إنّ الفساد ليس مسألة عابرة تعرض على مكان خاصّ ثمّ تزول، بل هو مرض خبيث مستشرٍ في جسم الأمّة، وانتزاعه ليس أمراً يسيراً، بل هو عسير وغير ممكن من دون وضع برامج متكاملة لمواجهته، وبيان وجهه الأسود وتشجيع الناس على تركه مع وضع البدائل الشرعيّة المناسبة، لأنّ الطاقة والوقت إن لم تصرفهما في الحلال فستجد الحرام قد ملأهما، لأنّ الحلال والحرام أشبه بالنقيضين اللذين إذا ارتفع أحدهما ثبت الآخر مكانه.
وفي هذا الإطار علينا ملاحظة عدّة أمور نبّه عليها الإمام الخميني قدس سره:
1 ـ عموميّة المواجهة
كلّ الناس مكلّفون بالقيام بهذه الوظيفة؛ فحالة الفساد لا يستطيع أن يواجهها إلّا حالة صلاح ودعوة للصلاح تقف أمام أمواجها وتصدّ رياحها. فعمل الفرد إذا لم يتحوّل إلى حالة عامّة تلقي بظلالها على المجتمع لن يكون كافياً لتغيير وجهة المجتمع من الفساد إلى الصلاح.
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كافّة أبناء الشعب"([1]) .
فالمجتمع كلّه عليه أن يقوم بهذه الوظيفة حتّى تثمر بالشكل المطلوب.
2 ـ مواجهة الفساد من أوّل ظهوره
علينا أن نرصد الفساد لنواجهه من أوّل ظهوره، حيث يُمكن محاصرته قبل انتشاره في الأمّة ويمكن قطعه قبل قوّة ساعده. يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إذا لم تقفوا بوجه الفساد منذ بداية ظهوره، فليس من المستبعد أن نعود إلى ما كنّا عليه في السابق"([2]) .
3 ـ تحطيم معاقل الفساد
"إنّ من يعمل على إفساد المجتمع ولا يرعوي عن ذلك إنّما هو غدّة سرطانيّة يجب فصلها عن المجتمع"([3]) .
الإنسان الحكيم يجب أن يُفكّر في البداية كيف يوقف مصانع الفساد عن عملها، لتقف عند حدّ معيّن يبدأ بالتناقص بشكلّ تدريجيّ ليتمّ الإصلاح النهائيّ بعد فترة.
يقول الإمام قدس سره: "كان مجيء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لتحطيم هذه المعاقل وقلع جذور الظلم، ومن جانب آخر ولأنّ الهدف بسط التوحيد، فقد قام صلى الله عليه وآله وسلم بهدم مراكز عبادة غير الخالق جلّ وعلا، ومراكز عبادة النار وأطفأ نيرانهم"([4]) .
إصلاح المجتمع، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) الكلمات القصار، م. س، ص 105.
([2]) الكلمات القصار، م. س، ص 27 .
([3]) م. ن، ص 104.
([4]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص 52.