روح الجماعة

نور الأسبوع: روح الجماعة

﴿وَالْعَصْر*إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾(سورة العصر)

يخبرنا الله تعالى في هذه السورة عن خسارة كل إنسان إلا من تحققت فيه خصائص أربع:
1- الإيمان
2- العمل الصالح
3- التواصي بالحق
4- التواصي بالصبر

والملاحظ في هذه الخصائص المنجية أن بعضها يتعلق بعلاقة الإنسان بالله تعالى وبعضها بحمله روح الجماعة التي من خلاله يوصي الناس بالحق والصبر.

وهذا إلفات واضح من الله تعالى على الحث على ترك الانزواء والابتعاد عن الأنانية الفردية في حياة الإنسان المسلم .

وبما أن سبب الأنانية هو حبّ الذات فإن الإسلام أكد أن ذات الإنسان تتكامل مع الجماعة في الدنيا والآخرة ، ففي تعاليمه الحنيفة: "الناس كلهم عيال الله وأحب الناس إلى الله أنفعهم لعياله"ولذا نرى في سيرة أهل بيت العصمة عليهم السلام تقديما لخدمة المؤمنين على بعض العبادات حتى أن الإمام زين العابدين عليه السلام كان يذهب في سفر الحج متخفياً ليقوم بخدمة الناس لأنهم لو عرفوه لا يدعونه يخدمهم ، كما أنه عليه السلام علمنا كيف نعيش روح الجماعة حينما نتحرك بين الناس فلا ننظر إلى حاجاتنا الخاصة فحسب بل نلاحظ حقوق الآخرين وآداب التعامل معهم ، فكان عليه السلام حينما يسير راكباً على بغلته لا ينادي "الطريق" ليفسح له الناس ، فسئل في ذلك فقال: "هو مشترك ليس لي أن أنحّي عنه أحداً"ويبرز حب الله تعالى لحمل المؤمن روح الجماعة في كثير من تشريعات الإسلام منه:

- في الصلاة: فإنها في جماعة يتضاعف ثوابها كثيراً حتى إذا زادت على عشرة لا يعلم ثوابها إلا الله تعالى .

- في الدعاء: حيث يحب الله تعالى اجتماع المؤمنين في دعائهم بل ورد في بعض المواطن بأن أربعين مؤمناً لو دعوا نفس الدعاء فإن الله تعالى يستحي أن يرد دعاءهم .

- في الحقوق المالية: التي فرضها الله تعالى ، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "إن الله فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء".

- في العلاقات الاجتماعية: فصلة الرحم تخفف سكرات الموت وصلة العشيرة في الله تجعلها "جناحك الذي به تطير" كما عن أمير المؤمنين عليه السلام ، واتخاذ الأخوة في الله ينفع في الشفاعة يوم القيامة إذ ورد في الحديث"أكثروا من الإخوان ، فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة".

- في الاهتمام بقضايا المسلمين: فعن النبي صلّى الله عليه وآله: "من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"، وعنه صلّى الله عليه وآله: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمّى".

- في الجهاد: فعن النبي صلّى الله عليه وآله: "إن الله تبارك وتعالى لم يكتب علينا الرهبانية إنما رهبانية أمتي الجهاد".

- ومن أروع تجليات حب الله تعالى لروح الجماعة هو في القتال في سبيل الله تعالى حينما قال عزت آلاؤه: "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص".

وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين