يتم التحميل...

فضل السحور في شهر رمضان

في رحاب الشهر المبارك

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا تدع أمتي السحور، ولو على حشفة تمرة". عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إن الله تبارك وتعالى وملائكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين بالأسحار، فليتسحر أحدكم ولو بشربة من ماء، وأفضل السحور السويق والتمر، ومطلق لك الطعام والشراب إلى أن تستيقن طلوع الفجر ".

عدد الزوار: 84

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا تدع أمتي السحور، ولو على حشفة تمرة".

عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إن الله تبارك وتعالى وملائكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين بالأسحار، فليتسحر أحدكم ولو بشربة من ماء، وأفضل السحور السويق والتمر، ومطلق لك الطعام والشراب إلى أن تستيقن طلوع الفجر ".

عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تسحروا ولو بجرع الماء، ألا صلوات الله على المتسحرين ".

ما يُقرأ ويعمل من آداب السحور

قراءة سورة القدر:

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ما من مؤمن صام فقرأ:(إنا أنزلناه في ليلة القدر) عند سحوره وعند إفطاره، إلا كان فيما بينهما كالمتشحط بدمه في سبيل الله ".

وأما آداب السحور:

1- أن يكون لك حال مع الله جل جلاله، تعرف بها أنه يريد أنك تتسحر، وبماذا تتسحر، ومقدار ما تتسحر به، فذلك يكون من أعظم سعادتك، حيث نقلك الله جل جلاله برحمته من معاملة شهوتك وطبيعتك إلى تدبيره جل جلاله في إرادتك.

2- أن لا يكون لك معرفة بهذه الحال ولا تصدق بها حتى تطلبها من باب الكرم والإفضال، فلا تتسحر سحورا يثقلك عن تمام وظائف الأسحار، وعن لطائف الطاعات في إقبال النهار.

أقول: فاما قصد الصائم في السحور، فأن يكون مراده امتثال امر الله جل جلاله بسحوره، وشكره الله له على ما جعله اهلا له بتدبيره، وان يتقوى بذلك الطعام على مهام الصيام، وان يعبد الله تعالى بهذه المرادات، لانه جل جلاله اهل للعبادات.

أقول:
اني وجدت في بعض الاخبار ان النية تكون أوائل اول ليلة من شهر رمضان، وإذا كان الصوم نهارا فان مقتضى الاستظهار ان تكون النية قبل ابتداء النهار لتكون في وجه الصوم، وقبل ان تدخل بين النية وبين الدخول في الصوم شواغل الغفلة وسوء معاملات الاسرار. ويكون القصد بنية الصوم انك تعبد الله جل جلاله بصومك واجبا لانه اهل للعبادة، وتعتقد انه من اعظم المنة عليك، حيث جعلك الله اهلا لهذه السعادة، سواء قصدت بالنية الواحدة صوم الشهر كله، أو جددت كل يوم نية لصوم ذلك اليوم، ليكون ابلغ لك في الظفر بفضله، وان تهيأ ان تكون نيتك ان تصوم عن كل ما شغل عن الله، فذلك الصوم الذي تنافس المخلصون في مثله.

أقول: واعلم ان الداخلين في الصيام على عدة اصناف واقسام: فصنف: دخلوا في الصوم بمجرد ترك الأكل والشرب بالنهار وما يقتضي الافطار في ظاهر الاخبار، وما صامت جارحة من جوارحهم عن سوء آدابهم وفضائحهم، فهؤلاء يكون صومهم على قدر هذه الحال صوم اهل الاهمال.

وصنف: دخلوا في الصوم وحفظوا بعض جوارحهم عن سوء الآداب على مالك يوم الحساب، فكانوا في ذلك النهار مترددين بين الصوم بما حفظوه والافطار بما ضيعوه. وصنف: دخلوا في الصوم بزيادة النوافل التي يعملونها بمقتضى العادات، وهي سقيمة لسقم النيات، فحال اعمالهم على قدر اهمالهم.

وصنف: دخلوا دار ضيافة الله جل جلاله في شهر الصيام، والقلوب غافلة، والهمم متكاسلة، والجوارح متثاقلة، فحالهم كحال من حمل هدايا الى ملك ليعرضها عليه، وهو كاره لحملها إليه، وفيها عيوب تمنع من قبولها والاقبال عليه.

وصنف: دخلوا في الصوم واصلحوا ما يتعلق بالجوارح، ولكن لم يحفظوا القلب من الخطرات الشاغلة عن العمل الصالح، فهم كعامل دخل على سلطانه، وقد اصلح رعيته بلسانه، واهمل ما يتعلق باصلاح شأنه، فهو مسؤول عن تقديم اصلاح الرعية على اصلاح ذاته، وكيف آخر مقدما وقدم مؤخرا، وخاطرا مع المطلع على ارادته.

وصنف: دخلوا في الصيام بطهارة العقول والقلوب على اقدام المراقبة لعلام الغيوب، وحافظين ما استحفظهم اياه، فحالهم حال عبد تشرف برضا مولاه.

وصنف: ما قنعوا لله جل جلاله بحفظ العقول والقلوب والجوارح، عن الذنوب والعيوب والقبائح، حتى شغلوها بما وفقهم له من عمل راجح صالح، فهؤلاء اصحاب التجارة المربحة، والمطالب المنجحة:

أقول: وقد يدخل في نيات اهل الصيام اخطار، بعضها يفسد حال الصيام، وبعضها ينقصه عن التمام، وبعضها يدنيه من باب القبول، وبعضها يكمل له شرف المأمول، وهم أصناف:

صنف منهم: الذين يقصدون بالصوم طلب الثواب، ولولاه ما صاموا ولا عاملوا به رب الأرباب، فهؤلاء معدودون من عبيد السوء، الذين اعرضوا عما سبق لمولاهم، من الانعام عليهم وعما حضر من احسانه إليهم، وكأنهم انما يعبدون الثواب المطلوب وليسوا في الحقيقة عابدين لعلام الغيوب، وقد كان العقل قاضيا ان يبذلوا ما يقدرون عليه من الوسائل، حتى يصلحوا للخدمة لمالك النعم الجلائل.

وصنف: قصدوا بالصوم السلامة من العقاب، ولولا التهديد والوعيد بالنار واهوال يوم الحساب ما صاموا، فهؤلاء من لئام العبيد، حيث لم ينقادوا بالكرامة، ولا رأوا مولاهم اهلا للخدمة، ليسلكون معه سبيل الاستقامة، ولو لم يعرفوا اهوال عذابه ما وقفوا على مقدس بابه، فكأنهم في الحقيقة عابدون لذاتهم ليخلصوها من خطر عقوباتهم.

وصنف: صاموا خوفا من الكفارات وما يقتضيه الافطار من الغرامات، ولولا ذلك ما رأوا مولاهم اهلا للطاعات، ولا محلا للعبادات، فهؤلاء متعرضون لرد صومهم عليهم، ومفارقون في ذلك مراد الله ومراد المرسل إليهم.

وصنف: صاموا عادة لا عبادة، وهم كالمسافرين في صومهم عما يراد الصوم لأجله، وخارجون عن مراد مولاهم ومقدس ظله، فحالهم كحال الساهي واللاهي، والمعرض عن القبول والتناهي.

وصنف: صاموا خوفا من أهل الاسلام، وجزعا من العار بترك الصيام، إما للشك أو الجحود، أو طلب الراحة في خدمة المعبود، فهؤلاء أموات المعنى أحياء الصورة، وكالصم الذين لا يسمعون داعي صاحب النعم الكثيرة، وكالعميان الذين لا يرون ان نفوسهم بيد مولاهم ذليلة مأسورة، وقد قاربوا أن يكونوا كالدواب، بل زادوا عليها، لأنها تعرف من يقوم بمصالحهم وبما يحتاج إليه من الاسباب.

وصنف: صاموا لأجل أنهم سمعوا ان الصوم واجب في الشريعة المحمدية صلى الله عليه وآله، فكأن صومهم بمجرد هذه النية من غير معرفة بسبب الايجاب، ولا ما عليهم لله جل جلاله من المنة في تعريضهم بسعادة الدنيا ويوم الحساب، فلا يبعد ان يكونوا متعرضين للعتاب.

وصنف: صاموا وقصدوا بصومهم ان يعبدوا الله كما قدمناه، لانه أهل للعبادة، فحالهم حال أهل السعادة. وصنف: صاموا معتقدين ان المنة لله جل جلاله عليهم في صيامهم وثبوت أقدامهم، عارفين بما في طاعته من إكرامهم وبلوغ مرامهم، فهؤلاء أهل الظفر بكمال العنايات وجلال السعادات.

أقول: واعلم ان لأهل الصيام مع استمرار الساعات واختلاف الحركات والسكنات (درجات)، في انهم ذاكرون انهم بين يدي الله جل جلاله، وانه مطلع عليهم، وما يلزمهم لذلك من اقبالهم عليه، ومعرفة حق احسانه إليهم.

فحالهم في الدرجات على قدر استمرار المراقبات، فهم بين متصل الاقبال مكاشف ذلك الجلال، وبين متعثر باذيال الاهمال، وناهض من تعثره بامساك يد الرحمة له والافضال، ولا يعلم تفصيل مقدار مراقباتهم وتكميل حالاتهم، الا المطلع على اختلاف ارادتهم. فارحم روحك ايها العبد الضعيف الذي قد احاط به التهديد والتخويف، وعرض عليه التعظيم والتبجيل والتشريف.


* إقبال الأعمال، السيد ابن طاووس الحسني، ج1، ص 187-189.

2011-07-29