القدسُ ميقاتُ الأنبياء
شهر رمضان
لقدْ جعلَ اللهُ تلكَ الأرضَ مقدَّسةً وباركَ حولها، فهيَ ميقاتُ الأنبياء، مِنَ النبيِّ سليمانَ (عليه السلام)، الذي آتاهُ اللهُ المُلك، إلى موسى كليمِ اللهِ عزَّ وجلَّ، الذي خاطبَ قومَه قائلاً لهم:
عدد الزوار: 312لقدْ جعلَ اللهُ تلكَ الأرضَ مقدَّسةً وباركَ حولها، فهيَ ميقاتُ الأنبياء، مِنَ النبيِّ سليمانَ (عليه السلام)، الذي آتاهُ اللهُ المُلك، إلى موسى كليمِ اللهِ عزَّ وجلَّ، الذي خاطبَ قومَه قائلاً لهم: ﴿ادْخُلُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾[1]، فرفضوا ذلك، إلى المسيحِ عيسى ابنِ مريمَ -وهيَ مهدُه- إلى محمَّدٍ صلواتُ اللهِ عليهِ وآلِه، الذي أُسرِيَ بهِ مِنَ المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى، إلى ميعادِ حفيدِه المهديِّ الموعودِ (عجَّلَ اللهُ تعالى فَرَجَه)، الذي سيكونُ في القدسِ مصلِّياً للهِ عزَّ وجلَّ، يأتمُّ بهِ المسيحُ عيسى ابنُ مريمَ (عليه السلام)، وتحِفُّ بهِ الملائكة.
ويرفضُ بنو إسرائيلَ دخولَ المسجدِ -كما أمرَهُم نبيُّهم- وهم يقولونَ حطَّةٌ؛ أي حُطَّ عنَّا ذنوبَنا، بل نشهدُهُم يريدونَ دخولهَا ظالمينَ أبداً، يُريقونَ دماءَ المستضعفينَ في هذهِ الأرض.
إنَّ ما يجري اليومَ في هذا الميقاتِ المكانيِّ الإلهيّ، يَفتَرِضُ بنا جمعياً أنْ نكونَ في موقفِ المساندِ الدائمِ لأهلِ هذهِ الأرضِ المبارَكة، بكلِّ ما أوتينا مِن قوّة؛ فهذا تكليفُنا، وهذه وظيفتُنا تحتَ ظلِّ نائبِ المعصومِ الوليِّ الفقيهِ (دامتْ بركاتُه).
ولذا، كان يومُ القدس:
1ـ يومَ إعلانِ المستضعفينَ عنْ مواجهةِ المستكبرين: يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدِّسَ سِرُّه): «يومُ القُدسِ يومٌ عالميّ، ليسَ فقطْ يوماً خاصّاً بالقدس، إنَّهُ يومُ مواجهةِ المستضعفينَ مَعَ المستكبرين». ويقولُ كذلك: «إنَّهُ يومُ مواجهةِ الشعوبِ التي عانتْ مِن ظُلمِ أمريكا وغيرِها من القوى الكبرى... إنَّهُ اليومُ الذي يجبُ أنْ يتجهَّزَ فيهِ المستضعفونَ في مقابلِ المستكبرين؛ ليمرِّغوا أنوفَ المستكبرينَ في التراب». ويضيف: «يومُ القدسِ يومٌ يجبُ أنْ نخلِّصَ فيهِ كلَّ المستضعفينَ مِن مخالبِ المستكبرين، يومٌ يجبُ أنْ تُعلِنُ كلُّ المجتمعاتِ الإسلاميّةِ عنْ وجودِها، وتُطلِقُ التحذيراتِ إلى القوى الكبرى».
2ـ محطَّةً ومناسبةً لتجميعِ المستضعفينَ وتوحيدِ كلمتِهم بما يمكِنُ أنْ يؤسِّسَ لحزبِ المستضعفين: وفي هذا البُعد، يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدِّسَ سِرُّه): «لقدْ كانَ يومُ القدسِ يوماً إسلاميّاً، ويوماً للتعبئةِ الإسلاميّةِ العامّة، وآمَلُ أنْ يكونَ هذا الأمرَ مقدِّمةً لتأسيسِ حزبٍ للمستضعفينَ في كلِّ أنحاءِ العالم، وأتمنّى أنْ يظهرَ حزبٌ باسمِ المستضعفينَ في العالم».
3ـ يومَ الإسلام: وفي هذا المعنى، يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدِّسَ سِرُّه): «يومُ القدسِ يومُ الإسلام، يومُ القدسِ يومٌ يجبُ فيهِ إحياءُ الإسلام، وتطبيقُ قوانينِه في الدولِ الإسلاميّة. يومُ القدسِ يجبُ أنْ تحذَرَ فيهِ كلُّ القوى مِن أنَّ الإسلامَ لنْ يقعَ بعدَ الآنَ تحتَ سيطرتِهِم وبواسطةِ عملائِهم الخبثاء. يومُ القدسِ يومُ حياةِ الإنسان، يجبُ أنْ يصحو جميعُ المسلمين، وأنْ يُدركوا مدى القدرةِ التي يمتلكونَها، سواءٌ الماديَّةُ منها أوِ المعنويّة. إنَّني أعتبرُ يومَ القدسِ يوماً للإسلام، ويوماً لرسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآلِه)، ويوماً يجبُ أنْ نُجهِّزَ فيهِ كلَّ قوانا لإخراجِ المسلمينَ مِن العُزلة».
ولذا، فالأملُ -اليومَ- في النصر، كما يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه) «هو أكثر ممّا مضى. العدوّ الصهيونيُّ يهبِطُ إلى الضُعفِ عاماً بعدَ عام، وجيشُه الذي كانَ يقولُ عنهُ إنّه (الجيشُ الذي لا يُقهر) هو -اليومَ- بعدَ تجرِبةِ الأيّامِ الثلاثةِ والثلاثينَ في لبنان، وتجربةِ الأيّامِ الاثنتينِ وعشرين، وتجربةِ الأيَّامِ الثمانيةِ في غزّة، قدْ تبدَّلَ إلى (جيشٍ لنْ يذوقَ طعمَ الانتصار)».
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] سورة البقرة، الآية 58.
2023-04-11