أداء التكليف والمقاومة في كربلاء
محرَّم
معرفة التكليف الأساس؛ الدرس المهمّ في عاشوراء: توجد نقاط كثيرة جدّاً في قضيّة ثورة عاشوراء بحيث لو بُحثت في العالم الإسلاميّ وتناولها المفكّرون الإسلاميّون من أبعادها المختلفة...
عدد الزوار: 238
أداء
التكليف والمقاومة في كربلاء
حلول شهر محرّم
من كلام للإمام السيّد عليّ
الخامنئيّ (دام ظلّه):
"معرفة التكليف الأساس؛ الدرس المهمّ في عاشوراء: توجد نقاط كثيرة جدّاً في قضيّة
ثورة عاشوراء بحيث لو بُحثت في العالم الإسلاميّ وتناولها المفكّرون الإسلاميّون من
أبعادها المختلفة، ودقّقوا النظر في مقدّماتها ولواحقها وما أحاط بهذه الحادثة،
فسيصبح بالإمكان تحديد سبل الحياة الإسلاميّة ووظائف الأجيال المسلمة في مختلف
الظروف.
وأحد هذه الدروس هي هذه النقطة المهمة: أنّ الحسين بن عليّ (عليهما السلام) قد شخّص
في فصل حسّاس جدّاً من تاريخ الإسلام، الوظيفة الرئيسيّة من بين الوظائف المتنوّعة
والتي لها مراتب متفاوتة في الأهمّيّة، وقام بإنجازها. ولم يخطئ أو يشتبه في معرفة
ما كان العالم الإسلاميّ في ذلك اليوم بحاجة اليه.
في حين كان تشخيص الوظيفة الرئيسيّة دائماً يمثّل إحدى نقاط الخلل والضعف في حياة
المسلمين في المراحل الزمنيّة المختلفة؛ والخلل في تشخيص هذه الوظيفة يعني أن يخطئ
أفراد الأمّة والمرشدون والشخصيّات البارزة في العالم الإسلاميّ- في مقطع من الزمن-
في تشخيصها؛ بمعنى أنّهم لا يعلمون ما هي الوظيفة الرئيسيّة التي يجب البدء بها؛
والتضحية بسائر الأمور في سبيلها إذا لزم الأمر، ولا يعلمون ما هي الوظيفة الفرعيّة
والتي تأتي في الدرجة الثانية، وأن يعطوا كلّ عمل وكلّ حركة من الأهمّيّة بقدره وأن
يسعوا في سبيل تحقيقه.
في الوقت عينه الذي تحرّك فيه أبو عبد الله الحسين (عليه السلام)، كان هناك أشخاص
اذا نوقشوا بالأمر وقيل لهم: "الآن وقت النهوض والقيام" وعلموا أنّ هذا الأمر سيجلب
لهم المشاكل والمتاعب فإنّهم كانوا سيتّجهون نحو تكاليف من الدرجة الثانية، مثلما
رأينا بعضهم قد قام بهذا العمل فعلاً.
ولقد كان هناك أشخاص مؤمنون وملتزمون بين الذين لم ينهضوا مع الإمام الحسين (عليه
السلام)؛ فليس من الصحيح اعتبارهم جميعاً من أهل الدنيا، وكان بين زعماء المسلمين
ورموزهم في ذلك الوقت أشخاص مؤمنون وأشخاص يرغبون بالعمل وفقاً للتكليف؛ لكنّهم لم
يدركوا ما هو تكليفهم، ولم يشخّصوا أوضاع ذلك الزمان؛ ولم يعرفوا العدوّ الرئيسيّ،
وكانوا يخلطون بين الوظيفة الرئيسيّة المحوريّة والوظائف التي هي من الدرجة الثانية
أو الثالثة. ولقد كان هذا الأمر أحد الإبتلاءات العظيمة للعالم الإسلاميّ؛ ونحن-
اليوم- يمكن أن نبتلى بذلك أيضاً. من الممكن أن نخطئ في تشخيص التكليف الأهمّ نسبة
إلى الأشياء الأقلّ أهمّيّة. يجب اكتشاف تلك الوظيفة الأساسية والتي يعتمد عليها
قوام المجتمع وحياته.
المقاومة؛ درس الحسين بن عليّ (عليهما السلام) للمسلمين: لدينا أكبر وأقوى مظهر
للنشاط وعدم الرضوخ للتعب، وهو تلك المقاومة في الجبهات، وهذا النصر نفسه، وهذا
الدرس نفسه الذي تعلّمه المسلمون من الحسين بن عليّ (عليهما السلام).
إنّ حادثة القتل حادثة مرّة في العادة. وإنّ مقتل القادة والمسؤولين عادة ما يبعث
على اليأس؛ هكذا هو الوضع بين كلّ شعوب العالم. لكن ما أروع الفكر الشيعيّ الثوريّ
المتمرّد، ومدرسة الفداء والجهاد والشهادة التي استطاعت أن تصنع من هذه الحادثة
الأليمة نشاطاً وابتهاجاً وعشقاً في قلوب الشيعة، وأن تفجّر من حادثة وواقعة،- هي
بالنسبة للجميع حادثة موجبة لليأس- نبعاً فوّاراً بالأمل انسابَ إلى قلوب الموالين
والمحبّين.
لقد ضحّى الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه بأنفسهم، في مرحلة حالكة شديدة
الظلمة مليئة بالقمع لا يمكن تحمّلها في مواجهة سلطة متجبّرة فأمّا العيون التي لا
ترى سوى الظاهر، فهي ترى أنّ الحسين (عليه السلام) والحالة الحسينيّة قد انتهت؛
إلّا أنّه (عليه السلام) بقي كبذرة ترقد تحت التراب لتنبت من جديد وتؤتي ثمارها.
الجهاد وعدم الخوف من الغربة والوحدة: لقد ثار هذا النور المشعّ وحيداً في صحراء لا
متناهية من الظلمة. وحتّى لو بقي الإمام الحسين (عليه السلام) وحيداً في ذلك اليوم
وتركه هؤلاء الـ72 نفراً لم يكن مستعدّاً لترك ثورته. هذا واحد من الدروس. نتعلّم
من الحسين بن عليّ (عليهما السلام) أنّه لا ينبغي ترك الجهاد في سبيل الله بسبب
الضغوط والغربة، في أيّ ظرف كان. إنّ الدرس الذي يقدّمه لنا الحسين بن عليّ (عليهما
السلام) هو أنّه لا تترك هذه الفريضة وهذا الواجب بسبب الوحدة والقلّة والغربة
وندرة الأصحاب ووجود المعارضين ووجود العدوّ. هذا واحد من دروس الحسين بن عليّ
(عليهما السلام). لقد قاتل الإمام الحسين (عليه السلام) في غربة تامّة؛ ولم يكن
أحدٌ ليجرؤ- خلال سنوات متمادية- حتّى على ذرف الدموع على الحسين بن عليّ (عليهما
السلام). كان الإمام الحسين (عليه السلام) يعرف ذلك؛ لكن الغربة لم تستطع أن تلقي
الرعب والوحشة في قلبه".
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
2016-09-29