إيران اليوم: نظام إسلامي جماهيري حقق إنجازات كبر للشعب
الحكومة الإسلامية
من كلمة الإمام الخامني في لقائه مسؤولي البلاد في رحاب شهر رمضان. الزمان: 31/6/1386هـ. ش ـ 10/9/1428هـ.ق ـ 22/9/2007م.
عدد الزوار: 71
من كلمة
الإمام الخامني في لقائه مسؤولي البلاد في رحاب شهر رمضان. الزمان: 31/6/1386هـ. ش
ـ 10/9/1428هـ.ق ـ 22/9/2007م.
إيران اليوم: نظام إسلامي جماهيري حقق إنجازات كبر للشعب
تاريخنا تاريخ الحكومات الإستبدادية الجائرة
وبعد هذا فإنني أريد أن أقول لكم: أيها المسؤولون الأعزاء، يا من حملتم
على كاهلكم مسؤولية المضيّ قُدُماً بالحكومة والسلطة القضائية والقوات المسلحة
وسائر المؤسسات الحكومية، لقد حققتم إنجازاً كبيراً أنتم ومن سبقكم من مسؤولي
النظام والجمهورية الإسلامية منذ قيامها وحتى الآن. وكتبتم صفحات رائعة من التاريخ،
وسجّلتم سبقاً عظيماً.
إننا لو ألقينا نظرة على تاريخنا المدوّن والممتد على طول آلاف السنوات من بدايته
وحتى الآن لوجدنا أنّ شعبنا كان يرزح تحت نير حكومات ديكتاتورية وأنظمة استبدادية
تقوم على حكم الفرد بلا إيلاء أدنى أهمية لصوت المواطنين.
لقد كان هذا هو تاريخنا، وكانت تلك هي حكوماتنا. وحتى أولئك السلاطين الذين نُكنّ
لهم الاحترام، من الغزنويين والسلاجقة, ومن بعدهم الصفويين بما فيهم الشاه عباس
والشاه إسماعيل والشاه طهماسب، كانوا جميعاً على ذلك المنوال.
إنّ هؤلاء هم مُلوكنا الجيّدون، ولكن كيف كانوا يحكمون هذا البلد مع كونهم جيّدين؟
وكيف كانوا يعينون الحكومة ويديرون المؤسسة الحكومية؟ لقد كان هناك شخص واحد فقط
يأخذ بمقاليد السلطة، والباقون يقدّمون له فروض الطاعة. وبهذا كانوا يمتصّون دماء
الشعب دون أن تكون للجماهير أهمية تُذكر.
لقد كان السلطان يخاطب وزراءه قائلاً: أيها العبيد. وكانوا عبيداً له حقاً.
إنّ ناصر الدين شاه ومحمد شاه وفتحعلي وسواهم مَنْ جاء خلفاً لهم كانوا يقولون
للوزراء ولرئيس الوزراء: إنكم عبيد صالحون. لقد كانت تلك هي الثقافة السياسية في
بلادنا.
وإذا كان الوزراء ورئيس الوزراء عبيد للسلطان، فما بالنا بمن دونهم من المسؤولين،
بل وما بالنا بالمواطنين العاديين؟
لقد كانوا هباءً منبثا وكأنه لا أثر لهم ولا وجود.
يقول الشاعر:
عندما يباع الجمل بسعر الأوزة
فلا قيمة عندها للحمار..!
أما حاضرنا فنظام ديمقراطي حقق إنجازات كبرى للشعب
لقد كان يسيطر على مقدرات البلاد عدد معدود من ذوي السلطة، بل كان
يتحكّم فيها فرد واحد. فهذا تاريخنا.
وأما أنتم أيها المسؤولون فلقد جعلتم من هذا البلد وهذا الشعب وهذه الثورة نظاماً
يديره جميع أفراد الشعب وتنتخبه الجماهير.
إنّ الانتخابات الحرة هي التي تتحكّم بتعيين القائد ورئيس الجمهورية ونواب
البرلمان.
إنّ أصوات الجماهير هي التي تحدد مصير المؤسسات التي تخضع للانتخابات. وكما تعلمون
فإن مؤسسات من قبيل القوات المسلحة والسلطة القضائية لا تخضع لنظام الانتخابات وهذا
معمول به في كل بلاد العالم.
وأما المؤسسات الأخرى فلها معايير مختلفة، فكان لابد من وجود الانتخابات لتحديد
مسارها.
إنكم أنتم من أسّستم مثل هذا النظام.
إنّ الانتخابات هي صاحبة الكلمة الأولى في هذا البلد منذ ثمانية وعشرين عاماً. ومع
ذلك فإن النقد يطال الانتخابات في بلادنا. وهل ثمّة حقيقة في هذا العالم سَلِمت من
النقد؟
لقد طال النقد حتى الذات الإلهية المقدسة، ولم يسلم من لذعات لسانه حتى الأديان
السماوية. فهل ثمة ديمقراطية أفضل وأظهر من ذلك؟ حسناً، لقد كان هذا فيما يخص
ماضينا التاريخي، وهي مرحلة مفصلية.
وأما الآن، فانظروا إلى أوضاع العالم. إنكم تقدّمون اليوم حقيقة جديدة لهذا العالم،
لقد ظل العالم يخضع لنظام الحاكم والمحكوم ولاسيّما بعد ظهور ظاهرة الاستعمار التي
جرّت بالكثيرين إلى أتون الحرب العالمية في القرن الماضي.
إنّ بعض القوى والحكومات تفرض سيطرتها على بلدان أخرى، وترى أنّ هذا من واجباتها!
وأنّ على الآخرين أن يخضعوا لهذه السيطرة. وكما يقول ذلك الكاتب وعالم الاجتماع
الغربي المعروف والذي يوجّه نقده للسياسات الغربية والأمريكية فإن أثرياء البلدان
المتسلطة هم في الحقيقة أغنياء البلدان السلطوية.
إنّ السلطة في أيديهم، ولكن المال ليس لتلك البلدان جميعاً، وعلى أثرياء البلدان
الخاضعة لسلطتهم أن يخضعوا هم أيضاً لسيطرتهم، وهذه هي الحقيقة، وهذا تحليل صحيح.
لقد قمتم أنتم باستنكار هذا النظام العالمي السلطوي الجائر، ولم تحيدوا عن ذلك،
وهذا هو المهم.
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ
اسْتَقَامُوا}.
لقد رُفعت في العالم شعارات كثيرة، وظهرت حكومات وثورات شعبية متعددة، ولكن أن
تستطيع ظاهرة ثورية الحفاظ على نفسها، وتعميق أصولها، وصدّ هجمات أعدائها، وتحقيق
انجازات جمّة على مدى ثمانية وعشرين عاماً، وتحدّي معارضيها المستكبرين المتغطرسين
الذين ينظرون إليها على أنها ليست سوى دولة من دول العالم الثالث كما يقولون، فإن
هذا دليل على أنكم بدأتم مرحلة تاريخية جديدة.
فعليكم ألاّ تستهينوا بهذا الانجاز وهذه المسؤولية الجسيمة.
مسؤوليتكم مواصلة المسيرة حتى بلوغ الأهداف
حسناً، فما هي نتيجة تقدير هذا الموقع وهذه المسؤولية؟ لا شيء سوى
مواصلة المسيرة حتى بلوغ الهدف. ليس لكم أن تشعروا بالإنهاك أو تتوقفوا في منتصف
الطريق، وعليكم أن تكتشفوا عوامل الفشل والخضوع وتتغلبوا عليها.
إنّ هناك أسباباً نعرفها ويعرفها الجميع تؤدي إلى هزيمة الشعوب. ومن ذلك اختلاف
الكلمة، وإعطاء الفرصة للمستغلين وأصحاب النفوذ من الأعداء، والتساهل والاستهانة،
والشعور باليأس من تحقيق الأهداف، والاستهانة بالعدو وغضّ الطرف عن ممارساته.
إنّ تلك الأمور جميعاً تُعدّ من عوامل الضعف والفشل والهزيمة، فعليكم بتجنّبها.
ومن عوامل الفشل أيضاً الاستجابة للأهواء الشخصية الضئيلة، أي أن يقع أحد المسؤولين
الكبار في فخ خادع وهو يظن أنه في صالحه. إنّ الارتشاء من المصاديق الواضحة لتلك
الحالة.
ولكن هناك ما هو أدق وأخفى، وإن كانت الحقيقة واحدة.
إنّ من الضروري عدم الاستجابة لتلك الأهواء التافهة، وينبغي ألاّ يعيرها المرء
اهتماماً إنّ هناك أوهاماً قد تنتاب المرء وهو ماض على الطريق ، فتفلّ من عزيمته،
وتوحي إليه بأنه لن يستفيد شيئاً إذا ما واصل الطريق، بينما سيحقق المكاسب الكبرى
إذا ما توقف وأسلم القيادة لأهوائه النفسية.
إذا ما أقرنها بما يطمح إليه من الآمال العظيمة والمكاسب الراقية. وهناك أمثلة
كثيرة يمكن استعراضها في هذا المجال.
إنجازات ومكاسب نظامنا الإسلامي
اعلموا أنّ نظامكم نظام فاعل وبارز.
إنّ أعداءكم يبذلون مساعيهم القصوى لإيهامكم بعدم جدوى هذا النظام. كلا، إنّ هذا
النظام في الواقع يتمتع بمصداقية وفائدة كبرى. لقد أفصح هذا النظام عن جدارته في
مختلف الميادين. إنه لا توجد أدنى مقارنة بين إيران اليوم وإيران الحقبة الطاغوتية
على صعيد الخدمات العامة واتساع نطاقها.
إنّ هذا أحد المجالات النشطة والفاعلة ويتضمن أمثلة ونماذج عدة، ولديكم إحصائيات
دقيقة بهذا الصدد، فما أجمل أن تُطلعوا الجماهير على هذه الحقائق وتبادروا إلى
إعلانها والإفصاح عنها.
ومن ذلك أيضاً موضوع الثقة الوطنية بالنفس الذي عبّر عن نفسه في المجالات العلمية
والسياسية والتكنولوجية.
إنّ المهندس في بلادنا لم يكن يجرؤ على الحديث حول بناء محطة للطاقة الكهربائية أو
إقامة أحد السدود أو بناء أحد المطارات، زعماً منهم أنّ هذا من شأن الأجانب دون
سواهم.
لقد كان منتهى طموح المهندس الإيراني أن يشارك ببعض النشاطات الجزئية إذا ما قبلت
به تلك الشركات الأجنبية، وكان بعضها يتذرع بالرفض.
لقد قمت بالإشارة إلى هذه القضية بإسهاب في حديث لي عند (سد كرخة) منذ نحو أربع
سنوات، وقارنت بين (سد كارون3) ـ وليس (سد كرخه) ـ وبين (سد دز) الذي تمّ بناؤه في
عهد الطاغوت.
وأما (سد كارون3) فقد بُني في عصر الجمهورية الإسلامية، وهناك تشابه بين هذين
السدّين.
إنهما سدّان من الآجر متماثلان في الطاقة المائية والكهربائية. لقد سَخَروا كثيراً
من الإيرانيين لدى بناء (سد دز) وشوّهوا سمعة المهندسين الإيرانيين، وأراقوا ماء
وجوه المستثمرين الإيرانيين وأصحاب رؤوس الأموال الإيرانيين، وأما عند بناء هذا
السد فإن المهندسين الإيرانيين والشباب الإيرانيين هم الذين قاموا بانجاز هذا
المشروع المعقّد، والذي يعتبر أشدّ حساسية وأهمية من (سد دز) من حيث العمل الفني
وتصنيع الآجر ووصله ببنية الجبل، وهي تفصيلات أوضحوها أمامنا.
إنّ مهندسينا هم الذين تولّوا بناء محطة الطاقة الكهربائية، وبناء السد، وأعادوا
شقّ طريق تحت الماء بعد اندثاره، وأضافوا طولاً للجسر المعلق الهوائي، وذلك بكل عزة
وافتخار.
لقد تفجّر منهم العرق، ولكنهم رفعوا رؤوسهم عالياً بعزة وافتخار.
إنّ هذا ليس بالأمر الهيّن، فعليكم بتعميم ذلك في شتى المجالات.
إنّ المهندسين والدارسين والأطباء والعسكريين الإيرانيين يستطيعون اليوم تفجير
طاقاتهم في البناء والإنتاج والعمل أفضل من الآخرين على النطاق العملي.
إنهم لم يكونوا يجرؤون على مجرد التفكير في ذلك آنذاك، ولدينا العديد من الأمثلة
التي لا يتسع لها المجال.
فهذه هي انجازات هذا النظام، وهو الذي حقق كل هذه المكاسب.
لقد أعاد هذا النظام الحياة للزراعة، وحوّل الصناعة من حرفة بدائية إلى تقنية
للطاقة النووية الحساسة المعقدة.
وإنّ هذا النظام يقف في الصفوف الأولى تقريباً ويتحرك في سباق مع منافسيه في مجال
الصناعات الحديثة ـ والتي أسماها السيد رئيس الجمهورية بـ(نانوتكنولوجي) وسواها من
الصناعات المتقدمة في العالم. فهذه هي مكاسب النظام.
والأهم من كل ذلك، ربما يمكن القول: إنّ هذا النظام حقق إنجازاً عظيماً على صعيد
ترسيخ الديمقراطية.
لقد استطاع هذا النظام تحقيق الديمقراطية مع ما لهذا البلد من ماض سيّئ وتجربة
سلبية في هذا المجال.
إنّ لدينا الآن عملية انتخابية واحدة في كل عام ـ وربما تقلّ هذه النسبة قليلاً
طِبقاً للقرارات الجديدة، ولكن الأوضاع كانت هكذا حتى الآن ـ حيث كان لدينا نحو
ثمان وعشرين عملية انتخابية في الثمانية والعشرين عاماً الماضية. ولقد أُجريت كلها
بهدوء ونزاهة ويُسر، مما يدل على نضج الديمقراطية في هذا البلد.
فمن الذي حقق ذلك؟ إنه هذا النظام.
وهذه كلها انجازات بالغة الأهمية.
ثم من الذي يستطيع إنكار موقعنا السياسي وكرامتنا الوطنية؟ ومن الذي يستطيع إنكار
تأثير حكومة الجمهورية الإسلامية اليوم على سياسات المنطقة والعالم؟
ومن الذي يمكنه إنكار شموخ الجمهورية الإسلامية بين شعوب وبلدان العالم الإسلامي؟
ومن الذي يستطيع أن يزعم أنّ رئيسه أو مسؤوليه الكبار يُستقبلون بحفاوة كبرى وترحيب
حار من قِبَل الجماهير عند زيارتهم للبلدان المسلمة الأخرى، وربما خلافاً لِمَا
تريده تلك الحكومات، غير الجمهورية الإسلامية؟
إنّ الجمهورية الإسلامية وحدها هي التي يتمتع رؤساؤها بامتداد معنوي وحقيقي وسياسي
لدى أبناء الشعوب الأخرى. أفليست هذه كلها انجازات؟! وهل يوجد ما هو أهم وأعظم من
ذلك في هذا الصدد؟
إنّ هذا النظام هو الذي خلق حواراً جديداً على المستوى الدولي الإسلامي، وهو الذي
عمّق حوار الهوية الإسلامية والاستقلال ورفض الخضوع والتسلط، ورشّد العلاقات بين
دول الجوار، وسوى ذلك الكثير مما يضيق عنه الوقت.
إنّ علينا أن نرفع من مستوى هذه الإنجازات بواسطة ثلاثة: العلم، والعقل، والعزم،
إنه لابد من العزم إذْ لا يمكن تحقيق شيء بالضعف والخضوع.
كما أنه لابد من استخدام العلم والعقل، وأن نجعل من العزم طاقة للحركة. وإنّ
باستطاعتنا زيادة هذه الانجازات.