"إذا كان هناك من يهتمّ بابنته، أو كانت هناك فتاة تُقيم وزناً لنفسها، فليس الطريق المناسب لذلك أن تقول: إنّكم يجب أن تجعلوا مهري غالياً، فالمهر كلَّما كان قليلاً فإنَّ الجانب الإنسانيّ في هذا الارتباط سيكون أكثر"([1]).
"ليس هناك مال أو ثروة تُعادِل الإنسان، فليس هناك مهر يُمكن أن يُعادِل رأس إصبع من أصابع امرأة مسلمة، وليس هناك دخل ماديّ لرجل مسلم يُمكن أن يُعادِل شخصيّته، فالّذين يرفعون مهور بناتهم احتراماً لهنّ هم مخطئون، فهذا ليس احتراماً، إنّه إساءة، ذلك أنّكم عندما ترفعون قيمة المهر، فإنّكم تحطّون من قيمة هذه المعاملة الإنسانيّة أحد طرفي هذه المعاملة الإنسانيّة في مستوى واحد مع سلعة أو متاع من الأمتعة، حيث تقولون إنّ ابنتي تساوي كذا.
إنّ ابنتك لا تُقاس بالمال أبداً، فهذا المهر هو سنّة إسلاميّة وإلهيّة، ليس الغرض منه أن يُعطي الإنسان شيئاً مقابل هذا الكائن الشريف والعزيز والإنسانيّ"([2]).
غلاء المهر ليس ضمانة:
"أحياناً يكون الرجل بوضع بحيث إنّ المرأة ومهما كان مهرها غالياً، تقول: أهبُ مهري لأنجو بنفسي، فالمهر لا يُسعدُ أحداً.. الطريق الشرعيّ هو الذي يُسعد البشر. والمحبّة أيضاً ليست مرتبطة بهذه الأشياء، فكلَّما كان المال في هكذا أمور قليلاً، وكلَّما أُبعِد العنصر الماديّ فإنّ العنصر الإنسانيّ سوف يتقوّى والمحبّة سوف تزداد"([3]).
"بعض الناس يتصوّر أنّ المهر الغالي يُساعد على حفظ رباط الزوجيّة، وهذا خطأ واشتباه، فإذا كان الزوجان – لا سمح الله – غير كفوءين فإنّ المهر الغالي سوف لن يصنع المعجزة"([4]).
"قد يقول أهل الفتاة: إنّنا لا نريد مهراً غالياً، ولكنّ عائلة العريس ولأجل التفاخر والتباهي يقولون: كلاّ! لا يمكن إلاّ أن يكون بالملايين. هذا كلّه ابتعاد عن الإسلام، فالمهر الغالي لا يجلب السعادة لأحد. هؤلاء يعتقدون أنّه إذا لم يكن هناك مهر غالٍ فسوف ينهار الزواج، إنّ هؤلاء على خطأ، فالزواج إذا كان على أساس المحبّة وبطريقة صحيحة فسوف لن ينهار أبداً. حتّى لو لم يكن هناك مهر أساساً، ولكن إذا كان على أساس الخبث والمكر والغشّ والخداع وأمثالها، فإنّه ومهما كان المهر غالياً، فإنّ الرجل السيّئ والمتعجرف، سوف يتصرّف بطريقة ما، بحيث يستطيع أن يتخلّص من عبء هذا المهر"([5]).
"يقول بعض الناس: إنّنا نجعل المهر غالياً لكي نمنع حصول الطلاق، وهذا خطأ كبير جدّاً، فليس هناك مهر مرتفع منع أو يمنع من حصول الطلاق، الشيء الذي يمنع حصول الطلاق هو الأخلاق والسلوك ورعاية الموازين الإسلاميّة"([6]).
غلاء المهر إضرار بالمجتمع:
"إنّ الذين يُحدِّدون مهراً غالياً لنسائهم يُلحِقون الضرر بالمجتمع، فيبقى الكثير من الفتيات جليسات البيوت، ويبقى الكثير من الشباب عُزّاباً. وذلك لأنّ هذه الأشياء ستُصبح عُرفاً اجتماعيّاً وستصير سنّة وعادة، بدلاً من أن يكون مهر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هو (مهر السنّة). وعندما يُصبح مهر الجاهليّة هو السُّنَّة فإنّ الأوضاع ستكون أوضاعاً جاهلية"([7]).
"وإذا أصبح موضوع الماديّات هو الأساس في قضية الزواج فإنّ هذه المعاملة العاطفيّة والروحيّة والإنسانيّة سوف تتحوّل إلى معاملة مادّيّة، فالأثاث الباهظ والتباهي والتبجُّح بالأموال والثروات والذي يقوم به الأشخاص الغافلون والجهلة، هو في الواقع يُخرِّب الزواج، ولهذا فقد صار من المستحبّ في الشرع المقدّس أن يكون المهر قليلاً وأن يؤخذ (مهر السنّة) في الاعتبار"([8]).
"وإذا كانت المهور غاليةً فإنّ الزواج سيواجه المصاعب، وسيبقى الشباب والشابّات حيارى، ولذلك فكلَّما تساهلتم فهو أفضل"([9]).
"إنّني أطلب من الناس في جميع أنحاء البلاد أن لا يزيدوا المهور إلى هذا الحدّ، فهذه سُنَّة جاهليّة، وهذا عملٌ لا يرضاه الله تعالى والرسول صلى الله عليه وآله وسلم، خصوصاً في هذا الزمن، لا أقول: إنّه حرام وإنّ الزواج باطل، ولكنَّه مخالفٌ لسنّة النبيّ وأهل بيته أئمّة الهدى عليهم السلام وعظماء الإسلام، مخالف لسيرتهم، خاصّة في الوقت الحاضر؛ حيث البلد بحاجة إلى أنْ تكون الأعمال كلُّها صحيحة وسهلة، فليس هناك مصلحة في أن يُصعِّب بعض الناس أمر الزواج بهذا الشكل"([10]).
جهاز العرس:
عزّة المرأة في أخلاقها وليس في أثاثها: "جهاز العرس بالنسبة للفتاة ليس مدعاة للعزّة، فعزّة الفتاة في أخلاقها وسلوكها وشخصيّتها، بعض العوائل يُرهقون أنفسهم ويُؤذونها، وإذا لم يتوفّر لديهم المال يُهيّئون ذلك بعناء، وإذا توفّر لديهم يُنفقون بكثرة لأجل أن يُهيئوا بعناء أثاث عرسٍ ضخم ومزخرف"([11]).
"المهر المرتفع والأثاث الضخم لا يجلب السعادة لأيّة فتاة، ولا يُحقِّق الإستقرار والسكينة والثقة المطلوبة لأيٍّ من العوائل، فهذه الأشياء هي هوامش الحياة وفضلاتها، وليس فيها أيّة فائدة سوى المتاعب والمصاعب والمشاكل.
لا ينبغي أن تقترضوا الأموال، وتُهيّؤا أثاث العرس، وتوقعوا أنفسكم وعوائلكم في العناء، لا ينبغي أن تتصوّروا أنّه إذا كان أثاث ابنتكم دون أثاث بنت الجيران أو الأقرباء، فإنّ هذا يُعتبر هواناً، كلّا هذا ليس هواناً" [12]).
101 نصيحة لسعادة الزوجين، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1])خطبة العقد المؤرخة 24/5/1374 ـ.ش.
([2])خطبة العقد المؤرخة 11/8/1377 هـ.ش.
([3])خطبة العقد المؤرخة 10/2/1375 هـ.ش.
([4])خطبة العقد المؤرخة 11/5/1375 هـ.ش.
([5])خطبة العقد المؤرخة 4/9/1375 هـ.ش.
([6])خطبة العقد المؤرخة 2/9/1373 هـ.ش.
([7])خطبة العقد المؤرخة 11/8/1377 هـ.ش.
([8])خطبة العقد المؤرخة 13/12/1377 هـ.ش.
([9])خطبة العقد المؤرخة 22/12/1372 هـ.ش.
([10])خطبة العقد المؤرخة 2/9/1373 هـ.ش.
([11])خطبة العقد المؤرخة 28/12/1377 هـ.ش.
([12]) خطبة العقد المؤرخة 29/3/1381 هـ. ش.