الثورة الإسلامية الجذرية تنتصر حيث أخفقت ثورات إصلاحية قبلها
الثورة الإسلامية
الثورة الإسلامية الجذرية تنتصر حيث أخفقت ثورات إصلاحية قبلها
عدد الزوار: 194
أقول لكم أيّها الشباب الأعزّاء: إنّ الثورة الإسلاميّة التي قام بها الإمام العظيم لم تكن مجرّد انتقال للسلطة السياسيّة، بأن نُحّيت جماعة عن رأس السلطة لتحلّ محلّها جماعة أخرى. بل إنّ الثورة كانت تحوّلًا عميقًا؛ سواءً في سياسة البلاد؛ حيث أحدثت تحوّلًا عميقًا على الصعيد السياسي، أم في صلب المجتمع الإيراني. فعلى الصعيد السياسي، كان هذا التحوّل بمعنى أنّه بدّل ديكتاتوريّة متوارثة، مرتبطة بالأعداء، تابعة للأجانب، كانت تحكم البلاد، بحكومة كهذه؛ الأساس والاعتماد فيها على الشعب، مستقلّة وعزيزة وذات هويّة. هذا التحوّل العظيم حصل على الصعيد السياسي. وهكذا أيضًا فيما يتعلّق بصلب المجتمع، حيث كان مجتمعنا قد فقد هويّته، وتبدّلت إيران ـ مع كلّ تلك العراقة الثقافيّة، وتلك العظمة، وكلّ أولئك العلماء، والفلاسفة، وكلّ هذه المعارف الإنسانيّة العظيمة في هذا البلد- إلى مجتمع تابع للغرب وفاقد للهويّة. كان هدف الثورة تغيير هذا الوضع، بأن تبدّل المجتمع إلى مجتمع ذي هويّة، له استقلاله، وأصالته، وخلّاقيّته، وإبداعاته. فكانت الثورة الإسلاميّة تمثّل مثل هذا التحوّل الذي قاده الإمام بدعم الشعب إلى الانتصار.
عندما كان إمامنا العظيم يذكر في بياناته وخطبه تلك الأهداف، فإنّما كان في الحقيقة يطرح أهدافًا بالحد الأقصى؛ وكانت تبدو للأشخاص المشكّكين والمتشائمين ـ وحتّى السياسيّين ـ بعيدة المنال، وأنّ الإمام لن يستطيع تحقيق أهداف كهذه. أحد السياسيّين المعروفين والمحترمين والذي بدوري أكنّ له الاحترام، قال لي: "عندما طرح الإمام مسألة الإطاحة بالنظام والسلطة في البلد، تساءلت لِمَ يطرح الإمام هدفًا كهذا؟ فهذا أمر غير ممكن ومستحيل!". وإذا قارنتم هذا الهدف العالي السقف بهدف ثورة المشروطة (الحركة الدستورية) ، على سبيل المثال ـ فقد كان هدف الحركة الدستوريّة الحدّ من صلاحيّات الشاه عبر المجلس النيابي ـ أو بنهضة تأميم صناعة النفط ، والذي كان بيد الإنكليز، وجعله في تصرّف حكومتنا؛ قارنوا بين هذه الأهداف الصغيرة وذات الأسقف المتدنّية، وبين هدف الإمام الذي كان يهدف إلى ذلك التحوّل العظيم؛ فهذه الثورات التي كانت تتمتّع بالحدّ الأدنى من الأهداف لم تنتصر وأخفقت، وأما الإمام، فقد انتصر وحقق ذلك الهدف العظيم ذا الحد الأقصى. هؤلاء حقّقوا في بداية الأمر نجاحات صغيرة، لكنّهم أخفقوا فيما بعد. واستطاع الإمام أن يحقّق النصر الكامل وأن يحافظ على هذا الانتصار ويخلّده.
سر الإنتصار جاذبية الإمام ونزول الشعب إلى الميدان
وهنا سؤال يطرح: كيف استطاع الإمام أن يقود هذه الحركة العظيمة إلى الانتصار، وأن يحافظ على هذا الانتصار؟ السرّ في ذلك بحسب الموازين الظاهريّة - مضافًا بالطبع إلى الإرادة الإلهيّة - هو أنّ الإمام استطاع أن يُنزل عموم أفراد الشعب وخاصّة الشباب منهم، إلى الساحة. ففي كلّ حركة، وفي كلّ بلد يَردِ فيه عموم أفراد الشعب الميدان، ويقفون فيه ويقاومون، سيبلغون هدفهم؛ لا تخلّف ولا تأخير في ذلك. ولم يثبت عكس ذلك في أيّ مرحلة تاريخيّة.
من أين حصل الإمام العظيم على قدرة كهذه؟ وهذه هي المسألة التي أريد التأكيد عليها والتي نستلهم منها الدروس في يومنا هذا. لقد كان الإمام يتحلّى بجاذبيّات شخصيّة، وجاذبيّة في شعاراته. وهذه الجاذبيّة كانت من القوّة بحيث استطاع أن يُنزل فئات الشعب المختلفة وخاصّة الشباب إلى الساحات.
* من خطاب الإمام الخامنئي في الذكرى 28 لرحيل الإمام الخميني 1396/3/14ه .ش_2017/6/4 م.