لا سنَّ خاص لأداء فريضتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المهمتين، ولذا كانت وصية لقمان لابنه: «يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف...»
الأمر بالمعروف علامة التعلق بهذا الدين، محبة الناس، الاهتمام بسلامة المجتمع ودليل علی حرية التعبير، الغيرة الدينية، الارتباط بعلاقة صداقة مع الناس، وعلامة علی يقظة الفطرة والحضور في الساحة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لترغيب المحسنين، تعليم الجاهلين، التحذير لمنع المعاصي ولإيجاد نوع من الانضباط الاجتماعي. ولذا قال تعالی: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر»([1]).
وورد عن الإمام علي عليه السلام: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مصلحة العامة. كما ورد في حديث آخر تشبيه من لا ينهی عن المنكر بمن يری المسلم مجروحا في قارعة الطريق فلا يعينه حتی يهلك([2]).
وقد صدر اللعن من بعض الأنبياء كداود وعيسی عليهما السلام في من لا ينهی عن المنكر([3]).
ثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهی عن المنكر"([4]).
وفي حديث: "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض"([5]).
وفي آيات القرآن الكريم ورد الأمر بترك المجلس اعتراضا إذا كان فيه استهزاء بآيات الله إلی أن يخوضوا في حديث غيره([6]).
لا بد للإنسان من أن يكون ممن ينزعج قلبا من ارتكاب المعاصي، وأن ينهی عن ذلك بلسانه وأن يمنع من وقوعها بالقوة.
دعوة الآخرين إلی فعل الخير تجعلنا شركاء في الثواب، ولكن السكوت أمام فعل المنكر والمعاصي فإنه سوف يؤدي إلی نشر الفساد ليصبح المفسدون هم الحكام علی الناس.
السكوت واللامبالاة إزاء ارتكاب المعاصي موجب لصيروة المعصية فعلا عاديا، ولجرأة أهل المعاصي، وقسوة القلوب، ورضا الشيطان وغضب الله عز وجل.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفة إلهية فلا تتوهم التالي لأنه باطل:
ذنوب الآخرين عليهم، لا تسلب الناس حريتها، نحن أهل الخوف والخجل، بوردة واحد لا يكون الربيع، عيسی علی دينه وموسی علی دينه، لسنا في قبر واحد، غير موجود، فلماذا أنا آمر بالمعروف؟ بالنهي عن المنكر أفقد الأصدقاء والزبائن، ونحو ذلك، فهذا كله لا يرفع عنا التكليف والواجب. نعم لا بدّ من أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن علم، من القلب، عن طريق عقلائي وبالخفاء بالقدر الممكن.
قد يجب علينا أن نتكلم نحن، ولكن إذا لم يكن لكلامنا أثر فالتكليف لا يسقط، بل علينا أن ندعو الآخرين ليتكلموا.
لو أمكن الوقوف أمام الفساد ولو إلی حين وجب ذلك، وإذا استلزم التكرار فلا بد من التكرار لنصل إلی النتيجة المطلوبة.
تفسير النور – بتصرّف يسير، سماحة الشيخ محسن قراءتي
([1]) سورة آل عمران: الآية ١١٠.
([2]) نهج البلاغة، الحكمة ٢٥٢.
([3]) سورة المائدة: الآية ٧٨.
([4]) بحار الأنوار، ج ٤٤، ص ٣٢٨.
([5]) الكافي، ج ٥، ص ٥٥.
([6]) سورة النساء: الآية ١٤٠؛ وسورة الأنعام: الآية ٦٧.