قال الله العظيم في كتابه الكريم: ﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمً﴾[1].
إنّ الكثير من الأثرياء قد خرجوا عن مدار الأخلاق والإنسانيّة عبر ميلهم الشّديد لجمع المال من خلال سحق حقوق الفقراء التي فرضها الله لهم في أموال الأغنياء. فيقعون من جرّاء ذلك في الظلم والمفاسد الاجتماعيّة بسبب الضّغط على ما في نفوس المحرومين بما يُثقل كاهلهم. والحقّ أنّ هذا التصرّف يُعدّ من عوامل تفشّي الفساد وشيوع الانحرافات بمختلف أشكالها.
ولا ينكر أثر هذه العقد الساخطة في تكثير الجرائم وأنواع الانحرافات إلا أعمى البصر والبصيرة، ولكي لا تسود هذه الحالة المذمومة في المجتمع الإسلامي وتتمدّد إلى دائرة الموالين لأهل بيت النبيّ تصدّى لها أئمّة الهدى عليهم السلام بنصوص مقتبسة ومأخوذة من مشكاة الوحي، وهذه النصوص تأخذ بعنق كلّ موالي ومحبّ لأهل بيت النبوّة عليهم السلام، لأنّ حديثهم عليهم السلام هو كما قال الإمام الصادق عليه السلام: "حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحديث رسول الله قول الله عزّ وجلّ"[2]، ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾[3].
ومن جملة منظومة أحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام قول الإمام الصادق عليه السلام في وصيّته لعبد الله بن جندب: "وما عذّب الله أمّة إلاّ عند استهانتهم بحقوق فقراء إخوانهم". وقوله عليه السلام في وصيّته لصاحبه النجيب جميل بن درّاج: "خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن صالح الأعمال البرّ بالإخوان والسعي في حوائجهم، وذلك مرغمة للشيطان وتزحزح عن النيران، ودخول في الجنان، يا جميل أخبر بهذا الحديث غُرر أصحابك، قال جميل: فقلتُ له جُعلتُ فداك، ومن غُرر أصحابي، قال: هم البارّون بالإخوان في اليسر والعسر"[4].
وقد عدّ أهل البيت عليهم السلام أداء حقّ المؤمن من أفضل العبادات، فقال الإمام الصادق عليه السلام: "ما عُبد الله بشيء أفضل من أداء حقّ المؤمن"[5].
طلائع القلوب، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة النساء، الآية 114 .
[2] الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص51.
[3] سورة الكهف، الآية 29.
[4] الشيخ الصدوق مُحمد بن علي القمي، الخصال، ص96-97، باب 3، حديث 42، طبعة:1، جماعة المدرسين، قم.
[5] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص170، كتاب الإيمان والكفر، طبعة:4، دار صعب، بيروت.