فضل يوم الغدير من فضل علي (عليه السلام)
عيد الغدير
فضل يوم الغدير من فضل علي (عليه السلام)
عدد الزوار: 348
إعلم أن من التنبيه على أن فضل يوم الغدير ما عرف مثله بعده ولا قبله لأحد من
الأوصياء والأعيان فيما مضى من الأزمان وجوه:
منها: ان الله جل جلاله جعل نفس علي عليه السلام نفس النبي صلى الله عليه وآله في
آية المباهلة، فقال تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم
وأنفسنا وأنفسكم) . وقد ذكرنا في الطرائف عن المخالف ان الأبناء الحسن والحسين،
والنساء فاطمة، وأنفسنا علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم ، فمنها جرى من التعظيم
لنفس رسول الله، فمولانا علي عليه السلام داخل فيما يمكن فيه من ذلك المقام، ولو
اقتصرنا على هذا الوجه الكبير لكفى في تعظيم يوم الغدير.
ومنها: اننا روينا في الطرائف أيضا عن المخالف، ان نور على من نور النبي صلى الله
عليه وآله في أصل خلقتها، وان ذلك ينبه على تعظيم منزلتهما .
ومنها: ان مولانا عليا صلوات الله عليه في أمته.
ومنها: ان كلما عصمت حرمة المنصوص عليه بالخلافة كان ذلك تعظيما لمن كان عنه،
ومولانا علي عليه السلام نائب عن الله ورسوله في كل رحمة ورأفة وأمانا من مخافة.
ومنها: ان الله جل جلاله قال: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن
المنكر) ، فيكون علي عليه السلام بمقتضى هذا الوصف الذي لا يجحد ولا ينكر، الرئيس
من الله ورسوله صلى الله عليه وآله على هذه الأمة، التي هي خير الأمم أعظم من كل
رئيس في شرف القدم وعلو الهمم وكمال القسم.
ومنها: ان الامتحان بنص الله جل جلاله ورسوله صلوات الله عليه على مولانا علي بن
أبي طالب عليه السلام، وجدناه أعظم من كل امتحان عرفناه للأوصياء لأجل ما اتفق
لمولانا على صلوات الله عليه من كثرة الحاسدين وأعداء الدين، الذين عاداهم وجاهدهم
في الله رب العالمين وفى نصرة سيد المرسلين، وقد شهدت عدالة الألباب ان المنازل في
الفضل تزيد بزيادة الامتحان الوارد من جانب مالك الأسباب.
ومنها: ان مولانا عليا عليه السلام وقى النبي صلى الله عليه وآله وحفظ الاسلام
والمسلمين في عدة مقامات، عجز عنها كثير من قوة العالمين، فجازاه جل جلاله ورسوله
صلوات الله عليه شرف ذلك الفضل المبين بهذا المقام المكين مثل انه بات على فراش
رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة، وقد عجز عنها كل من قرب منه وكانوا بين هارب أو
عاجز عنه فكلما جرى بالمهاجرة من الشهادة في الدنيا والآخرة، فمولانا حيث فداه
بمهجته أصل الفوائد بنبوته .
ومنها: أداؤه سورة براءة ونبذ عهود المشركين، لما نزل إلى خاتم النبيين انه لا
يؤديها الا أنت أو رجل منك، فكان القائم مقام النبوة مولانا على أمير المؤمنين عليه
السلام .
ومنها: مقامات مولانا علي عليه السلام في بدر وخبير وحنين وفى أحد، وفى كل موقف كان
يمكن أن يخذل الوالد للولد .
ومنها: قتل مولانا على صلوات الله عليه لعمرو بن عبد ود، العظيم الشأن، وقد روينا
في الطرائف عن المخالف ان النبي صلى الله عليه وآله قال: لضربة على لعمرو بن عبد ود
أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة ، وكذلك قال النبي صلوات الله عليه لما برز
مولانا على إليه: برز الاسلام كله إلى الكفر كله، فما ظنك برجل يرى النبي صلوات
الله عليه انه هو الاسلام كله، وكيف يدرك بالبيان والتبيان فضله، ولله در القائل:
يفنى الكلام ولا يحيط بوصفه * أيحيط ما يفنى بما لا ينفد ومنها: ان الله جل جلاله
جعل النص منه جل جلاله ومن رسوله صلوات الله عليه بالخلافة لعلى صلوات الله عليه
يقوم مقام جميع فضل الرسالة، وهذا مقام لا يبلغ وصفى حقيقته، فقال جل جلاله: (يا
أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من
الناس) ، وقد ذكرنا في الطرائف عن المخالف وفى هذا الكتاب ان المراد بهذه الآية
ولاية على صلوات الله عليه يوم الغدير من غير ارتياب .
ومنها: ان عناية الله جل جلاله بمولانا علي عليه السلام بلغت بتكرار الآيات
والمعجزات والكرامات إلى أن ادعى فيه خلق عظيم باقون إلى هذه الأوقات ما ادعى بعض
النصارى في عيسى صلوات الله عليه، وانه رب العالمين الذي يجب ان توجه العبادات إليه.
ومنها: ان مولانا عليا عليه السلام عذب الذين ادعوا فيه الالية كما امره صاحب
النبوة الربانية، ولم يزدهم تعذيبه لهم الا ملزما بأنه رب العالمين وما عرفنا ان
معبودا عذب من يعبده بمثل ذلك العذاب، وهو مقيم على عبادته بالجد والاجتهاد، فكان
ذلك تنبيها على أن ظهور فضله خرق العقول والبصائر حتى بلغ إلى هذا الأمر الباهر.
وما يقدر على شرح فضائل مولانا علي عليه السلام على التفضيل، وقد ذكرنا في الطرائف
وجوها دالة على مقامه الجليل، وقد نطق القرآن الشريف بنعم الله تعالى على عباده
مطلقا على التجميل، فقال تعالى: (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ، فهذا يكون من
تلك النعم التي لا تحصى لأنه عليه السلام رئيس القوم الذين ظهروا بها وحصلوها.
السيد ابن طاووس الحسني – بتصرف يسير
2018-08-27