دروس عاشوراء وتكليفنا
محرَّم
"لو نظرنا بدقة إلى واقعة عاشوراء، ابتداءً من خروج أبي عبدا لله (عليه السلام) من المدينة ثم توجّهه نحو مكّة إلى أن شرب كأس الشهادة في كربلاء،
عدد الزوار: 306
دروس
عاشوراء وتكليفنا
المناسبة: على أعتاب شهر محرّم
من كلام للإمام السيّد عليّ
الخامنئيّ (دام ظلّه):
مئات الدروس في الحركة التاريخية للإمام الحسين (عليه
السلام):
"لو نظرنا بدقة إلى واقعة عاشوراء، ابتداءً من خروج أبي عبدا لله (عليه
السلام) من المدينة ثم توجّهه نحو مكّة إلى أن شرب كأس الشهادة في كربلاء، لأمكننا
القول إنّ باستطاعة الإنسان عدّ أكثر من مائة درس مهمّ في هذا التحرّك الّذي استمرّ
أشهرا معدودة فقط. ولا أودّ القول آلاف الدروس وإن أمكن قول ذلك، حيث تعتبر كلّ
إشارة من ذلك الإمام العظيم درساً؛ لكن عندما نقول مئة درس، أي أنه لو أردنا
التدقيق والتمحيص في هذه الأعمال لأمكننا استقصاء مائة عنوان وفصل، وكلّ فصل يعتبر
درساً للأمة وللتاريخ وللبلد ولتربية النفس ولإدارة المجتمع وللتقرّب إلى الله.
رسالة الإمام الحسين(عليه السلام) إلى كل التاريخ:
إن دماء الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) والحركة التي قام بها، على
مر التاريخ بالنسبة إلينانحن - البعيدين عن وطننا الإسلامي الحقيقي، وعن النصوص
الدينية التي كانت في عصر النبي وآل بيت الرسالة-، تحمل رسالة وبلاغا. يبين لنا
الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) بعمله: انه إذا ارتم أن تحفظوا الإسلام في أي
عصر من العصور وفي أي مرحلة من المراحل فهذا هو الطريق. ونحن قمنا بهذا العمل
والشعب قام به وقد رأينا نتيجته أيضاً؛ إذا اعرفوا قدر عاشوراء، ولا تنسوا دروس
عاشوراء أبدا.
درس عاشوراء؛ درس خالد:
درس الحسين بن علي (عليه السلام) درس خالد، لا ينبغي نسيانه؛ ينبغي فهمه
بشكل جيد؛ ينبغي خلال الحديث [عن عاشوراء] وقراءة مجالس العزاء وذكر المصائب تفهيم
نقطة الفداء وتضحية الإنسان من اجل دين الله وفي سبيل الله، حتى لا يخرج هذا الدرس
من أذهاننا أبدا.
بيان "التكليف الأهم" على لسان الإمام (عليه السلام):
في الوقت عينه الذي تحرك فيه أبو عبد الله (عليه السلام)، كان هناك
أشخاص إذا نوقشوا بالأمر وقيل لهم:"الآن وقت النهوض" وعلموا أن هذا الأمر سيجلب لهم
المشاكل والمتاعب فإنهم سيتجهون نحو التكاليف من الدرجة الثانية، مثلما رأينا بعضهم
قد قام بهذا العمل فعلاً.
لقد أوضح الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) في خطابه للجميع؛ أن من أكثر وظائف
العالم الإسلامي في تلك الظروف وجوباً هو مواجهة رأس القوة الطاغوتية والنهوض من
أجل إنقاذ الناس من سلطتها الشيطانية.
من البديهي أن الحسين بن علي (عليه السلام) لو كان بقى في المدينة وبلّغ الأحكام
الإلهية ومعارف أهل البيت (عليهم السلام) لتربّت جماعة على يديه؛ لكنه عندما يتجه
إلى العراق لأجل القيام بواجب، فانه سوف يُحرم من كل هذه الأعمال؛ من تبليغ الاحكام
الإلهية للأُمة وبيان معارف أهل البيت (عليه السلام) وتعليم وتربية المسلمين، ولن
يكون بإمكانه أن يُعلّم الناس الصلاة وأن ينقل إليهم أحاديث الرسول (صلى الله عليه
وآله)، وبالطبع سوف تتعطل حوزته العلمية ونشره للمعارف، وسوف يحرم من تقديم العون
للايتام والمساكين والفقراء في المدينة. كل واحده من هذه الامور كانت وظيفة يقوم
بها الإمام (عليه السلام) قبل تحركه بإتجاه العراق؛ ولكنه جعلها جميعاً فداء
للوظيفة الأكثر أهمية، وحتى انه ضحى بحج بيت الله في سبيل التكليف الأعلى. كما
يتناقل الخطباء والمبلغون هذه القضية على السنتهم. وكان هذا في وقت شرعت فيه الناس
بالوفود إلى بيت الله الحرام. فماذا كان ذلك التكليف؟ لقد كان - كما عبر هو (عليه
السلام) - مواجهة الجهاز الحاكم الذي هو منشأ الفساد:«أُريد ان آمر بالمعروف وأنهى
عن المنكر وأسير بسيرة جدي». أو كما قال في خطبة أُخرى وهو في طريقه:«أيها الناس إن
رسول الله قال: من رأى سلطانا جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله... فلم
يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله ان يدخله مدخله».
أي الثورة أو التغيير لسلطان الظلم والجور، تلك السلطة التي تنشر الفساد، والجهاز
الذي يجرّ الناس نحو الهلاك والفناء المادي والمعنوي؛ هذه هي فلسفة نهضة الحسين بن
علي (عليه السلام)".
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
2016-10-05