الامة من مشاكل. فاولئك الذين يتمتعون ويأكلون دون أدنى اكتراث، ودون أدنى ضابط أو قانون، دون قانون من الاسلام، أولئك مأكلهم حيواني (والنار مثوى لهم)، ورد في الحديث " أن للكافر سبع معي، وللمؤمن معدة واحد ...."1
فليس للمؤمن سوى معدة واحدة، وهي معدة يقيدها القانون، فبطن المؤمن وسائر غرائزه تخضع لضوابط الاسلام، والمؤمن لا يتجاوز تلك الضوابط. أما غير المؤمن، فإنه يأكل مدفوعاً (بالشهوة) دون الالتزام بضابط ما، وتلك معدة واحدة، ويأكل مدفوعاً (بالغضب) أو (بالغضب وهوى النفس) وهذه ثلاث معى، وهي معاً ستة معى، ثم بالجمع بين كل زوج من الثلاثة، هوى النفس والغضب والشهوة مع بعضها، فهذه سبعة معى. في حين أن المؤمن ليس له إلا معدة واحدة، هي أيضاً مقيدة بقانون، مقيدة بما قال به الاسلام، ولا يكون مدفوعاً بغضبه أو شهوته .. فتلك القوى أسلمت جميعها في المؤمن، وأصبحت تتبع العقل، والعقل بدوره يتبع الشرع.
لذا ينبغي إقامة العزاء على زوال مثل هذه الحكومة التي هي حكومة العقل، وحكومة العدل، وحكومة الايمان، الحكومة الالهية. كما ينبغي على المسلمين إقامة الأفراح لقيامها، وأن كان ذلك لسنوات قليلة من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام).
ولكن ما نراه حالياً، يجعل روحي في عذاب دائم، وما أنقله لكم ليس خيالًا أو تصوراً، فإن رسائل وشكاوى حول تدهور الاوضاع تصلني من إيران- مع الاسف-.
أحد العلماء المحترمين- سلمه الله- كتب إلى من شيراز بأن قحطاً أصاب عشائر الجنوب هناك، وبلغ القحط والجوع حداً دفعاً بالناس الى عرض أبنائهم للبيع!
عالم آخر من مدينة (فسا) كتب يشير الى وضع مشابه، يقول (وهو عالم دين)" صرت أفكر بتوفير خبز أو لباس أو أي شيء لهؤلاء مهما كان التعب الذي سيصيبني" وقد أجزته أنا بدوري في توفير ما يحتاجونه من سهم الامام.
من طهران كتبوا الى أن قحطاَ وجوعاً شديدين وقعا في مناطق (بلوشستان وسيستان وخراسان) الى درجة أن الاهالي هناك هجموا على المدن الكبيرة المجاورة نتيجة الجوع.
وفيما أطراف إيران مبتلاة بهذه المصائب، فإن ملايين التومانات تنفق على إقامة الاحتفالات الشاهنشاهية. فقد خصص لاقامة الاحتفال في طهران وحدها- على ما ذكر في إحدى المطبوعات- مبلغ ثمانين مليون تومان، هذا لمركز المدينة فقط. وقد دعي الخبراء الاسرائيليون لتلك المراسم. وكما علمت- كتبوا لي- فإن الخبراء الاسرائيليين مشغولون حالياً بالاعداد لاقامة هذا الاحتفال، والترتيب لهذه المراسم. إسرائيل عدوة الاسلام! وعدو المسلمين الحربي في الوقت الحاضر! اسرائيل التي خربت المسجد الاقصى- الذي يريد الآخرون ترميمه والتغطية على جريمتها-. الى اسرائيل هذه يشحن النفط الايراني وكما أعلنت الإذاعات العالمية فإن ناقلة النفط الايرانية قد توجهت بالفعل الى إسرائيل التي تخوض حرباً مع المسلمين. وأولئك هم (الملوك) الذين ينبغي علينا إقامة الاحتفالات لأجلهم!!
لقد سوّدت الملكية في إيران وجه التاريخ منذ نشأتها وحتى اليوم. جرائم الملوك في إيران سودت صحائف التاريخ، قتلوا الناس بمجازر جماعية، وبنوا رؤوسهم برجاً! وعلينا نحن، وعلى الشعب المسلم أن يقيم احتفالًا لأولئك الملوك. وينبغي على كسبة" اسواق طهران"- بل يجب- أن يدفعوا من رؤوس أموالهم التجارية للمساهمة في إقامة تلك الاحتفالات!!
إن الاحتفال ينبغي أن يقام من أجل ذلك الذي عاش المسلمون آمنين في ظل حكومته. أن يقام من أجل ذلك الذي يتمنى الموت لفقد ذمية خلخالها. لا لذلك الذي يرسل من يهاجمون الجامعة لمجرد رفع أحدهم شعاراً يخالف هوى نفسه.
أيها الإخوة كتبوا إلينا بأنهم انهالوا بالضرب على الفتيات الى درجة أن جلودهن أضحت تحتاج الى عمليات جراحية. حدث هذا منذ أمد قريب، والنجف لا تدري بشيء. ارتكبوا من الجرائم الاخرى ما لا يمكن ذكره! لماذا؟ لأن أولئك رددوا شعاراً يقولون:" نحن لا نريد الاحتفال على مرور الفين وخمسمائة عام .. نحن جائعون .. أوجدوا حلًا حلوا مشكلة الجوع لدى المسلمين .. لا تقيموا احتفالًا على رفات الموتى" ... أوصلوا هذا النداء الى كل الدنيا أيها الأخوة. فلماذا تغط النجف بهذا السبات العميق؟ ألسنا مسؤولين؟ هل إن ما يجب أن نقدمه الى المسلمين هو أن ندرس ... وندرس فقط؟ ألا ينبغي أن نقوم بعمل ما لمساعدة المسلمين؟ ألا ينبغي أن نستنكر إرسال النفط الايراني، نفط المسلمين الى كيان يخوض حرباً مع المسلمين؟ أليس في ذلك ما يستدعي المعارضة؟ ألا ينبغي ذكرها؟
لأي السلاطين نقيم احتفالًا؟ أي خير رآه الناس من السلاطين؟ نقيم الاحتفال لأجل" محمد القاجاري" في زماننا نحن، أنا شخصية، في زماني أنا كان يتم ارتكاب الجرائم مع المسلمين الذين كانوا في مسجد" جوهر شاد" .. أي مذبحة تعرض لها هؤلاء المسلمون؟ حتى أن دمائهم ظلت تغطي جدران المسجد الى أمد طويل بعد ارتكاب المجزرة .. وأغلقت أبواب المسجد إخفاءاً لآثار الجريمة. وبعد هذا نقيم احتفالًا لهم؟ ألم يرتكبوا مذبحة الخامس من حزيران بتلك الصورة المروعة؟ أحد العلماء من قم قال لي" لقد قتل في قم وحدها أربعمائة شخصاً" ويقال أن عدد القتلى بلغ حوالي خمسة عشر ألف نفر، أمن أجل ذلك نقيم احتفالًا؟ ألاجل هؤلاء نقيم احتفالًا؟
أفاضلهم قساة، فكيف بمن هو دون ذلك. أحد هؤلاء الملوك الذي يعد من أخيارهم- ولعل البعض يذكره ويقرأ له الفاتحة- قام مرة بربط مجموعة من الناس الذي كانوا في مسيره- وهو في طريقه الى حضرة عبد العظيم- نعم، مجموعة من التعساء الذين كانوا يعانون من الجوع والفقر، كانوا يقفون على جانبي الطريق، حينما أحس منهم بالتجاسر لاصابة عربته بحجر، أو أنهم رموه به، فأمر بربطهم بالحبال، فأخذوا وربطوا بالحبال ومات العديد منهم نتيجة ذلك الى أن ذهب أحد الوزراء الكبار من إحدى مناطق ايران واعترض على ما فعلوا بهؤلاء المساكين. هذا ما كان من الملوك الخيرين فوا مصيبتاه من السيئين ممن نراهم الآن؟ أولئك يأكلون بسبعة معى، وفي الحقيقة هم لا يكترثون بوجود الشعب، وما إذا كان ينبغي له أن يعيش.
كل يوم يكتب لنا الناس يطلبون الاجازة بإقامة حمام عمومي في مكان ما، ماذا حصل إذن لما ترددونه عن ايران المرفهة؟ ايران كلها في حالة رفاه!! أحقاً ذلك وهم يبيعون أبناءهم نتيجة الجوع؟ أحقاً ان ايران مرفهة؟ أي رفاه هذا؟ يقومون حالياً بنهب" أسواق بيع الجملة في ايران" ثم ينفقون جزءاً مما يجمعون على احتفالاتهم المخزية، والباقي ينفقونه، أو ينفقه رجالهم على انفسهم.
لأي غرض تهدر ثروات الناس وثروات المسلمين والمساكين على ذلك، مضافاً الى ما ينفق من ميزانية الدولة بالملايين! عشرات الملايين تنفق على مثل تلك السخافات والمهازل، لماذا؟ لمجرد هوى النفس، لأجل أن يقال بأننا أقمنا احتفالًا، وهذه مفاخرنا وأمجادنا؟ عندنا" محمد القاجاري"، ومن مفاخرنا" نادر قلي" ذلك السفاك الكاذب، الله وحده يعلم أي نوع من البشر كان؟ أهؤلاء يستحقون الاحتفال؟
إن على المسلمين أن يقيموا العزاء على مثل هذه الحكومات! وأن يقيموا الاحتفال من أجل ذلك الذي إن احتمل وجود جاع في أقصى نقطة من بلاده أجاع نفسه هو. لأجل ذلك كانت دار إمارته قرب المسجد، نعم، دار إمارته ودكة قضائه في نفس مسجد الكوفة ... فقد كان يفترش الارض في زاوية من زوايا المسجد" ويأكل كما يأكل العبيد، ويمشي كما يمشي العبيد" وحينما كان يحصل على ثوب جديد يعطيه لخادمه (قنبر) مكتفياً بما عنده من ثوب قديم. ويقطع أردانه الطويلة، ويلبسه هكذا، ثم يذهب لإلقاء خطبته، ويمارس شؤون حكومته على بلاد تعادل في سعتها عشرة اضعاف ايران. هذا ما يستحق أن يقام لأجله الاحتفال.
انتبهوا أيها السادة! ايقظوا النجف ... إعترضوا! فلو أن مائة برقية أرسلت من النجف يكتب فيها وبكمال الادب: يا سيد، يا معالي فلان أشبع هؤلاء الجائعين، أنفق ما تزعم إنفاقه على هذه الامور- على الشعب الجائع المسكين، أنفقه على هؤلاء المفلسين الذين فرَّ البعض منهم من ايران، فبعضهم هنا، وبعضهم في أماكن اخرى.
لو أن مائة برقية أرسلت من هنا، من قبل العلماء والافاضل والطلبة المتواجدين هنا- والكثرة لها أثرها- ولكن من ذا الذي يتصرف هكذا؟
حقيقة ألسنا مسؤولين؟ هل يكفي أن نقعد هاهنا، ونعاين ما يحل بهذا الشعب، ثم نتوجه الى مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) وندعو لهم؟ ألا ينبغي- والحال أن كل ما لدينا من المسلمين ومن أموالهم- أن نخطو خطوة في سبيل المسلمين؟- هل التَرَتُّبْ هو الاسلام؟ إن هذه الأموال- التي وإن كان ما يخصص لنا منها مقدار قليل- إلا أنها مع ذلك اموال المسلمين، ونحن نعتاش منها .. طيب إن ذلك حسن في موقعه، ولكن أيكفي ذلك؟ أيكفي أن نجتمع في المسجد الفلاني ونقرأ الفقه والاصول، ثم نكون غير مكترثين تماماً بما يحل بالمسلمين، وغافلين عن أن هؤلاء اليهود يريدون السيطرة على الدول الاسلامية للوصول الى هنا، بل الى كل مكان، وتخريب هذه الاضرحة؟ أعلينا أن نغفل عن ذلك؟ ثم نقبل بذلك الذي يزود هؤلاء اليهود بالنفط أن يكون مسلماً؟ أليس في ذلك ما يستدعي الاعتراض عليه؟ يا سيد، أن النفط نفط المسلمين، لماذا تعطيه الى الكفار؟ لماذا تعطي نفط المسلمين الى من يخوضون حرباً ضد المسلمين؟ وسوف يجيب هو ويقول" إنني عبد مأمور، هكذا أمروني، وعليّ أن أطيع، وليس للعبد إلا الطاعة". هو صرح بنفسه:" إن الحلفاء الذين دخلوا البلاد هم الذين اتوا بي الى العرش" فقد قال في إحدى خطبه" جاء الحلفاء الى ايران، وارتأوا أن من الصلاح أن أكون أنا، وتكون عائلة كذا ..." لعنهم الله على الصلاح الذي ارتأوه!
ان الأجير للآخرين لابد أن يقدم خدماته لهم، وليس له سوى ذلك .. إنه هوى النفس، كل ذلك من هوى النفس. الهجوم على الجامعة ليس إلا هوى النفس، وكذا الهجوم على المدرسة الفيضية، وارتكاب تلك الفضائع فيها، التي ليس بوسعكم تصورها ... أنتم لم تتصوروا تلك المؤامرة التي نفذوها في المدرسة الفيضية .. سيد شاب يلقى به من أعلى السطح، وقد جيء به بعد ذلك الى منزلنا بظهر مكسور ومنحن .. الاستهتار بعمائم المعممين، والتلويح بها بأطراف البنادق واحراقها، والإعتداء على حرمة جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) والاعتداء على حرمة القرآن الكريم. ثم علينا بعد كل ذلك أن نقيم احتفالًا لأجل هؤلاء؟ لم يبق لنا ما نحتفل به. فأي احتفال بقي للشعب الايراني؟
إن على الشعب الايراني معارضة هذا الاحتفال معارضة سلبية، لا إيجابية، فليلازموا بيوتهم أثناء قيام مراسم الاحتفالات، ولا يشاركوا فيها، فالمشاركة غير جائزة، وعليهم عدم الاذعان لمثل تلك الأمور ما استطاعوا الى ذلك سبيلًا.
فإذا اعترض علماء إيران بأجمعهم، فهل سيعتقلونهم جميعاً؟ هل يعتقلونهم ويعدمونهم أو ينفوهم جميعاً؟ هل سيقتلون علماء إيران بأجمعهم، وهم لا يقل عددهم عن مائة وخمسين ألف معمم في ايران؟.
إذا اعترض كل أولئك الخطباء والمراجع وحجج الاسلام وآيات الله. إذا اعترضوا ومزقوا حجاب الصمت والسكوت- الذي يعد بحد ذاته إقراراً منهم لكل تلك الامور- هل سيقتلونهم جميعاً وفي جميع أنحاء البلاد؟ إنهم لو كانوا يريدون أن يفعلوا ذلك، لكانوا فعلوا ذلك معي أولًا، لكنهم لم يفعلوا، فهم لم يروا في ذلك صلاحاً، وليتهم فعلوا، فماذا أريد أن أفعل بهذه الحياة؟ تباً لحياتي هذه! إنهم يتوهمون أني أعيش حياة طيبة، فيهددوني بالموت. أية حياة أحياها؟ ليأتوا وينهوا حياتي، وكلما اسرعوا في ذلك كان أفضل- على الأقل أن الانسان حينها يرتاح- الانسان سيذهب بعدها" عند أكرم الاكرمين" عند الكريم هناك، عند الله الكريم، ولن يسمع أمثال هذه الامور التي تثقل أسماعنا يومياً، على الأقل إنه لن يسمع بآهات الناس وآلامهم، فها هي الاخبار تنقل لنا كل يوم نبأً: فعلوا كذا بالفتيات! قُتل البعض. فهؤلاء الاشقياء السفاحون هجموا وقت تناول طعام الغداء، وصبوا قدر الغذاء الساخن (لا أدري ماذا) على رؤوس هؤلاء الابرياء، لماذا؟ لأنهم قالوا مثلًا" الموت لزيد، يحيا زيد!!" وهل يستدعي ذلك قتل الناس؟ قالوا مثلًا" ماذا تنفعنا احتفالات الالفين وخمسمائة عام!" إن من ينبغي أن يقيموا الاحتفال هم أولئك الذين يتمتعون بالحياة، أولئك الذين، يعيشون مرفهين آمنين تحت ظلال الحكومة .. الاحتفال يقام لحضرة أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان الناس يتمتعون بالأمان تحت ظل سيفه، كانوا مطمئنين، لا يخاف أحد في ظل حكومته إلا من نفسه، لا يخاف من الحكومة، فالحكومة حكومة عدل، وحكومة العدل لا خوف منها، وعلى الانسان أن يخاف من نفسه حينها.
أما هنا فالأمر مختلف تماماً، فهل يخاف الناس في بلادنا كل من نفسه؟ أم إنهم يعيشون في قلق دائم من احتمال حضور قوات الامن في أية ساعة لمداهمة البيت؟ الفرد في بلادنا بريء ولكن ماذا يفعل؟ فإن مجرد تصور ذلك- تماماً كما كان في زمن الحجاج وزياد وأمثالهم، حيث كان مجرد احتمال كون الانسان من شيعة علي (عليه السلام) كافياً لاعتقاله وتعذيبه، وفعل كذا به- أو كلمة نصح واحدة يقولها او ينشرها، كافية لاعتقاله، ثم لا يعلم بعدها مصيره.
فإن شخصاً يقول كلمة على المنبر، كلمة ليس فيها أي مساس، إذا بهم يجرونه ويسجنونه، ألسنا مسؤولين عن ذكر هذه الجرائم على الاقل؟
أنا شخصياً، أعلم ماذا عليّ أن أفعل، أعرف مسؤوليتي وأعلم أن من مسؤوليتي تذكيركم، وأن أصرخ الى المدى الذي يبلغه صوتي، وأن أكتب إلى المدى الذي يبلغه مداد قلمي، وأنشر ذلك.
فإذا ارتأى الاخوة الأفاضل أن هذه الامة الاسلامية أمتهم وشيعتهم، ورأوا أن في ذلك صلاحاً أيضاً، فليفعلوا ذلك أيضاً، والله سيحفظهم إن شاء الله تعالى.
أينبغي أن أتحدث اليكم الآن عن الاخلاق؟ إنهم يقضون على أسس الاسلام ويدمرون المسلمين، وأقعد أنا الآن لأتحدث اليكم حول تهذيب النفس؟ إننا غير مكترثين لأننا غير مهذبين، ولو كنا مهذبين لاكترثنا بما يحصل ...
إن أمامكم طريقاً واحداً، وهو أن يكتب كل واحد منكم رسالة واحدة، رسالة لا تكلف رسومها البريدية كثيراً- وإن كان ذات أيديكم قليلًا- أكتبوا في سبيل الله رسالة واحدة وأرسلوها الى حكومة إيران، قولوا فيها، يا سيد كف عن إقامة هذا الاحتفال، فالناس جياع، أشبع الجائعين! كذلك عليكم رجاء السادة المحترمين أن يتوجهوا هم بدورهم بالرجاء- ولا أقول أن يتحدثوا-، إنما أقول، أن يتوجهوا هم أيضاً بالرجاء، الرجاء والتوسل الى السادة المحترمين الأفاضل والعلماء والمراجع المتواجدين هنا بالقول" مولانا، إنصحوا هذه الحكومة، فهي تدمر الناس، وإذا قطع اللجام فإن الآني أمر وانكى". إنهم يقومون كل يوم بعمل ما، فإن لديهم خبراء لافتعال الامور، كل يوم يقيمون احتفالًا، وكل يوم يعدون خطة ما، إنهم يقومون بما لا يخطر في أذهاننا أنا وأنتم.
إذا بدأ الاعتراض، إذا صدر عنكم رجاء وطلب مؤدب موجه الى الدول الاسلامية الأخرى، وإلى أولئك الذين ينوون المشاركة في هذا الاحتفال المشؤوم فيصبحوا بذلك شركاء جرم في دماء الشعب الايراني، إذا كُتب الى أولئك" يا سيد لا تذهب الى هذا الاحتفال، فهذا احتفال قذر، لا تذهبوا اليه"، فلعل ذلك يؤثر. قولوا للدول الاسلامية أن لا تشارك في هذا الاحتفال الذي تعد اسرائيل مائدته أو تعد لها. إن خبراء إسرائيل مشغولون الآن في شيراز بالإعداد لهذا الاحتفال، فلا تذهبوا الى هذا الاحتفال الذي يعد له الخبراء الاسرائيليون".
ان اسرائيل كانت قد نسبت منذ مدة تهمة انتشار بعض الأمراض في (المانيا) الى القرآن الكريم زاعمة" بأن القرآن صرح في الآية السادسة من السورة الخامسة بأنه لا يحق للمسلمين غسل أيديهم بعد الذهاب الى (بيت الخلاء) بالماء والصابون، ويتحتم عليهم أن يفعلوا كذا لمحل التخلي بأيديهم غير أنه لا يحق لهم بعدها سوى غسل أيديهم بالماء المجرد! لذا فإن الميكروبات تنتقل بواسطة الأيدي".
ما هي الآية السادسة من السورة الخامسة؟ إنها آية الوضوء والغسل. وقد أدى هذا الأمر الى حدوث ضجة إعلامية في ألمانيا بحيث كتب بهذا الامر الى السلطات الصحية وإلى الجهة الفلانية، وإلى فلان ... وأذاعت إسرائيل" بأن الأمر الفلاني قد نسب الى القرآن". وحينما أعترض البعض، لم توافق الصحف وبعض المطبوعات المأجورة لإسرائيل على نشر الاعتراض، كما أن البعض ممن رضي بذلك، لم ينشر الخبر كما ينبغي.
هذه هي إسرائيل وهذا هو عداؤها للاسلام. في السنة الماضية قاموا بتحريف القرآن، والآن- قبل مدة وجيزة- قاموا بنسب أمر كهذا الى القرآن الكريم، وتسببوا في كل تلك الضجة.
اللهم أيد هؤلاء الطلبة الجامعيين المتواجدين في الخارج، فقد وقفوا- بمنتهى الجدية- لتكذيب الامر، كتبوا ونشروا واعدوا اللقاءات مع المسؤولين هناك، وأوضحوا أن الأمر كذب محض.
ونشروا ذلك في مطبوعاتهم. وكم هي جهود قيمة تلك التي قاموا ببذلها؟ فهل قمنا نحن لحد الآن بخدمة كهذه؟ وهؤلاء طلبة جامعيون يدرسون العلوم الحديثة، كل ما في الأمر أنهم مسلمون واعون.
أنا وأنتم طلبة جامعيون تقليديون، إلا أننا نيام ومبتلون بتعقيدات الوضع السائد هنا، حيث لا يمكننا قول كلمة واحدة! فالحديث مع المرجعية أمر غير مستساغ! المرجعية؟ لا، إن الحديث مع أي معمم أصلًا غير مستساع! والمعمم لا ينبغي أن يتحدث.
ألم يكن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطيباً، أو ليست لديه كل تلك الخطب الطوال؟ حضرة الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله ذاته كان لديه خطب طويلة، ألم يكن خطيباً؟ ولكن الأمر حينما يصل إلينا، نختلق الاعذار لكي نهرب من المسؤولية.
لا ينبغي أن تتربوا على هذا الاسلوب أيها الاخوة. أنتم مكلفون بخدمة الإسلام، مكلفون بذلك، والخدمة ليست في استيعاب الدروس بشكل جيد، وإن كان هذا ايضاً من ذاك. إنكم مكلفون في المشاركة بما يساهم في إزالة العقبات التي تعترض مسيرة المسلمين، إنكم مكلفون بالتدخل في ذلك.
لقد أثقلوا أسماعنا بتكرار مقولة" ما شأنكم بعمل الدولة يا سادة، الدولة .. لا أدري ماذا!" كرروا ذلك كثيراً على أسماعنا، ونحن صدقنا بدورنا بأننا يجب أن لا نتدخل في عمل الدولة، ويجب أن لا نعارض.
إن الانبياء والعلماء كانوا يتصدون لحكومات الجور منذ بدء التاريخ البشري وحتى الآن، أفلم يكونوا يعقلون؟ وحين بعث الله سبحانه وتعالى موسى (عليه السلام) للقضاء على فرعون ألم يكن سبحانه وتعالى مدركاً للقضية! كإدراكنا لها أنا وانتم" أم أن عليه أن لا يعارض الملك؟".
ينقل الطبري وابن الاثير رواية عن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال:" إن من أبغض الكلمات إليّ كلمة مَلِك الملوك" أي أن كلمة" ملك الملوك" من الكلمات المبغوضة إن هي نسبت الى شخص من البشر، فهي لله تعالى.
ومنذ القدم كان الانبياء (عليهم السلام) والى نبوة الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) ثم خلال حياة الائمة (عليهم السلام) جميعهم كانوا يواجهون الظلم، حتى حين وجودهم في السجن، فقد كانوا يواجهون الظلم، فموسى بن جعفر (عليه السلام) لم يترك مسؤوليته في المواجهة حتى عندما كان يرزح في السجن، وكذا أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) كان يقف بوجه هؤلاء رغم التقية الكذائية والكذائية، تفيد الرواية بأنه كان يقف يتصدى لهم بالكلام، ويمارس التبليغ، ويحرك الناس لمعارضتهم.
وإذا تعمقنا بالنظر، نرى أن الامام الحسن (عليه السلام) تصدى لمعاوية الذي كان حاكماً في زمنه- رغم أن الجميع بايع ذلك التافه وكان يخشى سلطانه- إلا أن الامام الحسن (عليه السلام) وقف ضده ما استطاع الى ذلك سبيلًا الى الوقت الذي حالت مجموعة من البسطاء بينه وبين مواصلة دوره في المواجهة، وقَبِلَ في ظل تلك الظروف بالصلح مع معاوية. وخلال فترة الصلح لم يدخر وسعاً في فضحه وإخزائه بل إن ما عرضه اليه من الخزي والعار لا يقل عما عرضه الامام الحسين (عليه السلام) ليزيد.
فالمواجهة إذن كانت قائمة على الدوام، وبعد ذلك أيضاً، انبرى العلماء للوقوف بوجه المستبدين وحكّام الجور. فقد عارض العلماء العظام ما كانوا يرونه مثلًا من إنفاق خزينة البلاد على الموائد والبطون على أيدي هؤلاء المتجبرين أو أي ممارسة أخرى من ممارساتهم كالاستقراض الذي كان يثقل كاهل الشعب، حيث كانت الأموال تنفق للانغماس في ملذاتهم، وإشباع شهواتهم، فكم من مئات الالوف التي اقترضها (هذا الشخص) وسافر الى خارج البلاد لأجل ذلك مرات ومرات. وإلا فهل هناك حد تقف عنده شهوات الانسان؟.
بيد أن العلماء عارضوا أولئك وحينذاك كانوا مقتدرين، وكان الشعب حياً، فوقف معهم. وكانت الاعمال تعرض عليهم. وكذا سيكون الحال معنا لو كنا متيقظين واعين. وأرجو أن لا تخلطوا في فهم الامور، فكل ما هنالك أن على كل واحد منا مسؤولية خاصة. وإذا كان لمائة مليون إنسان مائة مليون رأي، فلن يستطيعوا إنجاز أي عمل ذلك أن" يد الله مع الجماعة" فالأمر يحتاج الى الاتحاد. والمتفرقون لا يمكنهم إنجاز عمل ما، فلو أن علماء إيران، من قم ومشهد وتبريز واصفهان وسائر الافراد في البلاد اعترضوا بشكل جماعي على الامر الفلاني، وعلى الاعمال الشائنة التي يمارسها أولئك، وتلك الجرائم التي يرتكبونها، والموائد والحفلات التي يقيمونها، والتي تساهم في تدمير الشعب والبلاد، فلا شك أن ذلك سيترك أثره، وسوف ينتهي الأمر بتراجع الحكومة أمام الشعب. وأنا شخصياً رأيت كيف تراجعت الحكومة في المواجهة الأخيرة نتيجة الاتحاد والتحرك الجماعي المنسجم.
ولكن إذا لجأنا إلى اسقاط التكليف الشرعي عنا جميعاً، وكل واحد لسبب ما، فيا للمصيبة حينها! إن وجود المعممين على هذا النحو يعد مصيبة على الاسلام، أجل معمم مثلي أليس مصيبة؟
إنني أحذركم، فمستقبلكم سيكون أشد ظلمة من حاضركم، انتبهوا ولا تقعدوا هنا تحددون لأنفسكم تكليفاً شرعياً خاصاً بكم. إن لديكم القدرة، ولديكم النفوذ بين الناس، بل إن القدرة التي توفرت لديكم تفوق ما توفر للامام الحسين (عليه السلام) من قوة. فلم يكن لديه (عليه السلام) قوة يعتد بها، إلا أنه نهض رغم ذلك، ولو أنه (عليه السلام) كان متقاعساً- نعوذ بالله- لاستطاع القعود متعللًا بالقول: ليس تكليفي أن أثور. ولكان القصر الاموي سيسر بقعوده (عليه السلام) وعدم تعرضه لهم بكلمة، ولكان تحقق بذلك مرادهم، غير أنه (عليه السلام) راسل مسلم بن عقيل ليقوم بدعوة الناس الى بيعته لإقامة الحكومة الاسلامية والاطاحة بتلك الحكومة الفاسدة. ولو أنه (عليه السلام) لازم مكانه في المدينة، وبايع حينما جاءه ذلك التافه طالباً منه البيعة- نعوذ بالله- لسروا بذلك كثيراً، ولقبلوا يده أيضاً.
واليوم، عليكم الانتباه الى أن الحكومة إذا عاملتكم باحترام، فهو كاحترامهم لمراقد (أبناء الائمة عليهم السلام) فهم يظهرون لها أشد الاحترام لعدم تمكن الموتى من تشكيل خطر مباشر عليهم أو على حكوماتهم، ولكن" ابن الامام" ذاته لو كان حياً وقال كلمة واحدة، لا بل لو أن أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء بنفسه وعارضهم بكلمة، لأحلوا به نفس المصير الذي يحلونه بالآخرين.
إن من لا يكترثون بأمور المجتمع، والغافلين عما يحل بالناس من جرائم ترتكب في مختلف البلدان الاسلامية، والساكتين والمشغولين بالأكل وإشباع الملذات، والسعي وراء مظاهر الحياة المادية فقط، هم المصداق الأمثل لهذه الآية الشريفة (يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم) فهؤلاء غافلون عن أنهم يرتزقون من مال الاسلام، وأن عليهم أن يقدموا مقابلًا لذلك للإسلام والمسلمين. فهم كالحيوانات، والحيوان لا يعلم مصدر طعامه الذي يأكله، ولو قتل البشر بأسرهم، وكان علفه في مكانه، فهو مسرور ومرتاح وليس هناك ما يزعجه، إنه يريد علفه فقط ليأكل (ويأكلون كما تأكل الانعام) إن امثال هؤلاء يلحقون العار بالدنيا، ويلحقون العار بالمسلمين.
أيدكم الله تعالى جميعاً، وأيقظ حوزات المسلمين والاسلام، وسدد العلماء الاعلام وألفت أنظارهم الى هذه المفاسد.
عليكم جميعاً مسؤولية الدعاء للاسلام والمسلمين ولهؤلاء المساكين الجائعين والبائسين المبتلين والذين يرزخ البعض منهم في السجون، ويعاني البعض الآخر العذاب، ويرقد بعضهم الآخر على فراش المرض في المستشفيات بانتظار إجراء العملية الجراحية لما أصاب جلده، أو غير ذلك. تضرعوا لهم بالدعاء، فهؤلاء مسلمون، هؤلاء مساكين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج2، ص: 338-347
1- وسائل الشيعة، ج 16، ص 406.
2011-03-08