يتم التحميل...

الـرحـمـة المحمّـديـة

رجب

عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يصف بعثة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):"أَرْسَلَه بِالدِّينِ الْمَشْهُورِ والْعَلَمِ الْمَأْثُورِ، والْكِتَابِ الْمَسْطُورِ والنُّورِ السَّاطِعِ، والضِّيَاءِ اللَّامِعِ والأَمْرِ الصَّادِعِ، إِزَاحَةً لِلشُّبُهَاتِ واحْتِجَاجاً بِالْبَيِّنَاتِ، وتَحْذِيراً بِالآيَاتِ وتَخْوِيفاً بِالْمَثُلَاتِ".

عدد الزوار: 226

الـرحـمـة المحمّـديـة


عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يصف بعثة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):"أَرْسَلَه بِالدِّينِ الْمَشْهُورِ والْعَلَمِ الْمَأْثُورِ، والْكِتَابِ الْمَسْطُورِ والنُّورِ السَّاطِعِ، والضِّيَاءِ اللَّامِعِ والأَمْرِ الصَّادِعِ، إِزَاحَةً لِلشُّبُهَاتِ واحْتِجَاجاً بِالْبَيِّنَاتِ، وتَحْذِيراً بِالآيَاتِ وتَخْوِيفاً بِالْمَثُلَاتِ".

عندما تحدث القرآن الكريم عن صاحب الرسالة المحمدية وصفه بانه رحمةٌ للعالمين، والرحمةُ المحمدية تجلّت بشكل مباشر في الجزيرة العربية آنذاك وبشكل غير مباشر على مستوى الناس كافة.

وتتجلى هذه الرحمة المحمدية في البعثة بالوسائل والأساليب تارة، وبالنتائج والآثار المترتبة على البعثة تارة أخرى.

أما فيما يرتبط بالوسائل والأساليب، فيمكننا أن نعدد الكثير من المزايا التي اختص الله بها نبيه محمدا في بيانه للرسالة فهو:

أولا: اعتمد على النصيحة للعباد، وهي منطق الحديث بما في الرسالة المحمدية من مصالح للناس، وقد تكرر من الإمام علي (عليه السلام) وصفه لبعثة الرسول بأنها نصيحة للناس:"أرْسَلَه وأَعْلَامُ الْهُدَى دَارِسَةٌ، ومَنَاهِجُ الدِّينِ طَامِسَةٌ فَصَدَعَ بِالْحَقِّ، ونَصَحَ لِلْخَلْقِ وهَدَى إِلَى الرُّشْدِ وأَمَرَ بِالْقَصْدِ".

ثانيا: شخصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سيرته وسلوكه كانت الرحمة والمحبة للناس فكانت كما وصفها الإمام علي (عليه السلام):"سِيرَتُه الْقَصْدُ وسُنَّتُه الرُّشْدُ وكَلَامُه الْفَصْلُ وحُكْمُه الْعَدْلُ".

ثالثا: تمثلت شخصية النبي الكريم بالموعظة الحسنة امتثالا للأمر الإلهي ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ولذا كان منطق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الوعظ بالتي هي أحسن ويصف ذلك الإمام علي (عليه السلام) فيقول:"بَعَثَه والنَّاسُ ضُلَّالٌ فِي حَيْرَةٍ، وحَاطِبُونَ فِي فِتْنَةٍ، قَدِ اسْتَهْوَتْهُمُ الأَهْوَاءُ واسْتَزَلَّتْهُمُ الْكِبْرِيَاءُ، واسْتَخَفَّتْهُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ، حَيَارَى فِي زَلْزَالٍ مِنَ الأَمْرِ، وبَلَاءٍ مِنَ الْجَهْلِ، فَبَالَغَ (صلى الله عليه وآله وسلم) فِي النَّصِيحَةِ، ومَضَى عَلَى الطَّرِيقَةِ ودَعَا إِلَى الْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ".

وأما من حيث النتائج فتتجلى الرحمة المحمدية في الحال التي انتقل إليها الناس بعد البعثة مباشرة على مستوى الجزيرة العربية أو على مستوى الناس كافة:

فقد انقلبت نفوس الناس من الضغناء إلى المحبة يقول الإمام علي (عليه السلام) واصفا حال الناس بعد الدعوة المحمدية:"مُسْتَقَرُّه خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ، ومَنْبِتُه أَشْرَفُ مَنْبِتٍ، فِي مَعَادِنِ الْكَرَامَةِ، ومَمَاهِدِ السَّلَامَةِ، قَدْ صُرِفَتْ نَحْوَه أَفْئِدَةُ الأَبْرَارِ، وثُنِيَتْ إِلَيْه أَزِمَّةُ الأَبْصَارِ، دَفَنَ اللَّه بِه الضَّغَائِنَ، وأَطْفَأَ بِه الثَّوَائِرَ أَلَّفَ بِه إِخْوَاناً، وفَرَّقَ بِه أَقْرَاناً، أَعَزَّ بِه الذِّلَّةَ، وأَذَلَّ بِه الْعِزَّةَ".

كما تتجلى في انتقال المجتمع الذي آمن بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وببركة هذا الإيمان لتكون له قيادة سائر الناس إلى الهدى وثمرة ذلك سيادة المجتمع المسلم على الناس كافة:"فَانْظُرُوا إِلَى مَوَاقِعِ نِعَمِ اللَّه عَلَيْهِمْ، حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا، فَعَقَدَ بِمِلَّتِه طَاعَتَهُمْ وجَمَعَ عَلَى دَعْوَتِه أُلْفَتَهُمْ، كَيْفَ نَشَرَتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا، وأَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ نَعِيمِهَا، والْتَفَّتِ الْمِلَّةُ بِهِمْ فِي عَوَائِدِ بَرَكَتِهَا، فَأَصْبَحُوا فِي نِعْمَتِهَا غَرِقِينَ، وفِي خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهِينَ، قَدْ تَرَبَّعَتِ الأُمُورُ بِهِمْ فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ، وآوَتْهُمُ الْحَالُ إِلَى كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ، وتَعَطَّفَتِ الأُمُورُ عَلَيْهِمْ فِي ذُرَى مُلْكٍ ثَابِتٍ، فَهُمْ حُكَّامٌ عَلَى الْعَالَمِينَ، ومُلُوكٌ فِي أَطْرَافِ الأَرَضِينَ، يَمْلِكُونَ الأُمُورَ عَلَى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ، ويُمْضُونَ الأَحْكَامَ فِيمَنْ كَانَ يُمْضِيهَا فِيهِمْ".

ختاما، نبارك لولي أمر المسلمين وللمجاهدين جميعا ذكرى المبعث النبوي الشريف، ونسأل الله أن يعيده بالخير والعافية.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

2017-04-26