لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
تفسير القرآن الكريم
الاية الكريمة ترد على المؤمنين بالتثليث (الربّ الأب، والربّ الابن، وروح القدس).
عدد الزوار: 413
﴿لَمْ
يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾
الاية الكريمة ترد على المؤمنين بالتثليث (الربّ الأب، والربّ الابن، وروح القدس).
النصارى تعتقد أنّ المسيح ابن اللّه، واليهود ذهبت إلى أنّ العزير ابن اللّه:
﴿وَقَالَتِ
الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ
ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن
قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.
ومشركو العرب كانوا يعتقدون أنّ الملائكة بنات اللّه:
﴿وَخَرَقُواْ
لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.
ويستفاد من بعض الرّوايات أن الولادة في قوله:
﴿لَمْ
يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾
لها معنى واسع يشمل كلّ أنواع خروج الأشياء المادية واللطيفة منه، أو
خروج ذاته المقدّسة من أشياء مادية أو لطيفة.
وفي نفس الرسالة التي كتبها الإمام الحسين بن علي عليه السلام إلى أهل البصرة
يجيبهم عن تساؤلهم بشأن معنى الصمد قال في تفسير:
﴿لَمْ
يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾:
"(لم يلد) لم يخرج منه شيء كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من
المخلوقين، ولا شيء لطيف كالنفس، ولا يتشعب منه البداوات (الحالات المختلفة) كالسنة
والنوم، والخطرة والهم، والحزن والبهجة، والضحك والبكاء، والخوف والرجاء، والرغبة
والسأمة، والجوع والشبع، تعالى أن يخرج منه شيء، وأن يتولد منه شيء كثيف أو لطيف، (ولم
يولد) لم يتولد من شيء، ولم يخرج من شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها
كالشيء من الشيء والدابة من الدابة، والنبات من الأرض، والماء من الينابيع، والثمار
من الأشجار، ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها، كالبصر من العين، والسمع من
الاُذن، والشم من الأنف، والذوق من الفم، والكلام من اللسان، والمعرفة والتمييز من
القلب، وكالنّار من الحجر...".
بناء على هذه الرّواية، للتولد معنى واسع يشمل خروج وتفرع كلّ شيء من شيء، وهذا في
الحقيقة المعنى الثّاني للآية. ومعناها الأوّل هو المعنى الظاهر الذي ينفي أن يكون
الباري سبحانه من أب أو أن يكون له ابن أضف إلى ذلك، المعنى الثّاني قابل للفهم عند
تحليل المعنى الأوّل. لأنّ اللّه سبحانه إنّما لم يكن له ولد لأنّه منزّه عن عوارض
المادة، وهذا المعنى يصدق بشأن سائر عوارض المادة الاُخرى.
ثمّ تبلغ الآية الأخيرة غاية الكمال في أوصاف اللّه تعالى.
﴿وَلَمْ
يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾
أي ليس له شبيه ومثل اطلاقاً.
"الكفو": هوالكفء في المقام والمنزلة والقدر.
ثمّ اطلقت الكلمة على كلّ شبيه ومثيل.
استناداً إلى هذه الآية، اللّه سبحانه منزّه عن عوارض المخلوقين وصفات الموجودات
وكلّ نقص ومحدودية. وهذا هو التوحيد الذاتي والصفاتي، مقابل التوحيد العددي والنوعي
الذي جاء في بداية تفسير هذه السّورة.
من هنا فهو تبارك وتعالى لا شبيه له في ذاته، ولانظير له في صفاته، ولا مثيل له في
أفعاله، وهو متفرد لا نظير له من كلّ الجهات.
أمير المؤمنين علي عليه السلام يقول في إحدى خطب نهج البلاغة: "لم يلد فيكون
مولوداً، ولم يولد فيصير محدوداً... ولا كفء له فيكافئه، ولا نظير له فيساويه".
هذا التّفسير الرائع يكشف عن أسمى معاني التوحيد وأدقّها.
* الامثل في تفسير كتاب الله المنزل.
2016-06-14