قال تعالى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلی أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾([1]).
إشارات:
- لقد حرّم الإسلام تحريماً شديداً الأطعمة المحرّمة لأنّها تورث قسوة القلب وتمهّد لمعاصٍ أخری، وهو ما جاء أيضاً في خطبة الإمام الحسين عليه السلام للأعداء في يوم عاشوراء: "قد ملئت بطونكم من الحرام".
- لقد مرّ علينا في الآية ٥ من سورة المائدة حليّة طعام أهل الکتاب «وطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ». وهذه الآية الکريمة تقول: إنّ کلّ حيوان لم يذکر اسم الله عليه فأکله حرام. ولمّا کان أهل الکتاب لا يذکرون اسم الله علی ذبائحهم، من هنا نستنتج أنّ ذبائحهم حرام، وأنّ ما ذکرته الآية من حليّة طعامهم إنّما هو للحبوب وما شابهها، وليس اللحوم([2]).
- إنّ وساوس الشيطان تکون علی هذا النحو: إنّ الحيوان الميّت قتيل الله، وقتيل الله أفضل من قتيل الإنسان! إذن، کيف تُحرم الميتة بينما يحلّ الحيوان المذبوح علی يد الإنسان؟!هذا في الوقت الذي يتناسی فيه الإنسان أنّ تطبيق أحکام الله أهمّ من کلّ ذلک.
التعاليم:
1- لا بدّ للمسلم أن يحترم الالتزامات الدينية حتی في مسائل الطعام والتغذية، «ولَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ«.
2- ذکر اسم الله عند ذبح الحيوان ليس أمراً صورياً أو تشريفياً، بل حکماً واجباً، وفي ترکه فسق، «وإِنَّهُ لَفِسْقٌ«.
3- حيثما کان عدم الإيمان أشدّ، لزم التوکيد، ذلک أنّ قبول الناس في العصر الجاهلي بشروط حليّة الذبح کان أمراً عسيراً، ونلاحظ هنا بأنّ الله سبحانه وتعالی طرح المسألة في إطار تأکيدات متعدّدة. جملة «وإِنَّهُ لَفِسْقٌ» اسمية، والأداة "إنّ" وحرف اللام للتوکيد.
4- بسبب أکل الحرام، يصبح الإنسان أکثر استعداداً لتقبّل إغواءات الشيطان، «ولَا تَأْكُلُوا... وإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ«.
5- للشياطين القدرة علی إلقاء الوساوس، «وإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ«.
6- وساوس الشيطان نافذة في أوليائه فقط، وليس في أولياء الله، «لَيُوحُونَ إِلَی أَوْلِيَائِهِمْ«.
7- مجادلات الإنسان تستند إلی الوساوس والأهواء، «لَيُوحُونَ... لِيُجَادِلُوكُمْ«.
8- المجادلة في الأحکام الإلهية هي من أسلحة الشيطان وإلقاءاته، «وإِنَّ الشَّيَاطِينَ... لِيُجَادِلُوكُمْ«.
9- المجادلة في الأحکام الدينية تسوق الإنسان إلی الشرک، «لِيُجَادِلُوكُمْ... لَمُشْرِكُونَ«.
10- الموحّدون الذين يطيعون غير الله عملياً، هم مشرکون، «إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ«.
سماحة الشيخ محسن قراءتي
([1]) الأنعام: 121.
([2]) تفسير الميزان.