إن التأكيد على إلزامية فريضة الصوم بدأته الآية المباركة في سورة البقرة وهي قوله
تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب
على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾[1].
فالتعبير ب(كتب) للدلالة على الفرض والعزم، والقضاء الحتم الذي لا رد له ولا مهرب
منه، ولهذا فإن منكر هذا الأمر، أعني وجوب الصوم، يعد منكراَ لضرورة من ضروريات
الدين الإلهي، ومن أنكر الضرورة أدى به إنكاره إلى تكذيب النبي (صلى الله عليه وآله)،
وتكذيب النبي (صلى الله عليه وآله) يؤدي به بالبداهة إلى الكفر بالله العلي العظيم،
ومن هنا عد تارك الصوم مرتكباً لذنب كبير من الذنوب التي وعد الله عليها بالنار،
والتي لا يغفر الله لمرتكبها إلا بالتوبة والإنابة والندامة، والتعويض عنها بقضائها،
وما هذا إلا لأن الصوم أحد أهم العبادات التي بني عليها الإسلام، كما تصرح الروايات
الشريفة.
فقد ورد عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: "بني الإسلام على خمس:
على الصلاة والزكاة، والحج، والصوم، والولاية"[2].
وعن عمرو بن حريث وقد قال للإمام الصادق (عليه السلام): "ألا
أقص عليك ديني؟ فقال الإمام: بلى، فقال عمرو: أدين بشهادة أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان،
والولاية"[3].
وقد وردت عشرات الروايات التي تذكر فضائل الصوم وبركاته وآثاره على نفس الإنسان حيث
دلت على:
أن الصوم لله وهو يجزي به: فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: قال الله تبارك وتعالى: كل عمل
ابن آدم هو له غير الصيام، هو لي وأنا أجزي به[4].
وأن الصوم جنة من النار: ففي وصية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) يوصيها أسامة بن زيد: يا أسامة
عليك بالصوم، فإنه جنة من النار. وإن استطعت أن يأتيك الموت وبطنك جائع فافعل، يا
أسامة عليك بالصوم فإنه قربة إلى الله[5].
وأن الصائم يدخل الجنة بصومه: عن إسماعيل بن يسار قال: قال سمعت عبد الله الصادق (عليه
السلام) يقول: "إياكم والكسل، إن ربكم رحيم يشكر القليل، إن الرجل ليصلي
الركعتين تطوعاً يريد بهما وجه الله عز وجل فيدخله الله بهما الجنة، وإنه ليتصدق
تطوعاً يريد به وجه الله عز وجل فيدخله الله به الجنة، وإنه ليصوم اليوم تطوعاً
يريد به وجه الله فيدخله الله به الجنة"[6].
وعن الإمام الباقر (عليه السلام): "من ختم له بصيام يوم دخل الجنة"[7].
وأن نوم الصائم عبادة، وفسه تسبيح، وعمله مقبول، ودعائه مستجاب:
فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبل،
ودعاؤه مستجاب"[8].
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "نوم الصائم عبادة ونفسه تسبيح"[9].
* المصدر: الصوم حاجة للجسد وغذاء للروح - بتصرف
[1] البقرة، الآية 183.
[2] وسائل الشيعة ( آل البيت ) - الحر العاملي - ج 1 ص 13.
[3] وسائل الشيعة ( آل البيت ) - الحر العاملي - ج 1 ص 15.
[4] الخصال - الشيخ الصدوق - ص 45.
[5] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 93 ص 258.
[6] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 93 ص 252.
[7] وسائل الشيعة ( آل البيت ) - الحر العاملي - ج 10 ص 401.
[8] وسائل الشيعة ( آل البيت ) - الحر العاملي - ج 10 ص 401.
[9] وسائل الشيعة ( آل البيت ) - الحر العاملي - ج 10 ص 137.