الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) عزيز رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إضاءات إسلامية
الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) عزيز رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عدد الزوار: 227
لقد كان الإمام الحسن (عليه السلام) أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم...([1]) بل لقد بلغ من حبه (صلى الله عليه وآله) له ولأخيه (عليهما السلام): أنه يقطع خطبته في المسجد، وينزل عن المنبر ليحتضنهما، بالإضافة الى بعض ما تقدم وما سيأتي من النصوص الكثيرة، والتي ذكرنا بعضها، حيث لا مجال لتتبعها جميعاً في عجالة كهذه..
والكل يعلم: أنه (صلى الله عليه وآله) لم يكن ينطلق في مواقفه، وكل أفعاله وتروكه من منطلق المصالح، أو الأهواء الشخصية، ولا بتأثير من النزعات والعواطف، وإنما كان صلى عليه وآله فانياً في الله بكل وجوده، وبكل عواطفه وأحاسيسه، وبكل ما يملك من فكر، ومن طاقات ومواهب، فهو (صلى الله عليه وآله) من الله سبحانه كان، ومن أجل دينه ورسالته يعيش، وعلى طريق حبه، وحال اللقاء معه يموت.. فالله سبحانه هو البداية، وهو الاستمرار، وهو النهاية.. الأمر الذي يعني: أن كل موقف لا يكون خطوة على طريق خدمة دين الله، وإعلاء كلمته، لا يمكن أن يصدر عنه، أياً كان نوعه، ومهما كان حجمه.
ولكن ذلك لا يعني أبداً: أنه (صلى الله عليه وآله) لم يكن يملك العواطف البشرية، والأحاسيس الطبيعية، ولا يمنحها قسطها الطبيعي في مجال التأثير الإيجابي في الحياة، أو حتى الاستفادة المباحة منها.
وإنما نريد أن نقول: إنه حينما يتخذ ذلك التأثير العاطفي صفة الموقف، بإعطائه صفة العلنية، ويصبح واضحاً: أن ثمة إصراراً أكيداً على إبرازه وإظهاره للملأ العام، وحتى على المنبر أحياناً، فلابد أن يكون ذلك في خدمة الرسالة، وعلى طريق الهدف الأسمى.
بل.. وحتى على صعيد منحه (صلى الله عليه وآله) أحاسيسه وعواطفه قسطها الطبيعي في التأثير في مجاله الشخصي البحت.. فإنه سيحولها إلى عبادة زاخرة بالعطاء، غنية بالمواهب، تمنحه المزيد من الطاقة، وتؤثر المزيد من القرب من الله سبحانه وتعالى..
نعم.. وان هذا الذي ذكرناه هو الذي يفسر لنا ذلك القدر الهائل من النصوص والآثار، التي وردت عنه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله تجاه العلاقة التي تربطه بالحسنين صلوات الله وسلامه عليهما، مثل قوله (صلى الله عليه وآله)، بالنسبة للإمام الحسن (عليه السلام): اللهم إن هذا ابني وأنا أحبُّه، فأحبَّه، وأحبَّ من يحبه([2]).
وقوله (صلى الله عليه وآله): أحب أهل بيتي إليَّ: الحسن والحسين.. إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة جداً([3]).
فإن هذا الموقف المتميز من الحسنين (عليهما السلام)، وتلك الرعاية الفريدة لهما زاخرة ولا شك بالعديد من الدلالات والإشارات الهامة حستما ألمحنا إليه..
ولنا أن نخص بالذكر هنا.. موقف، ومبادرات، وأقوال النبي (صلى الله عليه وآله) حين ولادتهما (عليهما السلام)، فنجده حين ولادة الإمام الحسن (عليه السلام) يأتي إلى بيت الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ن ويقول: «يا أسماء هاتي ابني»، أو «هلمي ابني»([4]).
ثم إنه لم يكن ليسبق ربه في تسمية المولود الجديد، فينزل الوحي لينبئه عن الخالق الحكيم قوله له: «سمه حسناً».. ثم يعق عنه بكبش.. ويتولى بنفسه حلق شعره، والتصدق بزنته فضة، وطلي رأسه بالخلوق بيده المباركة.. وقطع سرته.. إلى آخر ما هنالك مما جاء عنه (صلى الله عليه وآله) في هذه الواقعة([5]).
وقوله (صلى الله عليه وآله): يا أسماء هاتي ابني.. وذلك في أول يوم من عمر الإمام الحسن (عليه السلام) له مغزى عميق، وهدف بعيد، سنلمح إليه في الفترة التالية إن شاء الله تعالى.
الحياة السياسية للإمام الحسن (عليه السلام)، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي (قدس سره)
([1]) نسب قريش لمصعب الزبيري ص 23 ـ 25.
([2]) تهذيب تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 205 و 206 و207 والغدير ج 7 ص 124.
([3]) راجع الكثير من هذه النصوص في تهذيب تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 205 ـ 207 و 210، والغدير ج 7 ص 124 ـ 129 و ج 10 وسيرتنا وسنتنا ص 11 ـ 15، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة، وفرائد السمطين، وتاريخ بغداد ج 1 ص 141 وتاريخ الخلفاء ص 189.
وترحمة الحسن، وترجمة الحسين من تاريخ ابن عساكر بتحقيق المحمودي، والفصول المهمة للمالكي، وترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) من أنساب الأشراف، ونور الأبصار، والصواعق المحرقة، والبحار ج 44 و43 والإرشاد للمفيد، وأسد الغابة، والإصابة، والاستيعاب ترجمة الحسنين (عليهما السلام)، وحياة الحسن (عليه السلام) للقرشي، وغير ذلك من المصادر التي تقدمت وستأتي.
([4]) راجع البحار، ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام). وغير ذلك من المصادر التي تقدمت في الحاشية السابقة.
([5]) تاريخ الخميس ج 1 ص 418، والإمام الحسن بن علي، لآل ياسين ص 16 و17 وحياة الحسن (عليه السلام) للقرشي ج 1 ص 24 حتى ص 28 عن بعض المصادر والمصادر المتقدمة في الحاشية ما قبل السابقة، وفير ذلك مما سيأتي مما يتعرض لترجمة الإمام الحسن (عليه السلام).