إنّ الوقت الأهمّ لكي يعمل الإنسان المؤمن على بناء الأخلاق الحسنة في نفسه، هو عمر الشباب. فالشباب هو سنُّ النشاط والاندفاع وبناء الذات، وهو أيضاً العمر المناسب لبناء الأخلاق الإيمانيّة في القلب لكي تندمج في دم ولحم الشابّ، كما في الرواية عن أبي عبد الله الصادق صلى الله عليه وآله وسلم: "من قرأ القرآن وهو شابٌّ مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه وجعله الله عزَّ وجلَّ مع السفرة الكرام البررة، وكان القرآن حجيزاً عنه يوم القيامة، يقول: يا ربِّ إنّ كلّ عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي فبلِّغ به أكرم عطاياك، قال: فيكسوه الله العزيز الجبّار حلّتين من حلل الجنّة ويوضع على رأسه تاج الكرامة ثُمّ يُقال له: هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن: يا ربِّ قد كُنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا، فيُعطى الأمن بيمينه والخلد بيساره ثُمّ يدخل الجنّة فيُقال له: اقرأ واصعد درجة، ثُمّ يُقال له: هل بلغنا به وأرضيناك؟ فيقول: نعم. قال صلى الله عليه وآله وسلم: ومن قرأه كثيراً وتعاهده بمشقّة من شدّة حفظه أعطاه الله عزَّ وجلَّ أجر هذا مرّتين"([1]).
ويخاطب سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) الشباب قائلاً:
"... التفتوا إلى أنَّ أحد أكبر مهامِّكم هو إعدادُ أنفسكم أخلاقيّاً. أتمّوا أخلاقكم. الفرصة سانحة لكم أيُّها الشبّان، فالمرحلة هي مرحلتكم، وإنّكم تعيشون في مرحلة جيّدة، في ظلِّ حكومة قرآنيّة وثقافة إسلاميّة، لذلك فأمامكم فرصة روحيّة ومعنويّة للسموِّ والتأهيل، فاغتنموا هذه الفرصة. ينبغي أنْ يكون العلم إلى جانب الأخلاق، والتقدُّم الصناعيّ والعلميّ والمادّيّ إلى جانب الرشد الأخلاقيّ، والتوجُّه إلى الله يُعدُّ العامل الأساس للرشد الأخلاقيّ"([2]).
وبالإضافة إلى عمق التحوُّل، يتميّز عمر الشباب بسهولة التحوُّل فيه أيضاً، فالتحوُّل الأخلاقيّ في عمر الشباب سهل وعميق, يقول الإمام الخامنئي (دام ظله):
"..فإنّ المخاطَب الأوّل والمعنيّ الأوّل في مجال التحوُّل الأخلاقيّ هم الشباب، فكلُّ الأعمال بالنسبة إليهم أسهل ولا تتطلّب الجهد الكثير. فقلوب الشباب نورانيّة، وفطرتهم سالمة لم تمسّ، وهم أقلّ تلوّثاً بزخارف الدنيا ونفاياتها، ولم تُكبّلهم جيّداً القيود الثقيلة من حبِّ المال والجاه والتسلُّط وما شابه ذلك مما يُقيّد قَدَمَي الإنسان عادة، لذلك فإنّ التحوُّل الأخلاقيّ لدى الشبّان أسهل، كما على متوسّطي العمر وكبار العمر أنْ لا ييأسوا من إمكانيّة التحوُّل الأخلاقيّ في أنفسهم"([3]).
توجيهات أخلاقية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص603.
([2]) حديث الولاية، ج 8، ص 177.
([3]) من ندائه بحلول العام الهجري الشمسي الجديد (20/3/1997م(