لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهالَةِ
محرم
عظّم الله أجور كم بمصاب أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)
عدد الزوار: 1585
عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلامُ) في زيارةِ الأربعينَ للإمامِ الحسينِ (عليه السلام): «وَأَعْذَرَ فِي الدُّعاءِ، وَمَنَحَ النُّصْحَ، وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ؛ لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهالَةِ، وَحَيْرَةِ الضَّلالَة»[1].
تشرحُ هذه الفقرةُ منَ الزيارةِ الغايةَ التي كانت لأجْلها ثورةُ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام)، وهي إنقاذُ المجتمَعِ الإسلاميِّ مِنَ الجهلِ والحَيرة، وإنَّ هذه الغايةَ -لأهمّيّتها- تستلزمُ بذلَ غايةِ الجهدِ الممكنِ، حتى الوصولِ إلى بذلِ النفوسِ لو توقّفَ ذلك عليها. ولذا، فإنَّ عاشوراءَ كانت:
1. لحمايةِ الإسلامِ من الانحراف: يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه) مبيّناً ذلك التكليف: «لو أردنا تبيينَ هدفِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام)، فينبغي أن نقولَ ما يلي: إنّ هدفَ الحسينِ (عليه السلامُ) كان أداءَ واجبٍ عظيمٍ مِن واجباتِ الدِّينِ، لم يؤدِّهِ أحدٌ قَبلَهُ، حتّى النّبيُّ (صلّى الله عليه وآله) نفسُه ...كان واجباً يحتلُّ مكانةً مهمّةً في البناءِ العامِّ للنظامِ الفكريِّ والقيَميِّ والعمليِّ للإسلام... كان ينبغي أن يؤدّيَ الإمامُ الحسينُ (عليه السلام) هذا الواجبَ ليصبحَ درساً عمليّاً للمسلمينَ على مرِّ التّاريخ... لماذا قامَ الإمامُ الحسينُ (عليه السلامُ) بهذا الواجب؟ لأنّ أرضيّةَ هذا العملِ مُهّدَتْ في زمنِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) ... [هذا الواجبُ] كان عبارةً عن إعادةِ المجتمَعِ الإسلاميِّ إلى المسارِ الصحيح. متى؟ عندما تَبَدَّلَ هذا المسارُ، وأدّى الظّلمُ والاستبدادُ وخيانةُ البعضِ إلى حَرْفِ المسلمينَ، وباتتِ الأرضيّةُ والظروفُ مناسبةً للقيامِ والنّهوض... هذه القضيّة تشكّل أساس المعارف الحسينيّة. المعارف الحسينيّة تحتلّ جزءاً كبيراً من معارف الشّيعة. هذه ركيزة هامّة وهي واحدة من ركائز الإسلام».
2. مَظهرَ عِزّة: يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه): «الإمامُ الحسينُ (عليه السلامُ) مَظهَرُ العزّةِ، وصمودُهُ مدعاةُ فخرٍ ومباهاة. هذه هي العزّةُ والمفخرةُ الحسينيّة. الفخرُ نصيبُ ذلكَ الإنسان، الشعبُ والجماعةُ التي تَثبُتُ على معتقداتَها، ولا تسمحُ للأعاصيرِ بأنْ تنكِّسَ راياتِها. الإمامُ الحسينُ أَمسَكَ هذه الرايةَ بقوّةٍ».
وهذا يعني أنَّ العِزّةَ الحسينيّةَ قد حملتْ في طيّاتِها آلاماً ومصاعبَ وتضحياتٍ وبَذْلاً للنفوس، وأنَّ وجودَ هذا كلَّه لم يمنعْ مِن تجلّي عنوانِ (الإباءِ الحسينيِّ) في ملحمةِ كربلاءَ.
3. هَدْمَ جبهةِ الباطل: فلا يصحُّ النظرُ إلى توزانِ القوى، بل -وكما يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه)-: «عاشوراءُ علّمَتْنا أنَّ جبهةَ العدوِّ -معَ كلِّ قدراتِها الظاهريّةِ- يمكنُ أن تتصدّع، كما تصدّعتْ جبهةُ بني أميّة»؛ وذلك لأنَّ عاشوراءَ حملتْ في طيّاتِها ثلاثةَ عناصرٍ، هي: المنطقُ والعقل، والحماسةُ المشفوعةُ بالعزّة، والعواطفُ، «لقد كانت زينبُ الكبرى (عليها السلامُ) تَخطُبُ في الكوفةِ والشامِ خُطَباً منطقيّةً، إلّا أنّها في الوقتِ نفسِه كانتْ تقيمُ مآتمَ العزاء».
4. الهدفُ البعيدُ هو بقاءُ الإسلام: وليس الانتصارَ في معركة: يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه): «تدبّروا عواملَ بقاءِ الإسلامِ، فأحدُ عواملِ البقاءِ قضيّةُ عاشوراءَ، والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر».
لذا «انظروا إلى الإسلامِ في هذا العصرِ كيف أنّه حيٌّ وبَنّاءٌ، وَكُلُّ هذا مِن بركاتِ واقعةِ كربلاءَ، واستشهادِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام)».
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
عظّم الله أجور كم بمصاب أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)
[1] الشيخ الطوسيّ، مصباح المتهجّد وسلاح المتعبّد، ج2، ص788.
2021-08-12