يتم التحميل...

أبشِروا عبادَ الله

شهر رمضان

عنْ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليه السلام) في خُطبةِ عيدِ الفطر: «عبادَ الله! إنَّ أدنى ما للصائمينَ والصائماتِ أنْ يناديَهُمُ مَلَكٌ في آخرِ يومٍ مِنْ شهرِ رمضان: أبشِروا عبادَ الله، فقدْ غُفِرَ لكم ما سَلفَ مِنْ ذنوبِكُم، فانظروا كيف تكونونَ فيما تَستأنِفون»

عدد الزوار: 296

عنْ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليه السلام) في خُطبةِ عيدِ الفطر: «عبادَ الله! إنَّ أدنى ما للصائمينَ والصائماتِ أنْ يناديَهُمُ مَلَكٌ في آخرِ يومٍ مِنْ شهرِ رمضان: أبشِروا عبادَ الله، فقدْ غُفِرَ لكم ما سَلفَ مِنْ ذنوبِكُم، فانظروا كيف تكونونَ فيما تَستأنِفون»[1].

ولأنَّه يومُ البُشرى، فلا بدَّ وأنْ يكونَ يوماً يتوجَّه العبادُ فيهِ للهِ عزَّ وجلَّ بالشكرِ على نعَمِهِ وإحسانِه، فعَنِ الإمامِ عليِّ بنِ موسى الرِّضا (عليه السلام) ‏: «إنّما جُعِلَ يومُ الفِطرِ العيدَ ليكونَ للمسلمينَ مُجتمعاً يجتمعونَ فيه، ويَبرُزونَ لِلّهِ عزَّ وجلَّ، فيُمَجِّدُونَه على ما مَنَّ عليهم، فيكونَ يومَ عيدٍ، ويومَ اجتِماعٍ، ويومَ فِطرٍ، ويومَ زكاةٍ، ويومَ رَغبَةٍ، ويومَ تَضَرُّعٍ، ولأنّه أوّلُ يومٍ مِنَ السَّنةِ يَحِلُّ فيهِ الأكلُ والشربُ؛ لأنَّ أوّلَ شهورِ السَّنةِ عندَ أهلِ الحقِّ شهرُ رمضانَ، فأحبَّ اللهُ عزَّ وجلَّ أنْ يكونَ لهُم في ذلك مَجمَعٌ يَحمَدُونَهُ فيه، ويقدِّسُونَهُ»[2].

وتمتزجُ فرحةُ العيدِ بما تحمِلُهُ مِنْ فرحةِ الصائمِ عندَ إفطارِه بفرحةِ الإنسانِ بنَيلِ المغفرةِ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ بعدَ شهرٍ مِنْ ضيافةِ اللهِ عزَّ وجلَّ. وهذهِ الضيافةُ هي مقدِّمةٌ لمناسبةٍ أخرى قادمةٍ هي عيدُ الأضحى، وبينهما ارتباطٌ، يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدِّسَ سِرُّه): «عيدُ الفِطرِ الشريفُ الذي هو عيدٌ في ضيافةِ الله، وعيدُ الأضحى المباركُ الذي هو عيدُ لقاءِ الله. ويُعَدُّ عيدُ ضيافةِ اللهِ مقدِّمةً للقاءِ الله».

بلْ هذا الاتصالُ المطلوبُ بينَ العيدَينِ مطلوبٌ أنْ يستمرَّ حتّى شهرِ رمضانَ القادم، وبذلكَ يكونُ العيدُ حقيقيّاً، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه): «إنَّ عيدَ الفِطرِ هو يومٌ يتلقّى فيه المسلمونَ الأجرَ، وتتجلّى فيه الرحمةُ الإلهيّةُ بعدَ مُضيِّ شهرِ رمضانَ الكريم... فهذا يومٌ يُجزِلُ اللهُ فيه العطاءَ لكم، إنْ شاءَ الله. وقد يكونُ مِنْ أبرزِ مصاديقِ العطاءِ في هذا اليوم، أنْ يشملَنا اللهُ برحمتِهِ حتّى حلولِ شهرِ رمضانَ القادم؛ وبذلكَ تكونونَ قد أدركتُمُ العيدَ الحقيقيّ».

ومِنْ أهمِّ ما يشهَدُه شهرُ رمضانَ الكريمُ اجتماعُ المؤمنينَ في ليلةِ القدر، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه): «هذهِ التجمّعاتُ الهائلةُ في ليالي القدرِ، هيَ -حقّاً- مدعاةٌ للعِبَر، حيثُ يجتمعُ أفرادٌ مختلفون، مِنْ مختلفِ الشرائحِ الاجتماعيّة، بملابسَ وأساليبَ وسلوكاتٍ متنوّعة، يجتمعونَ كلُّهُم تحتَ سقفٍ واحد، وفي مكانٍ واحد، ويتوسّلونَ، وتجري الدموع. ينبغي معرفةُ قَدرِ هذهِ الأمور. شهرُ رمضانَ شهرُ تدفُّقِ الرحمةِ الإلهيّة. أسألُ اللهَ تعالى أنْ يُعينَكُم ويوفِّقَكُم لتحفظوا هذا الذخرَ -إنْ شاءَ الله- إلى شهرِ رمضانَ القادم؛ لتستطيعوا فتحَ بابِ الرحمةِ الإلهيَّةِ هذا على أنفسِكُم مرّةً أخرى».

ومِنْ أهمِّ الأعمالِ في هذا اليومِ التزاورُ والتلاقي ابتغاءَ وجهِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فعَنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام): «إنَّ العبدَ المسلمَ إذا خرجَ مِنْ بيتِهِ زائراً أخاهُ للهِ لا لغيرِه، التماسَ وجهِ الله، ورغبةً فيما عندَه، وكَّلَ اللهُ عزَّ وجلَّ بِهِ سبعينَ ألفَ ملَكٍ ينادُونَهُ مِنْ خلفِه إلى أنْ يرجعَ إلى منزلِه: ألَا طِبْتَ وطابتْ لكَ الجنّة»[3].

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] الأمير ورّام، تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (مجموعة ورّام)، ج‏2، ص158.
[2] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج‏1، ص522.
[3] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج‏2، ص177.

2023-04-20