مكانة الزهراء (عليها السلام) عند النبي والأئمة
السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)
عندما نطّلع على سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام نرى بشكل واضح مدى التقديس والتبجيل
عدد الزوار: 499
عندما نطّلع على سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام نرى بشكل واضح مدى التقديس والتبجيل الخاصّ للسيدة فاطمة عليها السلام عندهم، فنلاحظ نوعًا من المعاملة الخاصّة معها حتّى قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيها: "فداها أبوها"[1]، ويروى أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دخلت عليه فاطمة قام إليها وقبّل يديها وأجلسها في مجلسه[2]، وغيرها من الأحاديث التي يظهر منها عظم منزلة السيدة الزهراء عليها السلام ومكانتنها الخاصّة عند النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت بضعته وروحه التي بين جنبيه "وَهِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَهِيَ نُورُ عَيْنِي وَهِيَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي وَهِيَ رُوحِيَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَي"[3].. هذا إضافة إلى مدى التعظيم الذي نشهده في طريقة تعامل الأئمة جميعهم عليهم السلام فيما يخصّ السيدة فاطمة عليها السلام....
ومن المؤكّد أنّ ذلك ليس نابعًا من رابطة القرابة والرابطة العاطفيّة مع السيدة فاطمة، فهي عليها السلام لم تكن روح الرسول وثمرة فؤاده لأنها ابنته، ولا حجّة على الأئمة عليهم السلام لأنّها أمّهم، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام لا يتعاملون مع الأمور بدوافع شخصيّة غير إلهيّة، وإن كانت مشاعر إنسانيّة نبيلة، فلا يصدر أيّ فعل عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الأئمة عليهم السلام لأسباب وميول شخصيّة، وهم في الحقيقة لا يعبّرون إلّا عن إرادة الله ومشيئته، فحبّهم في الله وبغضهم في الله، وحربهم لله وسلمهم لله، يقول الإمام الخامنئي دام ظله في هذا الإطار: "إنّ تقبيل يد فاطمة الزّهراء عليها السلام، من قبل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لا ينبغي أن يُؤخذ أبدًا على معنىً عاطفيّ. فإنّ هذا أمرٌ خاطئٌ جدًّا وحقيرٌ جدًّا فيما لو تصوّرنا أنّه يُقبّل يدها لأنّها ابنته ولأنّه يُحبّها وحسب.
فهل يُمكن لشخصيةٍ بمثل هذه العظمة، وبمثل تلك العدالة والحكمة، الّتي كانت في النبيّ، يعتمد على الوحي والإلهام الإلهيّ أن ينحني احتراماً لابنته؟ كلّا، إنّ هذا أمرٌ آخر وله معنىً آخر. إنّه يؤكّد أنّ هذه الفتاة وهذه المرأة عندما ترحل من هذه الدنيا في عمر 18 أو 25 - قيل 18 وقيل 25 - تكون في أوج الملكوت الإنسانيّ وشخصًا استثنائيًّا"[4].
لذا فإنّ هذا السلوك الخاصّ من قبل المعصومين أنفسهم مع السيدة الزهراء الذي لا نراه إلّا معها، يبيّن أن لتلك السيدة مكانة خاصّة عند الأئمة عليهم السلام تبعًا لمقامها عند الله، وقد تجلّت هذه الخصوصيّة في حياتها القصيرة وفي مواقفها وسلوكيّاتها أيضاً، وهو أمرٌ موكول بيانه إلى الدروس اللاحقة، حيث سيتبين معنا عمليًّا كيف كانت عليها السلام هي المحور الذي دار حوله المعصومون عليهم السلام وكيف كان دورها في الدنيا هو اللَّبِنة الأساسيّة التي انطلق منها كفاح المعصومين جميعًا.
السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قدوة وأسوة، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج 43، ص 20.
[2] الشيخ الطوسي، الأمالي، مصدر سابق، ص400، الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، ج5، ص317.
[3] الشيخ الصدوق، الأمالي، مصدر سابق، ص 113.
[4] الإمام الخامنئيّ، إنسان بعمر 250 سنة، مصدر سابق، ص143.