الثورةُ الإسلاميّة نهضة إنسانيّة ضد نظام الظلم العالمي والحرس حصنها
الثورة الإسلامية
الثورةُ الإسلاميّة نهضة إنسانيّة ضد نظام الظلم العالمي والحرس حصنها
عدد الزوار: 95
من كلمة
الإمام الخامنئي في مراسم تخرّج جامعة الإمام الحسين (عليه السلام) ــ الزمان:
15/04/2009
الثورةُ الإسلاميّة نهضة إنسانيّة ضد نظام الظلم العالمي والحرس حصنها
أعزّائي: كانت الثورة الإسلاميّة العظيمة لشعب إيران ثورة إنسانيّة
كبيرة، ضدّ هذا الواقع . كانت ثورتنا صرخة الإسلام. صرخة التوحيد، صرخة العدالة،
نداء كرامة الإنسان في هذا العالم الطافح بالظلم، الذي تتحوّل فيه النعم الإلهيّة
والهدايا الإلهيّة للإنسان إلي وسائل لقمع البشر. لقد قامت الثورة لمواجهة مثل هذا
الواقع. وإنّ الذين يوصون الشعب الإيراني ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة،
اليوم، بالعودة إلى النظام العالمي، هم أنفسهم الذين أزعجهم وأقلقهم وجود مثل هذه
الحركة العظيمة، لدي هذا الشعب، وخصوصًا في مثل هذا الموقع الحسّاس. عودوا إلى
النظام العالمي وكونوا جزءًا منه، معناها: الاستسلام لهذا النظام اللاعادل. هذا ما
يريدونه من شعب إيران.
منذ ثلاثين عامًا، والشعب الإيراني يردّ علي هذا الطلب الجاهل، المجنون وغير
المنطقي، بكلمة "لا"، وبكلّ اقتدار وثقة
بالنفس، واعتقاد صادق عميق بجذوره الإيمانيّة. إنّ الضغوط التي فرضوها علي الشعب
الإيراني، ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة، طوال الثلاثين سنة الماضية- هي من أجل
الهبوط بهذه الثورة عن مكانتها الرفيعة؛ وأصولها المعنويّة، والملكوتيّة،
والإنسانيّة. طبعًا، من البديهي أنّهم لم يستطيعوا ذلك ولن يستطيعوا.
(يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو
كره الكافرون)1 . حينما يشرق نور الله؛ نور التوحيد
والعدالة، والإحساس بشرف العبوديّة لله في قلب شعب وأمَّة- فلن تستطيع أيّة يد
إطفاءه.
الشباب حرّاس الثورة والهوية
أيّها الشباب الأعزّاء: أنتم حراس مثل هذه الحقيقة المقدّسة والهويّة
السامقة، فافخروا بها. وقد انبثق حرس الثورة الإسلاميّة، من صميم أطهر شباب هذا
البلد، في الأيّام الأولي للثورة. أنتم يا أعزّائي لم تدركوا تلك الأيّام. أولئك
الشباب كانوا في مثل أعماركم؛ شباب في العشرين والثامنة عشرة والثانية والعشرين من
العمر، قد أوجدوا حرس الثورة الإسلاميّة بعزيمة راسخة، وإرادة فولاذيّة، وإيمان
شامخ فذّ. وحضروا في ميادين الجهاد منذ الأيّام الأولى.
شنّ الأعداء الحرب المفروضة لإطفاء شعلة الثورة، لكنّ هذه الحرب نفسها، أدّت إلي
تصاعد أوار قوّة الثورة والروح الثوريّة. لقد استعاد هؤلاء الشباب الأعزّاء عظمتهم
في سوح الحرب، وقد انبجست ينابيع مواهبهم الداخليّة في قلوبهم الطاهرة النيّرة،
وخلقت منهم في فترة الشباب قادةً كبارًا ومجاهدين لا يعرفون التعب ورجالًا أصحاب
تدبير وتفكير؛ وإنَّ نظام الجمهوريّة الإسلاميّة مدينٌ لهم، ولسلوكهم إلي الأبد.
وأنتم أتباع طريق أولئك الأعزّاء، وأبدال أولئك السائرين الأوائل. حين يقال:
"كلّ يوم عاشوراء وكلّ أرض كربلاء"2
فمعني ذلك أنّ الزمن يمضي، لكنّ الأحداث الجارية في حياة البشر وحقائق الخلقة، تبقي
كما هي. للبشر في كلّ عصر دور إذا ما مارسوه بشكلٍ صحيح، وفي اللحظة والزمن
المناسبين، فسوف يصلح كلّ شيء، وسوف تتقدَّم الأمم وتنتشر [القيم] الإنسانيّة.
الشعب الإيراني يتقدم بفضلكم وفضل من سبقوكم
هكذا فعل أولئك الشباب ومارسوا دورهم. وكانت النتيجة أنّكم ترون الشعب
الإيراني اليوم، وبعد مضي عقود علي تلك الأيّام، وبما جنته يداه وبفضل الجهود التي
كانت تتراكم وتتوالى، وبفضل توجيهات الإمام الخميني، التي ماثلت إرشادات وتوصيات
الأنبياء بحقّ، ترونه يفتح القمم الواحدة تلو الأخري، ويتقدّم إلي الأمام. تصوّروا
أيّام الحرب، لا سيّما السنين الأولي لها، وقلّة التجهيز العسكري، والسلاح، والشحّ
المالي والتجارب المتواضعة بين شباب الحرس والتعبئة؛ وقارنوها بالتقدّم الذي تحقّق
اليوم.. التقدّم العلمي والبحثي وتراكم التجارب.
إنّكم تتعلّمون في الجامعة، وتبنون أنفسكم فكريًّا وعمليًّا، وكذلك باللحاظ المعنوي
والروحي والإرادي، وتسيرون في طريق جدّ عظيم ومجيد؛ والجامعة هي هكذا مكان. فافخروا
بانتمائكم لهذه الجامعة وتخرّجكم منها. واحتسبوا هذا الأمر نعمة كبري من الله، وهي
كذلك فعلًا، وحافظوا عليها وتقدّموا إلي الأمام.
البلاد اليوم بحاجة إلى الشباب المؤمن أمثالكم
بلادكم بحاجة إلى الشباب المؤمنين. وشبابنا اليوم- بلطف الله وفضله،
وعلى الرّغم من مساعي الأعداء الدائمة التي تتركّز على الشباب غالبًا – قد يمّمُوا
وجوههم إلى الله والهداية الإلهيّة. شبابنا هم- رغمًا عن أنف العدوّ- شباب مؤمنون
متديّنون. والشباب المؤمن اليوم إن لم يكن متقدّمًا علي الشباب المؤمن في صدر
الثورة - قبل ثلاثين عامًا - فإنّه ليس بمتخلّف عنه. ذلك النور المتّقدم وتجربة
الحرب المفروضة، التي كانت فرصة لتفجّر المواهب، لو وُضِعت أمام أيّ جيل مميّز
وموهوب فسيصنع المعجزات.
الأعداء يهابون روحيتكم الجهادية فلا تهابونهم
إنّكم اليوم في ساحة مختلفة. إنّكم في ميدان التّقدم العلمي، والروحي،
والمعنوي، وبناء الذات والبلاد، والاستعداد للدفاع. غالبًا ما يعيش الأعداء، أيْ:
القوي الاستكباريّة الكبري في العالم- وهم أعداء الشعوب والإنسانيّة والفضيلة
وليسوا أعداء الشعب الإيرانيّ فقط - بالتهديدات، ويمرّرون مشاريعهم باستعراض
القوّة، ويفرضون هيبتهم علي الشعوب، ويُقصونهم عن الساحة بهيبتهم. لا تخافوا هيبة
القوي الكبري. وإنّ هيبتكم المعنويّة في قلوبهم، لهي أكبر من هيبتهم الماديّة في
قلوب الشعوب. حينما تعتمدون علي إيمانكم واستعدادكم، وعلمكم، وحسن تدبيركم،
وحساباتكم الدقيقة وإدارتكم؛ وعندما تقدِّرون القيم العظيمة المنبعثة من صميم
الثورة، وتهتمّون بها، وتحافظون على إيمانكم بها- فسوف تتكوّن لكم في قلوب جميع
الشعوب عظمة أبّهة، أكبر من أبّهتهم في قلوب الشعوب الغافلة. يعلم الأعداء اليوم
أنّ الشعب الإيراني، بهذا الشباب المؤمن، وهؤلاء الرجال الأشدّاء، والمسؤولين
والساسة الذين يفخرون بالتزامهم بالقيم، وهذا الرأسمال القيِّم- لا يهاب أيّ تهديد
ولا أيّة هيبة؛ هم يعلمون هذا.
كرسوا هيبتكم في نفوسهم بمضاعفة عبوديتكم لله
كرّسوا، بانتمائكم لمؤسّسة الحرس المهيبة الشريفة، هذه القناعة في قلوب
الأعداء أكثر فأكثر؛ ابنوا أنفسكم معنويًّا. وإنّ العبوديّة لله والخشوع أمام الله
يوجبان أن لا يخضع الإنسان لأيّ متعسِّف ومتغطرس. القلب الذي أدرك المهابة والعزّة
الإلهيّة يشعر في قرارة نفسه بعزّة، لا تستطيع مقاومتها حتّي أعتي القوي. ضاعفوا من
عبوديّتكم لله يومًا بعد يوم.
1- سورة الصف، الآية 8.
2- شعار انبثق من حركة الإمام الحسين (ع) وواقعة كربلاء؛ يعكس ديمومة حالة الصراع
بين الحق والباطل على مدى الزمان وفي كلّ مكان، ويبدو أن كربلاء وعاشوراء هي أبرز
حلقات هذه السلسلة الطويلة. وإنّ الحق والباطل في مواجهة مستمرة. وتقع على عاتق
جميع الأحرار مهمة حراسة الحق ومجابهة الباطل.