يتم التحميل...

عاشوراءُ والتكليفُ الشرعيّ

محرم

يَستلهم الموالونَ مِن عاشوراءَ دروساً متعدّدة، وقد تحدّث بها أعلامُ الفكرِ الإسلاميِّ، ومنهمُ الإمامُ الخمينيُّ (قدس سره) والإمامُ الخامنئيُّ (حفظه المولى). ومن هذه الدروسِ ما يرتبطُ بمسألةِ التكليفِ الشرعيِّ، وذلك ضمنَ الآتي:

عدد الزوار: 231



يَستلهم الموالونَ مِن عاشوراءَ دروساً متعدّدة، وقد تحدّث بها أعلامُ الفكرِ الإسلاميِّ، ومنهمُ الإمامُ الخمينيُّ (قدس سره) والإمامُ الخامنئيُّ (حفظه المولى). ومن هذه الدروسِ ما يرتبطُ بمسألةِ التكليفِ الشرعيِّ، وذلك ضمنَ الآتي:

1. تحديدُ التكليف: «إحدى هذه الدروسِ هي هذه النقطةُ المهمّةُ، وهي أنَّ الحسينَ بنَ عليٍّ (عليه السلامُ) قد شخّصَ في وقتٍ حسّاسٍ جدّاً مِن تاريخِ الإسلامِ المسؤوليةَ الرئيسةَ مِن بينِ مختلفِ المسؤوليّاتِ، والتي لها مراتبُ متفاوتةٌ من الأهميّة، وأنجزَها، ولم يُخطئ في معرفةِ ما كان العالمُ الإسلاميُّ في ذلكَ اليومِ بحاجةٍ إليه. لقد كان تشخيصُ المسؤوليةِ الأساسيّةِ دائماً أحدَ نقاطِ الخللِ والضّعفِ في حياةِ المسلمينَ في العصورِ المختلفةِ، والخللُ في تشخيصِ المسؤوليةِ الرئيسةِ يعني أنَّ أفرادَ الأمّةِ والقيادةَ والرّجالَ البارزينَ في العالَمِ الإسلاميِّ يخطؤونَ في تشخيصِ المسؤوليةِ الرئيسةِ في مقطعٍ منَ الزّمن؛ بمعنى أنّهم لا يعلمونَ ما هي المسؤوليّةُ الرئيسةُ، وأنّهُ يجبُ الشّروعُ بها، وحتّى إذا لزمَ الأمر، فإنّه يجبُ التّضحيةُ بسائرِ الأمورِ في سبيلِها، ولا يعلمون ما هي المسؤوليةُ الفرعيّةُ، والتي تأتي في الدّرجةِ الثانية. يجب أن يُعطَى كُلُّ عملٍ الأهميّةَ التي يستحقّها، ويسعى في سبيلِ تحقيقِها... لقد أوضَحَ الإمامُ الحسينُ بنُ عليٍّ (عليه السلامُ) في كلمتِهِ للجميعِ أنَّ أهمَّ مسؤوليّاتِ العالمِ الإسلاميِّ في تلكَ الظروفِ هو الصّراعُ مع رأسِ القوّةِ الطاغوتيّة، والإقدامُ على إنقاذِ النّاس من سلطتِها الشيطانيّة».


وترجعُ أهميّةُ تحديدِ التكليفِ إلى أنّ سببَ التخلُّفِ عنِ القيامِ بالواجبِ لدى البعضِ يعودُ إلى الخطأِ في التحديدِ، وعلى أساسِ ذلكَ -وكما يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (حفظه المولى)-: «كان هناك أشخاصٌ مؤمنونَ ملتزمونَ بين الذين لم ينهضوا معَ الإمامِ الحسينِ عليه السلام.. فليسَ من الصحيحِ أن يُعَدُّوا جميعاً من أهلِ الدنيا. لقد كان بين رؤساءِ ورموزِ المسلمينَ في ذلك الوقتِ أشخاصٌ مؤمنونَ وأشخاصٌ يُذعِنونَ بالعملِ وفقاً للتكليف، لكنّهم لم يُدرِكوا التكليفَ الرئيسَ، ولم يشخِّصوا أوضاعَ ذلك الزمانِ، ولم يَعرِفوا العدوَّ الرئيسَ، وكانوا يخلِطون بين الوظيفةِ الرئيسةِ المحوريّةِ وبين الوظائفِ التي هي منَ الدرجةِ الثانيةِ والثالثةِ».

2. المعرفةُ والوعيُ بالتكليف: يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قدس سره): «كلّما كان سيّدُ الشهداءِ في يومِ عاشوراءَ يقتربُ منَ الشهادةِ أكثرَ، كان وجهُهُ يُشرِقُ أكثر، وكان شُبّانُهُ يتسابقونَ للفوزِ بالشهادة. لقد كانوا يعلمونَ أنّهم عَمَّا قليلٍ سيُستشهَدون، لكنّهم تسابقوا لأنّهم كانوا يعلمونَ إلى أين يذهبون، ويعلمون لماذا أتَوا؛ كانوا على وعْي: إنّنا جئنا لأداءِ تكليفِنا الإلهيّ، جئنا لحِفظِ الإسلام».

3. أداءُ التكليف: يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (حفظه المولى): «الإمامُ الحسينُ ثارَ مِن أجلِ أنْ يعلّمَ النّاسَ درساً هو أنّ الإنسانَ المسلمَ عندما يشاهِدُ الظّلمَ في مجتمعِه، وعدمَ وجودِ نظامٍ إسلاميّ، وعدمَ وجودِ حاكميّةٍ للقرآن، ووجودَ التمييزَ والغطرسةَ والنّهبَ والسّرقة، وأيضاً تعاظُمَ السّلطةِ دونَ أيِّ حدودٍ ومعاييرَ؛ ينبغي عليه أن يثورَ لكي يُصْلِحَ الأوضاعَ رغمَ كلِّ شيء، وإن أثمرَ قيامُهُ أو لم يُثمِر. لقد كرَّرها الإمامُ الخمينيُّ (قده) مرّاتٍ عديدةً بأنّنا لا نُقدِمُ على أمرٍ مِن أجلِ النتيجة، نحن نُقدِمُ مِن أجلِ أداءِ التكليفِ، ولكي نكونَ قد نهضنا بمسؤوليّاتِنا. طبعاً فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سوفَ يجعلُنا نحصلُ على نتيجةٍ إذا كان عملُنا خالصاً لوجهِه. هذه كانت رُوحُ العملِ لدى الإمامِ الحسينِ (عليه السلام). «بعضُ النّاسِ لا يقومونَ بأداءِ تكليفِهم في وقتِه، وأداؤهُ في أيِّ وقتٍ آخرَ لن تكونَ له تلك النتيجة، وهذا هو الفرقُ بين شهداءِ كربلاءَ والتوّابين. فشهداءُ كربلاءَ استُشهدوا، وكذلكَ التوّابونَ استُشهدوا أيضاً، ولم تكن الفاصلةُ الزمنيّةُ بينهما كبيرةً، إلّا أنَّ شهداءَ كربلاءَ أصبحوا في قِمّةِ الإنسانيّة... لأنَّ شهداءَ كربلاءَ قد لَبَّوا نداءَ الإمامِ الحسينِ (عليه السلامُ) في وقتِه، لكنَّ التوّابينَ لبَّوُا النداءَ بعدَ مضيِّ الوقت، وهذا هو الفرق».

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

2021-08-20