نبي الله إبراهيم وكسر الأصنام
ولادة النبي إبراهيم(ع)
وقال الطبرسي قيل إنما قال ذلك في سر من قومه، ولم يسمع ذلك إلا رجل منهم فأفشاه، وقالوا كان لهم في كل سنة مجمع وعيد إذا رجعوا منه دخلوا على الأصنام فسجدوا لها، فقالوا لإبراهيم ألا تخرج معنا؟ فخرج،
عدد الزوار: 225
وقال الطبرسي قيل إنما قال ذلك في سر من قومه، ولم يسمع ذلك إلا رجل منهم فأفشاه، وقالوا كان لهم في كل سنة مجمع وعيد إذا رجعوا منه دخلوا على الأصنام فسجدوا لها، فقالوا لإبراهيم ألا تخرج معنا؟ فخرج، فلما كان ببعض الطريق قال اشتكى رجلي وانصرف فجعلهم جذاذا أي جعل أصنامهم قطعا قطعا إلا كبيرا لهم في الخلقة أو في التعظيم تركه على حاله، قالوا جعل يكسرهن بفأس في يده حتى لم يبق إلا الضم الكبير علق الفأس في عنقه وخرج لعلهم إليه يرجعون أي إلى إبراهيم فينبههم على جهلهم، أو إلى الكبير فيسألونه وهو لا ينطق فيعلمون جهل من اتخذه إلها، فلما رجع قومه من عيدهم فوجدوا أصنامهم مكسرة قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين من موصولة، أي الذي فعل هذا بآلهتنا فإنه ظالم لنفسه لأنه يقتل إذا علم به، وقيل إنهم قالوا من فعل هذا استفهاما، وأنكروا عليه بقولهم إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى أي قال الرجل الذي سمع من إبراهيم قوله لأكيدن أصنامكم للقوم ما سمعه منه فقالوا سمعنا فتى يذكرهم بسوء، وقيل إنهم قالوا سمعنا فتى يعيب آلهتنا ويقول إنها لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فهو الذي كسرها على أعين الناس أي بحيث يراه الناس ويكون بمشهد منهم لعلهم يشهدون عليه بما قاله فيكون ذلك حجة عليه بما فعل، كرهوا أن يأخذوه بغير بينة أو لعلهم يحضرون عقابه فرجعوا إلى أنفسهم أي فرجع بعضهم إلى بعض، وقال بعضهم لبعض أنتم الظالمون حيث تعبدون ما لا يقدر الدفع عن نفسه، وقيل معناه فرجعوا إلى عقولهم وتدبروا في ذلك إذ علموا صدق إبراهيم عليه السلام فيما قاله وحاروا عن جوابه فأنطقهم الله تعالى بالحق فقالوا إنكم أنتم الظالمون لهذا الرجل في سؤاله، وهذه آلهتكم حاضرة فاسألوها ثم نكسوا على رءوسهم إذ تحيروا وعلموا أنها لا تنطق.
وقال البيضاوي أي انقلبوا إلى المجادلة بعد ما استقاموا بالمراجعة، شبه عودهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشيء مستعليا على أعلاه.
قال الطبرسي فقالوا لقد علمت يا إبراهيم ما هؤلاء ينطقون فكيف نسألهم؟ فأجابهم إبراهيم عليه السلام بعد اعترافهم بالحجة أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا إن عبدتموه ولا يضركم إن تركتموه لأنها لو قدرت لدفعت عن أنفسها أف لكم تضجر منه على إصرارهم بالباطل البين قالوا حرقوه أي لما سمعوا منه هذا القول قال بعضهم لبعض حرقوه بالنار وانصروا آلهتكم أي وادفعوا عنها وعظموها إن كنتم فاعلين أي إن كنتم ناصريها، قيل إن الذي أثار بتحريق إبراهيم بالنار رجل من أكراد فارس فخسف الله به الأرض فهو يتخلخل فيها إلى يوم القيامة، وقال وهب إنما قاله نمرود، وفي الكلام حذف، قال السدي فجمعوا الحطب حتى أن الرجل ليمرض فوصي بكذا وكذا من ماله فيشترى به حطب، وحتى أن المرأة لتغزل فتشتري به حطبا، حتى بلغوا من ذلك ما أرادوا، فلما أرادوا أن يلقوا إبراهيم في النار لم يدروا كيف يلقونه فجاء إبليس فدلهم على المنجنيق، وهو أول منجنيق صنعت فوضعوه فيها ثم رموه قلنا يا نار أي لما جمعوا الحطب والقوه في النار قلنا للنار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وهذا مثل فإن النار جماد لا يصح خطابه، والمراد إنا جعلنا النار بردا عليه وسلامة لا يصيبه من أذاها شئ، وقيل يجوز أن يتكلم الله سبحانه بذلك ويكون ذلك صلاحا للملائكة ولأطفالهم.
وقال الرازي اختلفوا في أن النار كيف بردت على ثلاثة أوجه أحدها أن الله تعالى أزال عنها ما فيها من الحر والإحراق وأبقى ما فيها من الإضاءة والإشراق.
وثانيها أنه سبحانه خلق في جسم إبراهيم كيفية مانعة من وصول أذى النار إليه كما يفعل بخزنة جهنم في الآخرة، كما أنه ركب بنية النعامة بحيث لا يضرها ابتلاع الحديدة المحماة، وبدن السمندر بحيث لا يضره المكث في النار.
وثالثها أنه خلق بينه وبين النار حائلا يمنع من وصول النار إليه; قال المحققون والأول أولى لان ظاهر قوله يا نار كوني بردا أن نفس النار صارت باردة.
* بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج12، ص 22.
2010-10-28