البشارة برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في الرسالات السابقة
إضاءات إسلامية
البشارة برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في الرسالات السابقة
عدد الزوار: 97
إن الرسالة المحمَّدية المباركة، ممّا بشر به جميع الانبياء المتقدمين زمنياً على خاتم الانبياء والمرسلين محمَّد صلى الله عليه وآله.
ولقد اشار القرآن الكريم إلى ذلك إذ قال اللّه تعالى: ﴿وَإذْ أَخَذَ اللّه مِيثَاقَ النَّبِيّينَ لمَا آتيتُكُمْ مِنْ كِتاب وَحِكمَة ثُمَّ جاءكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرَنَّهُ قالَ ءأَقْرَرتُمْ وَأَخذتُم عَلى ذلِكُمْ إصريْ قالُوا أقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدينَ﴾ ([1]).
وهذه الآية وإن كانت تكشف عن أصل عام وكلّي وهو: وجوب تصديق إتباع النبيّ السابق للنبي اللاحق، إلاّ أن المصداق الأتمّ لها هو رسول الإسلام الكريم.
فيظهر من هذه الآية أن اللّه تعالى أخذ الميثاق المؤكد من جميع الانبياء أو من أصحاب الشرائع منهم أن يؤمنوا برسالة محمَّد صلى الله عليه وآله، ويدعوا أتباعهم إلى تصديقه واتباعه ونصرته.
روى الفخر الرازي عن اميرالمؤمنين علي (عليه السلام): «إن اللّه تعالى ما بَعث آدم (عليه السلام) وَمؤمن بعده من الانبياء عليهم الصلاة والسَّلام إلاّ أخذ عليهم العهد لئن بُعث محمَّد وهو حي ليؤمننّ به ولينصرنه»([2]).
وممّا يؤيد هذا ان القرآن دعا اهل الكتاب إلى بيان ما قرأوه ووجدوه في كتبهم حول رسول الإسلام للناس من دون كتمان، واليك فيما يأتي طائفة من الآيات المصرحة بهذا الأمر:
1 - قال اللّه تعالى: ﴿وَإذْ أَخَذَ اللّه ميثاقَ الَّذينَ اُوتوا الكِتابَ لَتُبيَّنُنَّهُ للنّاس وَلا تَكتُمونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراء ظُهورهمْ وَاشْتَروا بِه ثَمناً قَلِيلا فَبِئسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾([3]).
2 - قال تعالى: ﴿إنَّ الَّذينَ يَكتُمونَ مَا أَنْزَلَ اللّه مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرونَ بِه ثَمناً قَليلا اُوْلئكَ مَا يَأكُلُونَ في بُطُونِهِم إلاّ النّار، ولا يُكَلِّمهُمُ اللّه يَومَ الْقِيامَةِ ولا يُزكّيهمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أليمٌ﴾ ([4]).
3 - وقال تعالى: ﴿الَّذينَ آتَيْناهمْ الْكِتابَ يَعرفُونَهُ كَما يَعرفُونَ أَبناءهُمْ وَإنَّ فَريقاً مِنْهُمْ ليكتمون الحقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ ([5]).
4 -وقال سبحانه: ﴿الَّذينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبيّ الاُمِيَّ الَّذي يَجدُونَه مكتُوباً عِندَهُمْ في التَوراةِ وَالإنجيلِ يَأمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوف وَيَنْهاهُمْ عِنَ الْمُنكر وَيُحِلُّ لَهُمْ الطيِّباتِ وَيُحرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائثَ وَيضَعُ عَنْهُمْ إصْرهُمْ وَالأَغْلالَ الّتي كانَتْ عَلَيْهِم فالَّذينَ آمَنُوا بِه وَعَزَّرُوهُ وَنَصرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذي اُنزِلَ معهُ اُوْلئكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ([6]).
إن القرآن الكريم يصرح بجلاء ان السيد المسيح (عليه السلام) اخبر عن رسول الإسلام ورسالته إذ يقول تعالى: ﴿وَإذْ قالَ عيسَى بنْ مَريَمَ يَا بني إسرائيلَ إنّي رَسُولُ اللّه إليكُمْ مُصدِّقاً لِمَا بينَ يديَّ مِنْ التَوراة ومبشِّراً بِرَسُول يَأتي مِن بَعدي اْسمُه أَحمَدُ فلمّا جَاءهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سحرٌ مُبينٌ﴾ ([7]).
كما يتحدث القرآنُ الكريمُ عن أهل الكتاب الذين تنكروا لرسالة النبي محمّد صلى الله عليه وآله عندما بُعثَ وقد كانوا من قبل يخبرون عنه ويطلبون النصر به على أعدائهم إذ قال سبحانه: ﴿وَلمَّا جاءهُمْ كِتابٌ مِنْ عِندِ اللّه مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبلُ يَسْتفتِحُونَ عَلى الَّذينَ كَفَرُوا فَلمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِه فلعنَةُ اللّه عَلى الْكافِرينَ﴾ ([8]).
بل ويخبرنا القرآنُ الكريم بأَنَّ إبراهيم (عليه السلام) يومَ أحلّ زوجتَه وولده اسماعيل بأرض مكة دعا قائلا: ﴿رَبَّنا وَابعَثْ فيهمْ رَسولا مِنْهُمْ يَتلو عَلَيْهمْ آياتِكَ وَيعلِّمُهُمْ الْكِتابَ وَالْحِكْمةَ وَيُزكّيهمْ إنَّكَ أَنتَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ﴾ ([9]).
وقد انطبقت هذه الأوصاف على رسول اللّه صلى الله عليه وآله إذ يصفه القرآن الكريم بقوله: ﴿لَقَدْ مَنّ اللّه عَلى الْمُؤمنينَ إذْ بَعثَ فيهمْ رَسولا مِنْ أنفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِه وَيُزكّيهِمْ وَيُعلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَة وَإنْ كانوا مِنْ قَبلُ لَفي ضَلال مُبيْن﴾([10]).
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)، آية الله الشيخ جعفر السبحاني - بتصرّف
([1]) آل عمران: 81.
([2]) مفاتيح الغيب: ج 2، ص 507.
([3]) آل عمران: 187.
([4]) البقرة: 174.
([5]) البقرة: 146.
([6]) الاعراف: 157.
([7]) الصف: 6.
([8]) البقرة: 89.
([9]) البقرة: 129.
([10]) آل عمران: 164.